كشف مسؤولون عراقيون في بغداد، اليوم الخميس، عن وصول عدة وفود من مخابرات أجنبية،
أغلبيتها أوروبية، خلال الفترة الماضية إلى العراق، بهدف التنسيق مع السلطات
العراقية التي تحتجز العشرات من مقاتلي تنظيم الدولة “داعش”، بينهم قياديون وعناصر
بارزون يحملون جنسيات غربية، حيث تسعى دولهم إلى أخذ معلومات منهم تتعلق
بارتباطاتهم المحلية قبل انتقالهم إلى العراق وسورية.
وتحتفظ بغداد بالعشرات من مقاتلي التنظيم، تمكنت القوات العراقية، خلال معارك
إستعادة مناطق شمال وغرب البلاد من سيطرته 2014 ولغاية نهاية 2017، من اعتقالهم.
وتتصدر الجنسيات الفرنسية والبريطانية والألمانية بين مقاتلي التنظيم
المحتجزين لدى بغداد، تليها جنسيات جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في قائمة
المقاتلين غير العرب، كالشيشانية، بينما تتصدر سورية والسعودية والمغرب ومصر الدول
العربية في الجنسيات الأكثر وجودا بين عناصر تنظيم الدولة “داعش”.
ويتوزع المعتقلون على عدة مراكز احتجاز، أغلبها في بغداد وجنوب العراق ووسطه،
إضافة إلى معتقل في بلدة قرب محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، ويواجه
أغلبهم أحكاما تتراوح ما بين الإعدام والسجن مدى الحياة، بينما ينتظر آخرون مواعيد
النطق بقرار الحكم الصادر بحقهم.
في السياق، قال مسؤول عراقي بارز في بغداد، أن عدة وفود أمنية ومخابراتية
أجنبية زارت العراق خلال الفترة الماضية، وطلبت المساعدة في التواصل مع مواطنيها
المحتجزين بالعراق، بغرض الحصول على معلومات منهم حول الجهات التي يرتبطون بها في
بلدانهم قبل سفرهم إلى العراق، وكيف تم تجنيدهم.
وبيّن المسؤول ذاته، أن المحتجزين الغربيين جميعهم ممن تم اعتقالهم داخل
العراق في الوقت السابق، وذلك تأكيدا على أن العراق لم يتسلم بعد أي جنسيات أجنبية
من مليشيا “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) غير الأربعة عشر فرنسيا الذين أعلن عنهم
في وقت سابق من الشهر الماضي، مؤكدا أن “العراق قدم مساعدات لعدة دول في ما يتعلق
بتبادل المعلومات الأمنية المتعلقة بالأنشطة الإرهابية والإرهابيين الموجودين لديه،
في إطار جهود عالمية للقضاء على الحركات الإرهابية”، وفقا لقوله.
في المقابل، أكد عضو بلجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي “محمد رضا”، أن
“العراق قد يضطر لتسلم بعض عناصر تنظيم الدولة “داعش” الأجانب من سورية”.
وقال رضا، في تصريح صحفي، أن “الحكومة العراقية تشعر بالضغط الدولي من أجل
تسلّم أفراد من أعضاء التنظيم الأجانب المعتقلين حاليا في سورية”، مبينا أن الحكومة
“قد تضطر لتسلم عناصر التنظيم الأجانب من قوات “قسد” في سورية، بسبب أن دول هؤلاء
ترفض تسلمهم، وفي حال رفض العراق ذلك فيمكن أن ينجح بعضهم في التسلل إلى الأراضي
العراقية”.
وأضاف رضا أن “الحكومة ترى تسلمهم بشكل رسمي واحتجازهم أفضل من أن يبقوا
يشكلون خطرا وتهديدا على الأمن العراقي”، على حد قوله.
وأكد الخبير بشؤون الجماعات المسلحة في العراق “علي البكري”، أن السلطات
العراقية تبدي تعاونا كبيرا مع الوفود الأمنية والمخابراتية في ما يتعلق بنتائج
التحقيقات مع مسلحي التنظيم الأجانب القادمين من أوروبا على وجه التحديد، كون
الموضوع يندرج ضمن إطار التعاون الذي أقره مجلس الأمن عام 2014 للحرب على تنظيم
الدولة “داعش”.
وأضاف البكري، أن “تلك الدول تحاول معرفة طريقة انتقال الإرهابيين من
مواطنيها إلى العراق، ومن ساعدهم، فهي تعتقد أن هناك خلايا نائمة أو أشخاصاً سهلوا
لهم الانضمام إلى التنظيم وساعدوهم على السفر إلى العراق أو سورية”.
واعتبر أن “عناصر التنظيم حاليا كنز معلومات مهم لتلك الدول التي تحاول أن
تستوضح منهم شرحا يتعلق بالكثير من المناطق المظلمة في مرحلة تأسيس التنظيم وتناميه
السريع وتفوقه بالوحشية على سائر التنظيمات الأخرى التي سبقته”.
الخميس ٨ رجــب ١٤٤٠هـ - الموافق ١٤ / أذار / ٢٠١٩ م