شبكة ذي قار
عـاجـل










رغم أن الوثائق السرية الأمريكية التي نشرها موقع (ويكيليكس) فضيحة مدوية جديدة ودليل آخر يدين أمريكا وإيران وذيولهم في المنطقة الخضراء ،، إلا أنها لاتكشف سوى جزء من الحقيقة التي يعرفها كل عراقي يعيش وسط طاعون الديمقراطية ،، وهي بأي حال من الأحوال لن تغيير من واقع العراق الحالي ،، ولا يمكن لها أن تؤثر بضمير من يطبل للمالكي وعصابته ،، فقد فسرها البعض لصالح المالكي مثلما برروا له من قبل فضيحة السجون السرية ،، حتى أن بعض المنتفعين وصفوا المالكي بالضحية !!،، ومن جهة نوري المالكي فقد أتهم جهات عربية وصفها بـ (اللوبي العربي) بالوقوف وراء هذه الفضيحة المجلجلة لأفشال مشروع تشكيل (الحكومة) الجديدة!! ،، وكمحاولة من قبل المالكي للفت النظر عن تلك الفضيحة سارعت المحكمة التي تحاكم رموز النظام الوطني في العراق بإصدار أحكام أعدام بحق عدد من الشخصيات البارزة منهم طارق عزيز!!، .


لاشك أن تسريب مثل هذه الوثائق السرية كان مقصوداً ،، وليس بالضرورة أن تكون الحكومة الأمريكية على دراية ،، أنما الأكيد في الأمر أن جهة لها نفوذها تعمل من خلف الكواليس قامت بهذا العمل ،، فهناك لوبي خفي لا يظهر له أثر يدير الأحداث بدقة ،، والأمثلة على ذلك كثيرة ،، حادثة أغتيال جون كيندي عام 1963 ،، أفشال عملية (مخلب النسر) لإنقاذ رهائن السفارة الأمريكية عام 1980،، تسريب ونشر أنتهاكات سجن أبو غريب 2004،، وغيرها من الأحداث ،، المهم أن تسريب تلك الوثائق ونشرها لم يكن المقصود بها المالكي ،، فالمالكي مجرد تابع رخيص لاقيمة له عند الأمريكان ،، وإذا ما أرادوا أزاحته عن طريقهم فلن يكون ذلك صعباً عليهم ،، وعلى أية حال أن الإدارة الأمريكية لم تخفي تمسكها بالمالكي ورغبتها ببقاءه على الكرسي لدورة آخرى ،، وهذا ماصرحت به هيلري كلنتون ،، وأعترف به حسن السنيد (عضو في حزب الدعوة) قائلا أن أمريكا تدعم بقاء المالكي في السلطة!!،، لكن المقصود بهذه الزوبعة هو إيران.


العلاقة بين أمريكا وإيران معقدة وشائكة ،، فهناك تناغم مشترك بين الطرفين رغم ظواهر العداء المفتعل ،، وهذا ما أكده ابطحي عندما أشار إلى الدور الذي لعبته طهران لصالح أمريكا في أحتلال أفغانستان والعراق ،، لكن جوهر الخلاف يكمن في إيران التي تطمح أن تكون لاعباً أساسياً على الساحة لتثبت وجودها أمام الأمريكان ،، فإيران تريد أن تفرض نفسها كحليف قوي لأمريكا في المنطقة كما كانت في زمن الشاه مع مقدار أكبر من القوة ،، بينما وجهة النظر الأمريكية ترى أن إيران يجب أن تتحرك في مساحة محددة ،، وقد أدى ذلك إلى خلق نوع من الصراع بين الطرفين لايتجاوز لّوي الأذرع وقرص الآذن ،، فكلما تجاوزت إيران حدودها يظهر رد فعل أمريكي تجاهه !!،، وكانت تدخلات إيران العلنية التي تمخض عنها مؤازرة (الصدر) للمالكي وفتح صفحة جديدة مع سورية ،، أمراً حسم موضوع تشكيل ما تسمى بالحكومة العراقية لصالح نوري المالكي ،، وهذه رسالة إيرانية موجهة لأمريكا ،، ورغم أن المالكي مطلب أمريكي ،، إلا أن أمريكا ترفض أن يكون لإيران دور رئيسي في تثبيته ،، وهنا بدأت أمريكا بالتحرك باتجاه منع إيران من أحراز موقف ،، فأعقب زيارة جوزيف بايدن إلى أربيل ولقاءه مسعود البرزاني موقفاً كردياً عرقل جهود تشكيل ما تسمى بالحكومة ،، مما أغضب هذا الموقف طهران التي شنت حملة ضد البرزانيين ،، ومن الطبيعي أن يستغل الأكراد الخلافات والتشنجات لصالحهم فوضعوا شروط لقبولهم الانضمام للتحالف ،، فوافق نوري المالكي على ورقة التفاوض ،، ورغم ذلك فقد ظل الأكراد يماطلون في موقفهم ،، حتى وصل الحال أن يرفض جلال الطلباني دعوة إيرانية لزيارة طهران ،، ويفسر هذا الموقف الكردي أن هناك أشارة أمريكية تمنعهم من التحرك في الوقت الحالي ،، فأستغلوا الوقت للحصول على وعود وضمانات من المتنافسين وعلى رأسهم المالكي ،، أما الضوء الأمريكي الأخضر الذي ينتظره الفرقاء بات وشيكاً ،، وهذا ما يدلل عليه تصريح وائل عبد اللطيف الذي قال أن أمريكا نفذ صبرها وستستخدم العصا ،، وبهذه الحالة تهمش المساعي الإيرانية وتظهر العصا الأمريكية خلف تشكيل ما تسمى بالحكومة.


من جانب آخر ،، حذرت أمريكا لبنان من زيارة أحمدي نجاد ،، إلا أن لبنان ردت على التحذير الأمريكي باستقبال مبالغ به لنجاد يترك أنطباع عن حجم الخضوع السياسي اللبناني لحزب الله وإيران ،، وهذا الأمر أغضب الجانب الأمريكي والصهيوني خصوصاً أن نجاد القى خطاب في مدينة بنت جبيل التي تبعد اربع كيلومتر عن المستوطنات الإسرائيلية ،، ردد فيه توقعاته بزوال أسرائيل ،، وهذا ما أعتبره الصهاينة استفزاز لهم وتحدي علني ،، والرسالة التي أردا نجاد أيصالها للأمريكان هي حدود النفوذ الأيراني التي أصبحت على تماس مع الكيان الصهيوني ،، وهي رسالة أقرب ما يمكن وصفها بـ (لّوي الذراع) ،، وفجأة ظهرت تلك الوثائق التي تدين إيران أكثر من غيرها ،، ليس في العراق فقط وإنما في أفغانستان أيضاً ،، وأدى ظهورها إلى مطالب دولية بإجراء تحقيق بشأن المعلومات التي تحملها تلك الوثائق ومحاسبة المقصرين !!،، والسؤال المهم ،، من هم المقصرين؟!.
 

في الجانب الأمريكي هناك دائماً ضحية مستعد لتحمل المسؤولية ،، ونتذكر جيدا الكولونيل الأمريكي الذي قدمته الإدارة الأمريكية عام 1986 كمسؤول عن عمليات تزويد إيران بالسلاح (إيران غيت) ليتملص الرئيس الأمريكي آنذاك (رونالد ريغان) من الفضيحة ،، وكذلك في الحرب مع العراق ،، هناك الكثير قدمتهم الحكومة الامريكية ضحايا ومنهم مسؤولين رفيعي المستوى ،، مثل رامسفيلد وكولن باول ،، وهذا يعني أن أمريكا ستجد الضحايا المناسبين لتحمل المسؤولية كما حدث في قضية سجن أبو غريب ،، أما في العراق ،، فأن المقصرين هم مسؤولين في المؤسسات الحكومية ،، وأغلبهم في المنطقة الخضراء ،، وهم بطبيعة الحال أتباع إيران ،، وهذا يعني أن إيران مهددة بخسارة أتباعها (الذين يمثلون نفوذها بالعراق) أذا ما أرادت أمريكا أن يكون هناك تحقيق تشرف عليه قواتها في العراق يطول رقاب أتباع إيران ،، كما حدث مع جيش المهدي من قبل ،، أذن ،، بإمكان أمريكا اليوم أن تقص أجنحة إيران في العراق ،، فهل تنوي أمريكا ذلك أم أنها مجرد قرصة أذن للولي الفقيه وزوبعة في فنجان!!.

 

 





السبت٢٢ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال الهاشمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة