شبكة ذي قار
عـاجـل










اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرحم الفقيد الكبير محسن خليل وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجمعه مع شهيد العراق الاول ونجليه وحفيده، وكل شهداء العراق الأبرار، والكبير سعدون حمادي، وكل من سبقنا من رجالات العراق والشهداء الكرام تحت لواء سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام .. 

 

لم يحصل لي شرف اللقاء مع المرحوم الكبير محسن خليل، ولكن، كم كان سروري عظيما حين تلقيت رسالة من جنابه الكريم يوما ما، يعلق فيها على بعض المقالات، وكم تشرفت أن كبيرا مثله يقرأ المقالات ويتابعه ..  كما أتشرف بكل كبير من كبار العراق اللأشراف الكرام الذين يقرأون المقالات، سواء المدنيين، أو العسكريين الأبطال ..  أو بعض المجاهدين المرابطين في عرين الشرف، ولا أنسى هنا القول أنني أتشرف بالتواصل مع الكثير من رجالات العراق الافاضل الكرام الكبار عبر الرسائل البريدية ..

 

رحمة الله على الفقيد محسن خليل، وعزاؤنا أن العراق شعب ولود، يزخر بالكبار ويفتخر بهم ..  وإنا لله وإنا إليه راجعون ..

 

نواصل مع الكتاب  ..

 

ثم يصل الدكتور موسى الى نقاط مهمة جدا في كتابه – على أنه وللأمانة – يعتبر الكتاب من أوله إلى آخره مهم وجدير بالقراءة والاحتفاظ به للتاريخ ..  ولكي يكون شاهدا للأجيال القادمة، لاسيما وأننا نرى الآن تراجعا عربيا مهما من ناحية تأييد هذه الدولة المجوسية، عدا عن صحوة عربية شاملة تجاه المذهب الصفوي الكسروي الذي أساء إلى أهل البيت وخدع الناس بإسم الإسلام ..

 

إختار الدكتور موسى عناوين لفصله هذ ..  جاءت على الشكل التالي:

 

حرب الاحقاد

قطع الجسور.

تهديد الجيران.

التعاون مع اعداء الامس.

الخطأ في التقييم.

سياسة التفريق.

الخميني يهدد بقطع يد بازركان.

إبن الخميني يقول : ذاكرة ابي لا شيء، انا السيد والسيد انا.

وعلى ايران السلام.

 

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (سورة الحج)

 

حرب الأحقاد ..

الحروب التي شهدها العالم لايتجاوز كونها حروبا قومية او اقتصادية او دينية، ولاول مرة يشهد العالم نشوب حرب بين شقيقين مسلمين لاتحمل بين طياتها هذه العناصر الثلاثة منفردة او مجتمعة ..  فماذا نسمي الحرب الايرانية العراقية؟ هذه الحرب العجيبة الغريبة التي ادهشت العالم، ولن ينساها التاريخ!! فلنسمها اذن بحقيقتها وواقعها، انها (حرب الاحقاد) ..

 

لماذا وكيف نشبت الحرب الايرانية العراقية، وماهي اسبابها وماهي خفاياها؟ قد اكون انا خير من يستطيع الجواب على هذا السؤال لأنني عاصرت ظروفها في العراق وايران معا، وتحدثت مع زعماء البلدين قبل نشوب الكارثة واطلعت على أمور لم يطلع عليها احد من قبل ولامن بعد ..

 

لقد وصل الخميني إلى الحكم بصورة فجائية لم يتوقعها احد حتى هو نفسه لم يتوقعها ولم يفكر فيها، فلذلك لم يكن بعيدا على مثله ان يفكر في تصدير الثورة الايرانية التي كان يسميها (زورا وبهتانا وعدوانا) بالاسلامية إلى خارج حدود ايران، فاذا ما نجحت الثورة في ايران بالصورة التي لم يتوقعها هو ولا غيره فلماذا لم تنجح في دول عربية مجاورة كانت حسب زعمه وتقديره مزرعة مستعدة لنمو افكاره؟؟ (خسيء وخاب أن يعيره العراقيون أي اهتمام) لا سيما انها لابد وان تأثرت بثورة كانت نتائجها سقوط اقوى نظام مجاور في المنطقة بين عشية وضحاها؟؟ فكما لعبت الصدفة والمفاجأة دورا في نجاح الثورة الايرانية، فقد تتكرر الصدفة والمفاجأة في بلاد مجاورة اعجبت شعوبها بايران الثورة في ايامها الاولى!!! (أو بالاحرى غررت) .. 

 

قطع الجسور ..

 

ولعب الحقد الدفين لدى الخميني لعبته، فاختار العراق ليكون اول محطة من محطات تصدير الثورة اليها، ولكنه في نفس الوقت لم يسقط الدول المجاورة الاخرى من حساباته، فشنت اجهزة اعلامه هجوما عنيفا على دول الخليج والدول العربية تهددهم بالويل والثبور وتنذر حكامها بمصير الشاه واعوانه!! وهكذا قطع الخميني الجسور بينه وبين جيرانه منذ ان وصل إلى الحكم تاركا وراء ظهره معطيات العقل السليم وحسن الجوار ومصلحة ايران واخلاق الاسلام ودستور القرآن الكريم الذى يقول (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ولكي نضع النقاط على الحروف نعدد هنا الخطط الخمينية لضرب الحكم القائم في العراق لنكون على بينة من الاسباب التي ادت إلى حرب الاحقاد.

 

تهديد الجيران ..

 

منذ اليوم الاول لاستلام الخميني للسلطة نصب عميلا للمخابرات السورية وهو صادق قطب زادة رئيسا لاعلام الجمهورية الفتية، وقطب زادة هذا كان من اقرب المقربين إلى قلب الخميني،  ولم ينفع نصح الناصحون بابعاده من هذا المنصب الخطير في الجمهورية الفتية، حتى ان الشيخ صادق الخلخالي المعروف (بجلاد الثورة) قال لي انه اخبر الخميني بنفسه ان شقة قطب زادة في باريس مليئة بالخمور وانواع المسكرات وكل انواع اللهو والفجور!!!

 

وان شخصا كهذا لا يحق له ان يكون في مثل منصبه، الا ان الخميني لم يعر اذا صاغية لكلامه، وبفضل قطب زادة هذا فان كثيرا من مناوئي الحكومة العراقية الذين وصلوا إلى ايران لتوهم بعد الثورة احتلوا اماكن حساسة في الاذاعة العربية بطهران والاهواز!! وبدأوا بالهجوم الاذاعي على الحكومة العراقية بين الحين والآخر ..  ومازاد الطين بللا، عندما ارسل الرئيس العراقي احمد البكر برقية تهنئة إلى الخميني بمناسبة اقرار الشعب الايراني لنظام الجمهورية في استفتاء عام، فجاء رد الخميني مخيبا للآمال، وضاربا عرض الحائط أصول الاخلاق بين رؤساء الدول (هذا إذا كان لدى ذلك الدجال أخلاق وأدب) ..  واغرب من كل هذا، ان الخميني نفسه الذي كان يبرق للرئيس البكر في العراق برقيات مهذبة يبدأها بالتحية ويختمها بالدعاء له ولدولته، قد نسي ما خطه بيمينه في تلك الايام، وقد تضمنت برقيته هذه المرة وعيدا وتهديدا وكلاما جارحا وخطابا غليظا لكل زعماء العرب والاسلام، الذين يسلكون طريقا يناقض الطريقة التي يسلكها هو وحكومته في ايران ثم ختمها بقوله والسلام على من اتبع الهدى ..  (لأنه شخص حقير بن زن ..  نبت من نطفة المتعة وفراش العهر، تصرف بهذا الشكل مع حكومة عريقة رجالها ذوو ماضي عريق ونبتوا من أرحام شريفة طاهرة ..  كرام أبناء كرام .. ) ..  اقرأوا هذا الكلام ..  اقرأوا ما من تهيمون بالخميني وجعلتم منه إمام العصر والجماعة ..  اقرأ يا مفتي سوري ..  يا من أوصلت الخميني إلى السماء وكدت تنزله منزلة الصالحين ..

 

كان موقف العراق إلى ذلك التاريخ موقف جار يريد ان يعطي الفرصة لجاره المخدوع كي يفيق من اوهامه وخيلائه لعله يسلك النهج الصحيح في تقييم الامور ومعالجته له ..  ومن هنا كانت سياسة العراق الصبر والتريث والمعاملة بالحسنى حتى تنجلى الغبرة ليقيم هو بدوره مستقبل العلاقات مع ايران ..  وهنا اسجل للتاريخ ما سمعته بنفسي من الرئيس (الشهيد الإمام) صدام حسين قبل سفري إلى ايران، كما اسجل هنا ما سمعته من الخميني بعد ذلك اللقاء ليعلم الناس كافة مدى الاختلاف الهائل في تفكير الزعيمين ومعالجتهما لأخطر القضايا المتعلقة ببلديهما.

 

قال الرئيس صدام حسين:

 

ان حكومة ايران الفتية وصلت إلى الحكم وهي تجابه مشاكل داخلية عظيمة خلفها النظام السابق والمشاكل التي تحدث بعد كل ثورة بالطبع، كان من الواجب عليها ان تبدأ ببناء نفسها ومعالجة مشاكلها الداخلية، وتستفيد من كل الامكانيات المتاحة لها، سواء كانت داخلية او خارجية، وان مصلحة هذا النظام هو الاستفادة القصوى من العراق الجار، الذي ابدى استعداد كاملا لدعم النظام الجديد ..  وكذلك من كل الجيران الذين ابدوا التعاطف مع النظام الجديد، وهم على استعداد لمساعدته، اما خلق المشكلات واضافة بعضها إلى البعض فانها تنهك قوى هذه الدولة وتجرها إلى مشاكل داخلية عظيمة لاتستطيع الصمود بوجهها، وهنا قال الرئيس العراقي كلمة لن انساها وقد نقلتها بنفسي إلى الخميني، وهي ان النظام الحاكم في ايران حتى في صورة عدائه للعراق لم يكن من مصلحته ان يتجاهر به ويعلنه، وكان عليه ان يتريث حتى يصلب عوده ويشتد عضده، وحينئذ كان يستطيع التجاهر بكل ما يريد ..  اما وهو الآن على حافة الانهيار ويريد ان ينال من هذا الجار وذاك فانه انتحار لا للمجموعة الحاكمة بل للشعب والامة باسره ..  وقال الرئيس صدام حسين أيضا: انه مع كل ما ظهرت من النوايا غير الطيبة والعدائية من النظام الجديد فانه مستعد لفتح صفحة جديدة في العلاقات وانه مستعد لدعم ايران الثورة اذا تركت التدخل في شئون الآخرين ..  وطلب مني ابلاغ تحياته إلى المهندس بازركان، رئيس الوزراء مع التمنيات له بالتوفيق ..  

 

اذن لم يكن هناك خلاف اطلاقا من جانب العراق، كلما في الامر هو ان يلتزم النظام الجمهوري الجديد بحدوده ويترك جيرانه بسلام ويهتم بشئونه الداخلية .. 

