شبكة ذي قار
عـاجـل










انتهت مهلة المائة يوم التي منحها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لوزرائه من أجل وضع برامج لوزاراتهم وتنفيذها خلال المدة المقررة خدمة لأبناء الشعب. حصل ذلك قبل مئة يوم عندما شهدت ساحة التحرير في بغداد انتفاضة شعبية تطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية وأمنية . كما ارتفع سقف تلك المطالبات إلى رحيل القوات الأمريكية من العراق في موعدها المقرر في نهاية العام الجاري 2011 . بل تجاوزت مطالب البعض إلى إسقاط حكومة المالكي . وقد وصف عزت الشاهبندر أن تلك المطالبة هي لتنفيذ أجندة خارجية . وفي يوم الجمعة الماضية 10/6/2011 اشتعلت شرارة الصراع بين أطراف العملية السياسية . فقد شهدت ساحة التحرير نمطا جديدا من هذا الصراع. وكما يقول المتظاهرون المطالبون بمحاسبة الفاسدين أنهم فوجئوا بأعداد كبيرة من أنصار المالكي يقدر عددهم ب 6000ـ 7000 تجمعوا في ساحة التحرير , يلبسون الزي العربي , تم جلبهم من محافظات الجنوب ومن كربلاء بالذات , وهذا الإجراء أثار حفيظة عشائر كربلاء , فأصدرت بيانا أدانت فيه بلطجة المالكي , وقالت " لن نرضى أن نكون مأجورين أو مرتزقة بيد السلطة وأحزابه , ولن نكون إلا إلى جانب الحق .


ما أن وصلت جموع المتظاهرين إلى الساحة واجههم أنصار المالكي ـ حسب قولهم ـ بالشتم , ومن ثم انهالوا عليهم بالضرب بالعصي والسكاكين , ولم يستثنوا حتى النساء , تحت نظر قوات الأمن والجيش التي طوقت المكان . سقط في الاشتباكات حوالي 20 جريحا .كما رفع أنصار المالكي وحزب الدعوة صور إياد علاوي زعيم القائمة العراقية وداسوها تحت الأقدام . لم تمضي ساعات حتى شن علاوي حملة غير مسبوقة ضد حزب الدعوة والمالكي . وناشد الأمم المتحدة حماية العراق من سيطرة إيران عليه . وبالمقابل رفع حزب الدعوة دعوى قضائية ضد علاوي , وستشهد الأيام المقبلة سجالا بين الأطراف السياسية التي تتناحر على السلطة . وقد اعتبر المالكي خطاب علاوي بمثابة حرب , وانه لم يعد شريكا في الحكم , ومطالبته تقديم اعتذار. وبالمقابل وصفت " العراقية " بان العملية السياسية وصلت إلى مرحلة خطيرة , وطالبت بانتخابات مبكرة لإيجاد حل للازمة.


من المفروض أن يقدم الوزراء البالغ عددهم 43 وزيرا تقارير عن انجازات وزاراتهم خلال المدة الماضية .أما عدد الوزراء الذي لم تشهده دولة بحجم العراق صار مثار جدل في الأوساط السياسية الحاكمة , ومطالبة البعض منها تخفيضه للحد من هدر المال العام .وجاءت هذه المطالبة بعد تقديم عادل عبد المهدي استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية. بدعوى امتثاله والتيار الذي يمثله إلى مطالب الشعب ورغبة المرجعية في النجف ." رأي التحالف .. عمار الحكيم ". وحسب التصريحات الرسمية فالوزير الذي اخفق في عمله سيطلب من كتلته أو حزبه استبداله بأخر استعدادا للمرحلة الثانية من أل 100 يوم. ولا ندري من سيحاسب المالكي لمسئوليته عن ثلاث وزارات أمنية مهمة ما زالت شاغرة منذ سبعة أشهر ؟


يناقش رجالات العملية السياسية الحاليين العديد من القضايا الشائكة منها :


# الوضع الأمني.. في ظل تصاعد العمليات الإرهابية التي تستهدف الأبرياء , وأخرها مجزرة " عرس التاجي " الذي ذهب فية حوالي 70 شخصا ممن حضروا العرس . وكشفت السلطات الرسمية عن شخص يدعى ( فراس الجبوري ) يقف وراء ذاك العمل الإرهابي . وهذا الكشف السريع له هدف يدخل في الصراع بين أطراف العملية السياسية , حيث أظهر التحقيق المعلن عبر قناة " العراقية " الرسمية أن هذا الشخص له علاقة مع احد الأطراف في إشارة إلى إياد علاوي الذي ظهر معه في إحدى الصور التذكارية . وهذه الإشارة تؤشر بأصابع الاتهام إلى علاوي أن له علاقة بالجبوري المتهم بضلوعه في تلك العملية الإرهابية , وانه ـ أي الجبوري ـ تسلل إلى الواجهة الإعلامية والسياسية والدينية , تحت خيمة " منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان " والمعتقلين في السجون العراقية . وسبق للمالكي أن هاجم منظمات حقوق الإنسان وتسلل العناصر الإرهابية إليه  .


وأشار عدد من أتباع " حزب الدعوة , ودولة القانون " بأصابع الاتهام لعلاوي انه يفتعل هذه الأزمة لمنح الإدارة الأمريكية فرصة البقاء في العراق . كما أن الجانب الكردي عبر عن يأسه من جدوى أية مبادرة جديدة يمكن أن تنقذ الوضع المتدهور بين الفر قاء في العملية السياسية . في إشارة إلى أن مسعود البر زاني قد لا يتقدم بمبادرة أخرى لتقريب وجهات نظر الكتل السياسية .


تبادلت القوى السياسية التهم بشان الملف الأمني , وقد أفادت " لجنة تقصي الحقائق " في البرلمان بان شخصيات مسئولة ومتنفذة في مكتب المالكي الأمني وعدد من الضباط قد هربوا مجموعة من المجرمين تابعين إلى تنظيمات إرهابية مثل " القاعدة " ومليشيات تتبع بعض القوى في السلطة من السجون العراقية , بهدف إخفاء صلتهم بجهات خارجية , في إشارة إلى جهات تتبع إيران . لان هروبهم كان إلى إيران. وكانت الإشارات نحو الجهة التي نفذت هجمات كنيسة النجاة .ومجلس محافظة تكريت , واختطاف منتسبي وزارة التعليم العالي .


يرتبط الملف الأمني بالوزارات الأمنية الذي مضى عليه 7 أشهر منذ تشكيل وزارة المالكي التي تعثرت مدة 9 أشهر أيضا. والخلاف يتركز على وزارة الدفاع التي هي من حصة القائمة العراقية.وكذلك الوزارتين الأمنيتين " الداخلية , والأمن الوطني " .المرشحان لوزارة الدفاع هما ( د . سعدون الدليمي , وخالد ألعبيدي ) . وتوفيق الياسري للداخلية , ورياض غريب للأمن الوطني . وإذا لم يحصل التوافق على هذه الأسماء فستظل الوزارات بيد المالكي .


احتدم النزاع بين علاوي والمالكي . ووصل الأمر حد الاشتباك بالأيدي والعصي بين أنصارهما. فقد اشتبك النائب كمال ألساعدي من أنصار المالكي وحيدر الملا من أنصار علاوي بالأيدي والعصي تحت قبة البرلمان .وخلاصة الأمر أن العملية السياسية وصلت إلى مرحلة خطيرة. وطالب البعض بإجراء انتخابات مبكرة لإيجاد حل للازمة . وقد ركزت " العراقية " هجومها على المالكي كونه المسئول عن بقاء الفاسدين. وحماية الشقاوات الذين اعتدوا على المتظاهرين في ساحة التحرير.وعدم تحقيق الشراكة الوطنية . وإبقاء الوزارات الأمنية شاغرة .


# القوات الأمريكية .. المفروض أن تنسحب نهاية العام الجاري , حسب الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن , رغم أن بوش الابن سبق أن أعلن " أننا سنفكر بالخروج من العراق بعد 100 عام " . ولكن الإدارة الأمريكية في عهد اوباما قررت سحب قواتها نهاية عام 2011 , وما ان اقترب الموعد حتى تحركت هذه الإدارة من جديد لإبقاء قواتها مدة أطول , وقد وجدت هذه الرغبة استجابة من بعض أركان العملية السياسية . فرئيس الأركان العراقي صرح منذ وقت مبكر أن القوات العراقية لا تملك الجاهزية القتالية لتحل محل القوات الأمريكية , رغم أن عدد هذه القوات وصل حوالي مليون فرد ـ حسب قول المالكي في اجتماع مجلس الوزراء يوم 14/6/2011 .كما أعلن الأمين العام لوزارة " البشمركه " ( جبار ياور ) ترحيبه تمديد بقاء القوات الأمريكية في العراق . وأوضح أن الجيش العراقي لا يملك الأسلحة الثقيلة على الأرض والجو والبحر.


وتمر العلاقات الأمريكية ـ العراقية بأزمة جديدة بعد أن رفض المالكي طلب وفد الكونغرس الأمريكي الذي زار بغداد قبل عدة أيام زيارة معسكر اشرف الذي يقطنه حوالي3500 إيراني من منظمة مجاهدي خلق المعارضة للاطلاع على حقيقة المجزرة التي ارتكبتها قوات المالكي في شهر نيسان الماضي وذهب ضحيتها 36 قتيل ومئات الجرحى.وأبلغت حكومة المالكي السفارة الأمريكية في بغداد عدم ترحيبها ببقاء الوفد في بغداد. مثل هذا الموقف ليس غريبا لان حكومة المالكي أعلنت منذ الأزمة الأخيرة مع الاشرفيين ,  , ضرورة إخراجهم من العراق , وهو المطلب الذي ينادي به النظام الإيراني منذ سنوات .


وذكرت المصادر المقربة من " دولة القانون " أن الوفد الأمريكي طلب تعويضات مالية عن نفقات القوات الأمريكية في العراق , ولاسيما أن الإدارة الأمريكية تعاني من أزمة مالية بسبب زيادة المصروفات على قواتها المنتشرة في العالم . وردت الحكومة العراقية بطلب مقابل يقضي أن تدفع الإدارة الأمريكية تعويضات للعراق عن الأضرار التي لحقت بالبني التحتية جراء القصف الأمريكي منذ عام 1991 . وهو حق كفله قانون الحرب . وكان المفروض بالحكومات المتعاقبة إثارة هذا الحق في كل المحافل الدولية والقانونية بالذات .


مقابل مطالبة بعض الأطراف العراقية ببقاء القوات الأمريكية في العراق لمدة أخرى , ردت فصائل المقاومة العراقية بكل تسمياتها بمزيد من العمليات النوعية ضد القوات الأمريكية السيارة وفي القواعد الثابتة . وبالذات في الموصل والمسيب والناصرية وبغداد حيث القواعد التي يتواجد فيها الأمريكيون بكثافة , واستهداف العربات المدرعة على كل الطرقات .


انتقلت المقاومة من أسلوب زرع العبوات الناسفة على جانبي الطرقات وتفجير العربات المدرعة , إلى قصف القواعد الأمريكية الثابتة بصواريخ محلية الصنع , من إبداع مجاهدي التصنيع العسكري في النظام الوطني.


# ملف الخدمات. فهو ملف قديم جديد , وبالذات نقص الخدمات في الكهرباء , وقد أعلن حسين الشهرستاني عزم الحكومة توزيع الكاز مجانا على أصحاب المولدات الكهربائية لتوليد الكهرباء في الأحياء , في محاولة لاسترضاء المواطنين قبيل سريان أل 100 يوم الجديدة . أضف إلى ذلك ما أثير حول الفساد الذي شمل البطاقة التموينية باستيراد المواد الفاسدة. ويتحدث البعض عن أزمة بيئية جديدة قادمة مع نهري دجلة والفرات والأنهار الصغيرة القادمة من تركيا وإيران .


إن بداية الانتفاضة في ساحة التحرير يوم 25/2/2011 كانت من اجل الإصلاح , وتحسين الخدمات: الماء الصافي , الكهرباء. البطالة. الفقر. إنصاف المظلومين , إخراج المعتقلين , محاكمة الإرهابيين وإعلان الجهات التي تتبعها . وغيرها من المطالب المعاشة التي يعاني منها معظم المواطنين العرب في أقطارهم وكانت سببا في انتفاضتهم .


إن ابرز ما يثير المواطنين هو الغموض الذي يكتنف حالات هروب الإرهابيين من السجون العراقية , إذ تتعالى اتهامات توجه إلى عناصر مقربة من مكتب المالكي , وبالذات من المكتب الأمني .وهناك اتجاهات باتهام بعض الضباط بالتعاون مع مليشيات تتبع أيرن . وقد أفادت لجنة تقصي الحقائق في مجلس النواب حول تورط شخصيات مسئولة ومتنفذة في مكتب المالكي الأمني , ومجموعة من الضباط تهريب مجموعات من المجرمين متهمين بجرائم عدة ضد أبرياء .


الأزمات كثيرة ومعقدة . سببها الفساد الذي استشرى بين المسئولين وأعلى المستويات , والخلافات المستعصية بين القوى السياسية الحاكمة القائمة على المحاصصة الطائفية , واستئثار البعض في مواقع السلطة ولو بدون حق . والاهم هو إهمال دور المقاومة في تحرير العراق من الاحتلال الأمريكي , واستعادة العراق لدوره القومي والقيادي في الإقليم والنظام العربي الرسمي.

 

 





الاربعاء١٣ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د . حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة