الأستاذ
الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
ثمة معنى واحد فقط لا غير لتجمع شياطين الكون كلها وأشرار الكون كلها
وأعداء الإنسانية كلهم ضد حزب وطني قومي يقود حراك أمة تناضل من أجل أهدافها الوجودية
المعبرة عن كينونتها وصيرورتها المتجددة: المعنى الوحيد هو أن هذا الحزب قد نجح في
وضع الأمة على الطريق وإن مؤشرات تحقيقه لأهدافه صارت منظورة وإنه صار خطراً حقيقياً
ماثلاً على مصالح الصهيونية والامبريالية وخدمهم وعبيدهم وذيولهم في المنطقة وفي كل
العالم.
هذا هو واقع حال عداء أميركا والصهيونية وإيران والرجعية العربية لحزب
البعث العربي الاشتراكي، إذ هو عداء لحركة شعبية جماهيرية تحمل رسالة أمة وأنها قد
برهنت قطعاً أنها بالغة أهدافها في الوحدة والحرية والديمقراطية والنظام الاشتراكي
العربي العادل.
هل ينزوي الحزب القومي حامل الرسالة حين تقاتله بهدف اجتثاثه كل قوى الشر
والرذيلة المعادية للأمة؟
هل يندحر مغادراً ساحته التي فرضت رسالته ونهجه وعقيدته؟
هل يتخلى مناضلوه عن إيمانهم بقضيتهم الحق؟
الجواب طبعاً كلا وألف كلا، بل إن خسارة معركة يجب أن تتحول إلى مثابة
من مثابات تجديد العمل الرسالي وتصعيد الكفاح بكل الوسائل لأن الحركة الرسالية لم تولد
إلا لتعيش وإلا لتكون قادرة دوماً على الاختلاق والتجدد والنهوض.
ولأن البعث حزب مؤمن فإنه يستحضر التاريخ وسير الرسالات، ومنها بالذات
الرسالة المحمدية الثورية العظيمة التي لو لم تكن ذات كينونة رسالية ربانية خالدة لما
انتصرت في الخروج من مكة في ثورة الهجرة المباركة ولما استطاعت أن تَعْبُر محنة معركة
أحد ولما امتلكت طاقات اسقاط باب خيبر ولما استطاعت فتح بلاد فارس والعبور إلى ما وراء
البحر نحو الأندلس ولما ظلت إلى الآن تستقطب وتكسب وتضيف وتجبر العالم عقلياً وفكرياً
وعملياً على اعتناقها.
إن من مثابات ديمومة الحركة الرسالية هو أن تؤمن بأنها حركة رسالية، وأن
تؤمن بقدرتها على البقاء وعلى التجدد والنمو والاتساع طولاً وعرضاً، وأن تمتلك حيوية
تجديد فكرها وإيضاح ضرورات وجودها، وأن تكون قادرة وبقوة على تعميق صلتها بالشعب صاحب
المصلحة الأول في وجودها وفي تحقيقها لأهدافها.