 

وبعدما سمعت من الرئيس صدام حسين طرت إلى طهران وانا متفائل جدا بمستقبل العلاقات بين البلدين، ولدى هبوط طائرتي في مطار مهرآباد الدولي كانت سيارة السيد بني صدر وحرسه الخاص على مقربة من سلم الطائرة في انتظاري، وقيل لي انه ينتظر مني مخابرة في أي ساعة اصل إلى طهران، وكانت الساعة تشير إلى الواحدة صباحا، فاتصلت به من الهاتف الموجود في سيارته، وقال لي انه عائد لتوه من مجلس قيادة الثورة وكان يود ان يكون في استقبالي في المطار لولا الجلسة الطارئة للمجلس التي كان يتحتم عليه حضورها، وقال انه سيكون في داري في الساعة السادسة صباح ..  وهكذا بعد سويعات من وصولي إلى طهران كان الرئيس بني صدر في داري وهو متلهف ليسمع رأي الرئيس العراقي في العلاقات بين البلدين، وكان السيد بني صدر يرى انه من اهم المشاكل السياسية لايران هي العلاقات مع العراق، لأن العراق يستطيع ان يلعب دورا هاما وحساسا في استقرار الوضع السياسي في ايران ولاسيما في منطقة الجنوب التي كانت تغلي!!!! والارهاب المتبع من قبل الادميرال مدني لم يكن يغنى من الحق شيئ .. 

 

وأن العراق اذا وقف مع ايران فسوف يمكن ايجاد حل مناسب يرضي الله والضمير لمشكلة العرب المتواجدين في الجنوب!!! اما اذا ما استفز العراق من قبل النظام الايراني في حدوده ومصالحه واراضيه فلا بد وان العراق سيتخذ سياسة اخرى تكون مدمرة لحل مشكلة الجنوب، وقال لي السيد بني صدر انه لا يعلق امالا كبيرة على لقائي بالخميني، واضاف بلهجة حزينة: ان الخميني تغير كثيرا وسترى رجلا اخر يختلف تماما عن الرجل الذي عهدناه في النجف وباريس، وانه عاد رجلا لجوجا ركب رأسه واصبح احمق من الحماقة نفسها!!

 

وذهبت إلى قم، والتقيت بالخميني في جلسة مغلقة طالت زهاء ساعة، وخرجت من عنده وانا حزين القلب، اندب حظ الامة الايرانية المسكينة التي اعطت قيادتها لهذا العجوز!!

 

لقد كانت هذه هي اول مرة التقي بالخميني بعد ان استولى على سدة الحكم، فرأيته كما قال بني صدر، شخصية تتناقض تماما مع الخميني الذي تعودنا عليه زهاء خمسة وعشرين عاما، سواء عندما كان في قم او في النجف، ولمست فيه نفسا شريرة، وروحا انتقامية، وغرورا شيطانيا، وابتسامة ساخرة بكل المثل والاخلاق، لم ار في هذه المرة ذلك الناسك الزاهد، الذي كان يتحدث دائما باسم الدين والاخلاق ومصلحة المسلمين، بل رأيت عجوزا غلبه هواه وسخره شيطانه وتجلى حقده، وها هو يبتهج من اراقة الدماء ودمار البلاد واذلال العباد، وسأقص في آخر هذا الفصل تفاصيل هذا اللقاء المثير والمخيب للآمال ليسجل في التاريخ للاجيال الحاضرة والقادمة على السواء ..

 

التعاون مع اعداء الأمس ..

 

وفي الايام نفسها التي كانت فيها العلاقات الايرانية العراقية تسير من سيء إلى اسوأ استقبل الخميني ابنا مصطفى البرزاني، ودعا لهما بالتوفيق، وامر بتزويد البرزاني بالاسلحة والعتاد لضرب العراق وايجاد القلاقل في شماله، وهنا تظهر احدى المفارقات للجمهورية التي كان يرأسها الخميني، كيف أنه اجاز لنفسه ان يستقبل عميلين مكشوفين للمخابرات المركزية الامريكية، وعميلين للشاه الايراني في الوقت نفسه، وهو الذي عاصر المجازر التي ارتكبت في شمال العراق على يد هؤلاء بأسلحة امريكية ايرانية ..  وعاصر اقتتال الاخوة في شمال العراق بمساندة الشاه، الذي كان الخميني احد ضحايا تعسفه واستبداده، وها هو اليوم يصافح يدا طالما صافحت الشاه واخذت منه المال والسلاح لقتل المسلمين ..  ثم هو لا يقتنع بالمصافحة وحسب، بل يسلك الطريق نفسه الذي سلكه الشاه، فيمد العصابة هذه بالسلاح والمال ويأمرهم ان يسلكوا الطريق الذي امرهم الشاه ان يسلكوه ..  

 

الخطأ في التقييم ..

 

ان هذا من اغرب التناقضات التي يسجلها تاريخ الثورة الايرانية عن المنحنى الفكري لمرشد الثورة، والذي بدأ يتجلى في تناقضه مع روح الاسلام ومصلحة المسلمين ..  وقد زاد الطين بله تنصيب الدكتور مصطفى جمران المسؤول عن منظمة امل اللبنانية (الإرهابية المعروفة التي حاصرت الفلسطينيين فيما بعد في مخيمي صبرا وشاتيلا ونفذت المجازر المروعة بحق الفلسطينيين في لبنان، كما فعلت ميليشات جيش المخزي بالفلسطينيين في العراق بعد الاحتلال) المعروفة بعدائها للعراق وزيرا للدفاع، لكي ينسق مع المنشقين العراقيين (وخاصة من ذوي الاصول الفارسية الذين يدعون أنهم عراقيون) لضرب العراق والسفارات العراقية في الخارج، ومن اغرب المفارقات ايضا ان حسين الخميني، حفيد الخميني، ذكر لي انه حمل إلى جده وثائق زودته بها منظمة فتح تثبت ان جمران عميل للمخابرات المركزية الامريكية، كما انه ابلغ جده موقف جمران من القضية الفلسطينية، وكيف ان يداه ملطختان بدماء الفلسطينيين عندما كان مسؤولا عن منظمة امل في لبنان، الا ان جده لم يعر آذانا صاغية لهذه التقارير، بل ازداد في تعلقه بجمران وثبته في مركزه كوزير للدفاع.!!

 

ومع ان حسين الخميني صفع جمران في مطار طهران وامام الجموع المحتشدة عسى ان تؤدي هذه الاهانة الكبيرة لاستقالته من الحكومة، الا ان جمران تمسك بمنصبه ولم تهزه صفعة الخميني الصغير املا بعطف الخميني الكبير، ولم يقتنع الخميني بمساعدة البرزانيين فحسب، بل مد يده إلى جلال الطالباني وامده بالمال والسلاح ليقوم هذا الشخص بدوره ايضا بايجاد القلاقل في العراق!! ..  ولقد اتصلت بي شخصية سياسية عربية كبيرة في حينه واخبرتني انه حسب المعلومات المتوفرة لدى حكومته فان جلال الطالباني يقوم بدور خطير للروس في المنطقة حسب الاتفاق مع سوريا، وان امداد الطالباني بالسلاح والعتاد انما هو في حقيقته امداد للشيوعيين المتواجدين في ايران، وان الجمهورية الايرانية في حقيقة الامر تساهم في تسليح الشيوعيين الايرانيين الذين سيضربون الجمهورية عندما تحين لهم الفرصة، وان هذه الاسلحة ستستخدم لضرب ايران في المستقبل لا لضرب العراق كما يرغب الخميني، وطلبت الشخصية السياسية العربية مني ابلاغ السيد بني صدر بهذا الامر، فابلغته على عجل وبلغ بني صدر الخميني، ولكن الاخير لم يعتبر بكل ما قيل له في هذا المجال حسب عادته المألوفة ..

 

أقول، أخبرني صديق لي، كان والده يعمل في أحد الأجهزة الأمنية السورية على أيام حافظ الأسد، أن الطالباني حين كان يزور دمشق ويستقبله الاسد، كان ينتقل منها إلى قبرص، ومنها إلى تل أبيب، وكانت الحكومة السورية تعلم هذا الأمر!!

 

ودخلت الازمة الايرانية العراقية إلى مراحل خطيرة عندما قال الخميني في خطاب اذاعي تلفزي انه سيحتل بغداد في غضون (4) ساعات (خسيء وخاب واندحر وفطس إلى جهنم وبئس المصير) .. ، واعلن بني صدر في خطاب اذاعي آخر انه لايستطيع وقف زحف الجيش الايراني على العراق واحتلال العاصمة العراقية اذا ما اراد الجيش الايراني ذلك .. ، ونزولا عند رغبة الخميني ركزت اجهزة الاعلام الخمينية هجومها ضد العراق من الصباح حتى المساء، وتحركت فرق من الجيش الايراني إلى الحدود، واستقرت مجموعة كبيرة من حرس الثورة في الحدود الايرانية ..  وبدأ القصف المدفعي للاراضي والقرى العراقية آناء الليل واطراف النهار .. 

 

سياسة التفريق ..

 

ولما لم تنفع كل الخطوات الخمينية لضرب العراق، ارتكب خطأ آخر كان بحد ذاته مميتا للخمينية في المنطقة ومدعاة للسخرية والاستهزاء في الوقت نفسه، حيث كشف نواياه ونوايا خلفائه وحكومته لقد اراد الخميني ان يستغل الطائفية في العراق، ويتخذ من شيعة العراق، بصفته زعيم ايران الشيعي (حسب فهمه المريض) أداة لضرب الحكم القائم، وبدأ يوجه نداءات إلى شيعة العراق يطلب منهم القيام ضد الحكومة والصعود على اسطح البيوت للتكبير والتهليل!! الامر الذي حدث في ايران في ظروف خاصة، ومع ان شعب العراق بطائفتيه استهزأ بهذه النداءات الصبيانية الطائشة واستنكرها واتخذ من الخميني اضحوكة في مجالسه ونواديه، الا ان الاخير لم يعتبر بكل هذه الاهانات، بل كررت أبواقه نداءاته بين الفينة والأخرى .. 

 

كذلك كانت النداءات تطلب من الجنود العراقيين العصيان في الثكنات، ومن الشعب الصياح فوق السطوح!! واغرب ما في هذه الفكرة الحمقاء المضحكة هو ان صاحبها عاش في العراق 15 عاما وعاصر عن كثب "الحكيم" الذي كان المرجع الديني الكبير للشيعة في العراق واراد استغلال الطائفية لضرب الدولة الحاضرة في ابان قيامها ورأى بأم عينه كيف ان الشيعة خذلت الحكيم ووقفت ضده معبرة عن شعورها واستيائها العميق نحو زعيمها الذي اراد ان يستغلهم في صراع بينه وبين الدولة لاقبل لشيعة العراق فيه .. 

 

وأثر هذا الصراع، اهين الحكيم في عقر داره، ورمى النجفيون (العراقيون الأصلاء) بالحجارة الطلبة الافغان (التافهين) الذين خرجوا متظاهرين في شوارع النجف تأييدا للحكيم، وضربوهم بالعصي واهانوهم شر اهانة!!! (لم يبق إلا بضعة أفغان تافهين متخلفين يريدون التظاهر ضد الدولة ..  على أية حال، لأن اصل ذلك الحقير الزنيم بن الزنيم أفغاني وليس عراقي، استغل قومه لأجل التظاهر والقيام بأعمال منافية للأمن والاستقرار .. )

 

والخميني آنذاك كان في النجف يرى عن كثب كل ما الحق بالحكيم من اهانة وذل وهزيمة منكرة، حتى هو بنفسه لم يقف بجانب الحكيم في تلك المحنة، بل وقف مع الدولة (لاحظوا المنافق)، التي كان آنذاك يدعوا لها بالعمر المديد!! (لانريد لمجوسي أن يدعو للعراق، لأنه كافر والكافر ليس له دعوة) ..  انها الدولة التي هو اليوم في حرب معها، ثم ان الخميني اذا كان قد قرأ تاريخ العراق المعاصر، وكانت له قدرة الاستنتاج من الحوادث التاريخية لكان قد ستنتج بوضوح ان شيعة العراق لم يسمحوا لاحد مهما كان شأنه وقدره ان يستغلهم في مآربه السياسية، وان ابغض الأشياء لديهم هو المتاجرة بانتمائهم الطائفي. (لكن أنى لواحد حقير مجوسي ذو اصول هندية سيخية أن يقرأ تاريخ العراق؟؟ لقد قرأ تعاليم براهما وسنغ ..  أساتذته السيخ الذين تتلمذ على يديهم في معبد أمرستار السيخي في الهند) ..

 

ان التاريخ يحدثنا ان الشيعة والسنة اشتركوا في ثورة الاستقلال عام 1920 ودحروا الانكليز وقواه المدججة ب 400 الف جندي مسلح، وعندما اراد الشعب العراقي اختيار الملك ذهب زعماء الشيعة والسنة معا إلى الحجاز لدعوة ملك سني هو الفيصل بن الحسين ليتربع على عرش العراق، وكان الوفد العراقي مؤلفا من زعماء الشعية والسنة مع ..  

 

كان من الشيعة الشيخ محمد رضا الشبيبي والسيد محسن ابو طبيخ والحاج محمد جعفر ابو التمن، وكان من السنة السيد النقيب ..  ولم يحدث أي نقاش بين الطائفتين لانتخاب الملك على اساس الطائفية او احقية احدى الطائفتين بان يكون الملك منها، بل ذهب وفد الطائفتين إلى الحجاز بقلب واحد وعقل واحد وروح واحدة ..  أي بالاخوة الاسلامية التي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لترسيخها في كل ضمير وعقل ..  وبعد ثورة الاستقلال يعيد التاريخ نفسه لتجتمع الشيعة والسنة لمحاربة الانكليز مرة اخرى وذلك في عام 1941 حيث افتى المرجع الاكبر للشيعة، وهو جدنا السيد ابو الحسن، وسائر المراجع مثل الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء والسيد عبدالحسين الحجة، ومشايخ السنة الكبار، مثل الشيخ نجم الدين الواعظ، والشيخ امجد الزهاوي. وتكاتفت الشيعة والسنة لمحاربة العدو المشترك ..

 

وفي سنة 1949 اجتمعت الشيعة والسنة مرة اخرى لضرب معاهدة بورتسموث والاطاحة برئيس وزراء شيعي هو صالح جبر، ولم يحدث أي نقاش بين الطائفتين حول اسقاط رئيس الوزراء، الذي كان ينتمي إلى الشيعة، بل اتفقتا لاسقاطه عندما رأت انه يتعامل مع الاستعمار الانكليزي، وبالفعل سقطت دولة الجبر بين عشية وضحاها، وكانت التظاهرات الصاخبة محورها النجف وكربلاء اكثر من أي مدينة اخرى ..  ومرة اخرى اتفقت الطائفتان لضرب عبدالكريم قاسم، ونجحتا في نضالهما المشترك ودحر القاسم وزال نظامه، ولم يحدث حتى الآن ان اتخذت احدى الطائفتين الرئيسيتين في العراق الطائفية وسيلة لاغراض العداء السياسي بينهما او مع الحكومة.

 

نعم اذا كان هناك خطر حقيقي يهدد العراق فان الشيعة والسنة يواجهون الخطر مشتركين ويناضلان مشتركين، واذا كانت هناك حكومة غير وطنية فانهما سيواجهونها بنفس الروحية ايضا، كما حدث في حرب الاستقلال وثورة رشيد عالي الكيلاني، او حكومة صالح جبر وعبدالكريم قاسم، اذن، فان كلا من شيعة العراق وسنة العراق عراقيون قبل انتمائهما المذهبي.

 

أقول ..

 

ثم يأتينا من جاء تحت بسطار المحتل الصهيوصفوي مغولي (وليس على ظهور الدبابات) من يريد أن يفرق بين أبناء الشعب العراقي الواحد، ويقول هذا سني وهذا شيعي وهذا تركماني وهذا عربي وهذا آشوري وهذا كذ ..  وهذا كذ .. !! دنس العراق ونجسه ولوثه من يقول للسني أنتا سني، ويقول للشيعي أنتا شيعي ..  ويقول للكردي أنتم أكراد .. ثم يدعي وبكل حقارة ونجاسة وحقد صفوي كسروي خميني أنه آن الأوان للشيعي أن يحكم السني ؟؟ رغم أن العالم أجمع يدري قبل أي عراقي أن كل الحكومات التي تعاقبت على العراق منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى عهد الشهيد صدام رحمة الله عليه لم تكن حكومات طائفية ابدا، ولم تعرف الطائفية بين افراده ..  وما عرف العراقيون هذه التسميات البغيضة إلا بعد الاحتلال الصهيوصفوي مغولي ..  كانت هناك حكومات عراقية فقط ..  تجمع بين أطيافها كل أبناء الشعب العراقي بصرف النظر عن الانتماءات العرقية أو المذهبية ..

 

ورغم أننا لا نعير اهتماما لما تقوله الصحف والشخصيات الامريكية والغربية، إلا أنهم اعترفوا أكثر من مرة أن حكومة الشهيد لم تكن حكومة طائفية، ولعل قائمة الشرف والكرم التي تجمع الخمسة والخمسين بطلا من أبطالنا لهي خير شاهد على هذ ..

 

وتاريخ العراق الملكي الذي ليس ببعيد يقول أن الملك فيصل الله يرحمه كان مسلما سنيا وكان نوري السعيد رحمة الله عليه من المذهب الشيعي وهكذ ..  ولا أريد تكرار أسماء وطوائف!!! لأن كل عراقي يعلم هذا الكلام البديهي ..

 

ومع الاسف الشديد ..  مع الاسف الشديد ..  مع الاسف الشديد ..  راحت بعض وسائل الاعلام المستعربة والعربية تكرر هذه المسميات بشكل ممجوج، وقح، منحط، مثير للاشمئزاز ..  فتقول هذا رجل الدين الشيعي وهذا رجل الدين السني وهذا الكردي وهذا الـ  ..

 

لكن .. إنما هي سياسة كسروية صفوية خمينية تريد اخضاع العراق وجعله ضيعة تابعة لدولة الفرس المجوس ..  وتريد السيطرة من خلال العراق على أقطار الخليج العربي ..

 

لا أدري لعل الآن – ونأمل من الله – أن تكون هناك صحوة حقيقة فعلا تجاه هذه الدولة الكسروية البغيضة النجسة ..  بعد أن بدأ العرب من المحيط إلى الخليج يكتشفون حقيقتها الوسخة .. 

 

وفي هذا اليوم بالذات، يدنس أرض لبنان أحمقي نجاد، فحسنا فعلت بعض الشخصيات والقوى اللبنانية التي رفضت هذه الزيارة الهزيلة وهذا التدنيس لأرض لبنان العربي ..  ويا ريت ثم ياريت ثم ياريت ..  ينتبه الاخوان في سوريا – بلاد الامويين الامجاد – لما يدبر لهم بليل مظلم من قبل الدولة الكسروية المجوسية الخمينية التي تريد توريطهم واغراقهم ..  عبر خداعهم بالشعارات الزائفة والكلام التافه الاجوف ..

 

يتبع ..

 

د. صباح محمد سعيد الراوي

الخليج عربي وسيبقى عربيا

خليج الشهيدين السعيدين عمر بن الخطاب وصدام حسين

 

 





الاربعاء٠٥ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٣ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. صباح محمد سعيد الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة