شبكة ذي قار
عـاجـل










الثورة هي مرحلة فارقة في حياة الشعوب وهي تعني عبور الشعب من حقبة فاسدة ظالمة مستبدة إلي حُقبات أرحب وأوسع في تقدم الشعوب وهي تعني إجراءات فورية وقوية وحاسمة وعادلة وسريعة كما هو متبع في كل الثورات ، وكان لمصر في تاريخها المعاصر تجارب مع الثورات ومنها الذي كُتب له النجاح ومنها ما لم تكتمل أركانها لعدة عوامل كثيرة منذ الثورة العرابية في عام 1881 والتي كانت الأقرب إلي تحقيق الأهداف من ثورة 1919 التي لم يكتب لها النجاح لأسباب عدة منها أسباب داخلية وأسباب خارجية ولن يتسع المجال الحديث عنها إلي ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار والذي تحقق الكثير من أهدافها والتي لم يتبقى اليوم منها أي هدف من أهدافها وحتي قيام ثورة 25 يناير الشعبية التي قام بها الشعب المصري والتي علي أثرها تم إسقاط وخلع الرئيس من السلطة وتنحيته في 11فبراير 2011 وعلينا أن نعلم بما لايدع مجالا للشك بان لكل ثورة ثورة مضادة للقضاء عليها بهدف الإبقاء علي الأوضاع القائمة حتي إذا لم يكن للثورة المضادة تنظيم او قيادة تتمكن من إزاحة الثوار وإعادة الأحوال إلي ما كانت عليه فأنها تسعي لتحقيق أغراضها الخبيثة عن طريق التربص بالثورة من حيث تعطيل الإجراءات التي تنوي القيام بها وذلك حتي تسقط شعاراتها ويظهر فشلها أمام الجماهير الذين قد ينقلبون عليها في النهاية عندما لايجدون شيئا قد تحقق من مطالبها ووعودها التي قامت من أجلها وهذا ما يجري اليوم تدبيره ومحاولة تطبيقه علي المشهد السياسي المصري من خلال الثورة المضادة وهذا ما يحدث اليوم لان ما قام به الشعب المصري منذ بداية الثورة وعرض مطالب الشعب لم يتحقق علي أرض الواقع إلا إزاحة رأس النظام بخلع الرئيس ولكن مع بقاء نظامه المتجزر في بؤر الفساد التي زرعها هذا النظام بفساده وقمعه وإستبداده هو من يعطي المناخ الملائم لأعداء الثورة بان يحاولون إجهادها وإجهاضها ومع إختلاط فساد النظام بمؤسسات الدولة يبقي من السهل تفكيك الدولة وإنهيارها في أي وقت وهذا هو مكمن الخطر المحدق بنا وننبه له وهذا ماحدث للعراق بعد الغزو الأمريكي الإستعماري الذي أسقط رأس النظام ومن ثم تفككت جميع أركان الدولة وانهيارها وهكذا الحال بجميع دولنا العربية التي تدار بواسطة الحكم المطلق ،

 

ولذا ننبه ونحرص علي أنه إذا لم يمسك الثوار بزمام ثورتهم التي فجروها وإذا لم تمتد وتستمر حتي تحقيق مطالب هذه الثورة فإنهم لن يستطيعوا تحقيق أي هدف منها وكان الأفضل لنا بان نرضي بهذا النظام الفاسد إلي أن تأتي أمريكا بأساطيلها وجيوشها لتحقق لنا الديموقراطية علي الطريقة العراقية . ومنذ قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير وتسليم السلطة إلي جيشنا العظيم ممثلا في المجلس العسكري للقوات المسلحة لإدارة شئون البلاد بعد أن وافق الشعب علي قيام المجلس العسكري بدور الوكيل والنائب المفوض من الشعب المصري لتحقيق أهداف الثورة باعتباره الأمين علي هذه الثورة وتحقيق مكاسبها إلي أن يتم النقل السلطات إلي إدارة مدنية تقوم بممارسة مهامها في ظل مؤسسات تشريعية وبرلمانية منتخبة ، ومع ذلك وبعد أن أرتضي المجلس العسكري لنفسه الضلوع بهذه المهمة الشاقة والتي لا ننكر حجم ثقلها عليه والتي أخذها علي عاتقه ونثق به إلا أننا لم نري وبعد مرور كل هذا الوقت علي قيام الثورة أي تقدم ملحوظ او تغير في المشهد السياسي بل علي العكس ومع الأسف نري مؤشرات تعكس أحباطات ثورية وتخوفاً وتوتراً لدي الكثيرين وهذا حقاً لنا ، لاننا ما زلنا نعيش إرهاصات ما قبل الثورة وما بعدها وعلينا أن نجتاز هذه الإحباطات سريعا وأن تحل محلها إجراءات حاسمة وعادلة وناجزة وسريعة لتكتمل فرحة كل المصريين بثورتهم للعبور بمصر إلي مستقبل يليق بتاريخ وعراقة هذا الشعب وهذا البلد الذي أبهر العالم بحضارته ورقيه في ثورتة ، وعلي المجلس العسكري طالما وافق علي قبول هذه المسئولية وهذه الأمانة نيابة عن شعبه فعليه أن يتحمل النقد المباح والغير المباح بوصفه مجلساً سياسياً يمثل السلطة المنهارة لا ممثلا عن الجيش ولهذا جاءت قرارات المجلس العسكري لا تتوائم او تتوافق مع المطالب الثورية والمطالب الشعبية ، ونظرا لان الشعب يعيش حالة ثورية فلابد أن تأتي قرارات المجلس العسكري علي نفس الوتيرة المطلوبة في مثل هذه الحالات وهذا لم يحدث حتي ألان ولذلك بدأ للبعض أن يتخوف من التباطؤ الموحي بالتواطؤ وهو ما قد ينذر بخطر داهم وهذا ما حدث سوف ينذر بوقوع ما تحمد عقباه وهذا ما حدثت بوادره في جمعة التظاهرات الأخيرة والتي عُرفت بجمعة المحاكمة والتطهير وما صاحبها من تداعيات لتصدع العلاقة بين الشعب والجيش وهذا أخطر ما في الموضوع وهو ما يدفع به أنصار الثورة المضادة وعندئذ لن تنفع شعارات او ترميمات ، فمازال المجلس العسكري يتعامل مع الأمور التي تغيرت بمفهوم الحركة وليس بمفهوم الثورة لذا علي المجلس العسكري أن ينهئ حالة الإحباط الجماهيري الناتج عن هذا التباطؤ فوراً وتنفيذ أوامر الثورة الشعبية التي وافق علي أن يكون الأمين عليها ، فقد بدأ القلق يتسرب إلي قلوب المصريين خوفا علي ثورتهم وعلي دماء الشهداء التي سالت ولن نكون متشائمين إذا قلنا بان ما يجري علي الساحة أشبه بما جري للعراق بعد الغزو فالتوتر يتصاعد بشكل علني وملحوظ بين طوائف المجتمع بما يهدد البلاد للدخول في فوضي منظمة ودموية من قتل وتصفيات وسرقات وإعتداءات علي الممتلكات العامة والخاصة تساهم فيها ميلشيات و بلطجية وبقايا النظام الفاسد الذي يحاول إشاعة الفوضى التي تؤدي إلي تدمير البلاد وإعادتها إلي الوراء مئات السنين ولكن لن ينقذنا من كل ما يجري إلا الإسراع في محاكمة الرئيس السابق مبارك وأولاده وزوجتة والذي مازال يتعامل بوصفه رئيساً ومازال متحصنا بحراستة الخاصة بقلعتة الحصينة بمنتجع شرم الشيخ بمحاكمة عادلة وناجزة إن كان المجلس العسكري جاداً وصادقاً في هذا الطرح وهذا محل شك لدينا لكثير من الإعتبارات وبات هذا واضحاً من خلال تسرب معلومات عن وجود أنقسام في المجلس العسكري ووجود فريقين فريق يري بعدم محاكمة الرئيس المريض وبهدلته باعتباره أحد أبناء المؤسسة العسكرية والفريق الأخر يري بان عدم محاكمة الرئيس سوف يؤدي إلي غضب الشارع ولم يتم حسم رأي أي من الفريقين حتي الأن وعلي نفس الطريقة البطيئة يسير أيضا المجلس العسكري بنفس الوتيرة مع كافة قضايا الفساد المطروحة ، نحن علي يقين بأنه لن تُجري محاكمات للرئيس وأبنائه ولن تعود أموالنا التي هُربت خارج البلاد خلال الأسابيع الماضية والتي جرت علي قدم وساق تحت سمع وبصر الجميع دون أن يحول ذلك أحد ، لأنه ليست لدي المجلس الرغبة في هذه المحاكمة لأسباب لا نعلمها ويعلمها الله ، وربما يحاول كسب الوقت لعل الأقدار تقول كلمتها او مع نهاية ولايتة الرئاسية في شهر سبتمبر دون إي محاكمات وبذلك يحمل الرئيس لقب الرئيس السابق الذي يضمن له خروجاً مشرفا ً وهذا عليه علامات إستفهام كبيرة ، فالمجلس العسكري مازال يتعامل مع الرئيس المخلوع مبارك باعتباره الرئيس او علي أسوأ الأحوال باعتباره الرئيس السابق وليس الرئيس المخلوع ، ولهذا فعين المجلس علي مبارك من باب الولاء العسكري له والعين الآخري علي الغضب الشعبي ، أن وجود الرئيس علي الساحة يغل يد المجلس في أداء مهامه وواجباتة وإن كانت كل هذه الأمور غير معلنة ولكن كل الشواهد تصب في هذا المنحي .

 

أن وجود الرئيس السابق مبارك وأسرته طلقاء بوصفه رئيساً دون التحفظ عليهم والتحقيق معهم ومحاكمتهم محاكمات عادلة علي مسرح الأحداث الجارية متصدرا المشهد يعطي دعماً وزخماً لكل أنصار الثورة المضادة للقيام بمهامهم في إجهاض الثورة ويغل يد المجلس العسكري عن أداء مهامه وواجباتة والحل هوإختفاء مبارك من علي مسرح الأحداث ومن الصورة بل ومن المشهد السياسي بأكمله وغلق هذا الباب وبذلك تتصاعد وتيرة وأداء المجلس العسكري والشارع المصري وسوف يشهد أستقراراً أكثر وشعوراً بأداء المهمة ولكن بشرط صدق نوايا المجلس العسكري ورئيسه ، فعلي المجلس العسكري المُعين من قبل الرئيس المخلوع أن يكون صادقا مع نفسه ومعنا وليس هذا تقليلا من شأن المجلس العسكري الذي تم تأمينه علي ثورتنا وأن يجد الصيغة المناسبة والعاجلة والفعالة ومحاولة إخفاء صورة حسني مبارك من المشهد ومن الأحداث وإيجاد الصيغة المناسبة بما لايخل بالواجب المنوط به المجلس العسكري في المحافظة علي الثورة فالحل بيد المجلس العسكري وغياب مبارك من المشهد وعندها سوف يتحرر المجلس العسكري ونتحرر معه لان المجلس يستمد شرعيته من الثورة وليس من الرئيس المخلوع ولهذا كان من الواجب أن يقسم رئيس المجلس العسكري وجميع أعضائه يمين الولاء للشعب قبل بداية مهمتهم وهذا ما لم يحدث .

 

 





الاربعاء٠٩ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٣ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الـــوعـــي الـعـربـي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة