مع تفشّي الفساد وغياب الرقابة وتزايد الصراعات السياسية والأزمات التي تمرّ
بالبلد شهد النظام التعليمي في العراق تراجعاً كبيراً، وأدّى إلى تدهوره بالكامل
وإرتفاع نسبة الأمية إلى مستويات مخيفة.
وبعد أن كان العراق مطلع ثمانينيات القرن الماضي يمتلك منظومة تعليمية متطورة
تتفوق على قريناتها في دول المنطقة بشهادة اليونسكو إلا أن المنظمة نفسها عادت
لتصنفه من ضمن البلدان التي تعاني صعوداً كبيراً في نسب الأمية يتجاوز 47% (
للأعمار بين ستة و55 عاما ).
حيث أن السواد الأعظم للأمية يتركز في المناطق الريفية النائية وهوامش المدن
والمحافظات المحررة من قبضة تنظيم الدولة بوجه خاص للأعمار ما بين التاسعة وأربعين
عاما حيث التحاق الذكور أكبر على حساب الإناث اللواتي تكتفي عوائلهن بزج البعض منهن
في الدراسة الابتدائية فقط.
مع ذلك توجد أعداد لا بأس بها من الفتيات داخل المدن والمناطق الحضرية يعانين
معارضة الأهل أو الزوج في إكمال التعليم.
وحتى أولئك الذين تجاوزوا التعليم الابتدائي، كثير منهم لا يجيدون القراءة
والكتابة مما يجعلهم ضحية للرسوب المتكرر وترك الدراسة آخر المطاف.
مدير عام الجهاز التنفيذي لمحو الأمية ”محمد الموسوي“ قال أن هناك أسباب شتى
وراء تنامي ظاهرة الأمية واشتداد عضدها، وأوضح أن الحروب وتهالك البنى التحتية
وتدني الوضع الاقتصادي لدى الكثير من العوائل ألقى بظلاله على تدهور التعليم وتفشي
الأمية والجهل في أوساط المجتمع.
وثمة عوامل أخرى يراها خبير التدريب التربوي شاكر عبد الكريم تتعلق بالفساد
المتغول في مؤسسات الدولة، وهشاشة الدور الرقابي والتربوي مما خلف جيوشا من الأميين
يغض الطرف عنهم فلا يذكرون إلا في الإحصاءات الرسمية وعناوين الصحف.
وأضاف، أن النقص الحاد في المدارس وفي الريف وأطراف المدن وضعف الرقابة وعدم
تطبيق إلزامية التعليم ، كلها أسباب أدت الى إنتشار الأمية .
بعد أن وصفت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة التعليم في العراق في سبعينات
القرن الماضي بأنه أفضل بلدان الشرق الاوسط من حيث جودة التعليم وأن نسبة الامية
تقترب في هذا البلد من الصفر، تغير الحال بعد عقود قليلة لتشهد البلاد نسبة أمية
مرتفعة بعد أن كانت شبه معدومة فيه .
|