شبكة ذي قار
عـاجـل










أكمل برلمانيو العراق الأشاوس الواجبات التي أوجبها عليهم الله ثم النظام الداخلي وأوفوا بالعهود والالتزامات للشعب الذي ضحى لهم بالنفس الغالية والشرف الرفيع ليصلوا إلى الكراسي التي أحبوها أكثر من حبهم لله والوطن، بعد أن أستتب الأمن والاستقرار وشمل ربوع الوطن الخير العميم ونبذت الطائفية وتبددت وأصبح المواطن العراقي ينعم براتب يستلمه بالعملة الأجنبية (باليورو وأحياناً قليلة بالدولار) والأمن والأمان فالرخاء أصبح يعم الأرجاء وقضوا على الفساد بحيث أصبح العراق يعد من دول النخبة بين دول المنطقة إن لم نقل دول العالم، حُسِبَ المفسدون وأقصيَ المرتشون وأحيل القتلة إلى القضاء فنالوا جزائهم الذي يستحقون واطمئنوا أن اليتيم والمسكين ينال الرعاية الاجتماعية التي يستحق ولم تبقى ثكلا أو أرملة إلا أن نالت حصتها من نفط العراق الذي يجري بلا حاسب أو رقيب وأن السجون قد أخذت قسطها من العدل فأصبح الشاة والذئب يرعيان سوية دون خوف أو وجل وأضحى الشعب يعيش دولة أفلاطون، أليس كذلك يا ممثلي الشعب ويا حامي مصالحه وممثلي وجوده؟! إزاء ذلك كله لم يبقى أمام ممثلو الشعب المسكين وهم المؤتمنين على حقوقه والمدافعين عنه من الرجال والنساء إلا تلبية نداء الرب في أكمال دينهم وهم الحريصون على ذلك كل الحرص (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) ﴿٢٧﴾ سورة الحج


أكمل الطيبون الصالحون واجباتهم وأدوا الأمانة التي أتمنوا عليها فلم يبقى سوى حق الله تعالى عليهم في إكمال ركن أعطى فيه رب العزة والجلال الرخصة حتى حصول التيسير والتسهيل والاستطاعة (فقال وهو أصدق القائلين ومن أستطاع إليه سبيلا) وبما أنهم في موقع الاستطاعة والتمكن في الاستئثار بهذا المغنم فقد تسابقوا إلى هذا العمل الجليل ليضاف مكسباً إلى قائمة المكاسب التي حققتها لهم صفة (عضو برلمان) ووجودهم تحت قبته، أنسيتم الوعود التي قطعتموها على أنفسكم والتصريحات التي أدليتم بها لأولئك المساكين من أبناء شعب العراق الذي حملكم على أكف ألراحته وضحى بحياته لأجل وصولكم لما أنتم فيه، ولكن ألا تعلموا أنها أمانة ستحاسبون عليها عندما أهملتم التكليف المطلوب منكم ونسيتم شعبكم وصاحب الفضل عليكم بعد الله تعالى فيما أنتم فيه وعليه من حال ومكاسب (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) ﴿٧٢﴾ الأحزاب


فكم من مصلحةٍ للشعب معطلة وكم من مشروع قانون أجلتم مناقشته وكم من هبة خصصت لتوزع على مساكين وأرامل تبخرت قبل أن تصل أليهم، لقد ملأت الأرجاء رائحة نتانة أفعالكم وفاضت بالأفاق أشكال سرقاتكم وتعاملاتكم، أنتم تنعمون بالخيرات والمكاسب والشعب الذي أدعيتم أنكم تمثلوه يعيش الكفاف والفاقة، وتطفوا على السطح واحدة من ترهات أفعالكم عندما قررت حكومة المملكة العربية السعودية السماح لستة ألاف حاج عراقي إضافة للحصة المقررة له، فتكالب عليها مسئولين حكوميين أرادوا أن يتقاسموها بينهم لجني مكاسب مادية لصالحهم على حساب مصلحة الدين والمواطن العراقي الذي أتيحت له فسحة أمل في تحقيق ركن من أركان دينه وهو الذي دفع الغالي والنفيس من أجلكم، فضحكم الله تعالى وجشع أطماعكم والاستقالة التي قدمها السيد محمد تقي المولى رئيس هيئة الحج والعمرة وإصراره على تلك الاستقالة لولا تدخل (نوري المالكي وضخامة رئيس الجمهورية) ولملمة القضية خشية كشف المستور من قضايا فساد قد تثيرها هذه القضية.


متى سينتهي جشعكم وإيغالكم في غيكم الذي أنتم فيه وعليه، إنكم خونة لله ولرسوله وللمؤمنين فيما كذبتم به ونكثكم لوعودكم (وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّـهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيم) ﴿٧١﴾ الأنفال


ستمضي الأيام وتنتهي فترة توليكم ويلفظكم الشارع لتعودوا من حيث أتيتم على قارعته كالكلاب الضالة والمتشردة فقد عرف الشعب حقيقتكم وكشف زيف تلونكم وحرصكم على سرقة قوته والإمعان في أذاه، ولكن سيكون حكم الشعب عليكم بقدر ما هو قاسياً إلا إنه عادلاً، منسجماً مع عقوقكم للشعب واستهانتكم به.


حوالي ثلث أعضاء البرلمان سيمضون في رحلتهم إلى الديار المقدسة غير موفقين إن شاء الله تاركين شعباً أهلكته المعانات والمتاعب وأنهار الدم التي ما انفكت تجري بمناسبة أو من دونها في غياب الخدمات الأساسية وتلاطم أمواج الصراع الطائفي والذي أنتم أنفسهم من عمل على تأجيجه وتعالي المد فيه وإدامة تناميه في وسط المجتمع العراقي الذي عاش سنوات طوال لا يعرف لهذه التجاذبات من أمر أو وجود.


كانت معانات الشعب العراقي ما تنفك من التعاظم بوجود كل أعضاء البرلمان فكيف سيضحى حاله عندما يغيب ما يقارب الثلث منهم؟


إن كنتم تسعون لمرضاة الله تعالى، فلا شك ستكون مرضاته جل وعلا في إنجاز واجباتكم وتعهداتكم للشعب الذي قدم بكم لهذه المواقع وأجلسكم مجلسكم هذا، ولكني أعتقد أن الأمر ليس فيه طلباً لمرضاة الله وحباً في الورع والتقوى بالقدر الذي يتعلق بإضافة عنوان جديد لحضراتكم ضمن قائمة التبجيل والاحترام التي تغبطون أنفسكم عليها، فسيكون اللقب لطيفاً عند المناداة (السيد عضو البرلمان الحاج ملة إجخييور المحترم) كم هو فخم وجميل؟ (سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) ﴿٢٦﴾ القمر


لا بارك الله بسعيكم ولا تقبل عملكم وردكم إلى سوء الدرك والشقاء وجعلكم للمظلومين من شعب العراق آية. أللهم آمين

 

 





الثلاثاء٢٠ ذو القعدة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / تشرين الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب غريب في وطنه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة