شبكة ذي قار
عـاجـل










في عيد الصحافة العراقية

خنساء الفارس

 

في ظل الأوضاع الغريبة والشاذة التي عانيناها منذ بدء الاحتلال لم يبق لنا من ملاذ نلجأ إليه أو أمل نتعلق به كلما أطبقت العتمة أعيننا، سوى الذكريات، ذكريات الأمس الجميلة الزاخرة بالحرية والكرامة والمحبة والألفة والاستقرار ، فإن هذا التعلق الحالم يسلمنا إلى الواقع المرير الذي نعيشه الآن حيث لم تبتلَ أمة على وجه الأرض منذ بدء الخليقة بمثل ما ابتلي به العراق وعلمائه ومنظريه ومثقفيه، ونحن الصحفيون أصحاب القلم الحر والكلمة المقاتلة لو نظرنا إلى حجم معاناتنا لوجدناها كبيرة تفوق التصور، كون حسنا الوطني والقومي والعروبي لا يزال حياً، ومبادئنا وقيمنا لا زالت متقدة وثابتة، وهذا هو سبب تهميشنا.

إن الزلزال السياسي المدمر الذي ضرب العراق في 9 نيسان 2003 والذي ترتبت عليه تطـورات خطيرة وتداعيات شملت جميع المستويات، فقد ألقت تلك التطورات والتداعيات بظلالهـا علـى المشـهد الصـحفي والإعلامي مثلما ألقت بآثارها المباشرة على مختلف فئـات الشـعب، فكانوا أحد الحطامات المجهولة المصير نتيجة حـل مؤسساتهم، فقد شهد الواقع الصحفي والإعلامي حالة من الفوضى غير مسبوقة، فاتساع المطبوعات بكل أنواعها وقيام جماعـات غير مهنية بتولي اصدارها كان لها الأثر الواضح على  تدهور الصحافة بشكل عام، فقد استغلت تلك الجماعات غياب القواعد والقوانين الخاصة بالمهنية الصحفية، إضافة إلى انتشار ظاهرة العناصر الصحفية السيئة والمتخلفة والـلا أخلاقية وتسلل الطارئين على مهنة الصحافة الحرة، وهذا ما أدى إلى فقدان هيبة الصحافة ودورها المطلوب.

إن هؤلاء الطارئون الذين لا يفهمون من الصحافة سوى وصفها جعلوها وسيلة تخدم مصالحهم الخاصة وتحقيق منافع ذاتية، فقد أراد هؤلاء البحث عن الوجاهة والسلطان والشهرة مـن خلالهـا، فحولوا مهنة الصحافة الحرة من سلطة للحرية إلـى خـادم متنفذ كما أرادت وخططت له الأحزاب السياسية التي ابتلي بها العراق وشعبه منذ مجيء الاحتلال إلى يومنا هذا، فالصحافة العراقية اليوم تفتقر إلى أبسط المقومات المهنية في أدائها، وهي افتقار العاملين فيها إلى الإعداد المهني الذي تستدعيه المسؤولية المهنية، فأصبحت مهنة من لا مهنة له، وهذا ما يتنافى مع كون الصحافة سلطة في كل الأحوال وفي كل الأزمنة.

إن الصحافة العراقية تعيش اليوم أزمة طاحنة، أزمة أخلاقية وأزمة شرف المهنة، فهناك سؤال وجيه أوجهه إلى رفاقي وزملائي أصحاب القلم الحر والكلمة الشريفة: إلى متى سنظل عاجزين عن إيقاف معاول الهدم التي لا تبقي على شيء؟ متى ندرك ونعي حجم المؤامرة الخطيرة التي يتعرض لها بلدنا الحبيب المنكوب؟






الثلاثاء ٢ ذو الحجــة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / حـزيران / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب خنساء الفارس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة