شبكة ذي قار
عـاجـل










نعم كان قرار إجتياح الكويت خطئأَ إستراتيجيا كما قال الأمين العام لحزب البعث العربي الإشتراكي المجاهد عزت إبراهيم. وجل من لا يخطيء، فهو خطأ للأسباب الآتية:


1. لم تدرس القيادة العراقية في حينها عواقبه، بل تعاملت معه من باب رد العدوان وردع المعتدي، الذي كان يمثله ظاهريا النظام الكويتي الحاكم، ولم يكن حدوثه يمثل منهجا للنظام العراقي، ولا أسلوبا أو إستراتيجا لحزب البعث العربي الإشتراكي الذي يقود الحكم، ويستند الحكم في سياسته لمنهجه الفكري، ولكن كان ردا إنفعاليا وأنيا، لم يحسب حسابات الظرف والوضع الدولي، ولم تحلل القيادة الأبعاد الحقيقية لموقف النظام الكويتي الذي يعرف ويقدر امكانات العراق المتفوقة في كل الجوانب عليه.
 

2. لم تقدر القيادة العراقية ما هي الكويت؟ وتعاملت معها على أساس أنها دولة، وإن الصراع بين الدول طال أم قصر سينتهي بالجلوس الى الحوار والتفاوض لحل الأزمات بينها، وفات القيادة أن إجتياحها للكويت هو إجتياح لقاعدة عسكرية إمريكية، وإن هذا سيترتب عليه مواجهة مباشرة بين العراق بإمكاناته المحدودة مع الإمبريالية ودول الإستعمار في العالم كله، بكل إمكانات دولها ودول أخرى ستخضع لإرادتها أو تجبر على الخضوع.


3. لم يُحسب من قبل القيادة ضعف الدور العربي في حل الخلاف، بل تبعية النظام الرسمي العربي للقرار الأمريكي، وتواطؤ معظم حكام الدول العربية مع أمريكا والغرب، وجبن وضعف وطنية وقومية حكام آخرين.


4. لم تقرأ القيادة في العراق جيدا حجم القيد على المواطن العربي، كفرد وعلى الشعب العربي في عموم أقطاره المتعددة، وخضوعه لإرادات الحكام مجبرا، وإن الجماهير العربية لا تمتلك الوعي الكافي بأساليب المواجهة الشعبية، كغلق المطارات والموانيء وإيقاف الخدمات اللوجستية التي تخدم الأعداء كالقواعد العسكرية وشركات إستخراج وإنتاج البترول، وتشكيل كتائب مقاومة قتالية على سواحل البحار والمحيطات التي مرت بها قوات العدوان والتي تقع كلها في المنطقة العربية، وغيرها من الوسائل، كما إن ضعف ثقة الجماهير بنفسها وبأمكاناتها وقدرتها في مواجهة الأنظمة العميلة والخائنة والإطاحة بها، لضعف العمل الجماهيري والديمقراطي في الوطن العربي، كل ذلك أثر بشكل كبير في رد الفعل الشعبي وفاعليته، كما إن الجماهير العربية لا تمتلك القوة والسلاح والحرية في مواجهة ذلك العدوان الخطير قتاليا، وكشف إشراك قوات عربية في العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991 من قبل الأنظمة الخاضعة لأمريكا فهم كثير من الجيوش العربية الخاطيء لواجبها الوطني (والقومي)، وإتضح أنها تعمل على أنها جيوش للأنظمة، ولم تبنى عقيدتها القتالية على إنها جيوش للأمة وللدفاع عنها، وهذا يوضح مدى التغير في صميمة الأنتماء للفرد العربي وتفاعله مع الأحداث، ومع كل ذلك فان عموم جماهير الشعب العربي وأبناء الأمة عرفت وشخصت في كل أقطارها منذ البدأ بأن العدوان يستهدف العرب والمسلمين عموما، وأنه عدوان يستهدف الأمة ووجودها وثرواتها وقوتها، وفهمت الحقيقة من خلال إستهداف طليعتها العراق، وتأكد لعموم الأمة والعالم أن إستهداف العراق لم يكن بسبب الشك في نواياه بشأن تصنيع أسلحة وبرامج علمية متطورة يخشى الغرب من تطويرها، بل لأنه تجاوز الخطوط التي تعتبرها أمريكا والغرب والصهيونية خطوطا حمراء على العرب، وعرفت الجماهير كلها بفطرتها أن الحرب عدوانا لإحتلال الوطن العربي، وليست حربا لتحرير الكويت، كما تعلن أمريكا عبر إعلامها الكاذب والمزور، وكذلك ما يعلنه الأعلام الإمبريالي الرديف، والآخر المتحالف معه أو الموظف لخدمته المردد لما يقولوه، الذي كانت أمريكا ودوائرها وراء تكوينه وتطوره، خصوصا الناطق بالعربية ومن أرض العرب ويمول بأموال العرب، ويديره ظاهرا موظفون يحملون جنسيات عربية وأخرى مزدوجة، فيكون خطأ القيادو أنها عولت كثيرا على دور الجماهير العربية ورد فعلها.


5. إن القيادة غفلت عن إمكانية تواطؤ دول الجوار خاصة إيران مع العدوان المحتمل على العراق، وتعاملت بحسن نية وصدقت أن نظاك إيران يناهض أمريكا، بانية تصديقها على أن العدوان الإمبريالي هو عدوان على كل العرب والمسلمين، وأطمأنت في ما أظهره حكام إيران من حسن النية عند زيارة الوفد العراقي رفيع المستوى، وتعاملت بمبدئية هالية مع موقف نظام إيران الظاهر، وغضت النظر عن إمكانية تحالفه مع الغرب الإستعماري، خاصة وأن نظام إيران يعتبر العراق عدوا له، ويعمل حكام إيران بكل الوسائل المشروعة واللامشروعة للإنتقام من العراق، أو على الأقل من نظام حكمه وقيادته، التي تقف بوجه مشروعها الإستعماري التوسعي، المتوسل بغطاء الدين زورا وبهتانا، وبالمذهبية المناقضة لحقيقة الدين وتشريعه وأحكامه العظيمة، والمخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة الأطهار ونهجهم المستمد من القرآن والسنة الشريفة، والذي تكشف بشكل جلي أثناء العدوان، وساهمت إيران في الصفحة المتداخلة مع العدوان عبر صفحة الخيانة والغدر، وكان حسن النية عند القيادة العراقية واضحا من خلال زيارة مسؤولين كبار لإيران إبان الأزمة، وفي مقدمتهم نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، وعدم تصور القيادة نتيجة صدق إيمانها بأن تقف إيران الى جانب دول الغرب الإمبريالي ضد العراق المسلم.


6. غفلت القيادة عن تقدير موقف العراق الداخلي، حيث لم تضع في حسابها بأن الحزبين الكرديين الكردستاني والديمقراطي كان لهم موقف شائن ينزع الوطنية عن جزء من أبناء العراق، عندما أدرج الحزبان تسريح العسكريين من العراقيين الأكراد أثناء الحرب الدفاعية ضد العدوان الخميني على العراق من الجيش أثناء الحوار الوطني لترصين الوحدة الوطنية وحل أي إشكال يؤدي لفتنة والتناحر، وكأن ابناء العراق من الكورد غير مسؤولين عن حماية العراق والدفاع عن ترابه وإستقلاله.


7. لابد أن يؤشر للمفكر والخبير الإستراتيجي العراقي حجم الفرح الشعبي المزدوج بعد إعلان وقف القتال مع إيران شيئا مهما، فهو يؤشر جانبيين: الأول: الفرح بالإنتصار الوطني ورد العدوان، والثاني: الفرح بتوقف الحرب، وجزع الشعب من طول الحرب وآثارها، أي إن الإستعداد النفسي للدخول في حرب جديدة وخلال تلك الفترة القصيرة أمرا لا يؤيده الشعب.



مع كل تلك الظروف والعوامل التي ذكرتها دخل العراق الكويت، وأنا لا أضنها لم تدرس وتؤخذ بنظر إعتبارالإدارة الأمريكية، ومستشاريها وإستراتيجيها وحلفائها وخبرائها ومخططيها للحرب، عندما قرروا العدوان على العراق وتدميره، وإعتبار تلك العوامل مساعدة لهم في عدوانهم على العراق، ومؤشرات عن القدرة العراقية للمواجهة، وبدأ العد التنازلي للعدوان على العراق بعد توفر المبرر والذريعة والمبرر.

 

 





السبت ١٠ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / حـزيران / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد أبو رغيف نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة