شبكة ذي قار
عـاجـل










القومية العربية جذور النشأة واتجاهات المستقبل وموقف الإسلاميين - الحلقة الأولى

زامل عبد

 

قبل الخوض في مضمون العنوان الذي اخترته للوصول إلى الأفق الإنساني الذي  اختاره البعث الخالد لطرح أيديولوجيته من أجل تحرر الأمة وخلاصها من القيود التي أريد لها أن تكبل حركة جماهيرها وصولاً إلى الغاية السامية  التي تتجسد بالحرية  والحياة الحرة الكريمة وامتلاك كل مقومات الحياة المستقبلية  لابد من المرور على معنى القومية بقديمة وحاضره  {{ أيدلوجيا" تعني الولاء والإخلاص للأمة ، والشعور بالوعي القومي  وتمجيد أمة واحدة فوق كل الآخرين والتركيز بشكل أساسي على تعزيز ثقافتها ومصالحها بدلًا من الدول الأخرى أو المجموعات فوق الوطنية   أي وضع الوطن فوق كل شيء في العالم   ويرجع مصدرها اللغوي إلى  ( قوم ) وتعني جماعة بينهم روابط معينة ، ومدلولها السياسي يرتبط بمفهوم الأمة ، التي تعني الشعب ذو الهوية الخاصة التي تربطه روابط موضوعية وروحية متعددة ، منها اللغة والتاريخ والعقيدة والمصلحة  ويوضح لفظِ القومية من خلال موقف أعضاء أمة ما حين يهتمون بهويتهم كأعضاء لتلك الأمة ، وهنا تثار إشكاليات حول مفهوم الوطن أو الهوية القومية ، ومعنى الانتماء إلى الوطن  ،  والحراك الذي يتخذه أعضاء أمة ما في السعي لتحقيق أو الحفاظ على شكل ما من أشكال السيادة السياسية ، وهنا تدور الأسئلة بخصوص ما إذا كانت السيادة تتطلب امتلاك كيان سياسي كامل مع سلطة كاملة على الشؤون الداخلية والخارجية ، أو ما إذا كان امتلاك شيء أقل من هذا كافيًا  ، وتُستعمل القومية أحيانا لدعم مبررات تمدد الدولة ولو كلف الأمر إشعال الحروب ، وكذلك في اتباع سياسات العزل ، ويبرز التوسع عند رفع شعارات الضم لكل أعضاء الأمة تحت دولة واحدة ، وأحيانا تحت ذرائع المصالح القُطرية أو الموارد ، أما فيما يخص الحفاظ على السيادة عبر السبل السلمية أو الإيديولوجية البحتة ، فإن القومية السياسية تبقى على صلة وثيقة بالقومية الثقافية ، حيث الحفاظ على الثقافة وتوارثها في أشكال محددة ، ويتم ذلك عبر تكريس الإبداع الفني والتربية والبحث لهذا الغرض ، وقد تكون الخصال الإثنو قومية حقيقية أو مختلقة في جزء منها أو كلها  }} ومنتصف القرن التاسع عشر يعد عند الباحثين والدارسين عصر النهضة العربية عندما حدث اللقاء المباشر للعرب المعاصرين بالتطور الفكري والحضاري الغربي والذي اعد عصر النضج القومي في اوربا والغرب وحيث يشعر العرب بأزمتهم السياسية ما بعد الإمبراطورية العثمانية وما خلفته ،  انطلقت جهودهم في شتى الاتجاهات في محاولة الخروج منها  ،  وكان واحدا من بين تلك الاتجاهات الاتجاه القومي العروبي  الذي كان له حضوره الواسع إلى حد أن وصف العصر كله ونهضته الفكرية بأنه (( عربي ))  وقد شكلت القومية العربية حركة سياسية واسعة تأسست عليها دول وأحزاب كبرى في العالم العربي وعلى الرغم من أن تلك الحقبة القومية في النظام السياسي العربي انتهت بإخفاقات تبعها خفوت كبير للتيار القومي بسبب حجم الهجمة العدائية التي شنها المستعمر ومن تحالف معه لمنع الامة العربية من امتلاك قوة التصدي لكل اشكال العدوان والهيمنة والاستغلال  إلا أن ماضيها يبرر الاهتمام بحاضرها ومستقبلها  لانبعاث الحياة من جديد وهي تمتلك مقومات القدرة على التصدي والثبات  ،  وان المعنيين بالشأن العربي بماضيه وحاضره  وارهاصات التحول نحو ما يتطلع له الانسان العربي تجاوزا للحدود المصطنعة التي اوجدها أعداء الامة  وتبناها النظام العربي الطارئ على مقومات الامه كونه نتاج تلك الحقبة التي انتجتها الحرب الكونية الأولى وما ترتب عليها لوصول الغرب المستعمر الى توطين قدمه واستغلال ثروات الامه ومنعها من التمكن منه ان كان من خلال صناعة الجدود الفاصلة بين أجزاء الوطن العربي الكبير كما حصل بوعد بالفور المشؤوم وإيجاد كيان غاصب يتخذ من الدين هوية قومية  ليفعل فعله في بنية المجتمع العربي  مستقبلا تعميقا للطائفية والمذهبية التي هي الد أعداء الوحدة المجتمعية  والتراب الوطني من خلال إشاعة الولاءات اللاوطنية  ،  وخارج حدود موطن الامة ،  وجدوا ان تكوين التوجه العروبي يمكن تحديد رافدين تاريخيين  له الأول هو ((  نزوع نصارى الشام إلى تجاوز النزاعات الطائفية مع المسلمين وغيرهم ، والاندماج بمجتمعاتهم التاريخية على قدم المساواة  وهو ما فسره نقاد القومية خاصة من الإسلاميين باعتباره مؤامرة نصرانية ضد الأمة الإسلامية  كما دونه    ( الشيخ عبد الله عزام في  - القومية العربية - ) ))  ، ورؤية ابن باز  -  نقد القومية العربية في ضوء الإسلام والواقع   -  بقوله (( وهذا كله على سبيل التنازل لدعاة القومية ، والرغبة في إيضاح الحقائق لطالب الحق وإلا فمن خبر أحوال القوميين، وتدبر مقالاتهم وأخلاقهم وأعمالهم ، عرف أن غرض الكثيرين منهم من الدعوة إلى القومية  أمور أخرى يعرفها من له أدنى بصيرة بالواقع وأحوال المجتمع ، ومن تلك الأمور ، فصل الدين عن الدولة وإقصاء أحكام الإسلام عن المجتمع ، والاعتياض عنها بقوانين وضعية ملفقة من قوانين شتى ، وإطلاق الحرية للنزعات الجنسية والمذاهب الهدامة - لا بلغهم الله مناهم -  ولا ريب أن دعوة تفضي إلى هذه الغايات ، يرقص لها الاستعمار طرباً ، ويساعد على وجودها ورفع مستواها –

 

يتبع بالحلقة الثانية

 






الاثنين ٤ شــوال ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / نيســان / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة