شبكة ذي قار
عـاجـل










ولاية الفقيه وداعش متوافقان على مستوى النظرية بل متطابقان - الحلقة الثانية

زامل عبد

 

التي استمدت منها الاستراتيجيات العامة على مستوى الحركة والتقدم وفقه الجهاد ، كما استمدت أيضًا من السلفية العلمية ، بمختلف تشعباتها (( الفتوى ، وأسس التعليم  والتربية السلوكية ))  واستمدت حركة داعش من نظرياتِ جماعة التكفير والهجرة المعاملة مع الآخر المختلف مليا والمختلف عقديا  والأهم استمدادها من الحاكمية الإلهية  طريقة تعاطيها مع فرض نفسها كمرشح أصلح للحكم من بقية الدول الإسلامية التي تعتبرها جاهلية وكافرة ، ومن بقية التنظيمات الجهادية الأخرى التي تختلف معها في التوجهات والمنطلقات ، ومن هنا يمكن اعتبارُ نظريةَ الحاكمية هي الأرضية التي تجمع شعثَ الاختلاف العقائدي بين طرفي داعش وولاية الفقيه ، إذ إن الحاكمية تقضي بتولية الثُّلة المؤمنة حكمَ الدنيا والدين نيابة عن الله  ، والحاكمية ترى أن الله تعالى هو المستحق والمخوَّل الوحيد للحكم في الأرض ، وفي الوقت ذاته  ، تقرر ولايةُ الفقيه إطلاقَ يد الفقيه في حكم الدنيا والدين ، باسم الإمام الغائب والمعصوم ، والذي يستندون على ثبوت توليه الأمر والولاية بالضرورة العقلية والشرعية ، وهو عينُ ما تحاول داعشُ فرضَه بلسانِ الحال حتى على نظرائها في التوجه من الجهاديين  ، فالحاكمية هي الخيط الناظم للنظرية السياسية الشيعية التي جاءت على يد ولاية الفقيه الخمينية ، ونظرية الإمامة السنية أو الخلافة ، والتي هي قالب سياسي يبدأ بتكفير الحاكم بغير ما أنزل الله وخارجية رافضي مبايعة الخليفة ، وينتهي إلى وجوب القتل وإثخان كل معترضي طريق تحقيق الخلافة وعلى الرغمِ من أن منطلقات الحاكمية في الأساس سنية  ، فإن ثمة ظرفًا تاريخًا مهمًا جعل نظريةَ الحاكمية تتسرب إلى الفكر الشيعي عبر مؤسس - فدائيان إسلام -   التي أسسها عام 1945 الشيعي الفارسي نواب الصفوي والذي أُعدم في عام 1956 بسببِ محاولةٍ اغتيالِ رئيس الوزراء الإيراني آنذاك ،  وهنا اختلاف بين الباحثين في الشأن الإيراني الصفوي هل ان نواب الصفوي نقل نظرية الحاكمية السنية إلى الفكر الشيعي  ؟  ،  إذ إن أول بروز عربي للنظرية كان على يد سيد قطب في العام 1962 في الطبعة الثالثة لتفسيره -  في ظلال القرآن  -  أي بعد وفاة نواب صفوي بعدة سنوات ، غير أن نواب صفوي ألهم أبرز القيادات الدينية الشيعية في إيران كالخميني  الذي بدأ تحركه السياسي بعد عام 1961 تقريبًا  ، ولا ننسى حرص خامنئي على ترجمةِ كتب سيد قطب وكل هذا بتأثير من نواب الصفوي القائل في دمشق عام 1954  ((  من أراد أن يكون جعفريًا حقيقيًا فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين  )) وهو العام ذاته الذي التقى فيه سيد قطب الرئيس الحركي لجماعة الإخوان حينها أخيرًا المشترك الأهم  بين  ولاية الفقيه  وبين داعش  كان على مستوى التطبيقات والذي جاء في الأثر المدمر على مقدرات الأوطان والشعوب ، ابتداءً بالأرواح البريئة ، وانتهاء بنشر الفوضى والرعب والخوف ونستعرض هنا أهم جوانب التشابك النظري بين ولاية الفقيه كتطبيق  وبين داعش وباختصار في ثلاثةِ مفاصل رئيسة في الشريعة الإسلامية  وهي  {  الإمامة  ، والمرجعية  ، والجهاد  } ، نظريةُ ولاية الفقيه جاءت كرد فعل على ألف سنة تقريبا عاشها الشيعة الاثنا عشرية في مقاطعة تامة للسلطة فبعد غيبة الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري - المهدي - ، والذي غاب غيبته الكبرى في عام 329هجري وأفتى كبار علماء الشيعة ((  بحرمة العمل السياسي ، والثورة وإقامة الحكومة باعتبارها من مهام الإمام الغائب  بالإضافة إلى الفتاوى القديمة التي تحرم التعاون مع السلطة باعتبارها غاصبة لحقوق الإمام ،  والإفتاء بحرمة  الجهاد  وتنفيذ الحدود وجمع أموال الزكاة ،  بل حتى إقامة صلاة الجمعة لأنها مهام تتوقف على وجود الإمام المعصوم -  نظرية الانتظار -  ))  لكن مع طول غيبة المهدي ، والحاجة الملحة للخروج من نظرية الانتظار تلك بدأ بعض علماء الشيعة ، بناءً على أحاديث ومرويات عن أئمتهم ، في التأصيل لإمكانية تصدي الفقيه المجتهد الجامع للشروط المعتبرة في كفاءته وكفايته ، لأمورِ الدولة ، فظهر ما سُمي  بـالنيابة العامة  للفقيه عن الإمام الغائب على يد الشيخ أحمد بن مهدي النراقي المتوفي 1829  م  والتي تحولت فيما بعد وتطورت إلى نظرية ولاية الفقيه  بشكلها الذي جاء على يد الخميني ،  ففي كتابه - عوائد الأيام -  دعا النّراقي الفقهاءَ إلى تولي زمام الأمور ،  واعتبر أن للفقيه ما للإمام من ولايةٍ عامة وصلاحياتٍ دينية وسياسية  وبعد 150 عامًا من وفاة النراقي ، جاءت ما يسمى بالثورة الإسلامية  في إيران على يد الخميني لتمثل أول تطبيقٍ عملي لولاية الفقيه غير أن الخميني جعل ولاية الفقيه -  بعد دمجها مع نظرية النيابة العامة للفقيه -  ولايةً مطلقة للفقيه ، لا ولاية عامة أو نيابة عامة فحسب ، إذ جعل ولاية الفقيه العالم العادل كولاية الرسول محمد بن عبد الله صل الله عليه واله خير البرية في حياته  - وهذا عين الانحراف والضلال لانها بدعة يراد منها السلطة الدنيوية ومفاتنا ونزواتها -  ، ومن هنا هيمن الولي الفقيه من خلال ولاية الفقيه على السلطة السياسية والدينية ، في الجمهورية الإسلامية الإيرانية  رغم وجود رئيس للبلاد وبرلمان منتخب ومجلس للشورى ويتمتع  الولي الفقيه أو - المرشد الأعلى -  في إيران بصلاحياتٍ واسعة منحه إياها دستور البلاد فالخميني أعطى للفقيه الحاكم ، باعتباره نائبًا عن الإمام المعصوم ، الولاية المطلقة وكل صلاحيات الإمام والرسول الأعظم  ، واعتبر الولاية شعبةً من ولاية الله ، وسمح له بتجاوز الدستور وإرادة الأمة.

 

يتبع بالحلقة الثالثة

 






الاثنين ١١ صفر ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / أب / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة