شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يجد أئمة الجمعة اليوم 10/02/2012 في عديد المساجد على إمتداد القطر من موضوع يطنبون فيه الحديث ويصيحون بملء عقيرتهم ، غير التهجم على البعث فكرا وتنظيما وفي الإساءة لتاريخه و لرموزه وقادته العظام الذين أفنوا العمر في النضال في سبيل تحرر الأمة العربية ووحدتها وتقدمها . وقد يحتاج ذلك إلى التذكير ببعض الملاحظات لعل الذكرى تنفع بعض المؤمنين .


أول هذه الملاحظات و التي نسوقها للبعض من هؤلاء الأئمة الذين يظهر أن ثقافتهم لم تزد عن بعض المعلومات السطحية ذات العلاقة بخطب الجمعة ، وبثقافة السباب والشتيمة التي دأب عليها أغلبهم وفي ذات المنابر أيام الدكتاتور وبتوجيه من أجهزته . وبالتالي فما أدراهم بالبعث وتاريخه الحافل بالمحطات المضيئة وبالمواقف المشرفة لمناضليه منذ تأسيسه وحتى الغزو الصهيوأمريكي للقطر العراقي وتحول البعث من سدة الحكم إلى ساحة المقاومة .


فالتاريخ يشهد وليعلم هؤلاء الأيمة أن أول من فتح باب التطوع للقتال ضد عصابات الغزو الصهيوني لفلسطين هو حزب البعث العربي الإشتراكي بعد سنة واحدة من تأسيسه سنة 1947 وأن في مقدمة المتطوعين كان مؤسسي الحزب من أمثال القادة ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار وغيرهم وأن حزب البعث من أول التنظيمات السياسية التي قدمت شهداء في سبيل قضية العرب المركزية فلسطين السليبة . كما أن رجال البعث تطوعوا للقتال في الجزائر إبان ثورة التحرير ، و شاركوا في كل معارك الأمة مع أعدائها من حرب النكسة إلى حرب 1973 التي قاتل فيها جيش البعث على الجبهة الشمالية وكان له الفضل في حماية دمشق من السقوط وعلى الجبهة الجنوبية عندما كانت الطائرات البعثية من بين الأسراب الأولى التي دكّت مواقع العدو في سيناء . وكان البعث حاضرا في حماية عروبة الخليج ووحدة شعبه عندما رفع الخميني شعار تصدير " الثورة" وقاتل جيش البعث لمدة ثماني سنوات بلا هوادة ، وها نحن اليوم وبعد احتلال العراق نعرف ماذا عناه الخميني "بتصدير ثورته" غير بث البغضاء والحقد الأعمى بين أبناء الشعب الواحد بزرع نار الفتنة .


وثانيا نذكر أن البعث هو الذي فتح أبواب العراق لكل أبناء الأمة من المحيط إلى الخليج ليستفيدوا من خيراته بالخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن العراقي دون تمييز ، في التعليم بجميع مراحله وفي الصحة بالعلاج المجاني وفي سوق العمل في كافة القطاعات من الفلاحة إلى التجارة مرورا بالتصنيع بما في ذلك الصناعة العسكرية التي يفترض أن تكون حكرا على العراقيين . كما قدم العراق الدعم لكل الأقطار العربية الفقيرة من موريتانيا إلى تونس إلى السودان إلى اليمن ، وشمل الدعم بناء المدارس وتقديم لوازم الدراسة ومن ينكر من تلاميذ جيل السبعينات والثمانينات وأنا أحدهم ، أنه لم يدرس في الكتب التي قدمها العراق هدية للشعب التونسي الشقيق كما كتب على ظهر تلك الكتب . وكان البعث يقدم كل ذلك خدمة لأبناء الأمة وتكريسا لشعار تضمنه دستور البعث يقول " نفط العرب للعرب" . ولم يكن ينتظر شكورا ولا يملي شروطا .


ثالثا نضيف التساؤل عن أي فكر نابع من تراث الأمة ومن أرضها قدّم للأمة بمثل ما قدمه البعث العظيم ، فلا الاديولوجيات ذات الخلفية الدينية ولا حتى اليسارية أعطت للأمة مقدار عطاء البعث العربي ،على خلاف عقيدة الدولة الإيرانية والتي تتغلف بالإسلام لعبت ولازالت دورا تخريبيا وتدميريا خطيرا لم تنجح الصهيونية ولا الإمبريالية الأمريكية على مدى أكثر من ستين سنة في تحقيقه وذلك بإثارة النعرات الطائفية والحقد الأعمى بين أبناء الشعب الواحد ، وهاهو العراق الذي استعصى على الأعداء لعقود تحت حكم البعث ، قد سقط صريعا بيد الغزو الوحشي الأمريكي بمساعدة إيران الصفوية ، فإنهار بذلك السور الذي كان يحمي البقية ، وهاهي إيران التي تجرع الخميني فيها السم على أن يتخطى الحدود ومات بحسرته ولم ينجح قد تمادت الى اليمن ليقتتل أبناء الشعب الواحد في قضية الحوثيين . وامتدت يدها الآثمة إلى فلسطين "لتدعم" حماس على حساب بقية الفصائل ويقتتل الإخوة على مرمى حجر من العدو الصهيوني ويقسّمون المقسّم لتنشأ "دولة" حماس في غزة ودولة فتح في رام الله . وهاهي البحرين التي لا يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة مهددة بالتبعية لإيران بعدما نفخت في أتباع التشيع الصفوي من روح الحقد الطائفي المقيت .


رابعا ليعلم أئمة مساجد تونس أن البعث قاتل العدو الصهيوني والأمريكي إلى آخر رمق وصعد قادته المشانق ولم يستعطفوا جلاديهم ولم يسلموا عكس من تحكموا في العراق اليوم من أتباع الإديولوجيات الدينية من حزب الدعوة الصفوي إلى الإخوان المسلمين السنة .... الذين دخلوا العراق على ظهر الدبابة الأمريكية وجلسوا على كرسي السلطة بمباركتهم . وهاهي إمارة قطر التي لم تخرج عن إطار الدويلة – العائلة قد أصابتها تخمة المال وبعدما إستظافت على " إتساعها " أكبر قاعدتين جويتين أمريكيتين " العيديد" و"السيلية" تتولى في إطار عمل المناولة ونيابة عن عرّابها الأمريكي تنفيذ مشروع " الشرق الأوسط الجديد" الذي فشلت الآلة العسكرية الجبارة للعدو على تنفيذه بفضل المقاومة العراقية الباسلة والشعب الأفغاني الحر. وتجسد المشروع في غزو ليبيا وتسليمها للجرذان وعصابات القتلة وإكتواء الشعب الليبي المقهور بنارهم بعد نار القذافي . وهاهي تلتفت إلى سوريا العربية عقدة المنطقة ومحورها لكي تدعم التمرد بالسلاح والإعلام والتأييد الديبلوماسي عربيا ودوليا ، وإن كنا لا نؤيد نظام الأسد في الحل الأمني الذي يتوخاه تجاه الشعب السوري التائق إلى الحرية ، فإن غزو سوريا والإطاحة بنظامها من الخارج هو خط أحمر نرفضه ونقاومه ونؤمن بأن حل المسألة السورية هو شأن داخلي من حق الشعب السوري وحده .


أخيرا نتفهم حملة أئمة المساجد على البعث بعدما باركت أمريكا حكم النهضة لتونس وهي التي لم يكن لها أي دور في سقوط الدكتاتور حيث كان كل النهضويين في مدن وعواصم أوروبا ينعمون بالأمن وجمع الثروة ، ودعما لقطر التي أغدقت الأموال على النهضة في انتخابات المجلس التأسيسي ووعدت بتمويل المشاريع . لذلك فمن حق إمارة قطر أن تتدخل في تعيين وزراء الحكومة المؤقتة وفي طرد السفير السوري من تونس ولتذهب مصلحة الشعب التونسي إلى الجحيم ما دامت إرادة قطر كذلك .


ولكننا ننصح من تسوّل له نفسه أن يتهجّم على البعث أن يلزم حدوده فالبعث لم تنشئه بريطانيا في مصر ، ولم يتآمر على الأمة من محاولة إغتيال عبد الناصر إلى فتح باب الوطن على مصراعيه للغزاة لتذهب دماء الشهداء الذين إفتدوا بأرواحهم أرضه الطيبة .

 

 





الاربعاء٢٩ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٢ / شبــاط / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد العزيز بوعزي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة