شبكة ذي قار
عـاجـل










التطبيع مع العدو الصهيوني بهوى النظام العربي ووعاظ السلاطين- الحلقة الثالثة

 

زامل عبد

 

أما الموجة الثانية  الممتدة من الانتفاضة الفلسطينية سنة 1987 والى ما يسمى بالربيع العربي وما نتج عنه ولغاية سنة 2013 فشهدت تلك الموجة مزيداً من السقوط إلى هاوية التطبيع مع العدو الصهيوني وفتاوى بعض العلماء والدعاة وكأن مصلحة العدو هي الغاية المرجوة  ولنتوقف عند المسار الفلسطيني ( أوسلو) جاءت انتفاضة الحجارة في 8/12/1987 من مخيم جباليا بقطاع غزة ومن ثمَّ إلى أنحاء شتى من قطاع غزة فالضفة الغربية وكان لهذه الانتفاضة أصداء واسعة ومؤثِّرة في الوطن العربي والعالم الإسلامي،  وقد تزامنت الانتفاضة مع أحداث إقليمية ودولية،  أذِنت بتغييرات جذرية في مسار الأحداث في فلسطين،  بعد أن كانت قد شهدت فترة من الركود منذ توقيع اتفاق كامب ديفيد -  معاهدة السلام المصرية  (( الإسرائيلية ))،  حتى إنه قد انعقد مؤتمر القمة العربية الطارئة في 8  / 11 /  1987 في عَمَّان وقد تصدرت الحرب الإيرانية – العراقية جدول أعمال المؤتمر بدلاً من القضية الفلسطينية - وهذا ما أشار اليه الشهيد الحي صدام حسين رحمه الله في كل لقاءاته مع المقاتلين عند التكريم او في اجتماعات القيادة بان العدوان الإيراني هدفه خدمة العدو الصهيوني والمشاريع الامريكية  - والتي نوقشت بصورة فرعية وفي إطار البحث عن حلٍّ للمشكلة بوسيلة سياسية فلم يرد في قرارات المؤتمر أي ذكر لا لدولة فلسطينية، ولا لحق تقرير المصير، ولا حتى لتمثيل مستقل لـ منظمة التحرير الفلسطينية ما يُظهر اعتبار الخطر الرئيسي على الوطن العربي هو إيران وليس  ((إسرائيل))  في حين أنهى المؤتمر المقاطعة الديبلوماسية والاقتصادية لمصر التي تمت على إثر توقيع معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني،  وقد عدّه الكيان الصهيوني خطوة ستجشع كل الدول العربية على عقد اتفاقات سلام مع (( إسرائيل ))،  وقد وصف شمعون بيريز وزير الخارجية للكيان الصهيوني حينها بقوله (( ليست مصر التي عادت إلى العالم العربي  وإنما العالم العربي هو الذي عاد إلى مصر ))  تمثَّلت الرؤية الصهيونية لمسار الأحداث أن فرصة سانحة تلوح في الأفق لتحقيق تقدم في مسار التطبيع من خلال البوابة الفلسطينية حيث توافقت الرغبة الصهيونية وأُمنيات القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك في استثمار الأحداث للحصول على مكاسب سياسية  وهي تلك القيادة التي أسرفت في تقديم نفسها على الساحة الدولية على أنها الشرطي الوحيد القادر على وأد الانتفاضة الشعبية وإعادة الاستقرار أملاً في أن يقع على تلك القيادة الاختيار  لتقود تسوية سياسية مع الكيان الصهيوني وهو الحلم الذي راود ياسر عرفات وفريقه منذ 1968 متغافلين أن الصهيونية تتعامل مع مَن تواجههم من العرب فلسطينيين وغير فلسطينيين بمعادلة صفرية  ( إما هم،  وإما نحن ) ما يعني أن الصهيونية وكيانها لا يملكان إلا مشروع تصفية للقضية الفلسطينية،  وقَّع عرفات على وثيقة ستوكهولم في  7 /  12 /  1988   والتي تضمنت اعترافاً صريحاً بالكيان الصهيوني  وبقراري مجلس الأمن 242 و 338   ونبذ الإرهاب - أي المقاومة المسلحة -  وكان المقابل لذلك سُمح لعرفات بأن يُلقي خطابه في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في جنيف في 14 /12/ 1988،  بعد أن رفضت السلطات الأمريكية السماح له بدخول نيويورك حيث المقر الرئيسي للأمم المتحدة،  أعلن الرئيس الأمريكي  الأسبق جورج بوش  في خطابه أمام الكونجرس في  6/3/1991 عن مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط بقوله ((آن الأوان لإنهاء النزاع في الشرق الأوسط ،  على أساس قراريْ مجلس الأمن الدولي 242 و338،  ومبدأ ( الانسحاب مقابل السلام  ) الذي ينبغي أن يوفر الأمن  والاعتراف  بـ( إسرائيل ) واحترام الحقوق المشروعة للفلسطينيين )) وبدأت جلسات المؤتمر في مدريد في 30/10/1991 برعاية واشنطن وموسكو وبحضور أوروبي وشارك من الجانب العربي كل من {{  مصر،  وسورية،  والأردن ولبنان،  والمغرب،  وتونس،  والجزائر،  ودول مجلس التعاون الخليجي الستّ  }}  وفرض الكيان الصهيوني شروطه على المؤتمر  فتم استبعاد المشاركة الرسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية،  واكتُفي بمشاركة ممثّلين فلسطينيين،  ضمن الوفد الأردني بعد موافقة ((  إسرائيل )) عليهم،  فرداً فرداً،  وعلى ألا يكون أياً منهم على علاقة بمنظمة التحرير أو يُقيم في القدس ! تتابعت اللقاءات السرية بعد ذلك،  بين ممثلين لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية  وممثلين للكيان الصهيوني كلها على قاعدة واحدة مفادها {{  كلما هبط سقف المطالب الفلسطينية كلما ارتفع مستوى التمثيل الصهيوني في الاجتماعات  }} حتى بلغ المنتهى  بتوقيع محمود عباس عضو مركزية فتح وتنفيذية منظمة التحرير في حينه،  وشمعون بيريز وزير الخارجية الصهيوني في حينه على إعلان المبادئ الفلسطيني – (( الإسرائيلي  )) ( اتفاق أوسلو ) متضمناً اعترافاً رسمياً من منظمة التحرير بالكيان الصهيوني وإغفال حقّ العودة وقضية القدس كما حمَّل الاتفاق الجانب الفلسطيني التزامات أمنية،  مفادها حماية أمن الكيان،  ووأد الانتفاضة والتصدي للمقاومة  بعد أن تمّ التوقيع على اتفاق أوسلو،  أعلنت كل فصائل المقاومة الفلسطينية معارضتها لاتفاق الإذعان هذا،  وإن لم تتعدَّ هذه المعارضة حدود الألفاظ عدا المرحوم الشيخ أحمد ياسين من محبسه الصهيوني بعث رسالةً دان فيها اتفاق أوسلو وندد به سياسيا ووجَّه ياسين خطابه إلى عرفات قائلاً  ((  الذي لا يستطيع الزواج،  لا يحل له الزنا !  ))

 

يتبع بالحلقة الرابعة






الاحد ٢٨ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة