شبكة ذي قار
عـاجـل










إذا كان للشعب العربي أن يفخر فلا خير له من أن يفخر باستدامة العروش وتأبيد الأنظمة الفردية والعائلية بصورة قطعية وفي جميع الأحوال. ودوام الحال على هذا المنوال هو دليل قدرة الحاكم على المسك بالقوة وباللطف برقاب الناس وهو دليل على قدرة المحكومين على تسليم رقابهم طوعا وكرها ضمانا لاستقرار مقاليد الحكم. وهذه مسألة لا تقبل الجدل لأننا نؤمن إيمانا لا رجعة فيه بمقولة "وأطيعوا أولياء الأمر فيكم وأصحاب السطوة عليكم" ونصدق غصبا وجهلا بأن "الاستقرار أساس الإعمار" وأن التنمية "المستدامة تحتاج إلى سلطة قوامة".

 

وها قد أنعم علينا قدرنا لزوم الطاعة والولاء لأنظمة قوامة تصل الليل بالنهار من أجل تعزيز البناء وحماية الاستقرار. فقد مرت عهود على بذل الجهود وتقديم التضحيات لتوطيد العروش، وجيشت الجيوش لحماية أصحاب السمو والجلالة والسيادة والفخامة. وعلينا حقوق وواجبات إزاء هذه الإنجازات لكونها أعظم مفاخرنا وعناوين مآثرنا وأعمدة نهضتنا. وكل شعب بما لديه يفخر والحمد لله لدينا أفخم العروش وأحكم الحكام. أفلا يطيب العيش في ظلهم ونحن ننعم بأبوتهم ونعيش تحت رحمتهم؟ وإن كان فيهم قسوة وأخذت فينا قبضتهم خنقا فذلك من باب الرعاية والحماية لضمان ولائنا والتمتع بطاعتهم والفخر بعطائهم. كل ذلك يدعونا إلى احترام الحكم والحكام وندعو لهم بالثبات والدوام. والحذر كل الحذر من الاعتقاد بأن استدامة الحكم والتفرد بالقوامة والرأي والقرار يفضي إلى سياسات هدامة. والحقيقة أن دوام الحال على نفس المنوال من التدبير والتسيير يؤدي حتما إلى الملل والكلل فالإحباط والانحطاط. وقد استبد بنا دوام الحال وضاقت النفوس وانسدت سبل النجاة من حكم ليس لديه من وسائل العلاج غير المزيد من الاستبداد والتمادي في استدامة سطوته وفرض سياساته الهدامة التي قوضت تطلعات المجتمع وأطاحت بقيمه ورمت به في طاحونة الإحباط بمختلف أبعاده والانحطاط في مختلف صوره، حتى صار لا مفر من التكالب على المقالب والتفاخر بارتكاب الكبائر والتعايش مع المصائب. لقد نجحت السلطة القوامة والعروش المستدامة من المحيط إلى الخليج في تدمير الشعوب وتحويلها إلى رعاع بلا قوة ولا إرادة، بلا انتماء ولا إيمان إلا البعض القليل ممن هدى ورحم ربك وهو بصير وعلى كل شيء قدير. ولكن لا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ومن ناحية ثانية لو تفجر الغضب الكامن في النفوس لأطيح بعروش النكبة وما عليها من رؤوس لا تحسن غير إدارة الفساد وتأبيد الاستبداد.

 

 





السبت١٨ رمضان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / أب / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الهادي المثلوثي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة