شبكة ذي قار
عـاجـل










وسائل استراتيجية التشيع السياسي الصفوي وكيفية تجاوزها - الحلقة الثالثة

 

زامل عبد

 

الدعوة للحاكمية وإقامة الدول الإسلامية واتهام الحكومات الوطنية بالخيانة والكفر والعمالة وغيرها من تهم متطرفة وكون النظام الإيراني يملك القوة والدعم المادي ،  فقد مثل نموذجا جاذبا للعديد من هذه الحركات التي أسس بعضها على صداه  السنية والشيعية على حد السواء ، شأن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ، التي تحتفظ بروابط قوية مع إيران ، ووصولا للقاعدة وتنظيمها وقد نجح خطاب الملالي الإيرانية في الانتشار وسط الأقليات المسلمة في إفريقيا ، بل نجحت إيران في تحويل حركة كبيرة كتلك التي يترأسها الشيخ ابراهيم الز كزاكي نحو التشيع بعد أن كانت سنية ، الذي كان له – تحول الز كزاكي نحو التشيع - أثر في ظهور حركة بوكو حرام فيما بعد الشاهد هنا  إن إيران تتبنى أطروحات الإسلام السياسي والتبشير المذهبي لصناعة ولاءات تتبعها وترتبط بها من مختلف البيئات في العالم الإسلامي وكان دعمها لأفكار ودعوات الأسلمة والردكلة خاصة في الاتجاهات الاجتماعية والفنية ، أثرها في جذب انتباه كثير من المتطرفين إليها ، مما جعل إيران تبدو نموذجا لدى مختلف حركات الإسلام السياسي والتطرف العنيف في المنطقة والعالم الإسلامي ، ليتبادلان مع بعضهما البعض المدد النظري الراديكالي والعنف ومن نافلة القول إنه ومنذ ثمانينيات القرن الماضي نجحت إيران في تأسيس وتدريب أذرع شيعية موالية لها في كثير من البلدان ، فيما عرف بظاهرة -  أحزاب الله -  ، مما يمثل فضاء واسعا للتشيع السياسي والشيعية السياسية التي تتلقى منها مليارات الدولار سنويا من ميزانية الحرس الثوري  ،  ومن اجل التمدد والتمكن من فرض الهيمنة اتباع أسلوب  ووسيلة  تضييق الفجوة مع الفرق الشيعية غير الأمامية الاثني عشرية حرصت إيران على تجسير الفجوة بين مختلف فرق الشيعة ، أو بين الأمامية تحديدا وغيرها من الفرق الشيعية على اختلاف درجاتها ، المعتدلة والمغالية ، عبر استراتيجيات مختلفة بدعوتهم ومنحهم الفُرص التعليمية في حوزة قم ، كما حدث مع مؤسس حركة الحوثي ، حسين الحوثي ، والذي تماهى كلياً مع خطاب (( الثورة الإسلامية الإيرانية )) ، وأبدى إعجابه الشديد بشخصية وفكر الخميني ، والتي وفرت لحركته وجماعته فيما بعد مختلف وسائل التدريب والدعم حتى استطاع القيام بسبعة حروب ضد بني وطنه كما سعت الحكومة الإيرانية لاحتواء أقليات شيعية أخرى عبر نفس الشعار ، ونجحت في نشر الحسينيات خارج إيران  وتشييع قطاعات عريضة عبر تلبية مطالب العوز والاحتياج في مناطق الصراعات ، عبر بسط سيطرتها الفكرية والمادية والظهور بمظهر المدافع عنهم ضد الأخطار المحدقة بهم  ، ومن الأساليب الصفوية الجديدة للتمدد وإيجاد مواطئ قدم لها المنح والخدمات والتبشير تشتري إيران الوجدان والولاء للمحرومين منهم في أوساط الأقليات من خلال تقديم الدعم المادي والخدمي عبر مؤسساتها المختلفة مثل مؤسسة الخميني للإغاثة  التي ينظر لها باعتبارها أحد وسائل التبشير والتجنيد ، نظراً لنشاطها العالمي الذي يشمل دولا عربية وأفريقية على حد سواء وعبر هذه المؤسسات التعليمية المجانية وتقديم المنح والمكافأة تتم التعبئة والشحن الأيديولوجي للمتدربين  ،  ومن اهم اساليبهم  لدعم السياسي والمادي يأتي التمدد الإيراني مع تمدد التشيع السياسي والعكس ، وتواصل الدعم المادي والمعنوي لأذرع وممثلي الشيعية السياسية، كيانات وأفرادا ،  ففي العام 2019 وبحسب المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب ، مولت إيران الحوثيين حتى قبل اجتياحهم للعاصمة صنعاء في عام 2014 ، وكان يتم تسليم معظم التمويل المقدر بـ1025 مليون دولار ، على شكل دعم للأنشطة الثقافية والدينية  ،  فضلا عن الدعم بالأسلحة  والطيران المسير والصواريخ الباليستية وتطوير الأسلحة وغير ذلك من أنواع دعم وصار التشيع السياسي ممكنا ومتاحا عبر شبكة علاقات واسعة في مختلف البلدان العربية والإسلامية ،  تنشط في العديد منها كما أسلفنا ، واستقر كثير منها وبنى مؤسساته وحدد أهدافه واستراتيجياته فيها ، في إطار الثورة الإيرانية وأهدافها ومصالحها  ، نذكر على سبيل المثال أن إيران دعمت بعد فترة وجيزة من ثورة 1979 العديد من الجماعات المسلحة في العراق منذ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي بدأ معظمها كجماعات مسلحة وتطورت بمرور الوقت إلى العمل السياسي كما تقدم إيران الدعم لحماس وحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين  لأكثر من ثلاثة عقود ، قد تراوح الدعم المالي لحماس بين 20 مليون دولار و50 مليون دولار في السنة من 1990 إلى 2000  نحو استراتيجية مضادة لتحرير المذهب من قبضة الولي الفقيه ربما يكون صعبا الحديث عن تحرير المذهب الشيعي من قبضة الولي الفقيه ، في ظل تمكن الشيعية السياسية  والاحتقان المذهبي في كثير من بلدان المنطقة  ،  وفي خضم اللحظة التناحرية بين المتطرفين من السنة والشيعة  وهم يستهدفون  الامن المجتمعي والجميع ويدعون للحرب  الطائفية في المنطقة بأسرها  وكما فعله  ويفعلون التكفيرين الدواعش كان لا بد من الطرح والانتباه للتشيع السياسي وضرورة استعادة التشيع العربي والوطني والمعتدل من خلال تعريب المرجعية  وبقائها ضمن اطار الولاية المحدودة التي تعمل عقائديا ضمن العبادات والمعاملات  وهذه هي الحقيقة التي لا يتجاوزها المراجع  ما قبل ظهور الخميني  واعتماده  نظرية ولاية الفقيه ((  نشأت نظرية ولاية الفقيه على يد الشيخ أحمد بن المولى النراقي  1765  -  1825  م  مؤلف كتاب "عوائد الأيام " في أصول الفقيه وتطورت الى أن طبّقها الخميني  1902 - 1989  لأول مرة عام 1979 ونشر مبادئها في كتاب الحكومة الإسلامية  ، هي ولاية وحاكمية الفقيه الجامع للشرائط في عصر غيبة الإمام الحجة المهدي المنتظر ،  حيث ينوب الولي الفقيه عن الإمام المنتظر في قيادة الأمة وإقامة حكم الله على الأرض ، أي بمعني آخر الفقيه هو الذي يتحمل المسؤولية في الإدارة السياسية والمالية وإدارة الشؤون العامة للدولة والأمة معا وهو المتصدي لأمور الحكومة والإدارة ومتابعة الشأن السياسي والاجتماعي وهو حاكم على الأمة ليس فقط على الدولة  وعلى جميع المراجع عدم الخروج عن طاعة الولي الفقيه الواحد  وأوامره ملزمة لان الأمر يرتبط بالإدارة العامة والسياسة العامة وحكومة المسلمين والقضايا الكبرى التي تتابع وهذه لا يمكن ان تخضع لا راء متعددة بل يجب ان يكون هناك مركزية في هذا الأمر ، ونصت المادة السادسة من الدستور الإيراني على ان ولاية الأمة في ظل استتار الامام تؤول الى أعدل وأتقى وأعلم رجل في الأمة  ))

 

يتبع بالحلقة الأخيرة

 






الاربعاء ١٠ ذو الحجــة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / حـزيران / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة