شبكة ذي قار
عـاجـل










لقضاء مستقل يفضح خفايا اللعبة، (مركزي، مصارف ومنظومة فساد)

نبيل الزعبي

 

ثمة سؤالُ جوهري لا ينفك عن لسان كل من يتعاطى الشأن العام في لبنان ويتمحور حول من يملك كل هذه السيولة "التريليونية" من الليرات اللبنانية ليضارب بها و"يشفط "ما في السوق اللبناني من عملة صعبة كالدولار ويتحكّم بتسعيره ساعة يشاء.

ومَن غير المصرف المركزي لديه العباءة المالية ليتولى ذلك وهو الذي "يُجِيد " اللعبة فيصدر التعاميم المتتالية تحت ذريعة لجم التدهور في سعر الصرف ، لنتفاجأ بعد أيام قليلة ان المستفيد الاوحد من ذلك هو المُضارب ، "المغمور المجهول" إياه الذي يعود مكررا عمليات " الشفط" فلا يعود يبتز ما في ايدي الناس من العملة الصعبة ب" تشليحهم" إياها بأبسط الاساليب وحسب ، بل ويتوجه بالطعنة الغادرة للاقتصاد اللبناني عن بكرة ابيه ويُغرِق ما تبقى من مقومات صمود مالي في حُفرَة الانهيار المحتّم للبلد وادخاله متاهة الضياع .

انها سياسة لحس المِبرَد والتعامل مع اللبنانيين وكأنهم داخل مختبرات تجارب، عرف حاكم مصرف لبنان كيف يعالج جوعهم وعطشهم فيرويهم بما يجري من دماء في عروقهم، غير مبالٍ متى تجف ويعتلّ الجسد، وها هو الاقتصاد اللبناني يُحتَضَر على ايدي الحاكم ومن يحميه، وتعيش الليرة اللبنانية حشرجة ايامها الاخيرة وقد وصلت الى منحدرٍ غير مسبوق من الانهيار فيما يواصل المصرف المركزي الاستمرار في لعبة رميها في الحضيض.

هو الحاكم بأمره الذي يُغرِق السوق بالتريليونات المطبوعة على قدم وساق من الليرات فيتفاقم التضخم ويزيد من هبوط الليرة ومن تكاليف السلة الغذائية للمواطن في آن.

وهو من يطبع ورقة المئة ألف من الليرات ب "سنتات" قليلة ويشتري بها دولاراً بكامل السنتات المئة ويحقق ربحه المعلوم بعملية حسابية بسيطة، وقد استمرأ اللعبة التي تحولت ادماناً مؤدَّاه الموت البطيء لا محالة في ظل اقتصاد غير منتج ونموٍّ متناقصٍ الى ما دون الصفر، وذلك ما يسمونه التضخُّم في الاقتصاد الذي يماثل الورم المتنامي في الجسد البشري حين يعجز الطب عن العلاج، والمقارنة في الحالتين تعني البتر التدريجي بانتظار الموت الرحيم.

هل اصابنا ، كلبنانيين ، ما اصاب ذلك المُغَفّل الذي كان يلحس صدأ الحديد في المِبرَد ظناً منه انه يعالج جوعه الشديد ، ام ان الحاكم هو الذي وضعنا في تلك الخانة مستغفلاً ايّانا جميعاً فيخرج علينا بسعرٍ للصيرفة يتسابق مع السعر الموازي للدولار في السوق السوداء في اخطر حلقة جهنمية من التلاعب بسعر صرف الليرة اللبنانية ، يزيد من خطورتها اننا نواجه "اشباحاً "يتولون هذه الجريمة الوطنية عبر منصاتهم غير المخفية عن السلطة واجهزتها التي كلما اعلنت عن وضع حدٍ لهم ، كلما استشرسوا واستفحلت عمليات إضعاف الليرة اللبنانية ، فيما السلطات الامنية والمالية تعالج ذلك بأيد مكتوفة وعاجزة عن مواجهتهم لتبقى حياة الناس هي الحلقة الاضعف امام السلطة والمضاربين معاً ، ولتكتمل حلقات الإطباق على عيش اللبنانيين ،  ما تمارسه المصارف من ابتزاز ٍٍ آخر بحق المودعين مدَّعيةً العِفّة وهي تنفض يدها من سرقة العصر الموصوفة فتتبادل الاتهامات مع مصرف لبنان الذي يرمي المسؤولية بدوره على الدولة اللبنانية في تناغمٍ غير معلن للمثلث الجهنمي بأضلاعه : المصرف المركزي ، المصارف والدولة .

ان كسر حلقات هذا الثالوث هي واحدة من اولويات المواجهة المطلوبة لتعرية اضلاعه المصممة فيما بينها على تدمير الاقتصاد اللبناني على حساب تنمية مصالحها وصار بالتالي فضح اطرافها مجتمعةً وما تقدمه المنظومة الفاسدة لها من حماية سياسية وامنية غبّ الطلب.

ومن واجب القضاة المستقلين الشرفاء القادرين على ذلك ، البدء بعمليات التطهير واخراج الجسم القضائي من محاولات اغراقه واحراقه في آتون الاستقطابات السياسية الداخلية ، ولنُذَكِّر قضاءنا اللبناني بما حصل مع اواخر العام الماضي ومطلع هذا العام في عراق ما بعد الغزو والاحتلال ،  حول ما اطلق عليها سرقة القرن للمليارات من الدولارات التي البستها منظومة الفساد ايضاً من اطراف العملية السياسية  في بغداد لأحد الموظفين الصغار الذي انتفض على نفسه وخرج على الرأي العام مؤخراً ليكشف بالتفاصيل من هم شركاؤه وحماته المتدرجين في اعلى الهرم السياسي والقضائي ويقلب الطاولة على الجميع ،

فمتى ينبري في لبنان من يخرج علينا ليفضح أطراف هذا الثالوث بالأسماء والوقائع وحجم السرقات، علماً ان حاكم مصرف لبنان هو أقدر من يجب ان تتوجه اليه الانظار ليقلب الطاولة على الجميع الذين يعملون على جعله كبش محرقة وهو المطلوب للتحقيق لبنانياً واوروبياً وباستطاعته ان يقلب الادوار وينطق بالحقائق دون ان يكون في فمه ماء هذه المرة.






الاربعاء ٢٣ شعبــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / أذار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة