شبكة ذي قار
عـاجـل










مع بدأ العدوان ودخول القوات الغازية أرض للإحتلال بدأ العراقيون المقاومة، لأنهم مدركون أن التباين الكبير في امكاناتهم كدولة لا يتناسب مع امكانات الحلف الارهابي الشرير اللذي قرر احتلال بلدهم، وإقتنعوا أن السبيل الوحيد لمواجهته هو المقاومة الشعبية العامة. هذا التصور الواقعي لطبيعة المعركة من قبل الشعب وطلائعه وبين قوات الاحتلال كقوى باغية معتمدة القوة الغاشمة أسقط ما كان قد وعد به العملاء أمريكا كزعيمة لقوى الغزو، وهو ما قامت على اساسة خطة الإحتلال بتدمير الجيش العراقي وحل حزب البعث العربي الاشتراكي، هذا جعل قوات الغزو تغير منهجها المعتمد على إستخدام القوة المفرطة ضد تشكيلات الجيش العراقي وانتقلت من إضعافه الى حله نهائيا، حيث وجدت تشكيلاته البطلة التي تواجه قوات كاملة التسليح ممولة بشكل كامل مهيء لها كل عوامل الإسناد اللوجستي والإقتصادي والإعلامي والسياسي ومساندة من دول الجوار عازمة على القتال بكل ما أتيح لها ولو بالصدور الحاسرة ولكنها مؤمنة بأمرين نصر الله وشرف المواطنة، فقد إستمرت تشكيلات الجيش العراقي بالدفاع رغم أنها علمت مواقف دول المحيط فاحسن موقف كان العمل على توخي عدم الإصدام بها، لأنها ستتلقى ضربات موجعة في حالة المعارضة كما هو موقف القطر السوري، هذا الموقف المفاجيء جعل قوات الغزو تغير منهجها من أنها قوات جاءت مدعوة من العراقيين! كما كان يصور لها العملاء خصوصا القوى التي كانت أمريكا تعتبرها الأكثر باعا بين الذين استطاعت تجنيدهم واستغلالهم على أساس أنها جاءت لتحرير العراق تضليلا للناس وكذبا على نفسها والعالم،فكانت الكتل المرتبطة بايران تعتبرها أمريكا أكثر من غيرها اتباعا، حيث كانت تدعي أنها تمثل الشيعة الذين يشكلوا النسبة الأكبر من مكونات شعب العراق ولهذا كرر المجرم رامس فيلد السؤال مرتين على ممثل تلك القوى عبد العزيز الحكيم بأن القوات الغازية سوف لن تلقى مقاومة، وفق التقسيم والرؤية الأمريكية التي إعتمدت منهجا متخلفا يناقض كل ما ارتقى به المجتمع الإنساني من وعي إجتماعي، وهو العودة الى التقسيمات الإجتماعية البالية والتي تقوم على أسس المذهبية والعرقية التي كانت تحكم المجتمعات في القرون الوسطى.


لهذا أعلن المجرم الدولي بوش الصغير إنتهاء العمليات العسكرية بمجرد إستبدال الجيش العراقي لإسلوب المواجهة من حرب الخنادق والمواجهة جيش لجيش والانتقال الى حرب الشوارع والمواجهة الشعبية لقوات الغزو، وتأكد أن كل مرتزقته لا وزن ولا تابع لهم في العراق، وأنهم مجرد هياكل فردية وعملاء لاوزن ولا تأثير لهم وحتى المرتبطين بهم ما هم الا مجاميع من الكذابين والمنحرفين والشاذين الذين ارتضوا الخيانة والعمالة، كان كل ما يدعوه أؤلئك المرتزقة الذين دخلوا العراق تحت بساطيل جنود الإحتلال مجرد لصوص وعملاء للإيجار مستعدين للتعامل مع من يدفع لهم من الذين يريدون بالعراق شرا فواتير حياتهم خارج العراق ويعتاشوا من ذلك، هذا الوضع الجديد الذي وجدت فيه أمريكا نفسها جعلها تفكر بكيفية مواجهة المأزق المكلف، والذي يتطلب موقفا جديدا مختلفا عما كانت قد بنت كل منهجها على أساسه، الموقف الجديد الذي يتطلب مواجهة شعب كامل، صحيح أن كل المحيطين بالعراق مضموني الموقف لصالح أمريكا وإنهم سيكونوا عونا لها على المقاومة ومحاصرتها ماديا وإعلاميا وسياسيا، لكن الواقع الجديد وإسلوب المواجهة المعد مسبقا، جعل كل حساباتها خاطئة، فها هي أشهر قليلة وبدأ حلف الارهاب الشرير يتفكك، وبدأ أعضاء مهمين في التحالف الإرهابي القائم على اسس الترهيب والتطميع ينهار، وأعلنت اسبانيا أولا إنسحاب قواتها من العراق، وإتضح أن كل أطراف المرتزقة (المعارضة العراقية كما اسمت امريكا مجموعة اللصوص والمجرمين والمنحرفين العراقيين الذيم كانوا خارج العراق لأسباب شتى) وتأكد لها أنهم مجموعة لصوص طامعين بالسلطة والنهب وكذابين لا قواعد لهم، حتى أولئك اللذين مضى على إرتباطهم المباشر بأمريكا 12عاما، وتدخلت في كل تفاصيل تكوين نظامهم العميل هم فقط مجرد متسلطين على الأكراد ولا يمثلوهم فعلا والمعني طلباني وبرزاني.


هنا بدأت أمريكا وبريطانيا التفتيش عن بدائل لمواجهة المقاومة الشعبية، وشكلت لجان عديدة سرية وعلنية وكلفت مراكز بحوث لوضع حلول وتقديم مشورات، وعادت دول العدوان الى الإسلوب القديم للإستعمار وهو اثارة الفتن وتجنيد المرتزقة من الداخل، فكان المنهج الأكثر فاعلية في ذلك هو اعتماد الفوضى وما أسمته المجرمة كونديزا رايس الفوضى الخلاقة، وبدأت تفعل منهج مرتزقتها وطبيعة تكوينهم وأطلقت أيديهم لإشعال فتنة تؤدي الى تسعير الإقتتال الداخلي ولم تتخذ أية اجراءات للحد منها بل وفرت لها كل مستلزمات الدعم المادي واللوجستي، فقد أعطى بريمر مبالغ طائلة وبدون أي صيغه حسابية لأؤلئك المسمين رؤوساء أحزاب على يقوموا بتجنيد عراقيين معهم، وقد أعتمدت سياسة تجويع الشعب وتدمير بنية التنمية بشكل نهائي ليكون إسلوبا لتجنيد الضعفاء إيمانا وقليلوا الصبر من العراقيين عبر الإغراء المادي من خلال العمل مع المحتل ومرتزقته، ثم بدأ تشكيل الحرس الوطني والشرطة وأشترط لقبول تطوع المواطنين فيها أو إعادة منتسبي الجيش العراقي وقوى الأمن الداخلي والمخابرات أن يكون المتقدم حاصل على ترشيح (تزكية) من أحد الأحزاب العميلة، ووزعت الأموال على كتل العملاء مقابل تشكيل مليشيات إجرامية تمتهن قتل المقاوميين وكان أول اهدافهم كوادر البعث ومنتسبي الجيش العراقي البطل وأي عراقي يناهض الإحتلال ولو بالكلام، خصوصا بعد أن تأكدوا من فاعلية ذلك عندما أطلقوا يد مليشيا أتباع إيران في محافظات الجنوب والفرات التي إرتكبت أفضع الجرائم وبإسناد وحماية الإحتلال ضد البعثيين مدنيين وعسكرين والذي دعم بسكوت مشبوه من قبل المرجعية الدينية في النجف، فصار خيار تفتيت وحدة الشعب وتدمير بنيته الاجتماعية ضرورة لتحقيق نجاح في هدف الإحتلال، أو كما يموه الأمريكان النصر!! وكان لابد من العمل على تشويه المقاومة المتنامية فكان ذلك أمرا ضروريا، لأن استمرار تنامي المقاومة يعني هزيمة أمريكا وحلفها الشرير ومشروعها الخطير وهو إعادة تشكيل العالم من جديد ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، فكانت الحرب الطائفية عام 2005و2006وحتى 2007 ولو فتشنا من ورائها لوجدنا بشكل واضح امريكا والموساد الصهيوني وبإسناد ودعم إيراني كل له هدفه.


من خلال ذلك كله انتهج الأمريكان والبريطانيون وإعلامهم والاعلام المجند إبراز دور القاعدة ومليشيا جيش المهدي كقوتي مقاومة، لا حبا بهما ولكن مخططا لغاية بعيدة، فكلا الجانبيين لا يعملا على تحرير العراق واعادة بنائه وفق الاسس العلمية التي يفرضها واقع المجتمع العراقي وطبيعة تركيبته إضافة لحقائق بديهية هي معاداتهما لأكبر منهج فكري وتنظيم حزبي وتشكيل مقاوم فاعل في المجتمع هو حزب البعث وبرنامجه القومي، والذي يمثل أعضائه ومنسبيه ومؤيديه معظم النخبة العلمية والفكرية والشعبية العراقية حيث يرتبط بالحزب ما لا يقل عن نصف الشعب العراقي، ولو إفترضنا بأن نصفهم بعثيين بشكل واعي، فانهم يشكلوا نسبة كبيرة في المقاومة وتحديد مستقبل العراق وإعادة بناءه.


لهذا كان التركيز في بداية الأمر على تضخيم دور ذاكين التيارين لكونهما: أولا مخترقين، وثانيا ليس لهما برنامج حقيقي، وثالثا لا يشكلا خطرا حقيقيا على الإحتلال بل يدعماه من حيث لا يعييان، فهما مخترقان لأنهما لا ضوابط لهما ولا أسس تنظيمية وفكرية تنظم طبيعة المنظوين تحت مظلتهما، وإنما الاساس الوحيد الذي يحدد هوية منسبيهما هو التطرف المذهبي والغلو المرفوض شرعا وعرفا، ما هو برنامجهما؟ برنامج تنظيم القاعدة وهدفها قتل الأمريكان وهل نريد قتل الأمريكان لأنهم أمريكيون؟ لا، بل نريد أن نقاتل من غزو بلادنا وإحتلوا أرضنا وقتلوا شعبنا ودمروا بنائنا وإستباحوا حرماتنا، ونريد أن نطردهم من بلادنا، وكلا الطرفين كان مرتبطا بأجندة خارجية كشفت الأيام كل منهما، فقد إستدعي كل منهما للمشاركة بالحومات مع الإحتلال ووافقوا على ذلك من خلال ممثليهم، فقد اشترك التيار الصدري مع الكتل الطائفية التي تدعي أنها تمثل الشيعة في حكومة الاحتلال الثانية والثالثة، وترأس الحزب الاسلامي دورتي البرلمان الاولى والثانية وله وزرائه في تلك الحكومات، وهذا إختراق واضح معلن، أما الاختراق الآخر فهو من خلال المنتسبين فكيف لمقاوم أن يستهدف الشعب الذي يفترض أنه يدافع عنه؟ فقد استهدف ما أسموه بتنظيم القاعدة العراقيين على الهوية المذهبية وهذا ليس فقط خطأ قاتل لكل مقاوم بل هو أحدى كبائر الكفر والتخلي عن الشرائع الدينية، فقتل المسلم عمدا ذنب لا توبة ولا مغفرة له، وكذلك فعل الصدريون خصوصا مع البعثيين ومن ثم مع السنة، فاخترقت قوات الإحتلال صفوفهم بتجنيد جماعات مزجها معهم في العمل على توسيع ذلك وتعميقه لأنه يخدم مخططاتهم ويحقق لهم غرضين قتل أكبر عدد من العراقيين وتمزيق وحدة الشعب أولا وإضعاف وتحجيم وتشويه المقاومة الحقيقية ثانيا وهو الهدف الاساسي، وقد إنكشف صحة تحليلنا الذي نبهنا له منذ عام 2005 وكثير من الكتاب العراقيين الشرفاء، فقد ظهر لاحقا أن هناك مجاميع كبيرة من تنظيم القاعدة مرتبطة بحكومة ايران واخرى مرتبطة بامريكا بشكل مباشر أو عن طريق وسطاء أهمهم بندر بن عبد العزيز وحكام الكويت، وكذلك في التيار الصدري وما تلك المجاميع التي يعلن التيار برائته منها الا نموذجا لمن عرف من المجندين في التيار مثل كتائب أهل الحق! وغيرهم، وبهذا فهما لا يشكلا خطرا على الإحتلال بل العكس هما يخدماه من حيث لا يدريا.


هذا والإعلام المكثف سواءاّ الإمبريالي المباشر أو ذاك المجند بأشكال متعددة يردد على مسامع الشعب بأن هؤلاء مقاومة، مما جعل كثير من العراقيين البسطاء وحتى آخرين يصدقوا أن هذه مقاومة، أو هم جزء منها مما جعل البعض يكون له موقف من المقاومة ويرى المقاومة بشكل ضبابي خاطيء، لا أيها الشعب ويا أيها الشرفاء المقاومة هي فقط من يستهدف المحتل والمرتزقة الذين جاء بها الاحتلال والتي تشكل جيوشا في العراق وممثلها كي تفهموا قصدي بشكل واضح بلاك ووتر وأخواتها، والمقاومة وحزبكم يعمل لطرد الإحتلال وإعادة العراق الواحد الموحد ولو توافق أن يكون الأمريكان في وسط عراقيين وهناك مجموعة مقاومين يتابعوا الجنود الأمريكان ولم يحصلوا على فرصة الا في تلك اللحظة فعليهم إلغاء العملية لأن الدم العراقي محرم في منهج ونظام المقاومة، ولن يفلت المحتلون إن تركناهم هذه المرة. هذه هي الحقيقة وتأكدوا أن كل جرائم القتل التي تنفذ ضد المواطنين هي من فعل الاحتلال أو حكومته التي نصبها عليكم وما يعلن بإسم دولة العراق الإسلامية هو تضليل وإن القاعدة هي جزء من سلطة الإحتلال وقواته ولذلك قادرة أن تنفذ بحرية وفي كل مكان لأنها مسموح لها المرور لأي مكان، وما يعلنوه من إلقاء القبض على المنفذين كذب وإدعاء باطل، وتمسكوا بأمر الله (واذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).

 

 





الاثنين٢٥ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة