شبكة ذي قار
عـاجـل










في الذكرى السادسة لاستشهاد سيد شهداء هذا العصر، تعجز الكلمات عن وصف بطل فاق كل الابطال ، ورجل قلّ مثيله بين الرجال ، رجل لايهاب الموت ولا يطمع في الحياة ، وقد توفرت له كل مفاتنها فلم تتمكن من ان تفتنه ، وحدها فقط التي تمكنت منه هي المبادئ التي عاش من اجلها وقضى لاجلها ، ولم يقبل ان يتزحزح قيد انملة عن الطريق في تحقيقها، حتى في اصعب لحظات مواجهة الحياة مع الموت ، وامام ملك الموت الذي لا يملك مخلوق كائن من كان ان يقف في مواجهته .


صدام الشهيد الحي قد تمكن بشجاعته ان يحفر اسمه في سجل الخالدين ، ليس على جدارية الامة بل على جدارية الانسانية ، ورغم ان الامة فيها لحظات مواجهة عديدة ، ولكن مواجهة الشهيد امام ملك الموت لم يسبقه بها احد ، فلم يشر سفر الامة وحتى الانسانية ان تحدى رجل كل اعدائه في احرج لحظات الحياة ، فقد كان هو السيد في الموقف وهم العبيد الاذلاء، كان جريئاً في مواجهة من اراد منهم ان ينال منه ، حتى تلعثمت كلماتهم في افواههم وابتلعوا السنتهم ، وهم الذيمن ظنوا انهم اسياد المشهد ، فكان سيد الجميع كما كان سيد الرجال في الدنيا ، وكما سيكون سيد شهداء هذا العصر في الآخرة .


صدام ابن هذه الارض العربية في العراق العظيم ، التي سطرت البطولات قبل الفتح وبعده، فكانت عصية على كل الطامعين والغزاة ، وقد جبلت نفوس رجالها على شظف العيش ، وارادة التحدي ، تحدي كل ما يعترض طريق الحياة الحرة الكريمة التي ينزع اليها كل عراقي على ارض العراق ، فاصطبغ ترابها بدماء الرجال المدافعين عن حرمتها ، وتنسمت ارضها عبق البطولة التي غرستها حوافر الفرسان المقاتلين ، دفاعاً عن انسانها وحماية لشرف ماجداتها .


صدام من نبت جذور هذه الامة ، وقد اعطى طعماً خاصاً لهذه الامة ، والتي كان الرب على حق وكل الحق في ان يختارها من بين كل امم الارض ان تحمل اعظم وآخر رسالاته لبني البشر ، وان تكون خير امة اخرجت للناس كل الناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، فهاهو من يؤكد على ان هذه الامة تتمثل فيها كل معاني الحياة الحرة الكريمة ، فالشجاعة قيمة يعز وجودها الا في القليل القليل من البشر، الذين يعهد لهم الله ان يكونوا في صف الحق والخير والعدالة .


لقد وصل الكثيرون لسدة السلطة فخانتهم مباهجها ، وابعدتهم عن مساراتها في خدمة الشعب ، ولكنها معه لم يكن في مقدورها ان تبعده عن قواعده الشعبية ، فكانت طريقه لتحقيق المبادئ التي آمن بها ، الم يكن القائل المنية ولا الدنية ، فالسلطة في غير اتجاهها دنية ، ولم تكن هدفاً بل وسيلة وغاية لتحقيق هدف ، فعافتها نفسه ان حادت عن الطريق ، فكان نموذجاً امام رفاقه في النزاهة ، وكان قدوة امام جماهير شعبه، حتى مع من التقى من الحكام كان في قمة الالتزام بالمبادئ التي لم تغب عنه ولو للحظة .


كان الانسان العراقي خاصة هدفاً له والعربي على وجه العموم ديدنه في ان يكون نموذج انسان هذا العصر ، لايمانه ان هذه الامة قادرة ان تكون نموذجاً لامم الاض جميعاً في كل قيم الانسانية ، فقد كانت امة رسالة وعلى العرب ان يتمثلوا قيم هذه الرسالة ، فقد قال لو لم نكن عرباً لتمنينا ان نكون عرباً ، فقد كان صادقاً مع النفس ومع المبادئ ومع الرفاق ، ولهذا لم تجد اياً من رفاقه يتحدث عنه بكلمة سوء ، حتى في احلك الظروف التي مروا بها.


صدام لم تلد النساء مثيلاً له ، ولان الامة ولود فقد تحتاج عشرات لا بل مئات السنين ان تنجب رجلاً بحجم بطولته ، فهؤلاء هم الرجال الذين يولدون لا ككل الرجال ، وبطلاً نموذجاً لكل الاجيال ، ودرساٍ يجب ان يكون على صفحات قراءات اطفالنا ، ليعرفوا ان الامة بابطالها قادرة ان تحقق احلامها في الوحدة والحرية والعدالة ان توفرت لها قيادات تؤمن ببعض من قيم الرجولة ، التي مات واستشهد صدام من اجلها .


لن نرثي صدام في الذكرى السادسة لاستشهاده ، لان الشهداء الاكرم منا جميعاً احياء عند ربهم ، ولاننا بحاجة ان نرثي احياءنا ، وخاصة الحكام منا ، لان صدام الشهيد الحي وهم الاحياء الاموات،ولهذا نحن نتعلم في كل ذكرى نستذكر فيها الشهيد البطل بعضاً من معاني الرجولة التي افتقدناها ، وضاعت من بين ايدينا، ولاننا نؤمن ان الامل ديدن كل المناضلين فاننا لا نسمح لليأس ان يدب في نفوسنا ، رغم مصابنا الجلل في فقدان رجل لا ككل الرجال .


dr_fraijat@yahoo.com

 

 





السبت ١٥ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / كانون الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة