شبكة ذي قار
عـاجـل










إستهداف العراق كان بسبب مشروعه القومي الإنساني :


وكما أسلفنا أن العراق يمثل المشروع الأنضج والأبرز بين تلك البلدان في رفض المشروع الصهيوني الأمريكي، فالمشروع القومي الأيماني الحضاري الإنساني، يمثل الرد العلمي والعملي لكل مشاكل الأمة العربية، ويمثل نموذجا حضاريا وسياسيا وإقتصاديا كاملا لتغير الواقع العربي جذريا في كل النواحي، ويصلح أن يكون نموذجا لكل حركات التحرر الوطنية لدول العالم الثالث تنهل منه، تلك التي عانت وتعاني من ذات المشاكل التي عانت منها الأمة العربية، الإستعمار والتخلف الإجتماعي والإقتصادي والسياسي، لذا تعتبره الإمبريالية مهددا لمشروعها الإستعماري، القائم على تجهيل الشعوب وتشتيت قواها ورهن إقتصادها ونهب ثرواتها، وبما أن المشروع القومي الإيماني هو ما تعمل بموجبه القيادة ونظام الحكم في العراق، كان العراق هدف الإمبريالية الأول، فوظف الإعلام الغربي بكل إمكاناته المادية والفنية والفكرية والإقتصادية لتشويه صورة العراق ونظامه وقيادته وقواته المسلحة، والإفتراء عليه وعلى طليعته المؤمنة المجاهدة بكل أتجاهاتها الفكرية، وخاصة حزب البعث العربي الإشتراكي، حامل لواء المشروع القومي الإيماني الحضاري الإنساني، فتم تحشيد كل عملائهم دولا وأنظمة حكم وأحزابا وجماعات وأفراد مدربون ومهيئون لذلك الهدف الشرير، خصوصا من مواطنيهم ذو الأصول العراقية والعربية ( مزدوجي الجنسيات ) ، أو من عناصر من الجاليات الأجنبية، التي عاشت فترات طويلة في العراق، خاصة الفرس المسفرين الى بلادهم، لثبوت عدائهم للعراق وتآمرهم عليه، العراق الذي آواهم ومنحهم جنسيته أو الإقامة والعيش فيه، فحُركت أنظمة لإتباع سياسات بجوانب متعددة، هم عالمين وعارفين بأنها تلحق ضررا فادحا بالعراق وإقتصاده، منها على سبيل المثال لا الحصر سياسة بعض بلدان الخليج العربي النفطية، وبالأخص الكويت، فكان تخفيض تلك الدول لأسعار النفط الخام ومشتقاته حربا عدوانية على العراق، وحتى على دول أوبك كلها، ولكن ضررها كبيرا وفادحا على العراق، الخارج من حرب ضروس إمتدت لثمان سنين، سببت تلك الحرب إنهاكا لإقتصاد العراق، وتوقف شبه كامل لخطط التنمية فيه، في محاولة جبانة من قبل أمريكا لتركيع الشعب العراقي، وإخضاعه وإذلاله ولي يد قيادته وإحتوائه، ورغم ما بذله العراق وقيادته من جهود دبلوماسية، عبر التفاوض والحوار لتفادي ما آل إليه الوضع، ومن خلال التحرك الدبلوماسي الثنائي مع الكويت، أومن خلال الجامعة العربية والمجموعة العربية، خصوصا تدخل المملكة العربية السعودية وتوسطها لحل الأزمة، ومحاولة تخفيف حدة التوتر في الخلاف العراقي الكويتي، لكن حكام الكويت أصروا على موقفهم العدواني، لا لكونهم على حق، بل خضوعا لقرار مسبق من الإدارة الأمريكية، لتدمير العراق وقوته، خدمة لإسرائيل وأمنها، فدفعت الأمور بين العراق والكويت الى الحرب، كي يكون ذلك هو المبرر المطلوب لبدأ العدوان والحرب ضد العراق، والذي سيكون بداية الحرب الإمبريالية على العالم، لتحقيق هدف أمركة القرن الحادي والعشرين، وإخضاع العالم للهيمنة الباغية التي تتحالف لتحقيقها القوى المتطرفة والمتصهينة فكريا المعادية للشعوب، بالتحالف مع المنظمة الصهيونية العالمية وكيانها العدواني في فلسطين، بمنهجه العنصري الإرهابي، وبدعم من القدرات الصهيونية العالمية المالية والمادية والإعلامية الكبيرة، من خلال سيطرت الصهاينة على اهم مفاصل الإقتصاد والإعلام في الغرب، ومعروف بجلاء أن أطراف هذا التحالف باغية معادية لعموم شعوب العالم، وخصوصا الشعب العربي بكل طوائفه وأديانه ومكوناته، ولم تدرك قوى دولية عظمى ولم تستنتج لماذا العراق بالذات!!!؟؟؟ وإنطلت عليهم الكذبة الأمريكية أن الحرب لحماية الشرعية الدولية وتحرير الكويت من الإحتلال العراقي، ومحاربة الإرهاب، وإن للعراق علاقات مزعومة أمريكياَ وبريطانياَ بتنظيم القاعدة، في حين أن الهدف كان السيطرة على منابع الطاقة في منطقة الخليج العربي، والتحكم من خلال ذلك بالسياسة والإقتصاد الدوليين، عبر إرتهانها من خلال حاجتها للنفط والغاز، ومن خلال ذلك تستطيع تنفيذ مشروعها العدواني الإرهابي الشرير ( القرن الحادي والعشرين سيكون قرنا أمريكي ) . فقد عملت أمريكا على :


• توظيف أمريكا للخطأ العراقي الإستراتيجي كما سماه الٌقائد المجاهد عزت إبراهيم ( غزو العراق للكويت وإحتلاله ) ، وإستغلال تداعياته على المستوى العربي عموما وبالأخص الرسمي.


• توظيف ذلك في أمور متعددة : فهو مبرر ممتاز للعدوان على العراق.


أ‌- حشد حلف دولي ويضمن كثير من الأنظمة العربية بزعامتها، لتنفيذ مخططها تحت ذريعة الدفاع عن الشرعية الدولية، وتحرير الكويت.


ب‌- ضمان مساهمة عربية تؤسس لهدفين تتمناهما أمريكا والصهيونية هما:


أولا. مشروعية عربية للعدوان الإمبريالي على العراق، ودخول قواتها الأرض العربية بترحاب، وتقديم كل التسهيلات لها.
ثانيا: إحداث شرخ في داخل نفسية المواطن العربي تجاه أخيه العربي، وتقبله للعدوان على جزء من وطنه وأهله.


ت‌- لذلك لم تتوانى أمريكا في تلبية الطلب السعودي بإرسال قوات أمريكية وعربية لحمايتها! من الغزو العراقي المحتمل لأراضيها، وهو إحتمال كاذب وهمي، حيث أن جيش العراق توقف قبل الحدود السعودية الكويتية، بما لا يقل عن ثلاثين كيلومتر في أقرب نقاطه من حدود المملكة، وأعلن العراق مرارا وتكرارا أن لا نية له لغزو المملكة السعودية، أمريكا تحسب حساب شيطاني هو إحتمال تبدد الموقف العربي وتغيره، حيث يمكن أن يكون رد فعل من أثر الصدمة، وإحتمال رجوع العراق عن قراره فينسحب عن الكويت، وبالتالي تضيع الفرصة التي لابد من إقتناصها وعدم ضياعها.


ث‌- لذلك كان الضغط الأمريكي كبيرا على دول عربية مرتبطة بها، لأجل إجهاض أي مبادرة عربية لتسوية الأزمة وحلها عربيا، وكان ضغط أمريكا على مصر مبارك والمغرب وتونس زين العابدين ودول الخليج العربي، بعدم الموافقة على حل عربي ضمن الجامعة العربية، والتي كانت موافقته ( أي الجامعة ) في مؤتمر القمة المنعقد في 10أيلول 1990على ضرب العراق أول خرق لدستورها، الذي ينص أن قراراتها يجب أن تكون بالإجماع وليس بالأكثرية، والذي صدر عنها برغم أنه قرار أمريكي بوضوح لا يمثل الموقف العربي الرسمي كله، ويتناقض مع الوقف الشعبي. ولم يسعى فعلا لتلافي الأزمة سوى العاهل الأردني الملك حسين رحمه الله، رغم أنه تلقى تحذيرات شديدة من كل من بريطانيا وأمريكا.


ج‌- كثفت أمريكا الحشود على العراق، وإمتدت أساطيل أمريكا وبريطانيا ومن تحالف معهما، عبر البحار لتتسابق في الوصول، وقد وصلت طلائعها والقوات المحمولة جوا للمملكة حتى قبل أن يعقد مؤتمر القمة العربية، وهذا يعني أن قرار الحرب متخذ سلفا، ومن حجم الحشود وطبيعة الأسلحة يتضح أن الهدف ليس تحرير الكويت، ولكن تدمير العراق وعوامل قوته، خاصة الالعسكرية وبنيته التحتية بالكامل، والسيطرة على مقدرات المنطقة.


ح‌- بدأت أمريكا ممارسة هيمنتها وتفردها على القرار العالمي فصدرت قرارات جائرة بإسم هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد العراق، كان أكثرها جورا ولا شرعية ويتنافى مع أبسط حقوق الإنسان وهو الحصار الشامل. تمهيدا لإستخداك السلاح.بدأ العدوان العسكري، ومن شهد مستوى الدمار ونوع الأسلحة يحكم بشكل قاطع أن الهدف ليس تحرير الكويت، وبل وليس معاقبة العراق فقط، وإنما تدميره كليا، والتمهيد لإحتلاله.


خ‌- في ضوء ما تعرض له العراق ولتـَحَسُب أمريكا من مغبة دخول قواتها الى العمق العراقي، خاصة بعد المعركة الشرسة التي خاضتها القوات العراقية وإستطاعت أن توقف زحف القوات الأمريكية، والفرنسية، وخاصة ما واجهه الفيلق السابع الأمريكي جنوب البصرة، ومنعها من تطويق الجيش العراقي المنسحب من الكويت، صدر قرار أمريكي بإسم مجلس الأمن بوقف القتال، والتفاوض على الخطوات اللاحقة.


د‌- كان ذلك وفي جعبة أمريكا عبر تحالفاتها السرية صفحة ثانية متداخلة، وهي دخول مرتزقة إيران مع قوات إيرانية أو بقيادة ضباط إيرانيين من حرس خميني، وتحشيد الإعلام لإعلان بدأ ثورة ( شيعية ) في الجنوب وثورة كردية في الشمال، في ظروف إنسحاب غير مرتب ولا منظم للجيش من الكويت وجنوب العراق، وهذا كفيل بالإطاحة بالنظام، وهو هدف أمريكا وحلفائها لتدخل أمريكا وحلفائها مدعوة من النظام الجديد لإعادة بنية العراق وبهذا تستعيد أمريكا هيمنتها على النفط العراقي.


ذ‌- وفعلا بدأت وسائل الإعلام الأمريكية وحلفائها والإعلام المحلي المرتبط بها، شن حملة مكثفة بالدعوة لتأليب الشعب في الجنوب والشمال بدعوى الإثنيات الطائفية والعرقية، وهو أقذر أسلحة أمريكا وحلفها ضد الشعوب، وتحريض الجيش للقيام بإنقلاب، لكن الحزب وجماهيره كانت أكبر من أن تهزها خسارة المعركة، غير المتكافئة، ففشل المخطط الشرير.

 

 





الاربعاء ٧ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / حـزيران / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد أبو رغيف نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة