شبكة ذي قار
عـاجـل










فلسطين

طوفان الأقصى

الجزء العاشر

التهجير القسري ...

الرفيق: جمعة الرواشدة عضو مكتب الثقافة والإعلام

 

 إن هذه الظاهرة ذات الأبعاد السلبية والسيئة والخطيرة والمتناقضة مع إنسانية الإنسان، والمبنية على النقل القسري "الجبري" والذي يهدف لتغيير إقامته الأصلية إلى مكان آخر جديد عليه، والذي يترتب عليه تغيير الهوية والتركيبة الديمغرافية والبناء الاجتماعي، وهو عمل يعتبر من أدوات سياسة الهيمنة لتحقيق الأهداف الاستعمارية، والتي كانت بداية نشاطه قديماً.

إن التهجير القسري على دولة بعينها، فقد مارست الدول الأوربية باعتباره وسيلة من وسائل غزو البلدان الأجنبية، ومن أمثلة ذلك، ما قام به الشعب الأنكلوسكسوني من تهجير الشعوب الكندية والأمريكية الأصلية من ديارها ونفذتها محاكم التفتيش السياسية الأوربية التي حكمت بتهجير أبناء الأقليات الدينية من أرضهم وديارهم في مطلع القرن السادس عشر ميلادي، والتي مارست أفعالاً جسيمة هي ألمانيا النازية.

((يبقى النقل القسري للسكان في جوهره عملاً ذو طابع همجي وعنصري ومتعمد ومقصود ... يقوم نقل السكان إلى منطقة معينة أو إلى خارجها.. بهدف أو لغاية تغيير التركيبة الديمغرافية للإقليم المعني، ولا سيما في المواضيع التي تؤكد فيها تلك الإيدلوجيا أو السياسية على أهمية جماعة معينة على جماعة أخرى))، لذلك ينطوي التهجير القسري على ركن بارز من أركان الاستعمار وهو ((إخضاع الشعوب إلى الاستعباد الأجنبي وسيطرته واستغلاله)). والتهجير القسري يحدث عند حصول النزاعات المسلحة وقد يكون داخلي في داخل الدولة الواحدة، وبين دولة مع دولة أخرى، وقد يكون الصراع المسلح بين مجموعة من الدول مقابل مجموعة من دول أخرى.

أما والغاية من المقالة: هو ما يحصل، ولا يزال يحصل مع أهلنا في فلسطين من خلال ممارسة هذه الجريمة، حيثُ قد فعلتها في سنة 1948 وسنة 1967، ولا زال هؤلاء الأحرار من أبناء شعبنا الفلسطيني في خارج أرض فلسطين، يعانون اللجوء والنزوح والتهجير القسري في الشتات والمخيمات والمهاجر، وغير مسموح لهم البتة في العودة ثانية إلى وطنهم الأصلي، علماً بأنهم قد أخرجوا من أرضهم فلسطين المحتلة، قسراً وعنوة وبقوة السلاح.

وهي اليوم كيان الاحتلال "إسرائيل" يمارسه من خلال القيام بعملية الجرف في قطاع غزه كما وينفذ مخططات ترمي إلى الترحيل القسري للتجمعات السكانية الفلسطينية في المناطق الوسطى بالضفة الغربية.

وهذه الممارسات الصهيونية النجسة والمشينة، منذ 7 أكتوبر 2023 نلاحظ أن السكان المدنيين يتعرضون للتطهير العرقي، والإبادة، والتهجير القسري لإفراغ قطاع غزة من سكانها المدنيين وتدمير كل مقومات الحياة باستخدام أشد أنواع الأسلحة فتكاً بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً، والمجتمع الدولي يقف متفرجاً وكأنه عاجز عن إيقاف آلة الحرب التدميرية العسكرية الصهيونية.

كما انكشفت وتعرى النظام الإجرامي الإيراني في طهران لمن كان في عينه غشاوة بأن هذا النظام يمكن أن يكون في يوم من الأيام مدافعاً عن فلسطين، وها هي إيران بدعم أمريكي و"إسرائيلي" تسطير على أربع عواصم عربية دون فعل شيء يذكر لفلسطين، رغم أن الطريق إلى فلسطين أصبح أقرب إليها من أي وقت مضى، ولديها جيشاً سمته "جيش القدس" والذي قاتل وقتل في كل مكان من العرب الأبرياء الآمنين بطريقة "عنصرية بحتة"، فقط لم يقاتل في فلسطين.

ولقد ثبت من الاستراتيجية التي تعتمدها "إسرائيل أن استهداف المدنيين هو قرار معتمد وممنهج، وتقوم هذه الاستراتيجية على تفعيل قوة نار غير متكافئة مع مصدر التهديد، واستخدام عقيدة التدمير لأجل التدمير، ودفع الناس إلى أمرين: تخلي الشعب عن المقاومة  كضامنة شعبية لها، خاصة في زمن أوسلو والسلطة الفلسطينية، واتفاقيات "وسلام" وتطبيع عربي مريح، لم يبقَ لها أي مقاومة سوى الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل وغزة وقطاعها، وخاصة أن حضنها الحقيقي العراق، فقدته بعد الغزو والاحتلال واسقاط نظامه الوطني، والذي أنجز ذلك هم أمريكا والصهاينة وتآمر العربي الرسمي  وإيران، والأمر الثاني هو دفع الناس إلى ترك الأرض والأهل والتاريخ وطلب الهجرة واللجوء القائم على مبدأ التهجير القسري بفعل قوة النار وآلة الدمار والخراب والإبادة الجماعية.

ونطراً لعديد الانتهاكات العسكرية العنيفة والمهولة والتي شملت جميع أهلنا في غزة دون استثناء، ولمعاناته الشديدة، من مصادر شاملة لكل مقومات الحياة، وعقاب جماعي على المدنيين، وانتهاك قوانين الحرب والقانون الدولي الإنساني، وهدم معظم الأبنية السكنية، ولجوء معظم الناس إلى خارج منازلهم، حيث أخذوا من المدارس وأماكن الأونروا بيوتاً جديدة لهم، والتي أيضاً طالتها آلة الحرب الصهيونية الغادرة.

خاصه أن هذا الكيان الصهيوني الذي يتلقى دعماً عسكرياً وسياسياً ومالياً واستخباراتياً متواصلاً دائماً ومفتوحاً من قبل دول الشر والكراهية والعنصرية، ومنها دول أوروبا الغربية الاستعمارية وكندا وأمريكا، وما نتج عنه من تهجير قسري لسكان الشمال بتوجيه نحو الجنوب.

وإن ما بين هذه الأعمال العدوانية الشريرة المتعمدة من قبل كيان الاحتلال الصهيوني والمتمثلة في إبعادها ما بين تهجير قسري، وما يتبعه من تغيير ديمغرافي وبناء المستوطنات بأعداد هائلة وجلب المستوطنين إليها من شتات العالم " المتطرفين سلوكياً وأخلاقياً وتحريف ديني يميني متطرف وشاذ وعداء مستحكم في شخوصهم مقروناً بالعنف وقتل في أبناء الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة وغيره من أعمال عنصرية والإجرام، الهادفة والقاصدة لتصفية القضية الفلسطينية نهائياً، وحرمان الشعب من استثمار موارده الطبيعية والانتفاع بها.

وهو غير ما جرى ويجري من خطوات لتدقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، عبر التغير الديمغرافي الذي جرى ويجري في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والسودان، والسيطرة على كافة موارد تلك الأقطار الغنية ومنها فلسطين في غزة والضفة.

خاصة بأن قطاع غزة يمتلك موارد طبيعية بمليارات الدولارات تشكل السبب الإضافي لغيره من الأسباب الاستراتيجية الأخرى والذي يجعل القوى العظمى تقف خلفه وفي مقدمتها أمريكا لذا فإنه حريصة على تهجير سكانها، حيث يقدر الاحتياطي في النفط والغاز في الأراضي الفلسطينية بنحو (1.5) مليار برميل من النفط الخام و (1.4) ترليون قدم مكعب من الوقود الأزرق على وفق مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) وتقع هذه الموارد الطبيعية في المنطقة (ج) من الضفة الغربية وساحل البحر الأبيض المتوسط قبالة قطاع غزة.

ويعد حقل (غزة مارين) الواقع على بعد 30 كيلو متر من ساحة غزة بين حقلي الغاز العملاقين(لونيان) و(ظهر) من حقول الطاقة المهمة في الشرق الأوسط، يعد مخزون الحقل بأكثر من ترليون مترًا مكعبًا من الغاز وكانت شركة الغاز (Brifisj Gas) تتولى مهمة التنقيب في الحقل.

 لذا فقد أعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بعد عملية طوفان الأقصى، حيث يقوم هذا الكيان باستغلال الدعم الأمريكي والأوروبي له إلى أقصى حد ممكن بما يعظم ويحفظ مكتسباته الحالية والمستقبلية من الحرب. 

 إن الاستراتيجية المعتمدة تهدف إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد على وقف قواعد ((الصراع الظاهري، والتكامل الخفي))، بين المشروعين العدوانيين الكبيرين في المنطقة، وهما المشروع الأميركي الغربي الإسرائيلي، والمشروع الإيراني وذيولها في المنطقة، والتي ستكون فرادى ومجتمعة على حساب الأمة العربية وجوداً وهوية وحقوق.

 تحية لشعب العربي الصامد صمود الأبطال في أرض فلسطين المحتلة وغزة، وتحية للثائرين والمقاومين الأبطال الذين جسدوا رجولة وشجاعة وأخلاقاً لن نجدها إلا في الأحرار والثائرين والمقاومين والفاتحين في أجدادهم العظام، والموت والخزي والعار لكل الخونة والمتآمرين والأشرار وأعداء.

عاشت فلسطين حرة عربية متحررة أبية من النهر إلى البحر.

 






الخميس ٢٢ جمادي الثانية ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / كانون الثاني / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب جمعة الرواشدة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة