شبكة ذي قار
عـاجـل










هل بدأ العد التنازلي لنظام الرئيس بشار الاسد في سوريا ؟ وهل نفذ صبر واشنطن والعواصم الحليفة ؟

 

ان الاجواء المحيطة بالوضع في سوريا تشبه اوضاع ما قبل بدء العدواني الثلاثيني الغاشم على العراق عام 1991 ، حيث التصعيد الاميركي والغربي وظاهرة طرد السفراء السوريين ، والتأليب والتهديد باثارة حرب اهلية واستخدام القوة ضد النظام السوري مع استمرارتآمر ذوي القربى ؟ نفس السيناريوالذي طبق على العراق مع فارق ان الحصار اللعين الذي فرض على العراق انذاك لم يفرض مثيل له من حيث القسوة والوحشية والظلم على اي بلد آخر بما في ذلك العقوبات الاقتصادية والسياسية المفروضة على سوريا حالياً ، وان بعض الحكام العرب لم يقفوا عند حد التآمر بل المشاركة بوحدات قتالية في عدوان عام 1991 ومواصلة تضييق خناق الحصار والمساهمة في تسهيل احتلال العراق بعد تدميره عام 2003 ، كما لم تكن هناك ذرائع سوى اتهام نظام اسد بالدكتاتورية واضطهاد شعبه فلم تكن هناك " اكذوبة امتلاك اسلحة دمار شامل " ولكن يمكن اختلاق التهم والذرائع وهذا لايعيق تنفيذ العدوان ولكن هذه القوى الظالمة وعلى رأسها الولايات المتحدة لن تجازف بتكرار ما فعلته ازاء العراق وافغانستان ولن ترتكب غلطة الاندفاع العدواني الذي انتهى باحتلال وغزو العراق وافغانستان، حيث الهزيمة تحت ضربات المقاومة العراقية الباسلة وأجبارها على الانسحاب من العراق وكذلك التورط في "المستنقع الافغاني" وتعذر خلاص قواتها وقوات حلفائها من حلف الناتو العالقة هناك؟.

 

ان دفع المعارضين لنظام الرئيس بشار الاسد لمناهضته املاً في اسقاطه رغم زخ الا موال والاسلحة وتوظيف الدعاية الاعلامية الضخمة ضده ومنذ اكثر من عام لم تجد نفعاً ولم تحقق ما توقعوه من نتائج ، فالنظام مازال صامداً وقيادة المعارضة { المجلس الوطني } التي لملموا اطرافها من عناصر الخارج والبعض من الداخل.. منقسمة على نفسها ولايوحدها اضافة الى معاداة النظام ، سوى اغراءات الوصول الى سدة الحكم بغطاء ركوب موجة " ثورات الربيع العربي " بعد ان تمكنت القوى المتنفذة من تفصيل هذه "الثورات" على نفس المقاس الذي يخدم مخططاتها لرسم الخريطة الجديدة للمنطقة ومستقبلها ،لاسيما وان هذه القوى قد مدّت خيوطها لتتغلغل بين الصفوف بواسطة عملائها،ومن تم شراؤهم وتجنيدهم فجاءت بانظمة حكم ليست هي ما حلم به الثوار الشباب ؟ اذ تستمر الى اليوم اعمال العنف والقتل والتصفيات والنهب والسرقات واضطراب الامن وفقدان الاستقرار في تونس وليبيا وكذلك في اليمن، وفي مصر ورغم قوة المؤسسة العسكرية فان عصابات " البلطجية" هي التي تعيث فساداًفي عموم المدن ، وفي سوريا يزداد العنف وجريان الدم وتتسع رقعة التخريب والدمارواشاعة الفوضى ،وهذا ما يرمي اليه اعداء الامة العربية وفق مخطط اضعاف وتمزيق الوطن العربي وتفتيته الى دويلات هامشية وكيانات مجهرية لاتقوى على مقارعة الاعداء وبما يجعل المنطقة العربية الغنية بالنفط والخيرات الوفيرة والموقع الاستراتيجي الهام .. نهباً للاعداء والطامعين وهذا ماحذر منه الرئيس الراحل الشهيد صدام حسين في حديثه في الجلسة السابعة لمجلس الوزراء في 25/ 3/1997 بقوله: " ان الولايات المتحدة ستظل تخلق المشاكل وحملات الابادة السكانية والمجاعات .. فالعرب يجب تمزيقهم كأمة وطمس حضارتهم وتراثهم ونهب ثرواتهم لكي تتحكم في اسواق الطاقة في العالم "؟ فالطامعون اضافة الى الدول الكبرى ، دول الاقليم التي لكل منهااجندته السياسية المعادية للعرب والطامعة في خيراتهم الغزيرة وهي.." اسرائيل وتركيا وايران " والتي تتصارع اقليمياً على تسيّد المنطقة بعد ان خرج العرب من سباق المنافسة على دور " الدولة المركز" في الشرق الاوسط نتيجة الضعف والتمزق بعد مؤامرة ضرب العراق القوي وتدميره واحتلاله عام 2003، وتحييد مصر العروبة بتكبيلها باتفاقية كامب ديفيد مما اخرج العرب من معادلة ميزان القوى ومن دائرة التنافس والصراع الاقليمي في المنطقة، فاسرائيل التي تغتصب ارض فلسطين العربية والتي تمتلك السلاح النووي منذ خمسينيات القرن الماضي ، تعمل على تحقيق حلم اقامة { اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات } ، وتركيا تتطلع الى تحقيق حلم { تركيا الكبرى } ، وايران واحياء { امبراطورية فارس القديمة } وكل من هؤلاء الثلاثة في تسابق محموم ، في ظل الغياب العربي ، لامتلاك كل وسائل القوة لتسّيد المنطقة فايران بعد بسط يدها على الساحة العراقية نتيجة مشاركتها في تدمير واحتلال العراق تواصل نشاطها لامتلاك السلاح النووي اذ تقف اليوم على "عتبة النادي النووي" وهي لاتخفي اطماعها على حساب العرب اذ تحتل اقليم الاحواز العربي والجزر العربية الثلاث وتطالب بالبحرين وتعمل على ضمها، اما العراق فالضم تحت يافطة { الاتحاد } مع دولة الملالي ؟الى جانب اطماعها في اقطار الخليج العربي والجزيرة وصولاً الى افغاستان وباكستان، ليكتمل طموحها الطائفي الصفوي بأقامة ما يسمى بـ " الهلال الشيعي " ، فالوطن العربي.. هو اليوم فريسة للكبار واذيالهم من الاعداء الطامعين بارضه وخيراته والمستهدفين للانسان العربي بدافع الاحقاد والضغائن والاطماع ، وكانت البداية الاستفراد بالعراق القوي ليسهل قضم الاخرين تباعاً، وبعد التمكن من الالتفاف على ثورات الشباب في تونس ومصر وليبيا واليمن .. جاء الدور على سوريا العربية ابرز الانظمة المحيطة بـ " اسرائيل " والتي شاركت في حرب 1973 والتي كانت في يوم ما من الدول المارقة على "القانون الاميركي "لقص اجنحة النظام واضعافه واسقاطه بنفس طريقة اقرانه ، ولم تشفع لنظام الاسد سياساته المهادنة والخانعة في السنوات الاخيرة وسكوته على الاحتلال الاسرائيلي للجولان السورية ومشاركة نظام اسد في التآمر على العراق والاسهام في اسقاط نظام الحكم الوطني ووضع يده بيد ملالي ايران في استباحة العراق واغراقه بدماء ابنائه والايغال في اضعافه وتدميره ، فلم تبطل مؤامرات نظام دمشق على العراق وشعبه منذ قيامه في سبعينات القرن الماضي والى ما بعدالاحتلال عام 2003 ، اذ اغلقت الحدود السورية تماماً تطبيقاً لحصار الظالمين طيلة سنواته التى تجاوزت الـ 12 عاماً، وشارك في عدوان عام 1991 وعمل على الاطاحة بالنظام الوطني بالتآمر وايواء واحتضان العملاء ممن يسمون بـ "المعارضة العراقية " الذين قدم بعضهم من دمشق مع المحتلين ،متناسين ان عراق البعث هو الذي حمى دمشق من السقوط بايدي الصهاينة في حرب تشرين عام 1973 بدماء ابناء الرافدين الغيارى الذين يضم ثرى الشام رفاتهم في مقبرة شهداء العراق التي يتقصد نظام اسد تجاهلها في مناسبات استذكار حرب تشرين ؟؟ ورغم الغصة والألم الذي يكوي الضلوع ..

 

الّا اننا لم نكن من الشامتين، ولم نكن من المدافعين عن نظام الاسد او المنحازين الى جانبه في مواجهته المعارضين من ابناء سوريا؟، فنحن كما قال القائد المجاهد والمقاوم البطل الاستاذ عزة ابراهيم .." مع ثورات الامة ضد الحكام الطغاة الفاسدين ، ولكننا نحذر من اتخاذها وسيلة وغطاء للمزيد من التقسيم والتفتيت كما حصل في العراق وليبيا ، والسيطرة على الامة ونهب ثرواتها واستباحة اراضيها " فاسقاط نظام بشار الاسد يعني استمرار تنفيذ مؤامرة اضعاف وتمزيق الوطن العربي والاجهاز على ما تبقى من الانظمة ذات الهوية العربية { ؟؟ } واقامة انظمة بديلة منهكة تنخرها الصراعات الاتنية والطائفية ، فالبديل عن هذا النظام سيكون ، بالتأكيد، من نفس مقاس الانظمة الجديدة وليدة " ثورات الربيع العربي " التي هي ، حتى الان ، الاضعف والادعى الى الامتثال للقوى المتنفدة والمعادية للعرب ، فباسم الديمقراطية تستكمل الولايات المتحدة وحلفاؤها مخطط اضعاف العرب وتمزيق الوطن العربي وتفتيته الى كيانات صغيرة تتحقق معها الهيمنة عليه ونهب خيراته ، والنظام السوري رغم ما اقدم عليه من انجازات وما تعهد به من التزامات اصلاحية والاستجابة لمطالب المحتجين والمعارضين باجراء الانتخابات وتعديل الدستور والاستعداد بالجلوس مع المعارضة لحل الخلافات وهذا ما اكده ( الرئيس بشار ) مرة اخرىفي 3/6/2012 في خطابه الطويل في افتتاح الجلسة الاولى للبرلمان السوري المنتخب حديثاً ، الّا ان ذلك لم يجد من يسمعه، بل سارت الامور باتجاه المواجهات والتصادم المسلح بعد عمليات ضخ الاسلحة لكلا الطرفين ،، وقد تم التصعيد المسلح بوجود المراقبين الدوليين والوسيط الدولي والعربي ( كوفي عنان ) بهدف افشال مهمة التهدئة وايجاد الحلول السلمية والحوار، وربما تكون مذبحة { الحولة } التي راح ضحيتها اكثر من 100بريء بينهم نساء واطفال .." القشة التي ستقصم ظهر البعير" اذ هدد وزير الدفاع الاميركي ( بانيت ) باستخدام القوة ضد سوريا اذا لم تتوقف اعمال العنف ، وتصاحب ذلك مع طرد العديد من السفراء السوريين ، وتحركات واجتماعات دولية في منظمة حقوق الانسان، ومشاورات على صعيد مجلس الامن والتهديد بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية ،وتناخى بعض الاعراب في مؤتمرات واجتماعات للتأليب و لكي لايكونوا خارج " جوقة التصعيد"وبمالا يتناقض ودورهم المساهم في مخطط اضعاف هذه الامة وتفتيته { مو بالحيف ؟ } ،فماذا يعني ذلك ؟

 

ان هذه التطورات تؤكد ان استهداف النظام السوري قد بلغت مستوى متقدماً، فمرحلة الادانات والضغط بالعقوبات واجراءات عزل النظام لم تعد نافعة وان عدم استجابة النظام للمطالبات بايقاف استخدام القوة والاتفاق على تنحي النظام عن السلطة و" ان يحزم بشار حقائبه ويرحل "حسب مطالبة ( برهان غليون ) رئيس المجلس الوطني السوري المستقيل.. ستزيد من تدهورالوضع على الساحة السورية، وبما ان النظام السوري لن يفعلها كما فعله ( زين العابدين وحسني ) فسوريا غيرتونس ومصر ،والتنحي يعني حصول ما هو اسوأ مما حصل ويحصل في العراق منذ عام 2003 والى الان.. من تدمير وتمزيق للبلاد ونشوب صراعات دموية طائفية وعنصرية ستتم فيها التصفيات وملاحقة ومحاسبة رجال النظام والحزب الحاكم ، لاسيما وان هناك اديان وعقائد وطوائف وقوميات متنوعة لم يسمح لبعضها التصريح بقوميته وحرمانه من الجنسية كما هو حال اكراد سوريا؟ فما الذي سيفعله هؤلاء بظالميهم قياسا بفعلة الاحزاب الكردية الرئيسية في العراق رغم ان منطقة كردستان العراق تتمتع بحكم ذاتي فريد من نوعه منذ عام 1973 ؟؟ و ربما هذا ما قصده الرئيس بشار في خطابه الاخير بقوله.." ما قدمناه من ثمن غال، وما سنقدمه في المستقبل اغلى " وعليه فان كل المعطيات والوقائع تعني أحتمال ان تتطور الامور الى التدخل الدولي المسلح كما حصل في ليبيا او على مستوى اخف في البداية تقوم به دولة او مجموعة محددة وسيتصاعد وفقاً لتطورات الامور ولردود الفعل السورية والاقليمية والدولية ، والعمل المسلح ضد سوريا لايحصل الّا بعد ان يعجز النظام السوري عن ايجاد تسوية اذ المعروف عن السوريين، وبالذات نظام الاسد ، انهم شطّارتجارياً وسياسياً ويجيدون اللعب في دهاليزالسياسة ؟ و بعد ان تفشل ايران في فرض حلها لانقاذ الحليف الاسد وفق صفقة ستتم بينها والولايات المتحدة والمجتمع الدولي لانهاء الخلافات حول الملف النووي الايراني { ان كانت هناك صفقة ستطرح، كما يشاع، في مباحثات موسكو المقبلة في 18 و19 حزيران / يونيو الجاري } .

 

ان بقاء النظام السوري الحالي او زواله ليس من مشاغل العرب الشرفاء والوطنيين بقدر ما يشغلهم ما سيتّعرض له شعبنا الشقيق في سوريا من حرب اهلية مدمرة تحركها الضغائن الطائفية والاحقاد الشوفينية العنصرية وتصفية الحسابات الثأرية والصراعات السياسية ، والخشية على تمزق القطر السوري وتفتته الى مجمعات فئوية وطائفية وعنصرية، في الوقت الذي يحرص فيه الشرفاء المخلصين من ابناء هذه الامة الى " لملمة البيت العربي " قبل انهياره وتفاقم ضعفه كي تعود امتنا العربية ثانية للوقوف بقوة لممارسة دورها الانساني الرائد وبما يحافظ على حقها في ارضها ووجودها وثرواتها ، فالعرب مطالبون بمراجعة حقيقية لما آلت اليه حال الامة، ووضع الخلافات جانباً وان يصحوا [ وهذا الكلام موجه تحديداً لدول مجلس التعاون الخليجي وبالذات الى السعودية وقطر والامارات ] وعدم الاطمئنان والثقة بالقوى المتنفذة وبالذات الولايات المتحدة وحلفائها التي سفكت انهاراً من دماء الفلسطينيين والعراقيين والليبيين والعرب والمسلمين عموماً ، ومازالت تقتل و تنهب ثرواتكم وتبتزكم وتستلب ارادتكم بتواجدها وقواعدها العسكرية فهذه القوى لاصاحب لها ولاتسيرها سوى مصالحها وحسابات الربح والخسارة والدليل تنصلها عن اقرب واخلص عملائها وحلفائها من حكام المنطقة ؟ وما الذي فعلته لكم امام تهديدات ملالي ايران باجتياح المنطقة واحتلال دولها ؟ وماذا فعلت ازاء احتلال ايران للجزر الاماراتية الثلاث منذ عام 1971 والتهديد اليوم باحتلال البحرين والتمدد طائفياً كالسرطان في الجسد العربي .. فالدور اليوم على النظام السوري وغداً على قطر اخر وسيأتي الدور عليكم اذا لم تقفوا مع كل العرب صفاً واحداً في مواجهة مؤامرة استهداف الوجود العربي انسان وثروة نفطية وخيرات وتراث مشرف وارث حضاري عريق ،ففي وحدتنا قوتنا وهذا يتطلب العمل على اعادة العراق القوي باسناد مقاومته الباسلة لطرد السلطة العميلة و من يقف خلفها من بقايا المعتدين المحتلين من اميركان وايرانيين ؟ والحرص على جميع الاقطار العربية والعمل على عودة مصر والاخرين للحضن العربي وبما يتناسب ووزنهم وقوتهم وبما يؤهلهم لممارسة دورهم الفاعل على المستويين الاقليمي و الدولي.

 

 





الخميس١٧ رجــب ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / حزيران / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. مأمون السعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة