شبكة ذي قار
عـاجـل










 

نعم غادرت قطعان كبيرة من اعداد الاوغاد الغزاة ارض العراق على مضض بعد ان اصبحت حياتها جحيم وكلفة بقائها وخيمة وكانت المغادرة صفقة لا يملك الرئيس اوباما بديلا عنها على امل تحقيق نتائج انتخابية لحزبه تضمن له العودة لرئاسة ثانية. لكن النصر لم يتحقق والحرب قائمة والمهمة لم تنتهي كما خاطب أوباما شعبه ؛ مسؤولية الغزو وقرار الحرب بالحجج الواهية سيدفع ثمنها بوش الابن وبلير وحقبة ادارتيهما الفاسدة والخادعة في القريب العاجل.

 

نصَّب الرعاة مكانهم رعاة محليون ووفروا لهم مما ابقوا من رعاتهم مشرفون ومستشارون وقد كلف تنصيب هولاء الرعاة المحليون اموالا طائلة وامتيازات هائلة تعينهم وتغريهم على البقاء وتشجعهم على التنافس من اجل إثراء اكبر وصراع منتظر أشد وأوسع لقاء ان لا يخرج العراق من اطار همينتهم للتحكم بمعطياته وحسابات نتائجه.

 

لا تُنكر (بل تكرر وتؤكد) تصريحات الساسة والقادة والاعلاميين الاميركيين وتمتلئ صفحات وكالاتهم ونشرياتهم ومراكز بحوثهم بالتحليل والتذكير بان غزو العراق لم يحقق للعراقين شئ يذكر بل اصبح العراق بعد مرور سبع سنوات من الغزو أسوء حالا واعم دمارا وفسادا وفقرا وجوعا مما كان عليه وبررت اسباب هذا الانهيار بتخبط المحتلين في الاداء والمتابعة وجهلهم بشؤون اوضاع العراق وطبائع شعبه قبل الشروع بالغزو تارة وبسبب الكلفة المادية البالغة الثمن التي لا يمكن استمرار توفيرها وفساد الساسة العراقيين تارة اخرى في حين يعزي آخرون اسباب انحسار المشروع الاحتلالي الى دور ايران ونفوذها المتفاقم ونشاط القاعدة الارهابي في العراق واختلف العباقرة في تحديد من منهما أشد خطورة واهمية في تحقيق هذا الفشل وفقا للمتغيرات التعبوية!.

 

باستثناء ادارة البيت الابيض يدرك القاصي والداني ان دور المقاومة الوطنية المسلحة الباسلة والرفض الواسع لمشروع الاحتلال والوقوف سياسيا واعلاميا بالضد منه كان السلاح الامضى والاشد فعلا في إفشال هذا المشروع.

 

ادارة اوباما التي تنصلت قبل فوزها وخلال حملتها الانتخابية من مسؤولية مشروع الغزو وتسبب هذا الموقف بلا شك بتحقيق فوزها والمجئ بها نفذت التزاماتها بانسحاب كبير وتخفيض نوعي بحجم القوات الغازية لكنها اقدمت على استراتيجية تبديل وتموضع وتسليح لقواتها المتبقية بشكل يضمن لها كما تعتقد دور فاعل ودائم للحفاظ على ما سيكفل لها الهيمنة وتنفيذ اغراضها السياسية والنفطية والاقتصادية الى امد غير قريب باقل الكلف المادية والخسائر البشرية تحت غطاء توافقات مجحفة متلاحقة كانت الاتفاقية الامنية التي شرعنتها سلطة الاحتلال اهم ركائزها.

 

لكن الإدارة الامريكية الحالية تدرك جيدا ان انسحابها النوعي قد تم تنفيذه في ظل اوضاع متأزمة وصفت بانها وضعت العراق ضمن مستقبل مجهول وخطير وفق حقائق ملموسة على الأرض يمكن تحديدها بعناوين محدده أهمها:

 

أولا : فشل ذريع للساسة العراقيين واختراقات دستورية وصراعات متفاقمة بين الاحزاب الطائفية التي اوكلت اليها ادارة العراق والكتل المتصدرة بنتائج افنتخابات انتهت الى استحالة تشكيل حكومة قادرة على تحقيق تغييرا او تحسنا باوضاع الشعب المنحدرة وبنيته المنهارة.

 

ثانيا : تفاقم النفوذ الايراني وتحكمه في الوضع السياسي والعسكري القائم وهيمنته الشرعية والسلطوية على الاحزاب المستحكمة ووسائل قمعها من جيش وميليشيات ومرجعيات دينية طائفية.

 

ثالثا : رفض شعبي واستياء جماهيري واسع من مجمل انهيار الخدمات الشامل وسلوك الساسة الجدد ونتاجات العملية الياسية الخرقاء وتاخر تشكيل الحكومة المنتظرة وافتضاح اطماع الساسة وحرصهم على مصالحهم الشخصية.

 

رابعا : تصاعد فعاليات وعمليات الارهاب والعنف والاعتقال والمداهمات والتفجيرات اللامسؤوله التي تستهدف المواطنين والمؤسسات الحكومية وقادة وزعامات سياسية متصارعة والصحوات  والتي تنفذها قوات التدخل السريع او القاعدة او ميليشيات الاحزاب المتنفذة لتحقيق اهداف سياسية واضحة والتي يفصح القادة الامريكيون عن مسؤولية ايران عنها من حيث التموين والتسليح والنفوذ وتهدف الميليشيات الطائفية الى تحقيق ضغوط سياسية تبقي هذا في منصبه او تاتي باخر بديل عنه فيما تستاثر في ظل غياب قوات عسكرية عراقية مهنية تنظيمات القاعدة اعدائها وايران الملالي خصومها وحكومة المالكي منتهية المفعول معارضيها.

والعالم يتسائل عن طبيعة التحسن الأمني الذي يتكلم عنه رعاة البقر وهم يصفون مصير العراق بالأضلم والأسوء والمجهول والخطير.

 

يتزامن انسحاب القوات النوعي بتسريع متقصد مع ثنائية مايبدو وكأنه تناقض بين موقف الولايات المتحدة من قضية السلاح النووي الايراني وتصاعد في طبيعة العقوبات المفروضة والمتصاعدة على ايران باجماع دولي وبين عملية انسحاب القوات الامريكية النوعي من العراق دون ادنى اهتمام باحتواء هذا النفوذ او محاولة الحد منه ومجابهته.

 

الإدارة الأمريكية تدرك جيدا أن أي عملية حسم عسكري تنجزه قوات الاحتلال لتطويق الدورالتخريبي والتدميري التي تثيره إيران والاحزاب الطائفية في العراق في ظرفها الحرج الذي تمر فيه سوف لن يسهم في ان تصبح أميركا اكثر أمنا وحصانة داخليا مما كانت عليه قبل عدوانها على العراق وان الحل الامثل لتكون اميركا اكثر امنا واقل استهدافا من قوى الاسلام السياسي المتطرف هو الإبقاء على طبيعة الصراع الطائفي وإشغال هذه الاحزاب والقوى الطائفية في المنطقة في صراع دائم يضعف الأطراف المتصارعة ويشغل قوى التطرف الديني السياسي عن تصدير عنفها وارهابها الى داخل اميركا لتفادي تكرار أحداث شبيهة باحداث 11 ايلول التي لازالت تفاصيل تنفيذها مثاراً للجدل والتحليل.

 

خامساً : المقاومة العراقية الوطنية والقوى المناهضة تستبشر بان تنسحب هذه القوات باسرع وقت ممكن وتعد انسحابها الكامل هو تحقيق لأملها المنشود وهدفها المقصود لكنها ترى ان انسحابا خادعا كالذي جرى بغطاء تكتيكي مع السلطة المنصبة هو محاولة خبيثة لطمس دورها الفاعل وبدعة تغنيها عن الاعتراف بهذا الدور والانسحاب من خلال مفاوضات الاستسلام وتحسب المقاومة الوطنية أن الانسحاب المعلن يشكل مسرحية تهدف الى عدم الاعتراف بالهزيمة مع ان اوباما وقادته ما كانوا قادرين على تمرير مسرحية الاحتفاء بالقوات المنسحبة بمراسيم نصر امام شعب ذاق مرارة الحرب وأدرك عدم جدواها من خلال الخسائر البشرية والمادية التي الحقتها المقاومة العراقية الباسلة بقواته ووضعه الاقتصادي المتأزم.

 

لقد أحدث الانسحاب النوعي المعلن مستجدات ومتغيرات ترتبت عليها استحقاقات جديدة في الساحة الميدانية والسياسية ينبغي ان تدرج اهمها:

 

اولا: أن الانسحاب المزعوم انسحابا لا يحقق التحرير والسيادة وهو ما حاول اوباما إشاعته في خطابه لأن التحرير والاستقلال بالقرار رهينان بانسحاب آخر جندي امريكي من العراق وليس من خلال اقامة قواعد وثكنات محصنة بمسميات ومبررات واهية تحت غطاء سفارة وقنصليات حقيقتها ثكنات مسلحة ومطارات ومدرجات و قواعد حصينة.

 

ثانياً : ان الانسحاب المعلن كان يجب ان يتم وفق صيغة تحدد مسؤوليات الاحتلال عن ما خلفه من دمار وتخريب بشري وبنيوي والزام دولة الاحتلال بالتعويض والاعمار وعلى قمة هذه المسؤوليات تبرز مسؤولية دولة الاحتلال عن الدمار الذي الحقه النفوذ الايراني في العراق والذي تفاقم واستشرى بتشجيع واستغفال امريكي متعمد. يصف السيد طارق عزيز وزير الخارجية الاسبق والسياسي العريق توقيتة الانسحاب الامريكي في الظرف العراقي الراهن ومن معتقله بانه تسليم العراق للذئاب.

 

ثالثاً: تخطط الولايات المتحدة الى نهج يبقي على مشروعها الاحتلالي التشظوي والتقسيمي للمنطقة على اسس طائفية قائم مع وقف التنفيذ لحين تصبح ظروفها الاقتصادية والعسكرية مؤاتية لضمانات افضل لنجاح مشروعها ولذلك تحرص الادارة الامريكية على اذكاء مشروع الطائفية قويا وفاعلا في العراق وتوكل هذا الدور بالنيابة عنها الى ايران ولا ترى حتى في افتراضية تغيير النظام في إيران وسقوطه إمكانية اختفاء الأطماع الايرانية في العراق او المنطقة لاي نظام حاكم فيها ومن المؤكد ان الولايات المتحدة ستسعى مستقبلاً لتقسيم إيران بنفس السلاح الطائفي الذي تستخدمه لتقسيم العراق اليوم أو غد.

 

رابعا : يضع الانسحاب المزعوم المقاومة الوطنية المسلحة والسياسية في موضع المجابهة المباشرة مع وكلاء الاحتلال وسلطته ومخلفات عمليته السياسية الخرقاء وأبقاره السائبة والتي بحكم فرضية الانسحاب اصبحت تشكل هدفا استراتيجيا واسبقية نضالية في خططها وتعبيتها اللاحقة والتي سيشكل استهدافها وسيلة ناجعة سيجد فرسان المقاومة البواسل انفسهم وجها لوجه لتصفية هولاء العملاء ومن سيحاول ان يحميهم من الرعاة القابعين في القواعد. لم تعد مبررات الاستمرار بهذه العملية السياسية ومؤسساتها بعد سبع سنوات من الدمار والاحتواء والصراع قائمة ومن المؤكد ان انبثاق جبهة سياسية موحدة ومرجعية وطنية فاعلة تجمع المناهضين والمقاومين على ثوابت تحرير وطني جامعة اصبح ضرورة وطنية ملزمة بعد ان اتضحت كل معالم مشروع الغزو وابعاده جلية وواضحة.

 

العراقيون بالرغم من معاناتهم القاسية التي خلفتها فترة حكومات الاحتلال السابقة والتي تفاقمت بشكل واضح بعد الانتخابات الصورية الاخيرة والتيهان الذي خلفته بفشل اركانها في تشكيل حكومة جديدة لاحقة لم يعد يعنيهم انبثاق حكومة ضعيفة مسلوبة الارادة والقرار لا تحقق طموحاتهم بالتغيير والتحرير والتنمية.

 

كما ان التشبث بالديمقراطية المستوردة فرضية غير فاعلة واكذوبة. لأجل تحقيق نظام حكم حضاري ديمقراطي مدني في العراق يستوجب ان يتحقق التحريرالكامل اولا ومن ثم انجاز متطلبات التنمية الشاملة لبنى الحياة الكريمة الآمنة بكل مناحيها والتي لا يمكن تجاوزها بأي شكل من الأشكال لتحقيق النظام الديمقراطي والتأسيس له. العراقيون اليوم بحاجة ماسة وسريعة لحكومة قوية مهنية مستقلة القرار تحقق التغيير والأمن والتنمية من خلال أي وسيلة توافقية ممكنة يتبناها المشروع الوطني الجامع.

 

خامسا : وسواء اعترفت دولة الاحتلال وادارتها بدور المقاومة الوطنية في تحقيق مرحلة التحرير اللاحق وفي إجبار المحتلين على تطويق مشروعهم وانسحابهم المعلن او لم تعترف فان العالم كله حكومات واعلام وشعوب بات على قناعة كاملة ان المقاومة العراقية الوطنية ادت دورها واثبتت جدارتها وانها السبيل الانجع والامضى في تحقيق هزيمة الاحتلال وانجاز التحرير الشامل حالها كحال كل الشعوب والامم التي خاضت تجارب التحرير وانجزته والتي أثبتت بشكل قاطع ان فرضية بقاء المحتلين مهما استمكنوا واستحكموا نمط من انماط الخيال والمحال.

 

 





الاربعاء٠٦ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عمر الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة