شبكة ذي قار
عـاجـل










لا أقصد الشماتة برئيس تونس السابق – ولن أقول تسمية غيرها – وكم تألمت لما حصل في هذا البلد العربي الذي نتذكر منه الكثير من الشرفاء الذين وقفوا ويقفون مع العراق بالكلمة والقلم، ونذكر منهم اختنا العزيز المناضلة بالكلمة فاطمة بنت كراي، وتألمت أكثر للضحايا الذين راحوا في سبيل الوطن وفي سبيل تغيير أوضاع سياسية هم أدرى بها مني، ولا شك أن أولهم كان هذا الشاب المسكين الذي أحرق نفسه احتجاجا على تصرف الشرطة تجاهه ..

 

أما ما نريده فهو الخير لهذا الشعب العربي الشقيق وأن يعود الأمن والأمان وتعود الأوضاع إلى طبيعتها عما كانت عليه، وينعم الشعب التونسي الشقيق بالحرية والازدهار والعمل والعلم وحياة خالية من المشاكل والقلاقل ..

 

معظم القنوات الفضائية العربية – أو التي تابعتها أنا – لم تقارن بين ما حدث في تونس من أعمال سلب ونهب وغوغائية وسرقات وترويع للأهالي، وبين ما حدث في بغداد عقب تدنيسها من قبل المحتل الصهيوصفوي خميني مجوسي، وهي مفارقة بالمناسبة لا ندري هل سببها أن بعض القنوات العربية أدركت الخطأ الذي وقعت فيه حين هللت للاحتلال ..  خاصة وهي ترى المشهد الدامي اليومي على أرض الرافدين ..  ولعل آخرها ذلك المشهد المأساوي الذي حدث أمس في تكريت الحبيبة الغالية – وكل أرض العراق حبيبة وغالية – وراح ضحية ذلك التفجير الاجرامي الصهيوصفوي خميني كسروي شبان من تكريت الحبيبة ..  كانوا ينتظرون لأجل الالتحاق بالشرطة ..

 

وبالمناسبة ..  والله أنا ليس عندي أدنى شك في أن من قام بهذا العمل الاجرامي هم عملاء الفرس المجوس الخمينيين الانجاس ..  والصقوا تلك التهمة بجهاز الموساد الصهيوني ..  أنا لا أدافع عن الموساد .. ل ..  لكن دولة الفرس المسمومة الحقيرة أشد خطرا علينا من دولة الصهاينة ..  ولمن لا يرضى هذا الكلام ..  فليحرق نفسه وليذهب إلى جهنم وبئس المصير ..

 

المهم ..  نعود الى تونس ..

 

صحيح كلا المشهدين كانا متقاربين، من حيث إنفلات الأمن والسرقة والنهب، إلا أن السبب يختلف كليا هنا وهناك ..  ففي العراق جاءت قوات الاحتلال الصهيوصفوي خميني مجوسي ببعض المرتزقة وأبناء الزنا المجوس والصهاينة وغيرهم ليعيثوا الفساد والنهب والسلب وترويع الأهالي، وهو مشهد من مشاهد أفلام الكاوبوي والاكشن الامريكية بالمناسبة لطالما شاهدناه ..  فكان أولئك المرتزقة يعرفون ما يريدونه، لذلك لم يكن تخريبهم لمتحف بغداد وسرقة لوحة السبي البابلي وإحراق بيت الحكمة جاء عن عبث، بل كان أمرا منظما ومخططا له من قبل ..

 

بينما ما حدث في تونس الشقيقة هو بفعل عصابات داخلية، إما أنها كما قيل تابعة لحرس الرئيس السابق، أو عصابات تشكلت بواقع الحال، وبواقع الفوضى التي حدثت، فاستغل بعض ضعاف النفوس الفوضى ليقوموا بأعمال السلب والنهب وتشكيل العصابات التي روعت الأهالي ..  وهذا أمر يحدث في كل دول العالم بالمناسبة ولا يقتصر على بلاد العرب وحدهم ..  وربما يتذكر الناس ما حدث في نيويورك في سبعينيات القرن الماضي حين انقطعت الكهرباء لمدة أحدى عشرة ساعة ..  حيث سلبت المحلات ونهبت المتاجر والبنوك وحدث الهرج والمرج والقتل وسفك الدماء ..  وحدثت فوضى لامثيل له ..  ما صعق الناس في أمريكا حين رأوا المشاهد المروعة في اليوم الثاني .. 

 

وحسنا فعلت قوات الأمن والجيش في تونس الشقيقة حين قمعت أولئك الغوغاء وسلحت بعض الناس ليحموا أنفسهم وأحيائهم منهم ..

 

أما لو تحدثنا عن مشهد خروج الرئيس من بلاده ..  وما قيل عما أخرجه من أموال قبل هروبه المشين وما يملك من عقارات وقصور هنا وهناك ..  والله إن المرء ليصاب بالذهول مما قرأ – هذا إذا كان صحيحا كي لا نظلم الشخص – فمشهد هروبه أغرب من الواقع وأسرع مما يتصور المرء، وربما يسجل التونسيون موقفا مشرفا للجنرال عمار رشيد (أو رشيد عمار) الذي رفض الانصياع لأمر رئيسه بإطلاق النار على المتظاهرين وفضل الوقوف إلى جانب شعب بلاده على الوقوف إلى جانب رأس الدولة وأراقة المزيد من الدماء ..

 

المهم .. 

 

خرج خروجا ذليلا مهين ..  ووالله ثم والله ..  لوكان زين العابدين يحب شعبه ويحب بلده بحق، ولو كان حريصا على شعبه لما خرج ذلك الخروج المهين الذليل، بل لواجه شعبه بكل شجاعة ولاعترف بالأخطاء التي كانت عليها حكومته، ولاعتذر لشعبه بكل شجاعة ايضا وقال لهم إنه سينتحى عن الحكم لأنه فشل حتى في توفير فرصة عمل لشاب يترزق على عربة يبيع عليها الخضرة ..

 

وما يذهل في الأمر هذه العقارات والاموال التي يملكها هو وعائلته في شتى أنحاء العالم، والتي تحدثت عنها الصحف والفضائيات طويلا وبالمستندات والارقام ..

 

لفت نظري في كل هذه الزوبعة التي حدثت ما يلي:

 

-  بعض المحطات الفضائية أطلقت على زين العابدين لقب الرئيس المخلوع، بينما اكتفت بعض المحطات الاخرى بتسميته بالرئيس السابق ..  عكس ما حصل في العراق حين تدنيسه من قبل المحتل الصهيوصفوي مغولي ..  حيث تبارت المحطات بإطلاق الأوصاف على الشهيد الكبير الامام صدام رحمة الله عليه ..  فمن ناحية منطقية ومعقولة يعتبر زين العابدين حكما رئيسا مخلوعا بفعل ثورة شعبية أحاطت بحكمه ما اضطره للهروب ..  بينما الشهيد صدام حسين ظل الرئيس الشرعي للعراق حتى أخر لحظة في حياته ..  لأن بلده صار محتلا إحتلالا غير شرعي ..  والاحتلال لم يكن شرعيا يوما م ..  ولم يزيحه عن سدة الحكم سوى هذا المحتل البغيض وليس الشعب العراقي  ..  شاء من شاء وأبى من أبى ..  وهذا أمر قانوني ودستوري لا نقاش ولاجدال فيه ..  والله لو جاء أثخن قانوني في هذه الدني ..  فهذا هو الصواب ..

 

- تآمرت أكثر من دولة على العراق وهاجمته بكل صنوف الاسلحة واحتلت البلد بعد مقاومة بطولية باسلة ندر مثيله ..  ومع إن الدبابات الامريكية والبريطانية والصفوية التابعة لها دنست بغداد وصارت في وسط العاصمة، فإن قائد العراق لم يهرب من أرض المعركة ولم يخرج من العراق، بل توارى عن الانظار لقيادة المقاومة البطولية ..  وهذا ما حصل ..  فقد اندلعت مقاومة بطولية قل نظيرها في العصر الحديث ..  اذاقت العدو مختلف ألوان العذاب وجعلتهم يندمون على الساعة التي غزوا فيها العراق العظيم ..  بينما لم يحتمل زين العابدين البقاء في بلده اسبوعا وهو يرى المظاهرات العارمة التي تطالب بتنحيته عن السلطة ..  فقد رأينا الشعب التونسي الشقيق يرفع اللافتات المطالبة بخروج الرئيس ..  وهو ما لم نره في العراق أبد ..  ولن يخدعنا أحد بالقول عكس هذ ..

 

-  الشعب التونسي بدا عليه الفرح العارم لخروج رئيسه من سدة الحكم وانتهاء حكمه، بينما الشعب العراقي ومنذ الأيام الاولى والى الان وهو يبكي الدماء بدل الدموع على ما حل بالعراق أولا وبالشعب العراقي ثانيا ثم على أيام الشهيد صدام حسين ورفاقه ثالث ..

 

-  رغم كل ما قيل عن أموال للشهيد صدام رحمة الله عليه موجودة في بنوك أوروبا وأمريكا، إلا أن أمريكا وحلفاؤها جميعا بدون استثناء عجزوا عن إيجاد دولارا واحدا بإسم الشهيد صدام في الخارج ..  ولا حتى بيوت أو قصور أو يخوت كما زعمو ..  وهذا الأمر باعتراف الادارة الامريكية نفسه ..  بينما قيل وفي أكثر من صحيفة عربية، وعلى أكثر من فضائية عربية وحتى في تونس نفسها، أن اموال زين العابدين واسرته وأصهاره وبناته تجاوزات الخمسة مليارات دولار، عدا عن عقارات وأملاك وبيوت موزعة في مختلف دول العالم ..  هذا ولم نتحدث عن بنوك تعمل داخل تونس وشركات لزوجة زين العابدين واقربائه ..  فهل سمعت ايها العراقي هذا الأمر عن الشهيد الغالي وعن السيدة الكريمة زوجته وأقربائه ؟ أين تعيش السيدة الكريمة ساجدة وأين تعيش بنات الاكرمين رغد ورنا ؟؟ الاجابة معروفة ..

 

-  لابد من توجيه سؤال لـ وزير الخارجية السعودي، جنابك قلت إن العروبة وأصول الضيافة العربية والأخلاق العربية هي التي فرضت عليكم استقبال رئيس تونس السابق ..  فهل هي نفس الاخلاق العربية وأصول الكرم والضيافة العربية التي فرضت عليكم من قبل السماح لطائرات العدوان الامريكي البريطاني بالانطلاق من أراضيكم للعدوان على العراق العظيم أثناء فترة الحصار الجائر الظالم ؟؟؟ وهل هي نفس الاخلاق والاصول والعادات العربية التي جعلتكم تغلقون أبوابكم بوجه ألاف العراقيين الباحثين عن مأوى آمن هربا من المحتل ومن ميليشيات الغدر الصفوية الكسروية الخمينية الفارسية الحاقدة ؟ على أن هناك الكثير الكثير من الكلام والاسئلة ..  لكن أفضل أحيانا لو بقي المرء صامت ..  فالصمت أحيانا أبلغ من أي كلام ..

 

-  لو أردنا أن نتحدث بالتفصيل عما تتناوله الفضائيات ومواقع الانترنت عن الرئيس التونسي السابق لتبين معنا ما يلي:

 

منع ارتداء الحجاب للفتيات وعدم تعيين المحجبة في الدوائر الحكومية.
منع مكبرات الصوت في المساجد ومنع صوت الاذان خارج المساجد.
منع الصلاة في المسجد إلا بعد مراجعة المخابرات والحصول على البطاقة الممغنطة واستخدامها في الجهاز على أبواب المساجد.

منع الناس من دخول المساجد إذا لم يكن له اسم في المخابرات ولا يوجد معه البطاقة الممغنطة ..  وممنوع على المصلي أن يصلي في غير المسجد المصرح له به.
منع تعدد الزوجات وعدم الزواج من أكثر من واحدة حتى لو تستطع الانجاب.
منع مدارس تحفيظ القران في تونس.
منع دراسة مادة التربية الاسلامية .
أمر بحبس أي انسان اتبع سنة تطويل اللحية.
استغل السلطة لتأمين مستقبل أزواج بناته حتى أصبحو أصحاب المليارات بينما يموت الشعب من الجوع والبطالة ..

 

هذا ما حصلت عليه من المواقع التونسية وغيره .. 

 

صدام رحمة الله عليه، قاد حملة ايمانية قرآنية شهد له بها القاصي والداني، وكان رجلا نحسبه مؤمنا بحق ولا نزكيه، نقول هذا عنه وقد رأيناه يصلي، ورأيناه يتلو الشهادتين اكثر من مرة وهو على سلم المجد، وهو أمر يعتبر كرامة إلهية، فهذا شرف لا يمنحه الله عز وجل إلا للمخلصين من عباده ..  وصدام كان – والله حسيبه – مخلصا لله ثم للدين ثم لوطنه وشعبه ..  فاستحق تلك النهاية المشرفة التي يتمناها الكثيرون ..

 

بعد كل هذ ..  وبعد كل ما تقوله الفضائيات والصحف والانترنت عن تونس ورئيس تونس، هل أدركت أيها العراقي والعربي جيدا معدن الرجل الذي كان يقود بلاد الرافدين العظيمة؟؟ هل اقتنعت أيها العراقي الذي تقول عنا أننا أيتام صدام – الله يرحمه – أننا حين كنا ندافع، ولا زلنا، عن نظام الشهيد رحمة الله عليه فإننا لم نفعل ذلك من فراغ ..  بل كنا نعرف أننا ندافع عن نظام رئيس عراقي حتى النخاع ..  قائد أحب شعبه وبلده لدرجة المرض ..  قائد أصابته عدة أمراض في حياته ..  قائد ابتلي جسده وابتليت روحه بأمراض اسمها حب الله والرسول ..  ثم حب العراق والشعب العراقي ..  والتفاني والتضحية والفداء والدفاع عن ذلك كله ..

 

أقول بعدما شاهدت وقرأت وسمعت .. 

 

الله يرحم روحك الطاهرة يا صدام ..  ويرحم أولادك وحفيدك ..  ويرحم رفاقك جميع ..  ويجعلكم جميعا في مقعد صدق عند مليك مقتدر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيق ..  والله إن العراقي والعربي الحر ليفتخر ويرفع رأسه فخرا وعزا بالله أول ..  ثم بهذا القائد ..  وهؤلاء الرجال الاشراف الشجعان الذين كانوا محيطين به ..  فقد عاشوا كبارا واستشهدوا كبار ..  وكانوا نظيفي الخلق واليد في حياتهم ..

 

آخر ما أقوله ..  ولو أراد المرء التحدث لطال المقال وطالت الصفحات ..

 

صدام واجه جلاديه بإيمان وشجاعة وابتسامة المؤمن ..  ثم سخرية بجلاديه جعلت بسطاره فوق رؤوسهم جميع ..  ابتسامة وسخرية جعلته هو فوق ..  وهم تحت قدميه ..

 

بينم ..

هرب رئيس تونس هروبا مشينا ذليل ..  حتى أطلق عليه التونسيون زين الهاربين ..

 

رفعت الأقلام وجفت الصحف ..

 

 





الخميس١٦ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. صباح محمد سعيد الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة