شبكة ذي قار
عـاجـل










في الذكرى الخامسة والخمسين لثورة ١٧ -- ٣٠ تموز القومية الاشتراكية.

دكتور ياسين شاكر العبد الله

 

في كل عام من شهر تموز المبارك تهل علينا ذكرى الثورة البيضاء ثورة البعث في عراق العروبة  ، ثورة ١٧ -- ٣٠ تموز القومية التقدمية الاشتراكية ، هذه الثورة التي حققت للعراقيين إنجازات كبرى ومهمة في مجالات البناء والتقدم في العمران وفي الصناعة والزراعة والري  والصحة والتربية والتعليم العالي وبناء الجيش الوطني والمؤسسات الأمنية الرصينة القادرة على حماية الشعب والامن الوطني ورد العدوان مهما كان مصدره ولونه وغاياته ، كما حققت الثورة ومنذ شهورها الأولى القضاء على شبكات التجسس الأجنبية وانجزت الاستقلال السياسي والاقتصادي وتحرير الثروة النفطية وذلك بقرار التأميم الخالد في الأول من حزيران / ١٩٧٢ ، وبهذا حققت إنجازات مهمة في حياة المواطنين بقرارات رفع المستوى المعاشي لعموم الموظفين والعمال في شباط / ١٩٧٤ ، و١٩٧٥ ، والقانون رقم ٦٥ لسنة ١٩٦٩ المعدل الخاص بمنتسبي الجيش العراقي البطل والذي بموجبه تحققت نقلة نوعية في حياة أبناء القوات المسلحة ومؤسسات وزارة الدفاع ، على المستوى المادي والتقني وفي مجالات الاعداد والتدريب ،  وما تحقق لأبناء وزارة الداخلية ومنتسبيها في مجال مكافحة الجريمة والحفاظ على الامن الداخلي وحماية الممتلكات العامة والخاصة، ولا ننسى الإنجاز الكبير الذي تحقق في إطار الوحدة الوطنية وإصدار بيان ١١ / آذار/ ١٩٧٠ التاريخي والذي بموجبه تمتع أبناء شعبنا الكردي بحقوقهم الكاملة في الحكم الذاتي .

  لقد وضعت الثورة نصب اعينها بناء المجتمع العراقي من خلال بناء انسان الثورة الجديد  ، بما يتواصل مع الإرث الحضاري لهذا البلد الذي عرف الحرف الأول والكتابة الأولى في دنيا المعرفة البشرية ، مما جعله الله قبلة للناظرين ، كما صممت الثورة  القضاء على الأمية التي كانت متفشية وسائدة في صفوف المجتمع العراقي ، فأصدرت  قانون محو الأمية الالزامي الرقم ٩٢ لسنة ١٩٧٧ في إطار الحملة الوطنية الشاملة للقضاء على الأمية ، والتي اشادت بنتائجها المنظمات الدولية ومنها اليونسكو لأنها حققت إنجازات كبيرة وأصبح العراق شعبا متعلما خاليا من الأمية ، ومن اجل قطع الطريق على هذه الأمية الكأداء فقد سبق ذلك قرار إلزامية التعليم بجميع مراحله وانطلقت حملة كبرى لبناء المدارس في كل أنحاء العراق والتي استوعبت جميع الاطفال ممن بلغ السادسة من عمره ، واوجدت مجالس الآباء والمعلمين ومجالس الأمهات والمعلمات لمتابعة سير الدراسة ومتابعة الدارسين، واول من أطلق اسم التلميذ القدوة هو القائد الشهيد صدام حسين رحمه الله وهي مبادرة لتعزيز منهج الديمقراطية وتجذيرها حيث يجري انتخاب الطالب القدوة لكل صف ولكل شعبة بالاقتراع المباشر ، فتوسعت المدارس الثانوية والمعاهد التخصصية والكليات واقسامها الداخلية والدراسات العليا داخل الوطن وايفاد الألاف من الطلاب الى مختلف دول العالم فكانت بحق نهضة تربوية علمية اجتماعية  حضارية لم يمض وقتاً طويلاً حتى كان في العراق جيش من  العلماء والأساتذة في مجالات العلوم والاختصاصات  كافة ، كما أن الثورة استطاعت ان تحقق الاكتفاء الذاتي في مجال قوت الشعب وفي مجال الصناعة والزراعة ووظفت مردودات مبيعات النفط وخاصة بعد نجاح التأميم والانتصار على الشركات الاحتكارية في الأول من آذار/ 1972 من بناء صناعة وطنية كبرى ومشاريع الزراعة والري والسدود وتوفير الكهرباء لإدامة الحياة للسكان وانعاش الاقتصاد الوطني وبناء المستشفيات والمراكز الصحية  وإيصال الماء الصالح للشرب إلى كل القرى والتجمعات الفلاحية والسكنية ، وفتح الطرق وربط المدن العراقية بشبكة طرق معبدة .

 لقد كانت الخطة الانفجارية من أولويات أهداف الثورة فأصبح العراق فعلا القاعدة المحررة للأمة العربية في التطور والتقدم والبناء  فأفاض بخيراته على شعبه وعلى أبناء الأمة ، مما اغاض الأعداء من إمبريالييين وصهاينة واستعماريين وفرس مجوس ، فكثرت مؤامراتهم واباطيلهم تجاه العراق والثورة والحزب ولم يبق سبيل او طريق الا وطرقوه من اجل إسقاط نظام البعث في العراق ووضع المعرقلات في عجلة التطور والبناء ، فجاؤوا بخميني لإشعال نار الحرب ضد العراق في الرابع من أيلول/ ١٩٨٠ والذي لم يمض على وجوده في السلطة أكثر من سنة وثمانية أشهر وبدلا من أن يوجه جهده لخدمة إيران وشعبها وبناء ما سماه الجمهورية الإسلامية الإيرانية قام بشن الحرب على العراق وامتنع عن ايقافها رغم كل الواسطات الدولية والتي كان العراق يوافق عليها فجازاه الله بالخسارة وتجرع السم والهزيمة ووافق مرغما على القرار ٥٩٨ القاضي بوقف القتال بين البلدين ، ولم يقف تآمر الأعداء وفي المقدمة منهم امريكا والكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني والمستعمر الأوروبي الغربي بل واصلوا تآمرهم وتنفيذ مخططاتهم في القضاء على الحزب وثورته ،  وفرضت على العراق القرارات ألجائرة وهي الحصار في كل شيء في الغذاء والدواء وحليب الأطفال وحتى أقلام الرصاص لطلبة المدارس ، والادعاء الباطل ان العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل وله ارتباطات بالقاعدة ، وقد انكشفت هذه الكذبة بعد الاحتلال فلا أسلحة دمار شامل ولا علاقة بالقاعدة ، وكان المهم هو رأس العراق لأنه اقدم على نهضة كبيرة في كل جوانب الحياة اخافت الأعداء وفي المقدمة منهم امريكا وبريطانيا واللوبي الصهيوني وايران خميني التي تجرعت السم في عدوانها الباطل وحرب الثمان سنوات وخروج العراق منتصرا عليها ، وعلى الرغم من الاحتلال الباطل والمخالف للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة في التاسع من نيسان ٢٠٠٣ ، الا ان قيادة البعث ورفاقه تصدوا للاحتلال والعدوان بشجاعة فاجأت المحتل وأعوانه من خلال المقاومة الوطنية العراقية بفصائلها وجيوشها الوطنية والقومية والإسلامية كافة واوقعت في صفوفه الخسائر الباهظة الثمن  في الأرواح والمعدات والمال وخرج الاحتلال الامريكي  مهزوما يجر اذيال الخيبة والخسران في الثلاثين من كانون الاول ٢٠١١ ، واليوم يحيي البعث هذه الذكرى بعد أن اشتد ساعده وقوى بنيانه وازدادت شكيمته قوة وصلابة وعزما لا يلين ، وهو يقاوم ويناهض ويجاهد  الاحتلال والمحتلين ومشاريعهم التي تريد ابقاء العراق بلدا ضعيفا مقسما تنخر في جسده الطائفية المقيتة والاقصاء والتهميش والارتباط بالأجنبي ومسلوب الارادة والاستقلال والسيادة ، تلعب بمقدراته امريكا وايران وادواتها (الاحزاب الإسلامية) خونة الدين والوطن . أن الثبات والايمان المطلق بالتحرير سيظل هو عنوان المرحلة سيما وان أبناء شعبنا عرفوا ووعوا الحقيقة وعبروا في كل يوم  وساعة عن رفضهم ومقاومتهم للعملية السياسية واسقاطها مهما غلا الثمن وازدادت التضحيات ، وما ثورة شباب تشرين وما لحقها من تظاهرات ومسيرات وتنديد بالاحتلال وعمليته السياسية الا دليل على الاصرار والمطاولة  وأن يوم التحرير قريب " يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها " صدق الله العظيم .






الخميس ٩ محرم ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تمــوز / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دكتور ياسين شاكر العبد الله نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة