شبكة ذي قار
عـاجـل










البعث في عيد ميلاده السادس والسبعين

د. ياسين شاكر العبد الله

 

 

تهل علينا في السابع من نيسان ٢٠٢٣ الجاري  الذكرى السادسة والسبعون لميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي حزب الأمة العربية وحزب الرسالة الخالدة وحزب المبادئ الكبيرة الوضاءة التي أرادها قدر الأمة أن تكون طريقها للتحرر والوحدة والتقدم والبناء ، وبهذا الميلاد الميمون، وهذه الذكرى العزيزة على نفوس الرفاق وأبناء الأمة العربية لابد من وقفة مع محطات النضال  لنرى كيف أن حزبكم استطاع أن لا ينثني وأن لا ينكسر ويعود عملاقاً تحسب له قوى العملاء والذيول والأعداء والمرتدون ألف حساب، فهو ما زال يؤرقهم ويهز مضاجعهم لماذا ؟ لأنه امتلك سر قوته بصحة مبادئه وإيمان رفاقه المطلق بهذه المبادئ والتفاف الشعب العربي على قياداته في كل أقطار الأمة لأنه الحزب المعبر عن آمالها وأمانيها وعن سعادتها وعن رقيها وتقدمها وعن تحقيق أبهى صور العدالة والمساواة التي هي أساس مقولة أن الإنسان قيمة عليا في مجتمعه وأنه جاء ليعمر الأرض ويبنيها وينشر السلام والمحبة بين أرجائها ، إنه الحزب الذي سيبقى قائماً معافى ما دامت الأمة قائمة وما دامت العلاقة بين الأمة كجسد حي تتماثل فيه كل عناصر القوة، وكروح حية لا تموت المتمثلة في إسلامها الحنيف الذي سيظل قائماً إلى أن تقوم الساعة،  فالأمة العربية هي التي حملت رسالة الإسلام وبشرت بها في كل مكان بعيد في هذا العالم، فكيف لأمة تنتهي من الوجود وهي تحمل أركان بقائها المدعومة والمؤيدة من السماء! فقوميتنا هي القومية المؤمنة بعدالة السماء والتطبيق النموذج والفعال والعادل على الأرض، وهي ليست كالقوميات الأخرى التي أسست نفسها على اضطهاد الآخر والتوسع على حساب الآخر وضم الآخر والنظرة الدونية إليه والتعصب والغلو الأعمى والانتقاص من آدمية الإنسان، انتقاص من كرامته وانتقاص من حقه في الحياة الحرة الكريمة وانتقاص في خياراته الوطنية.

فعندما نقول البعث نعني بعث الأمة وصيرورتها من جديد على الأسس والموازين التي أرادتها قيم العدالة الاجتماعية فلا خوف ولا فقر ولا تمييز على أساس اللون والدين والعرق، فهو الضمانة الأكيدة لهذه المفاهيم، فعندها يعم الخير البشرية ويعم السلام في الأرض وربوعها، فقوميتنا إنسانية وفيها البعد الإنساني الأممي فلا عجب أن تستعير وتتأثر الأمم الأخرى بالمعاني المثلى لإنسانية القومية العربية لماذا؟ لأن الفكر القومي العربي ليس احتكاراً للعرب وإنما هو للإنسانية جمعاء، ولهذا توجب على الأمة أن تصون رسالتها الخالدة وبأدوات فاعلة أمينة على هذه الرسالة وهو حزب البعث العربي الاشتراكي بأعضائه ومؤيديه وجماهيره،  فهو الطريق الذي لا طريق غيره في الوصول إلى تمام هذه الرسالة، فالفكر في حد ذاته قوة تاريخية وقوة ثورية لا تقدر فمجرد وضع القضية العربية في صيغة فكرة شاملة كانت أول مساهمة في ارساء وتثبيت حركة الثورة العربية على أسس صلبة، وأن الربط الجدلي بين النضال القومي والنضال الاشتراكي جعل من القومية العربية الإطار الإنساني الرحب لنهوض الأمة وتحقيق سعادة أبنائها في تفجير طاقاتهم والحصول على التراكم المادي الكبير الذي هو عامل مهم في وحدة الأمة وبناء حضارتها وتقدمها العلمي والتكنولوجي والقضاء على الفقر والفاقة والمرض، لتأخذ مكانتها بين أمم العالم المتقدمة الأخرى التي غابت منذ العام ١٢٥٨  - ٦٥٦ هجرية على يد هولاكو والأقوام الغازية ، تأخذ مكانتها التي تستحقها  بقيادة بعثها العظيم، ومن هذا الوصف وهذه المرتكزات كانت الهجمة الامبريالية الأمريكية والصهيونية والغرب الاستعماري والإيراني والصليبية والشعوبية الحاقدة والتي تهدف إلى القضاء على هذا الفكر العربي البعثي النير وعلى الأمة التي أولدته ورعته نتيجة المعاناة والقهر وقرون التحدي والاحتلالات التي عاشتها بعد أن انطفأت شمعة العرب المتوقدة في دولتين عظمتين هما الدولة العربية الأموية في شامنا العزيز والدولة العربية العباسية في عراق سومر واكد وبابل واشور والحضر، وما أن توقدت شمعة العرب من جديد في الأرض المحررة من الأمة في العراق الأشم على يد البعث في السابع عشر الثلاثين من تموز ١٩٦٨ إلا وعاد الأعداء القدامى والجدد لمعاداة هذه العودة بالتآمر مرة والعدوان مرة أخرى، وعندما شاهدوا الكم الهائل من المنجزات التي تحققت على أرض العراق واقترنت ببناء الشخصية العراقية الجديدة التي تحققت فيها روح الانقلابية على الذات  تسارع الأشرار في عدواناتهم بدءاً من عدوان خميني في سنة ١٩٨٠  وتآمر الكويت سنة ١٩٩٠ ليكونا الأدوات في إيقاف ثورة المنجزات الكبيرة في العراق واستنزاف قدراته المادية والبشرية ومحاصرته لتجويع أبناء شعبه، فكان الفشل حليفهم، فعندها قرر الكبار النزول بأنفسهم في صباح يوم العشرين من آذار ٢٠٠٣ ، ودارت رحى الحرب الضروس التي استبسل فيها أبناء العراق وجيشهم المقدام  والتي كان فيها ميزان القوة  لدول العدوان بإمكانياتها وجيوشها وأسلحتها المتطورة، لكن كفة الحرب مالت لصالح الأعداء لأن العراق دولة والتحالف دول  فكان احتلال بغداد الأسود في التاسع من نيسان ٢٠٠٣ ، ولم يستسلم العراقيون الأباة فكانت المقاومة الوطنية وهي الأسرع والأكثر تنظيماً في تاريخ المقاومات الوطنية في العالم، والتي أثخنت جيوش الاحتلال بالقتلى والجرحى وتدمير الآليات والقواعد والمعدات وقطع طرق الإمداد عنهم، فدارت دائرة الموت عليهم وبين صفوفهم ولعنوا لحظة شن الحرب على العراق، وعندما ضاقت السبل على المجرم الملعون بوش فر هارباً بجيشه ووقع معاهدة مع الحكومة العميلة التي نصبها لحكم العراق في سنة ٢٠٠٨ وهرب بقواته في الثلاثين من كانون الأول ٢٠١١ وهو يجر أذيال الخيبة والخسران.

وها هو البعث اليوم يقود المعارضة الوطنية العراقية وهو أكبر صفوفها وأكثرهم تأثيراً وتنظيماً في الساحة العراقية، بعد أن استطاع أن يبني نفسه ويجمع رفاقه وقياداته وجيشه الوطني وهو اليوم أصلب عوداً وأكثر عدداً يحيط حوله ويمجد به شعب العراق وأبناء الأمة العربية الذين جعلوا من القائد الشهيد صدام حسين رمزاً للبطولة والشجاعة والاقتدار.

إن ذكرى عيد الميلاد تشكل وقفة ومحطة للرفاق لاستذكار تاريخهم المجيد ولتنظيم صفوفهم وحشد طاقاتهم والتلاحم مع أبناء شعبهم والتصدي للاحتلال والعدوان والعملية السياسية الآيلة إلى السقوط والتي دمرت العراق وقسمته وسرقة أمواله وثرواته وقتلت وهجرت شعبه وأثارت النعرة الطائفية بين صفوفه وبإسناد وتعاون أمريكي إيراني صهيوني غربي حاقد ولئيم، إن الثبات على المبادئ وهي خاصية من خواص النضال الوطني هي طريق البعثيين الذين خبرتهم تجارب الحياة بحلوها ومرها وعليهم الوقوف بحزم وثقة بالنفس بوجه كل من يحاول أن يتكتل أو يضع يده بيد الأعداء والمتآمرين لتفتيت البعث الذي هو عصي على الطارئين وأصحاب الغرض المقصود، ومن المؤكد أن البعث سينتصر ويعود العراق إلى مكانته بين أقطار أمته وسيهزم الاحتلال والتبعية والفساد، وتشرق شمس الحرية في سماء هذا الوطن الذي حباه الله فكان موطناً للأنبياء والصالحين، وتنتهي حقبة الاحتلال السوداء بكل أذرعها وألوانها وارتباطاتها المشبوهة. 




الاثنين ١٩ رمضــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / نيســان / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ياسين شاكر العبد الله نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة