شبكة ذي قار
عـاجـل










الإقرار بصلات الجغرافية والتأريخ ما بين العرب وإيران أمر لا مناص منه، وهو يشبه الإقرار بذات الصلة مع تركيا وأمم افريقية تحادد العرب. وفي الوقت الذي تشير البوصلات العامة إلى ضرورة أن تكون العلاقة ايجابية ومستقرة لأن هناك مشترك ديني بيننا وبين إيران وتركيا والأمم والشعوب الأخرى غير إن البوصلات قد أجبرت على الانحراف كليا أو جزئيا بين العرب وإيران بدرجة كبيرة واقل منه بين العرب وتركيا واقل بكثير قد يصل إلى درجة عدم الحصول مع الأمم والشعوب الأخرى. ببساطة متناهية, إن درجة الانحراف عن العلاقة الإسلامية قد أخذ مدياته القصوى في حالة تحول الدولة الإيرانية أو الدولة التركية من مجرد دولة ذات أفق وإطار جغرافي محدد إلى نظام سياسي طائفي يبحث عن فرص السيادة خارج حدوده, ويبدأ عندها مسار التدخل السافر في مفردات حياة وشؤون داخلية لا يجوز وغير مقبول في شؤون الدول والشعوب الأخرى عموما والمجاورة بشكل خاص. إن الانتفاخ الطائفي الذي أصاب الجسد الإيراني بعد استلام خميني للسلطة في إيران هو احد أهم المطارق التي سقطت على جمجمة المنطقة برمتها وأولها العراق والعرب وأدى في ما أدى إليه إلى انتفاخ تدريجي مقابل في الروح العثمانية الكامنة في صدر تركيا وهذا هو جوهر الكارثة التي نفذت منها الامبريالية الأمريكية والصهيونية لتمعن بالجسد العربي، تمزيقا ابتدأ بتمزيق الجسد العراقي في حرب عدوانية مباشرة بدأت مع أول خطوة خطاها خميني إلى بيت الحكم في طهران وتواصلت منذ ذلك الحين عام 1979 والى يوم غزت أميركا العراق بعد أن استخدمت كل دول المنطقة بهذه الدرجة أو تلك كمواطئ قدم ومياه وأجواء وسياسات مساعدة للغزو.


أين التلاقي ؟
سأتجنب المباشرة حتى في ما هو ثابت في قناعاتي كعراقي نشأ في وسط اشتغلت عليه إيران لمئات السنين لتجعل منه مواليا لها تحت ستار المذهب وهو الوسط المجاور جغرافيا لحدودها أو في العمق العراقي الذي اجتهدت في النفوذ إليه عبر ستار المذهب. سأتجنب المباشرة التي اعتاد عليها مَن يقرأ كتاباتي المتواضعة وهي اتهام إيران مباشرة وعبر الحوزة المذهبية في النجف والمراجع الإيرانيين بالجنسية أو الموالين لإيران بحكم القناعة المؤسسة على المذهب، وليس على الدين لأن المذهب عند الفرس قد تحول في إطار انحرافات خطيرة معروفة إلى قيمة أكثر قدسية من الدين نفسه فصار الإمام علي عليه السلام أهم من محمد صلى الله عليه وسلم، وصار الحسين عليه السلام أهم من الدين برمته رغم انه استشهد من اجل دين جده محمد صلى الله عليه وسلم ليحميه من شطط وانحراف رآه وايقنه. سأتجنب المباشرة وأنفذ مباشرة إلى نقطة التلاقي المقصود أو غير المقصود في استراتيجية إيران القائمة على التمدد الطائفي وإستراتيجية الكيان الصهيوني القائمة على نمط وقناعة دينية مشابهة للتواجد والبقاء السرطاني في أرض العرب.


الفرس الطائفيين يرون إن من حقهم حكم العراق أرضا وشعبا, حكما مباشرا أو بالنيابة, لأن في العراق مزارات شيعية أوصلهم انتفاخهم الطائفي إلى تبني شعار ومنهج أحقية حمايتها ومحبتها وتقديسها مع قناعات سحب هذه المشاعر من أصحاب المزارات نفسهم والإنكار على أهل البلد العراقيين المؤمنين الأخيار هذا الحق وسواه من المتعلقات اليومية بهذه المراقد. وحولت إيران قضية المزارات والمراقد وصلتها ودلالاتها المذهبية وحق التصرف بها إلى قضية تفوق في قدسيتها حرمة الأوطان وقدسية استقلالها وسيادتها على إقليمها. هذا طبعا يضاف إلى تحويل الحوزة والمراجع وولاية الفقيه وحكم العمامة الطائفية إلى سياسة مقدسة تعبر عن شرعة المذهب وعناوين لحياته من جهة وحصر رمزية المراقد بالشيعة عموما والصفويين خصوصا مع أن عامة المسلمين يحترمونها ويقيمون لها الاعتبار المادي والمعنوي مع إننا كمسلمين وكشيعة وأبناء منطقة جوار مع إيران لم نجد يوما أي توافق بين المذهب الجعفري وبين منهج إيران الصفوي هذا لأسباب كثيرة يقف في مقدمتها إن الفرس الذين استوطنوا العراق قد استوطنوه لأغراض العيش والتجارة والتجسس وليس لأغراض دينية حقيقية.


النتيجة والخلاصة إن إيران ترى إن من حقها حكم العراق وإخضاع شعبه والفاء هويته القومية العربية بإطارها العام ليس لأنه مسلم بل لأنه شيعي فإيران لا تريد خلافة إسلامية بل إنها تسعى لإقامة دولة شيعية طائفية سياسيا تحكمها العمامة الصفوية كقشرة خارجية تغطي جوهر التوجهات القومية الفارسية وتطلعاتها القومية.


والكيان الصهيوني, في مقاربة لم يعد بوسعنا تجاهلها, يرى أحقية اليهود في الاستيطان وإقامة الدولة العبرية في فلسطين ومنها يتم التمدد إلى حدود لا تتقاطع أبدا مع الجغرافية المرسومة للدولة الشيعية الصفوية الفارسية تحت نفس النوازع الدينية والشعوبية والعرقية والطائفية.


هنا تلتقي السياسة الفارسية الصفوية الطائفية التي يتستر خلفها المشروع القومي الفارسي مع السياسة اليهودية التي يتخفى خلفها المشروع الصهيوني ومن يعينه ويدعمه من امبريالية متوحشة ولوبيات ومافيات على نقطة العداء للأمة العربية واستهدافها في أرضها وخيراتها ونسيجها الاجتماعي.


يتبع بأذن الله

 

 





الثلاثاء ١٤ ذو الحجــة ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تشرين الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة