شبكة ذي قار
عـاجـل










يقتات النظام العنصري في طهران _ الآيل للسقوط قريبا _ في تهديده للأمّة العربية والإسلامية ، لا على قوّته الذاتية ، بل على ثلاثة أمور :


أحدها : سياسة إدارة الأزمات المفضّـلة للغـرب في المنطقة ليبقيها في دوامة صراع ، إثر صراع ، يشغلها عن التحرُّر ، فالنهوض ، ولهذا كان الغرب دائما يريد إبقاء إيران بقـدْرٍ من القوّة _ بشرط أن لاتصل إلى النووي _ لكي تبقى جزءاً من تلك السياسة.


والثاني : غياب إرادة الأمـّة ، ذلك الغيـاب الذي أوهنها ، وأضاع مقدّراتها ، بسبب أنظمة الاستبداد ، والطغيان التي حوّلت أوطانها إلى ممتلكات خاصّة ، والشعوب إلى عبيد ، والإمكانات إلى سُخـرة لأطماع الأجنبيّ .


والثالث : تفرُّق الأنظمة العربية ، واختلافها فيما بينها ، في مقابل وحدة المشروع الصفوي الإيراني ، وقد قيل : القوّة غير المنظّمة ضعف ، والضعف المنظّم قوّة ! فكيف إذا كان ضعفاً غير منظّم ؟!


ولنضرب على هذا مثالاً في غاية الوضوح فإنّه لولا هذا التفرّق العربي ، لم يمكن لإيران اغتنام الحماقة الأمريكية باحتلال العراق ، في محاولة لجعله ضيعه صغيرة تابعة لها، فحصلت إيران على هديّة مجانيّة لم تكن تحلم بها ! كادت أن تمـدَّ الهلال الصفوي إلى لبنان في أقلّ من عقد من الزمان !


ونحمد الله تعالى أنه لولاهُ سبحانه ، ثم الثورة السورية المباركة ، فقد أوشـك الهلال أن يـتمّ ( بسوريا إيرانية ) جديدة تُقطع الصلةُ بانتمائها العربي والإسلامي مع مرور الزمن في برنامج تهجير ، وتطهير ، وتحويل ثقافي متدرّج يطمس الهوية كما يحصل في الأحواز !


لهذه الأسباب كلّها : وقف النظام الإيراني موقف الدهشة الممزوجة بالخوف ، بل الرعب ، منذ انطلاق الثورة السورية ، وقد تجلى هذا بتصريحات دمية إيران بالعراق المالكي وهو يثير الرعب من الربيع العربي ، محذرا من إستمراره ، كما يلاحظ كلُّ من يتابع القنوات السورية الرسمية الحرب الإعلاميّة على الربيع العربي بوضوح ، وأمّا إيران فتلعب بالوجهين كعادتهـا !


وقف موقف الدهشة و الرعب ، لأنـّه.. أولاً : نهوض الشعوب العربية ،سيخرجها عن ربقة السياسة الغربية ، وعبثها في منطقتها ، وعندما تحرّر من هذه السياسة ، فستدرك _ أيضا _ الخطر الذي يتهدّد هويتها الإسلامية ، والعروبيّة ، من هذا العدوّ الصفوي الحاقد على كلّ ما يمت إلى الإسلام والعروبة بصلـة .


وثانيا : يخشى الإيرانيون أن يعيد الربيع العربي معاقـل القوّة للأمّـة ، لاسيما في مصر ، ودول الخليج العراق والكويت والبحرين والسعودية ، والشام ، فيشكّل هذا الإتحاد العربي الكبيـر ، مع التركي العثماني ، عملاقا ممتدّ القامة إلى عنان السماء ، يبدو المشـروع الإيراني أمامه كفأرٍ صغير أمام جُحرِهِ المتهالك !

 

ثم بسهولة يمكن لهذا العملاق الإسلامي العربي مع الأندماج التركي ، أن يعيدَ العراق _ الذي يتعرّض الآن لمخطّط في غاية الخطورة لمسخ هويته الإسلاميّة ، والعربيّة _ أن يعيـدَهُ إلى حضن أمّته ، وأن يطفئ نار فتنة شيطان لبنان ، وحزبه .


وسيكون بعد ذلك مسألة وقت تحرير الشعب الإيراني نفسه من هذه الطغمة المجرمة التي تسلّطت عليه بالظلم ، والطغيان ، ثمّ على الأمة الإسلامية بالأذى ، والعدوان .

.
وأما تحرير فلسطين فسيكون قضية بيد أمـّةٍ أمينـةٍ عليها ، لا أوراق سياسية تلعب بها إيران ، لتمدّ نفوذها ، وتحقّق أطماعها ، وتحارب أمّتنا بها بمكر ، وخبث !


وثالثا : يخشى النظام الحاكم في إيران أن يضطلع العالم العربي _ في ظلّ ربيعه _ بمشروع نهضة سياسي ، وثقافي ، واجتماعي ، يحوّل أنظار شعوبه عن المشروع الصفوي المتباهي بأنّه الوحيد الذي يملك هذا المشروع ، وبقية الأنظمة تعيش لتسرق ، وتعبث بالملذّات !


إذ يطمس نورُ شمسِ الحضارة الإسلامية العربيّة الناهضة بكلّ ما في مخزونهـا من إرث إنجازات هذه الحضارة العالمية الإمبراطورية ، يطمس نار المجوس فتنضوي ، وتخمـد !


ولقد مضى وقتٌ حاول فيه نظام الطغيان في طهران _ مُلقيـاً بالعيب على من حوله من الأنظمة العربية المتخلفة ! _ أنّ يظهر بمظهر النظام الوحيد في المنطقة المتطوّر عنها ، والذي يمتلك نظاما سياسيا يُشرك الشعـب ، ويحاسب السلطة ، ويمنح المواطن حقوقه !


كما عاش حينـا يجيـد النفـاق بأنّه يحمل وحده على كاهله قضية الأمـّة المركزية في فلسطين ، صامـداً في مواجهة المخطّطات الإمبرياليّة والصهيونيّة ، داعما المقاومة ، أو ما يسمّيه الممانعة !


غير أنـّهُ لم يمضِ وقتٌ طويل ، حتى انكشفت سوأتـُه ، وبانت عورتـُه ، وانفضح حالُه ، بدأً من تبجّحه بتمكين ( الإمبرالية ) من احتلال أفغانستان ، ثم تآمره المكشوف معها على العراق ، حتى دخلت دبابات الإمبريالية بفتوى خمينيهِ الصغير في النجف : ( السيستاني ) ، وبدلالة جيوبه الإيرانية التي كانت تسير بين يدي جيش بوش تدلُّه على هدم العـراق ، كما دلّ أبو رغال أبرهة على هدم الكعبة !


وأيمُ الله لو كان الأمر بيدي ، وأدركت عراقنا المحـرّر ، لأجعلنّ قبراً يرمز إلى الخونة الذين جاؤوا مع المحتلّ ، فيُرمى ، كما رمت العربُ قبرَ أبي رغال ،


ثـمّ .. على حدّ قول ربيعة بن عامر :


ونرجمُ قبرَه في كلّ عامٍ ** كرجْمِ النّاس قبرَ أبي رِغالِ
هذا .. وأمـّا تعاونه مع الموساد الصهيوني لملاحقة عقول العراق ، فاغتيالها ، وتفكيك خبراته العلمية التي بناها عبر عقود ، فقد أزكمت رائحة هذه الفضيحة الأنوف !


وانتهاءً بما نراه كلّ يوم ، من إجرامه الذي لايوصف بشاعةً في الشعب السوري ، يسفك دماء الأبرياء ، ويذبح الأطفال ، والنسـاء ، ويهدم البيوت ، ويدمـّر المدن ، ويشرّد الملايين ، ويعيث في الأرض فسادا ، ولا يبالي لو أبـاد كلّ السوريين من أجل الحفاظ على احتلاله لسوريا !


نعم.. لقـد بان نفاقه ، وتهاوت شعاراته الزائفة ، وغـدا يمشي بين الناس عارياً ، لاتخفى منه خافية .
وتأمّلوا معي كيف أنّ الربيع العربي هو الذي أهدى هذه الثورة المباركة للشعب السوري ،


أهداها الثورة جذوةً متّقـدة ، فاشتعلت في الشام ناراً ، ثم ما لبثت حتى صارت إعصارا يسحق من يدعي القومية والبعثية والممانعة وهو اول من غدر بالعرب والبعث ولم يمانع..


ولاجَـرَم .. إذْ كلُّ شيءٍ يدخل الشام تتضاعف بركُتُه ، أضعافا مضاعفة ، كما قال تعالى عن قـراه : ( التي باركنا فيها ) .


فكان انكشاف نفاق المشروع الصفوي _ إذن _ ووضْع العصا في دولاب مخطّطِهِ الخبيث ، أوّل بركات هذا الربيع ، وباكورة ثماره اليانعة .


وأما دعوى النظام المجرم في طهران السبْقَ بنظامه السياسي ، فإنّ الربيع العربي الذي ضرب أروع الأمثلة في تجسيد سلطة الأمة واقعا حقيقيا لازائفا _ كما في طهران _ قد أظهر تلك الدعوى على حقيقتها ، وأزال المساحيق عن وجهها القبيح .


وذلك عندما قارنت الشعوب بين نظام يدّعي إشراك الشعب ، بينمـا هـو ينصـب على رأس هذا النظـام مرشدا لايُردُّ لـه قـول ! يزعم أنـّه يتلقى مباشرة من شخصية معصومة غائبة ، ديكتاتورا معمّما ! يحكم بإسـم الدين ، فمـن خالفـه ، فقد خان الله !!


ولهذا عندما خاف على سلطته المطلقة ، زوّر الإنتخابات ! فقامت ثورة الشعب الإيراني الخضراء عام 2009م ، فقُمعت قمعا لم تعرف حتـّى الأنظمة الوحشية مثله في البشاعـة !
بين هذا الواقع المزيف للنظام الإيراني في طهران ، وبين أنظمة الربيع العربي السياسية التي تسخـر من خرافة : (المرشد النائب عن المعصوم) ، ( الحاكم بأمر الله ) !


بل تحترم إرادة الشعب ، وتجعل كلمتها فوق الأشخاص مهما كان قدرهم !


والمقصـود أنّ الربيع العربي لن يكتمل _ بإذن الله _ حتى يعيد الأمة إلى مكانتها العالمية ، ورسالتها الحضارية ، وقوتها الدولية ، فلا يبقى لأيّ مشروع آخر مكانٌ هنا ، هذا لو كان مشروعا صديقا ، فكيف إذا كان عدوَّا ؟!


ولقد ذكرت مرّات عديدة أنْ كأنّ الله تعالى أبى إلاّ أن يجعل هذه النهضة التي بدأت بالربيع العربي تنتبـه لعدوِّها الأخطر في طهران ، فأظهر حقدَ هؤلاء الخونة فيما يقترفونه في الشعب السوي ، حتى رأت الأمـّة بأسرها مدى هذا الحـقد الأسـود المربادّ ، فأغناها ذلك عن كلّ درس !


ذلك أنه لن يُكتب لهذه الأمة نهوضٌ عالميُّ ، وهذه الزمرة المجوسيّة المجرمة الخائنة لهذه الحضارة الإسلامية تعدُّ خناجرها لتطعنَ الأمـّة في ظهرها في أحلك الأوقات ، كما كانت تفعل في ماضيها الأغبـر في دولتها الصفوية ، إذ أعملت معاول الخيانة في الخلافة الإسلامية العثمانية .


ولنختم هذا المقال بمثالٍ خليجيّ موضّحٌ لمقاصد الكلام ، ذلك أنّه لايختلف عاقلان لو كان لشعوب الخليج أنظمة سياسية متطوّرة تُشرك إرادة الشعوب ، مفعّلة لطاقاتها ، حافظة لثرواتها عن الفساد ، لاختارت الشعوب هنـا _ في ضمن مشروع ارتقاء شامل للشعوب يخلّصها من كلّ أمراض الأنظمة المستبدّة المتخلّفة _ أن يكون لديها إتحادٌ بجيشٍ يضاهي الجيش التركي بل يتفوّق عليه ، فلا تطمع بل لاتفكّـر إيران أن تتحرّش بهـا !


بلْ كانت سترفض أصلاً احتلال العراق ، كما رفض البرلمان التركي 2003 م عبور القوات الأمريكية من تركيا ! فترتاح من كلّ هذه التداعيات الكارثية التي تسبب بها وقوع العراق في براثن الغدر الإيراني !
ثـم سيحدث أبعـد من ذلك ، فسيكون الخليج القويّ المتحدّ الذي تتمثل فيه إرادة شعوبه ، عونا للشعب الإيراني لإطلاق ربيعِهِ ، ومأوىً لشرفاء إيـران للخلاص من نظامـه المجرم !


هذا .. ومهما ذكرنا من الأمثلة على البركات التي ستتنزّل لو صارت لشعوبنا إرادتها لتحقّق أحلامها ، فلن نحصيها ، ذلك أنّ هذه الأمة تحمل بين جنباتها ينابيع خير لاتنضب ،
كيف لا ؟! والله تعالى هو الذي زكّاها بوحيه المقدس قائلا : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) .


فما علينا سوى أن نرفع عنها كابوس الطغيان ، ونردّ الأمر إليها لتختار ، فستبهر العالـم حينئذ بأنـوار التألـّق الحضاري لاختياراتها العظيمـة ، وما سيتفجّـر من هذه الأمة المباركة الخالـدة ، من خيرٍ ، وبركات ، وإشعاع على الدنيـا بأسـرها.

والله حسبنا ، عليه توكّلنا ، وعليه فليتوكـّل المتوكـّلون .

 

 

 

 





الاحد ٢٧ ذو القعــدة ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / تشرين الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق أبو بعث العتيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة