شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يلحظ الكثيرون ، تزامن توقف بث الإعلانات الأميركية في الفضائيات والصحف، مع انسحاب الجنود الأميركيين أواخر العام الماضي، وهذا يدعونا في البحث عن أهداف تلك الإعلانات التي غزت الفضائيات العراقية والعديد من الفضائيات العربية بما فيها قنوات المسلسلات والأفلام، وخلال السنوات الثلاث الماضية تحاول هذه الاعلانات الايحاء بأنها تهدف الى تقوية الأجهزة الامنية العراقية، إلا أن توقفها مع سحب اخر الجنود من العراق يشير بدقة عالية الى أن تلك الاعلانات الدعائية، كانت في خدمة القوات الأميركية من خلال إعطاء حقن إضافية للأجهزة الأمنية العراقية لتواصل عملياتها ضد أبناء العراق، والهدف من ذلك زيادة درجات الرعب والهلع بين العراقيين ومطاردة المقاومين والرافضين للاحتلال، وتأكد ذلك بتوقف تلك الحملات الدعائية اليومية الهائلة لمجرد خروج القوات الاميركية.


وتعرض شاشات عشرات الفضائيات العراقية والعربية إعلانات يظهر فيها أشخاص يتحدثون عن قوة الأجهزة الأمنية، يقول أحدهم أنا النقيب فلان واخر يظهر برتبة أخرى، وإعلان ثالث يتحدث عن القضاء على الارهاب ورابع يمجد قوة من الجيش تقتحم بيوت العراقيين، واعلان خامس يظهر بشاعة رجال الأمن في اقتيادهم لمواطن عراقي، وإعلان يظهر فيه أطفال يتفاخرون بالأب المنتسب إلى الأجهزة الامنية والقائمة تطول، وجميع هذه الاعلانات تتحدث عن بناء الاجهزة الامنية وتطويرها وتعبئة الناس لتقديم المعلومات الاستخبارية ضد المناوئين والمقاومين.


إن قراءة بسيطة لأهداف تلك الحملات الدعائية الكبيرة التي يشهدها العراق منذ بداية الغزو الاميركي، تكشف أن القوات الاميركية وسفارتهم في بغداد، لم تكن تقصد من وراء تلك الحملات الاعلانية والدعائية تقديم دعم للأجهزة الأمنية لخدمة المواطن العراقي وتوفير الحماية له، وانما الغرض الاساسي يتمثل في حشد الناس وراء الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة لتوفير الحماية للقوات الاميركية، وتوظيف أكبر عدد ممكن من العراقيين في العمل كجدار حامي لتلك القوات، وفي مقدمة هذا الجدار الأجهزة الأمنية التي لم تدخر جهدا في مطاردة العراقيين واعتقال مئات الآلاف منهم وتعرضهم للانتهاكات داخل مئات المعتقلات السرية والعلنية، واعتقد أننا بحاجة الى مراجعة العديد من الأمور ومن بينها توظيف الأجهزة الأمنية لخدمة الاحتلال الاميركي، وتوفير الحماية لقواته لتأمين خروجها في أكبر عملية سحب للقوات منذ الحرب العالمية الثانية، ومن المعروف أن الادارة الاميركية قد أعطت الحيز الاكبر من اهتماماتها منذ عام 2009 لعملية الانسحاب،وتم تشكيل اكثر من غرفة عمليات لتنفيذ ما أطلقوا عليه (الانسحاب المسؤول) والمقصود به أن يتم سحب هذه القوات دون تعرضها لهجمات من قبل المسلحين او اي نوع من التعرض من العراقيين الذين يحقدون على هذه القوات بكل ما يمتلك المرء من طاقة على الحقد والكراهية، ولتنفيذ هذا الانسحاب ، فقد وضعت الحكومة وبالاتفاق مع الغزاة الامريكيين الخطط الكفيلة، بتحويل أكثر من مليون شاب عراقي في الجيش والشرطة، لحماية الغزاة ودفعهم لارتكاب الانتهاكات الخطيرة بحق أبناء جلدتهم، بهدف اشغال العراقيين ورميهم بالسجون وتعذيبهم وابتزازهم وايجاد العداوات وصناعة التنافر والتشنج بين أبناء المنطقة الواحدة والبلد الواحد، لكي ينعم الغزاة الأشرار بالأمن وينسلوا هاربين تحت جنح الظلام من بلاد الرافدين.


بالتأكيد لا يعرف هذه الحقيقة مئات الآلاف من عناصر الأجهزة الأمنية وربما الغالبية العظمى من قياداتها، وكانوا يعتقدون أن جميع أنواع الدعم التي تتلقاها هذه الأجهزة، بما فيها الاعلانات الدعائية تصب في خدمة الأجهزة الأمنية، ولكن على الجميع أن يدققوا بقضية توقف الاعلانات مع انسحاب القوات الاميركية، مما يدلل مع العديد من المؤشرات والمعطيات على أن القوات الاميركية وبترتيب واسع مع الحكومة العراقية، قد وضعوا الخطط والبرامج التي تحول بموجبها الجهاز الامني العراق الذي يقترب عدد أفراده من المليون ونصف المليون الى خدام لقوات الغزو الأمريكية،وأنهم دفعوا بالكثيرين منهم لإرتكاب الجرائم بحق شباب العراق لكي تخرج قواتهم بأقل قدر ممكن من الخسائر.



wzbidy@yahoo.com

المصدر الوطن العمانية
 

 

 





الاحد٢١ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب وليد الزبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة