شبكة ذي قار
عـاجـل











البَعث وعَهد البُطولة مِن جَديد

د. حسن طوالبة

 

كثيرون، قديماً وحديثاً، هم الذين راهنوا على زوال البعث. كانت تلك المراهنات قد بدأت عندما كان البعث وليدا، يحاول شق طريقه وسط الأعاصير السياسية، وقال اصحاب تلك المراهنات في حينها ان هذا الحزب خيالي في طموحاتِه، و من الصعب تحقيق افكاره.

 

أما أشد المخاطر التي أحاطت بشعب العراق الابيّ ومنهم مناضلي البعث، فكانت بعد الإحتلال الأمريكي للعراق، وتسليم السلطة لعملاء الملالي في ايران ومليشياتها، والشروع بالتصفيات الجسدية والاغتيالات والاعتقالات والتهجير القسري ونهب الموارد، و إصدارهم قانون "اجتثاث البعث" سئ الصيت، وقانون المساءلة وغيرها، فكانت من اقوى التحديات التي تعرض لها العراق عموماً وفي مقدمته البعث.

 

المسيرة مستمرة بوجود المناضلين الانقياء

لقد عرف البعثيون منذ نشأة حزبهم ان طريقهم طويلة ومليئة بالصعاب والأشواك، وسوف يمر على هذه الطريق افراد واجيال، ويسلم كل جيل الراية للجيل الذي يليه، ولديهم الايمان بان المسيرة مستمرة ببقاء الرفاق الانقياء الصادقين الذين يتفانون من اجل بقاء راية العقيدة خفّاقة والمسيرة متّقِدة ومِعطاءة.

 

ورغم معرفة البعثيين المُسبقة بهذه المسيرة الطويلة والشاقة والمكلّفة جُلّ عمر المناضل، الا انهم التزموا بمبادئ البعث، ولم يهادنوا عليها، رغم محاولات الحاقدين تحريفها بشتى الدعاوى فتارة بحجة المثالية، وتارة بحجة التحديث المُفتَعَل. رغم معرفتهم بأن البعث هو حزب التجديد والمواكَبة لروح العصر، وبأنه يرفض الجمود والتحجُر، لأنه حزب حيوي نشأ من معاناة الشعب وطموحاته، وعليه فهو يطور افكاره بموجب تطورات الواقع وحقائقه، وبما يلبي طموح الشعب في الحياة الحرة الكريمة، وهذا رد على الذين قالوا ان فكار البعث خيالية او رومانسية.

 

مؤامرات الداخل والخارج لم تزد البعث الاّ صلابة

اضافة الى ما تقدم، تعرض البعث الى مؤامرات من الداخل تمثلت بالانشقاقات التي سرعان ما فشلت مع مرور الوقت، إذ أنها كانت بمثابة السواقي الصغيرة التي سرعان ما جفت وتبخرت، اما المؤامرات الخارجية فقد كانت اشد خطورة نظرا الى حجم القوى المتآمرة وامكاناتها، كالذي حصل في العدوان الامريكي الفارسي على العراق عام 2003.

 

وفي ضوء التجارب السابقة والحالية فإن البعث كان يخرج من كل ازمة او محنة اقوى مما كان عليه، لأنه في كل تجربة يلفظ ضعفاء الايمان والمتخاذلين والمنافقين، ويسير بعزم الشرفاء اصحاب المبادئ الثابتة.

 

المؤرخون المحايدون لم يجدوا حزباً تعرض للأزمات والمؤامرات وظلّ صامداً ومستمراً كالبعث، فرغم كل ما تعرض له بقي موجوداً ومتجذراً يناضل في كل الساحات العربية، وبقي معطاءً ومتدفقاً بالحيوية والنشاط.

 

لقد اصيب البعث بضربات نوعية وحاقدة كثيرة، وقد حاولت التأثيرعلى مسيرته الطويلة، وتشويه مبادئه، فاتهمته بتهم ليست فيه، وبالأخص ما حاولته التيارات الاممية، والدينية السياسية الحاقدة على الفكر القومي عموماً، فاتهمته الاخيرة بالكفر والإلحاد، وهي تهمة فندتها منطلقات البعث وجوهرعقيدته منذ التأسيس ، كما اثبتتها مسيرة الحزب وسيرة البعثيين في الساحة العربية، الذين اثبتوا ان الفكر القومي هو فكر مؤمن، ولا يمكن الفصل بين العروبة والاسلام، لان فكر الاسلام ورسالته جاءت للعرب، وبهمة العرب انتشر الاسلام، في كل بقاع الارض.

 

الجماهير الصادقة هي سر بقاء وحيوية البعث

 

بعد كل محنة كان البعث وما زال، ينهض شامخاً ويعاود العمل من جديد بهمّة عالية، ويكمل الدرب الطويلة اكثر حماسة وتوهجاً. وفي كل المحن والأزمات التي مر بها البعث، كانت جماهيره تشكِّل السياج الأمين له، فهي سر قوته وديمومته، تمدّه دوماً بطاقة ودفقات الحياة الجديدة.

 

الإيمان وجيل البطولة

 

لقد آمن البعثيون الاوائل بمبادئ البعث لأنها الخلاص من كل ما تعانيه الامة العربية، ولأنها تعبر عن ضمير الامة والانسان العربي بصورة خاصة. وهذا الايمان الصادق منحهم القوة على اكتشاف معاني الحياة الانسانية، وباتوا يعبرون عن حقيقة الامة العربية وقيمها الحضارية والانسانية. الا ان هذا الايمان لم يأخذ انماط الصوفية، بل اخذ سمات الابطال العظماء، الذين يمتازون بالصفاء والاخلاص والصراحة، ولا يعرفون المهادنة على حساب المبادئ، وفي الوقت نفسه لا يخجلون من الاعتراف بالخطأ، والتراجع عنه، فهم قساة على انفسهم ازاء الحقيقة وازاء الواقع، كما ان النقد والنقد الذاتي جزء اساسي من العقيدة البعثية لذا فقد شكل ذلك الاساس لمراعات قناعات الاخرين.

 

وفي كل مرحلة يمر بها البعث، يعيش عهد بطولة جديد، ويخرج رفاق يتمثلون روح الامجاد من رموز امتنا العربية الخالدة ومن روح الاسلام المجاهدة، التي تسترخص الشهادة وتحمل المشاق والصعاب.

 

فتحية للبعث في ذكرى ميلاده، والرحمة لروح شهداء البعث، وقادته الشهداء الخوالد، والتحية للرفاق الصامدين في سجون الحاقدين عملاء الاجنبي.






الاثنين ٢٩ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / نيســان / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والإعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة