شبكة ذي قار
عـاجـل










تمخص الصراع الطويل على رئاسة الوزراء في العراق عن ولادة أزمة جديدة، بعد فترة حمل هي أطوال فترة حمل النعجة والمعزة ولكنها أقصر من فترة حمل أمرأة سليمة، قد يستاء البعض من هذه المرادفات للحمل، وأنا لا أقصد أن أشبه الإنسان بالأنعام ولكنها أقرب ما يمكن تشبيه عملية صراع كتل الديمقراطية الوافدة للعراق باليورانيوم والموت الإمبريالي لشعب العراق الذي تجندت تلك الكتل في خندق القتلة مع قوى الإحتلال عليه، ليس غريبا أن يصطف جلبي وابراهيم الجعفري مع المالكي، لكن أن ينفرد العامري عن مكونات المجلس الأعلى كان غير متوقعا على الأقل كون المجلس الأعلى وبدر هما نتاج منهج واحد وتاريخ واحد ومرجعية واحدة ولكن هذا لا يشكل بالنسبة لنا كعراقيين مفاجأة، فالذي باع الوطن ورهن سيادته ومقدراته للأجنبي، وتحالف مع الشيطان كي يصل للسلطة لا يستبعد منه أن يتحالف مع ما هو دون ذلك مقابل مصالح تافهة هي مواقع لا في السلطة، وهذا يؤكد بشكل جلي صحة رؤية النظام الوطني لهؤلاء ويوضح للشعب أنه لم يكن نظاما إستبداديا قائما على عداء أو رؤية مزاجية، وقناعات شخصية بل هو رؤيا صائبة مبنية على دراية وتشخيص دقيق لمن أسمتهم أمريكا معارضة، الشيء الوحيد الذي شكل مفاجئة لبعض من كانوا يتوهمون أن التيار الصدري الحالي هو تيار شعبي داخلي تكون إمتدادا لمحبي المرجع الراحل محمد صادق الصدر رحمه الله ورؤيته الفقهية وإجتهاده الذي أعتبره الكثير بأنه تيار مناهض للإستعمار والصهيونية والفقه الإيراني المبتدع، خصوصا في مسألتي الموقف من الصحابة وولاية الفقيه، والذي كان السبب الرئيسي في الخلاف بين نظام إيران والمرجعية في النجف الذي أسفر عن إغتيال السيد محمد صادق الصدر رحمه الله من قبل المخابرات الايرانية وعملاء إيران في عام 1999، وضن الكثيرين بأن التيار الصدري ورغم إختراقه من قبل مليشيا ايران وأتباعها والمخابرات الأمريكية والموساد الصهيوني ممكن أن ينضخ ويتحول فعلا لتيار وطني مقاوم، وكونه تيار عفوي لا ضوابط له قائم على أساس الولاء لآل البيت والرضا بفقه السيد محمد صادق الصدر، الذي مثل تحولا لاحقا الى العمل بموجب مرجعية إيرانية لا تختلف عن الفقه والتشيع الفارسي المتطرف والمغالي وهو فقه المرجعية الشيعية في العراق حاليا، الذي هيمن عليها لفترة طويلة رجال الدين الأعاجم والفرس بالأخص، ومن ذلك ترك صلاة الجماعة صلاة الجماعة والتعامل بين المرجعية والدولة، الذي تصدى له المرجع الشيعي السيد محمد صادق الصدر رحمه الله ورفضه.

 

هذا التيار كان إمتدادا لذاك التيار المسلم من شيعة العراق، وعندما أعلن بعد الإحتلال بأنه رافضا للأحتلال، وبدأ يشكل ما سموه بجيش المهدي، وقام فعلا بعمليات ولو أنها تدل على إفتقار للرؤية القتالية والجهل بحرب التحرير الشعبية والعمل الشعبي المقاوم للغزو الأجنبي والإحتلال، تدل بشكل واضح على عدم نضوج جهادي وغياب القيادة الحكيمة والبحث عن مجد ومواقع شخصية حيث عمل بصيغة القتال الجماعي مما يسهل الى توجيه ضربات قاتلة له من قبل القوات المدرعة والجوية التي يمتلكها الكحتل، وبذلك ثبت أنه منافس غير مختلف لمجموعة الأحزاب الوافدة مع الإحتلال وبخدمته، ومع كل هذا التشخيص الذي يبين حقيقة مليشيا جيش المهدي، فقد ظل الإنسان العادي لا يستطيع إدراكه، فقد التحقت إلتحق بالتيار مجاميع كبيرة من أبناء الشعب الساخطين والرافضين للإحتلال، الذين يعتبروا الإحتلال إستهتارا بالشعب وحقوقه وكرامته، فالتحق له حتى البعض من مؤيدي وأنصار الحزب ومقاتلي العشائر الذين كانوا مع الحزب والجيش والجيش الشعبي وبعض من فدائي صدام وتشكيلات جيش القدس، ونتيجة ذلك التوسع الغير منظم والذي لا ضوابط تنظيمية أو أعراف تربطه وتشخص طبيعة الملتحقين به، فقد تمكنت جهات عدة من إختراقه وتوجيهه بما ينفذ أجندتها، فإيران عملت على إدخال عدد مهم فيه لأجل أن يكون حصانها السابق خصوصا وهي عارفة بأن أبغالها الأخرى لا يمكن أن تكون مقبولة في الوسط العراقي والشيعي بالذات، وإنها ستتمكن من خلال علاقتها بالإحتلال وقدرتها على الجريمة والقتل من إرهاب الشعب في المرحلة الأولى، ولكن ستنكشف حقيقتها وتسقط عاجلا، وأمريكا أرادت من خلال عملائها الذين إخترقت بهم التيار تقوية منهجها وإستراتيجها القائم أصلا على تمزيق وحدة الشعب العراقي بالفتنة الطائفية، ففي الوقت الذي كانت قواتها تسهل عمل متطرفي القاعدة من السنة سواءا داخل العراق أو الداخلين من العرب والمسلمين، فكانت تغذي المرتبطين بها بتصعيد الشعور الطائفي، ولذلك ضربت أمريكا بشدة بوادر التعاون بين المقاومة في مناطق الجنوب والفرات ممثلة بجيش المهدي والمجاهدين الفعليين الذين أعتبروه وعاءا وغطاءا ولو مرحليا، ليستفيدوا منه، وبين المقاومة في وسط العراق وشماله، الذين إتخذوا أيضا تنظيم القاعدة والتنظيمات الإسلامية المتحالفة معه بنفس رؤية مجاهدي الجنوب والفرات، حتى أنها تركت كل مناهجها الأخرى، لأنها وجدت فيه أقصر الطرق لتأمين نفسها وجنودها ومرتزقتها، حتى وصل الأمر أن هناك تياران متطرفان يقتلان العراقيين على الهوية، وبإسم الدين هما القاعدة والتيار الصدري، فانسحب الكثير من الناس عندما تحول التياران لخدمة الأجندة الأمريكية الصهيونية، وكانت فرصة أمريكا ومرتزقتها من الأحزاب العراقية، وبمشورة باحثي وراسمي إستراتيجية الحرب كان ولادة ماسمي بالصحوات في وسط وشمال العراق وتمدد تيار المالكي الذي سماه إئتلاف دولة القانون بالجنوب وتشكيله مليشيا كبيرة بإسم مجالس الإسناد، الذي فشل فإعتمد سياسة الإغواء والإغراء المادي وشكل قوات من قيادات حزب الدعوة ومتطوعين متطرفين وطائفين، زاد في غلوهم الطائفي توجيهات قياداتهم كما هو واضح في تشكيلات الشرطة والحرس الوطني الحالي، وأيضا كان للشخوص البارزة والمتنفذة سلطويا وماليا دور في إختراق التيار الصدري وإستخدامه لتنفيذ غاياتهم ومنها تقسيم العراق كجلبي وكريم شاهبوري (موفق الربيعي) وزير الأمن القومي! وباقر صولاغ وزير الداخلية! وفيلق بدر والمالكي بأسماء ومسميات عديدة، والموضوع معروف في أعوام 2005و2006و2007، وكيف وظف التيار الصدري كقوة طائفية بأسم أحزاب الخيانة في القضية الطائفية وهو لا يبرء منها بلا إختراقات، ولكن جيرت كل تلك الهجمة الفارسية العنصرية الثأرية على شعب العراق وبنيته بإسمهم، وبتلك المجزرة الجريمة التي بدأت جذورها منذ 2004 قدموا خدمة لا تقدر بثمن بالنسبة للأمريكان وكل أطراف الأحتلال الرئيسية الخفية (الكيان الصهيوني) والغير رسمية إيران والكويت، عبر إستهداف القوى الرافضة للإحتلال وفي مقدمتهم البعثيين ومنتسبي جيش العراق الحقيقي.

 

كان الناس في العراق يأملوا أن يكون عامل الزمن كفيلا بنضج التيار الصدري وطنيا وجهاديا، رغم ما ارتكبه من جرائم جراء الحقد والثأر الوهمي والجهل الذي هو احد ابرز اسباب إرتكاب الجريمة والحماقات، التي تتنافى جميعها مع التشريع القرآني والقيم والأعراف العربية، فأثبتوا خصوصا بموقفهم الأخير في التبايع مع المالكي أنهم مجرد مليشيا لا برنامج ولا غاية لهم إلا المنافع الشخصية، وتعبير بعض قياداته الفاعلة عن حب الظهور والبحث عن الجاه الشخصي والمنافع، فخرجوا من طائلة الأيمان والوطنية معا، وإلا ما ذا يفسروا موقفهم الخائب والخياني في نفس الوقت بإلتحاقهم بالعملية السياسية أولا ودعم خادم الإحتلال بكل أطرافه ثانيا، وإلتحاقهم بخدمة المحتل الذي باتوا طرفا داعما له من حيث لا يعلنوا، أي ينطبق عليهم المثل الشعبي (إدري وساكت).

 

إن تشبث المالكي بالسلطة وإستمراره بموقع رئيس الوزراء لا يخفي الهدف منه، وهو إستخدام السلطة وإغراءاتها وموارد البلد وتراكمها في الفساد والإفساد، وهذا لا يعبر عن قوة المالكي وحزبة الذي باتت سمعتهما في الحضيض شعبيا ودوليا ولكنه يعكس أمرين أن القوات المسلحة تدين بالولاء للسلطة وإن كل كيانات العملية السياسية وأحزابها مجرد هياكل كارتونية وهمية غير قادرة على فرض ما يعتبروه دستور، وإن نوري المالكي لا يتشبث بالسلطة خلافا للدستور الذي وضعوه هم وسيدهم الاحتلال فقط، بل يعتمدها ويستغلها وكأنها شيء مطلق له ولحزبه يستخدمها لشراء ذمم الأخرين عبر منحهم الوعود بمواقع حكومية كوزارات سيادية ومواقع حكومية وتبرئة محكومين وإطلاق سراح سجناء متهمين بجرائم خطيرة منها القتل والسطو وكأنه الحاكم المطلق للبلد الذي بيده كل شيء فما هو مبرر البرلمان ومجلس الرئاسة ومجلس الوزراء بل العملية السياسية كلها إن كا البلد وسلطاته وتوزيع السلطات وتبرئة المحكومين بيد المالكي؟ وهذا يؤكد إن الشعب مغيب ولا شأن له بالسلطة، ويثبت باللمطلق أن الديمقراطية كذبة لا أساس لها، وإن الحكومات التي سماها الإحتلال طيلة السبع سنوات ونصف الماضية ما هي إلا مجاميع قمع لا رابط بينها وبين العراق شعبا وأرضا.

 

إن ما كتبناه عن الصدريين ينطبق تماما على كتلة الوفاق التي تمني نفسها برئاسة البرلمان في حال مقاطعة كتلة العراقية فعلا العملية السياسية وإنسحابها منها، وهذا هو مبرر إعلانها السريع مباركتها للترشيح المالكي فتبا لكل خوان أثيم، والمؤشرات كثيرة منها للمثال لا الحصر:

 

1.     يرفعوا شعار الموت لأمريكا وإسرائيل والعملية السياسية لخدمة أمريكا وإسرائيل، وشخوصها جميعا يعلنون أم لا يعلنون فهم في خدمتهما.

 

2.  أتحدى أحدا سمع من أطراف العملية السياسية وكياناتها جميعا، أنها تعادي أو ترفض الكيان الصهيوني، أو أن أي منها أدان جرائمه العنصرية المعادية للإنسانية منذ إحتلال العراق، بل المعلن أن عدد كبيرا منهم زاروا الكيان الصهيوني، وأن الوجود الصهيوني والموساد صار شبه رسمي وعلني في العراق، بل هو رسمي وعلني في إقليم! كوردستان، والتسريبات الإعلامية غير الوهمية تقول أن إنحياز أمريكا لكتلة المالكي لتعهده بالإعتراف بالكيان الصهيوني وإخراج العراق من دائرة الصراع معه.

 

3.     إن المالكي ومليشياته الذين لم يترددوا عن بيع العراق عبر كثير من الممارسات والأفعال أكثرها وضوحا إتفاقية الإذعان مع أمريكا وعقود النفط ، هل يصلح لتيار يدعي أنه وطني التحالف معه تحت أي ذريعة وحتى أية ضغوط ؟

 

4.     إعلانهم معارضة الدستور ومطالبتهم بتعديل فقراته.

 

5.  إعلانهم أنهم يعارضوا إستحواز الحزبيين العميليين برئاسة برزاني وطلباني، ويعتبروا أي الصدريين أنفسهم من قوى الرفض للمشروع الصهيو- طلباني برزاني في الهيمنة على كركوك ومناطق أخرى، وواحد من مراهنة المالكي على ترشيحه للسلطة مرة أخرى هو إيتعداده للموافقة على كل إملاءات الحزبيين العميلين وما أصراره على التعداد العام في هذا  الوقت بالذات إلا دليلا وتطمينا ونزولا عند شروط العميليين طلباني وبرزاني.

 

6.  يعلنون يوميا أنهم من المحاربين للفساد المالي والإداري فكيف يحالفوا رأس الفاسدين ونوذجهم وراية الفساد المالي والإداري ومعلمهما بعد الشيطان نوري المالكي.

 

أكتب هذا لا دفاعا عن المسخرة السياسية الجارية في العراق، لأني ارفضها أصلا جملة وتفصيلا، لدرايتي هدفها وغاية أمريكا منها، ولكن لتنوير المضللين من أبناء العراق ومن أوهمه وأزله شياطين الإنس، فقد أمرنا الله سبحانه بالتذكير، بقوله تعالى ( إن هذه تذكرة فمن شاء اتّخذ الى ربه سبيلا، وما يشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ) الإنسان الآييتين 29و30، الحمد لله الذي كشف الدجالين والمنافقين وأيد المؤمنين ببرهانه.

 

 عاش العراق وعاش الشعب الأصيل.

عاشت المقاومة البطلة ممثلة الشعب وذراعه الطويل.

تبا وسحقا لكل خائن وعميل.

 

 





الاربعاء٢٧ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة