شبكة ذي قار
عـاجـل










ما ان ازدادت وتيرة المظاهرات الرافضة للاحتلال وما جلبه من مصائب لعراقنا الغالي.. والتي اضطرت لنقلها الفضائيات ومناقشة تفاصيلها الكثيرة على الهواء.. حتى فوجئنا بقصص الشباب الذين ضاقوا ذرعاً بساستهم وفقدوا شجاعة مواجهة الحياة وتحمل مآسيها.. فاختاروا الهروب وحرق أنفسهم كنوع من الاحتجاج الذي يجبر العالم على الاستماع لصرخته المدوية..


تلك القصص التي سرعان ما انتشرت بين الشباب بالذات وفرضت نفسها عليهم بصورة توجب على الجميع التصدي لها ومناقشتها بجدية.. فالانتحار مهما كانت أسبابه وموجباته هو ذاك الذي نهانا الخالق عنه لإجبارنا على عدم البكاء على أطلال الباب الذي أغلقه القدر.. وتعليمنا احترام مبدأ التغيير الذي تضطرنا اليه الظروف، والتكيف معه لبناء المجتمع الذي نرتضي العيش فيه.. مؤمنين بأن ما يختاره الله لعبده خير مما يختاره العبد لنفسه..


ورغم تعاطفنا مع المنتحرين وتقديرنا للمصائب التي واجهتم من جهة.. واقتناعنا بالدوافع الطبية والنفسية التي دفعتهم الى الهروب من الحياة من جهةٍ اخرى.. إلا ان طريقة تناول البعض لفعل الانتحار وتأطيره بإطار البطولات التي يخلدها التأريخ كنوع من رفض الظلم والطغيان.. يجعلنا كالشياطين الخرس ان لم نذكر الناس بأن الانسان بناء الله ملعون من هدمه.. فدوران عجلة الحرب التي جعلتنا نتآلف مع الموت والقتل في حياتنا اليومية.. قد أثر على ما يبدو في مفهوم الانتحار أيضاً، وأطره بإطار البطولة بعد أن كان صورة من صور الضعف الذي يشوش العقل، ويجبره على تقبل فكرة الانتحار في اللحظات الحرجة.. التي سرعان ما نتراجع عن قراراتها، متذكرين الحكمة القائلة: ان الله لا يغلق باباً هنا إلا بعد أن يفتح شباكاً هناك.. وما علينا الا البحث عن هذا الشباك.. الذي لن يكون من السهل إيجاده دون الإيمان بحرمة الانتحار والهرب من الموقف الذي اضطرتنا الظروف لمواجهته..


لذلك يرعبني تناقل الاعلام والناس لأخبار الانتحار كنوع من الاستنكار والاندفاع البطولي الذي يقدم عليه من لا يرتضي ما تفعله الحكومة أو القوانين او الظروف أو.. أو.. لأن ذلك سيبدل بالتأكيد نظرة الشباب لمبدأ الحياة ومحاولة تصحيح اعوجاجها بالطريقة التي ترضي الله والناس.. ويدفعهم للتفكير في الانتحار كلما عاكستهم الظروف.. وهو ما يشكل خسارة كبيرة لمبادئنا من جهة ولشبابنا من جهة اخرى..


أملي اذن أن يتوقف الناس عن تصوير ما أقدم عليه بعض المساكين الذين ضاقت بهم الدنيا واستسلموا لخيار الهروب بالانتحار.. بصورة الأبطال الذين لم يهابوا الموت وحرقوا أنفسهم بنار الدنيا قبل الآخرة.. وان كان فعلهم هذا من أجل الوطن.. متذكرين اعتراض نابليون على قول الجندي بأنه قصد الجبهة ليموت من اجل الوطن.. قائلاً له لا لا .يجب ان تحيا من اجل الوطن..


الأمر الذي يوجب علينا إذن تسمية الأشياء بمسمياتها وتذكير أنفسنا بأن الانتحار مهما كانت أسبابه هو فعل محرم نهى عنه الخالق، وحري بنا أن نلتزم بنهيه فنعلم انفسنا قبل شبابنا كيفية محاربته وعدم الاستسلام لخياره.. لإجبارهم على تعلم مبدأ مواجهة الحياة ومشكاكلها بشجاعة الأبطال المؤمنين بقدرتهم على تغيير الظروف.. وإن لم يتعد إيمانهم هذا مرحلة الـ

 

( منىً إن تحققت هي اجمل المنى وإلا فقد عشنا بها زمناً رحبا )


dr.balsamhani@yahoo.com

 

 





الخميس٢١ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. بلسم عبد الكريم هانئ نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة