شبكة ذي قار
عـاجـل










من حق جميع الفضائيّات تناول أيّ خبر مناسب يردها وإذاعته , شرط أن يكون وفق التناول الذي لا يخرج الخبر عن الغرض الذي من أجله تمّ إذاعته  , من دون تحريف أو تحوير , لمصلحة الجهة الإعلاميّة أوّلاً , وحصانةً لها ثانياً , وهذه من مسلّمات العمل الصحفي والإعلامي والتي تتوقف عليها كسب المصداقيّة لدى مشاهديها من عدمها , لذلك يخضع الخبر الوارد لدى الوسيلة الإعلاميّة التي يهمها كسب ثقة المشاهد أو القارئ أو المستمع , وخاصّة في ظروف الاحتدام السياسي , إلى المزيد من التمحيص والدراسة التي يدخل فيها عامل الخبرة السياسيّة والذكاء الميداني المتماهي وسرعة نشر الخبر لدى وسيلة الإعلام المعنيّة كمكمّل أساس للسبق الصحفي والإعلامي , خاصّة وسائل الإعلام التي تسعى للريادة , هذا فيما لو قيّمنا الموقف من زاوية التعامل الدبلوماسي الذي يفسح للكياسة مساحة كبيرة , ولكن الواقع الإعلامي اليوم , خاصّة بعد الانفراد الغربي على تمام الساحة السياسيّة العالميّة لاستعادة أمجاده الغابرة ونفوذه الاستعماري القديم , وبالتأكيد الجانب الاعلامي على طريق الاستعادة سيسوده في غالبيّته جوّ يختلف بالضدّ من كلّ ادّعاء صادق سبق وأن ادّعاه الغرب , وبالتأكيد , وفق هذه المعطيات الجديدة , ستتأثّر بقيّة الوسائل الإعلاميّة التابعة , ومنها المساحة الإعلاميّة العربيّة المرتهنة بالكامل  للإرادة السياسيّة الغربيّة بطبيعة الحال , والشواهد كثيرة وأشبعت تناولاً ونقداً من قبل جهات كثيرة بين موافق وبين رافض , ومن وسائل الإعلام التي كسبت مكانة متميّزة وسط جمهور المشاهدين , فيما عدا القناتين العربيّتين الإخباريّتين الأشهر , الجزيرة والعربيّة , وهنّ بطبيعة الحال لا تعدوان أن تكونا نسختين من الإذاعة الأميركيّة الشهيرة CNN ولكنّهما ناطقتين بالعربيّة , من استغلّت الحياديّة التي ادّعتها عند أوّل انطلاقتها وبدت عليها مصداقيّتها لدى الأوساط الجماهيريّة العريضة التي اكتسبتها بما امتلكت من تأثير إعلامي مهمّ عبر برامجها الشيّقة , أن تحاول استغلال ذلك فيما بعد بتمريرها برامج دعائيّة منظّمة لجهات عدّة عادةً ما تكون متقاطعة ومتضادّة , لا تعدو أهداف مثل هذه الفضائيّات , ومنها "الشرقيّة" الكسب المادّي والحظوة لدى من هو الأقوى من المتنافسين على السلطة , وقد تجلّى ذلك بشكل واضح من قبل الفضائيّات العراقيّة أيضاً من التي سبق لها وأن ادّعت الوقوف على مسافة واحدة من جميع القوى المتصارعة على المناصب والسلطة في العراق , فبالرغم من أنّ جميع هذه الفضائيّات تشترك في ذنب الترويج لـ "الإعلانات المدفوعة الثمن" التي تورّدها إليهم الجهة الإعلاميّة الحكوميّة المتوافقة مع المحتل وذيوله! مضامينها لا تعدو أن تكون دعوة لرمي السلاح بمسمّى "لا سلاح في اليد!" وفقط تركه بيد المحتل! وأيضاً بأيدي من "تعرقنوا" تحت مسميّات جيش وشرطة عراقيين , وغيرها من فنون الاستدراج التي تصب في نهايتها وتودي إلى حضن المحتل , إلاّ أنّه ينسف في نفس الوقت أيّة مصداقيّة ادّعتها هذه الفضائيّات بعد أن أصبحت أهدافها لا تبتعد عن الربح الكبير المجني من وراء هذا "العرس" الكبير بلا عريس وبلا عروس ! , رغم أنّ طبيعة هذه الإعلانات لا تخرج عن طبيعة عراق محتلّ يراد له أن يخضع لسلطات الاحتلال بالكامل ومن دون مقاومة ! , ولا تبتعد , أيضاً , في نفس الوقت , عن رغبتها في النأي بنفسها عن التعرّض لإغلاق مكاتبها في بغداد ومدن العراق  إذا لم تستجب ! ..     

 

لا أدري لم مستمرّة لدى أوساط عريضة من "الشيعة الصفوين" حالة "الفزّة"  تتداولها مشاعرهم حال إطلالة فضائيّة ما لها سمات وممارسات سلوكيّة تختلف والموروث الذي استقرّو عليه ... سمات تجري في فلك آخر غير سمات الفلك الذي وجدوا أنفسهم فيه منذ ولادتهم من بطون أمّهاتهم يدورون وسطه من دون إرادتهم , سمات تتلّون في أطيافها معاني الحياة الممتلئة البهجة تسعى لتوطّن نفسها بمخمليّة متناغمة بما وفّرتها لها التكنولوجيا التقنيّة الإعلاميّة مع كل حقبة قفزت فيها هذه التقنيّة في كل حقبة جديدة من حقب الحياة التي تراصفت بعد الثورة الصناعيّة , خلّف وراء هذه "الحالة" الغير متساوقة مع  "الغير" المتجدّد , لديهم , وبعيداً عن طبيعة هذا التجدّد , عتمة في الرؤيا بما لا يروا معها الأيّام إلاّ بلون كربلاء ولا ألوان إلاّ اللون "الأخضر"  رؤيا خاصّة مستمدّة من ميراث شعوب غير عربيّة لها ظروفها الخاصّة التي استدعت مثل ذلك الموروث , مفتوحة على بهجتهم الخاصّة وعلى  الأمل" المموّه المتوقّع أن يحوزوا عليه وهم في زحمة الترجّي التي تعتصر همومهم اليوميّة , في بقاء الترجّي نفسه , على حاله , كحالة بهجة مستديمة لديهم يتلذّذون بها  بديلة لبهجة من يدور عكس دوران فلكهم !.. "رغم أنّ الحالتين برأيي , وجودهما ضروري لإبقاء معنىً للحياة في توازن طبيعي بينهما ! كي تتلوّن أحاسيسنا بين هذا وذاك فلا نستطيع فرز هذه الحالة إلاّ بوجود تلك ! إذ أنّ السرمديّة في استمرار حالة معيّنة ستكون مرفوضة من قبل قوانين الطبيعيّة !...

 

والـ"فزّة" والاستفزاز من سمات طبيعة الموروث الصفوي , تتلوّن بهما قنواتهم الفضائيّة أيضاً !  "هم يكرهون طبيعة هذه الفضائيّات في سرّهم ويستسخفونها ولكنهم يدارون ذلك بعضهم عن بعض بمداراة مشتركة بينهم!" يبحثون في قاع الموروث هذا عن طبيعتهم الطبيعيّة الغير مغطّاة بهذه الطبيعة النافرة عن طبيعة التساوق السوي لعناصر الحياة , ينبشون من تحته البهجة باتّجاه "الشرقيّة" التي بدأت تتفوّق , من حيث المخاطبة والتفاعل فيما بينها وبين الجمهور وبين المادّة السياسيّة الدسمة ؛ على قناتي الجزيرة والعربيّة الفضائيّتين , وستزداد دسامتها وبهجتها أكثر وأكثر خاصّة  إذا ما اكتملت لدى الشرقية التقنيّة والتكنولوجيا الطموحة المكمّلة لعملها الحالي القادرة على تسجيل المتصوّر من المنظّر لمشروع القناة , لولا نقص في التغطية المادّيّة اللازمة لذلك , نظراً لما تقوم على أركانها هذه القناة أساسات لدعائم ابداع ونضوج فنّي قام بتأسيسها نفر غاوي منفتح تقترب تصوّراتهم الطموحة إلى الاختيار الذاتي أكثر منها الاعتماد على أفق تصوّرات الشركات الغربيّة ذات الباع الطويل في هذا المجال إلاّ في حالات إبداع معيّنة ؛ تتطلّب انتقاء الأفضل المدروس المتّخذ من الذوق العراقي المتأصّل , ألواناً ومادّةً وهاجساً , ولكن مع ذلك ! فالـ"صفوي" نراه  "يتأفأف" من هذه القناة وما تعرض تأفأف المحب!

 

أو ما يقال بالعامّيّة العراقيّة الدارجة "زعلان .... مصطلح!"  ويتأفأف بطريقة المتدلّل ومع ذلك يتهجّس منها فيتّهمها بالبعثيّة تارةً وتارةٌ بالـ"ميس كمريّة" ! وبالخلاعة وبغير ذلك , رغم انحياز هذه القناة نحو الاتّجاه المادّي والشهروي الصرف ولمن يدفع أكثر , ولا علاقة لها بالبعث ولا بغيره , سوى أنّها عرفت كيف تستغلّ جماهيريّتها ورواج برامجها وما تقدّم من طروحات عبر هذه البرامج المختلفة  التي يجمعها طابع الجذب الخاص فيما بينها بما تعتمده من وجوه نسائيّة جميلة مختارة بعناية وفواصل زمنيّة مذكاة وانتقاء انتقالي موفّق بين مساحة برنامج  ومساحة برنامج آخر يساعد على الانسجام الكلّي وبقيّة المواد لتبدو وكأن ساعات البث بمجملها هي برنامج واحد ولكنّه متناغم  بتنوّع , يكمّل هذا الحشد ويتغلغل فيه نشرات الأخبار وإيجازاته ذات ديكورات تعتمد حركة  رموز عناصر التوزيع التشكيلي فيه وتقاطعات مجسّيّة  تعلن الرقميّة مادّتها الأوّليّة بإخراج رائع ينسجم  واللقاءات الحواريّة المرتبطة بمثل هذه المقدّمات وباللقاءات الجانبيّة التي يقدّمها مذيعون ومقدّمو برامج منسجمون والمواد التي يقدّمونها , كل هذا وغيره جعل حتّى قادة وقيادات الأحزاب "الصفوية" يلاحقون أتباعهم  "المتفلّتون" من بين مخالبهم باتّجاه هذه القناة  يخاطبونهم عبر "الإعلانات" التي تذكّرهم بحالتهم "المنفتحة!"  المحبّة لـ"دبي" وأبراجها تدعوهم إلى الإبلاغ عن الإرهابيين وإلى رمي السلاح "بما فيها الزناجيل والقامات!"  وكل محمول باليد , إذ لا سلاح باليد, كما يقول المثل المعاصر ! ,

 

ولمّا رأت هذه القيادات خطلان وخسران ما صرفوا  "من جيوبهم الخاصّة" على مثل هذه الإعلانات الموجّهة ببذح منقطع النظير واستقرار هذه الأموال في نهاية المطاف إلى "خزنة" الشرقيّة وغير الشرقيّة  وأصبحت تشتغل هذه الإعلانات بالضدّ من مراميها ! , وبما أنّ الشرقيّة خاصّة , تطمح نحو الأكثر فالأكثر لردم الفجوات المادّيّة التي يعاني منها المتصوّر من المنظّر لها ولما يطمح إليه مؤسّسوها , أخذ واضعوا السيناريوهات الإعلانيّة الحكوميّة يلجؤون إلى أسلوب آخر في توصيل المعلومة المراد منها التلاعب بمشاعر المشاهد وطمس الحقيقة عنه وخدعه , فقد لوحظ أن هذه القناة أخذت تستخدم "الكولاج" في تسويق الخداع على الطريقة الأميركيّة الإعلاميّة المضلّلة , أو في جزء منها على وجه الدقّة , ومن هذا الخداع الذي دأبت على التركيز عليه , ما نراه حاليّاً من طرق الترويج  لرئيس الوزراء المنتهية صلاحيته , وخاصّة بعد أن ضاقت الدائرة السلطويّة عليه  وركن متحصّناً في غرفته الرئاسيّة وقفل على نفسه بالمفتاح ويحاول أن يبلعه , يختلف الإعلان هذه المرّة عن سلسلة إعلانات "لا سلاح في اليد" ولكنّها تؤدّي في النهاية إلى نفس الهدف , فقد لوحظ مثلاً أن طريقة عرض خبر يخصّ السيّد نوري جواد , إذا ما ورد في نشرة أخبار قناة الشرقيّة خاصّةً نجده يأخذ حيّزاً صوريّاً انتقائيّاً غير مألوف وبعناية خاصّة لم نعهدها من قبل لم يحظ بمثلها السيّد نوري حتّى عندما كان رئيساً فعليّاً لحكومة المنطقة الخضراء! إذ بات يرى المشاهد , عند إذاعة كل خبر يتعلّق به , اختيار صورة أرشيفيّة ,  يظهره هذه التسجيل المصوّر بعناية كبيرة وكأنّه زعيم من زعماء الحرب العالميّة الثانية يؤشّر بكلتا يديه ويتوعّد  "القوى العظمى" المنافسة على كرسيّه المنتهي الصلاحيثّة  في "كلوز" منفرد وكأنّه منتصب بشموخ وتحدّي على ناصيّة خلفيّة مسرح شاسع من مسارح البلاط الروماني ! , مع حشر أكبر كمّيّة من المادّة الإعلاميّة التي تساعد أبو إسراء في تسويق مصداقيّة هو قبل غيره يعرف أن لا وجود لها , تلفيقات ووعود كاذبة وسيادة مزعومة وبيع وطن بأكمله تحت أغطية بالية من ديمقراطيّة وفق مقاسات خاصّة لا أساس ولا مكان ولا وجود ولو لذرّة صغيرة من مكوّناتها الحقيقيّة في عقله المغلق على طائفته الحزبويّة , إنّنا هنا لا نريد ولا نضيف ما لا في غير الرجل ولا في غيره إلاً بما هو ملموس من دون إضافات أو تزوير , وتأييداً لما نقول , مع إنّ هذا المقال كتبته عن قناة الشرقيّة قبل ثلاثة أيّام كتبته تفنيداً لخبر السعودية الذي عبّرت فيه عن "أرتياحها" لترشيح المالكي  بعد أن لمست كذب في ادّعاء هذا الخبر فور إذاعته من قبل قناة الشرقيّة  رافق الخبر وهو يذاع  صورة ملوّنة حديثة وكبيرة للملك السعودي عبد الله وهو واقف يؤشّر بيده محيّياً , ممّا زاد لديّ من فرص احتماليّة الكذب  فضحه أكثر وأكّده طريقة التوافق الزمني مع خبر ملك الأردن "على اساس أن المالكي هو من اتصّل به , كنوع من صيغ دهن الخبر لتسهيل عمليّة بلعه!" كما يقول الخبر ! أيّد الملك الأردني ضمناً  فيه ترشيح المالكي !

 

هذا إضافةً لبقيّة التلفيقات من تأييدات لأحزاب  "مهمّة"  أتى تأييدها دفعة واحدة  لهذا الترشيح !! على خلفيّة ترشيح  "الصدريين"  للمالكي الغرض منه كما هو بات واضحاً أكثر بعد أن أزالت الأيّام التالية لمزاعم الترشيح الاهتزازات التي تركها الخبر على الناس , هو  "لهوجة" ترشيح المالكي  على طريقة الضربة الاستباقيّة الإعلاميّة ! وهذا الأخير "تأييد الصدريين"  أيضاً لا يعدو أن يكون تلفيقاً من التلفيقات التي تذكّرنا بما كان يصدر من بيانات  ادّعت أن مكتب السيّد السيستاني هو من أصدرها في حين يتبيّن بعد ذلك أنّ الخبر عار عن الصحّة ! ..

 

ها هي قناة الشرقيّة تكذّب الخبر الذي يخصّ "ارتياح" ملك المملكة السعوديّة للمالكي , هي القناة نفسها أذاعته! .. أو لنكن اكثر صراحة : هي هذه القناة "الشرقيّة" نفسها من أذاعته لقاء اتفاق مالي معلوم  لا يختلف عن  سلسلة اعلانات  مدفوعة الثمن , ليس فقط  لنوري جواد المنتهية صلاحيّته , ولكن للكثير من الإعلانات التي روّجتها هذه القناة وغيرها من فضائيّات العراق علاوةً على فضائيّات عربيّة عديدة , فقد سبق وأن حصل د. أياد علاّوي على الحصّة الكبيرة من تلك الإعلانات , وكذلك غيره من قادة احزاب بعثرت المال العراقي العام لأجل إرضاء المحتلّ تشبّثاً بالسلطة والمنصب على حساب مشاعر ملايين العراقيين من الشرفاء منهم من الذين يجدون أنفسهم اليوم محتلّون مستعبدون أمرهم ومآلهم ليس بأيديهم وإنّما بأيدي محتل أتى من خلف المحيطات والبحار هو من يقرر مصيرهم في نهاية المطاف .. 

 

 





الثلاثاء٢٦ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة