شبكة ذي قار
عـاجـل










أيها الرفاق والرفيقات
أيها الأخوة والأخوات
الحضور الكريم


طال الزمن أم قصر، يبقى صاحب الذكرى حاضراً ابداً في ذاكرة رفاقه وأصدقائه ومحبيه وأهله. يبقى حاضراً في الذاكرة الجماعية للشريحة الاجتماعية التي انتمى إليها، وفي الوجدان الشعبي للكتلة التاريخية التي كان جزءاً عضوياً منها، ولأجل تحقيق أهدافها انخرط في الحركة التاريخية، حركة البعث، التي أخذت على عاتقها مواجهة التحديات التي تعترض مسيرة نهوض الأمة في توقها نحو التحرر والتقدم والديموقراطية.


صاحب الذكرى، ابن العائلة الكريمة، ابن هذا الحزب المناضل، ابن هذه الأرض الطيبة، ابن الجنوب، ابن شمال فلسطين ،احتضنته ثرى زبدين الرابضة على كتف تلال، تطل على بقاع الجنوب وعمقه الجغرافي في فلسطين. نكرمه اليوم، وهو حي دائماً فينا، بقيمه الانسانية وأخلاقياته، بعصاميته وشفافيته وصدقيته في السلوك والانتماء .نكرمه في هذا الصرح الوطني، المتظلل برمزية وطنية وقومية، كان لها دور بارز في قيادة النضال الجماهيري ضد حيتان المال والسياسة وشركات الاحتكار، وانه قضى شهيداً يوم وجه اليه رصاص الغدر الذي كان إيذاناً بانفجار الوضع السياسي والأمني الذي ما زالت تداعياته تتواصل حتى الآن.


هذا الصرح الوطني أصبح معلماً من معالم صيدا الوطنية، لا بل من معالم لبنان الوطني، صيدا التي أحبها أبو محمد ظافر حبين: حب الهوى السياسي وحب لأنها أهل لذاك.


صيدا هذه، مدينة معروف سعد، ومصطفى سعد، وكل المناضلين الشهداء منهم والأحياء، هي أكبر من مساحة جغرافية، وأكبر من مركز إداري، وهي ان كانت عاصمة الجنوب في الإدارة الا انها بوابة العبور الى شمال فلسطين ومنه الى أرض الكنانة ، أرض مصر العروبة، مصر عرابي، مصر عبد الناصر والتأميم، مصر موئل المناضلين والأحرار العرب قبل ثورة يوليو 52، وقاعدة ورافعة للنضال القومي العربي بعدها.


مصر، هذه القبلة السياسية لأمة العرب، أرادوا وعملوا لتشويه تاريخها السياسي وإجهاض إرثها النضالي، وشطب دورها القومي عبر محاولة الحاقها بالحلف الصهيو-أميركي. لكن مصر التي حفل تاريخها، قديمه وحديثه، بالمحطات النضالية البارزة، تدخل اليوم مرحلة استعادة ذاتها، من خلال انتفاضة شعبها التي أسقطت نظام الفساد والإفساد والتبعية وهي الآن تعيد تصويب مسارها الوطني التحرري باتجاه تحقيق الأهداف التي تلبي الطموح الشعبي المصري في أبعاده الاجتماعية والوطنية والقومية.


إن التحولات الإيجابية في مصر كانت دائماً هاجس رفيقنا ظافر، الذي كان دائم التواصل مع قادة ورموز النضال الوطني في مصر، وها نحن نقول له أنه رغم المشاغلات الأمنية والسياسية التي تغرق بها ساحة مصر حالياً، لإعاقة استنهاضها، فإن ملامح المستقبل تشير إلى أن هذه التحولات الإيجابية، ستعيد بناء الصرح الوطني المصري على قواعد ثابتة، لإعادة مصر إلى لعب دورها القومي الجاذب وكضلع أساسي من أضلع الهرم العربي الذي تشكل الجماهير العربية قاعدته الأساسية، والذي وحده القادر على تحقيق الامتلاء السياسي، والحد من الأطباق المعادي على الوطن العربي من مداخله كما الحد من الاختراقات التي تتغذى من الإثارات المذهبية الطائفية والدينية.


إننا في حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، نعول أهمية على استعادة مصر لدورها النضالي الطليعي، لأنه بدون دور قومي رائد لمصر العروبة، لا يمكن للمشروع الوطني في العراق، الذي انتصر على الاحتلال الأميركي، ويقاوم اليوم الاحتلال الإيراني، وقوى التخريب والإفساد والفاسد وإفرازات الاحتلال، أن يكمل مساره بإنتصاره على ائتلاف وتحالف القوى الداخلية والخارجية التي لا تريد للعراق أن يستعيد وحدته وحريته ودوره كضلع أساسي من أضلع الهرم العربي.


ونعول أهمية على انتصار الانتفاضة الشعبية في مصر على كل من يريد أن يحرفها عن مسارها الوطني، لأنه بدون ذلك لا تستطيع قوى التغيير الوطني الديموقراطي في سوريا، أن تكون القاطرة السياسية للحراك الشعبي الذي انطلق تحت عناوين المسألة الديموقراطية وهو يواجه اليوم تحديات المسألة الوطنية، بعدما أمعن النظام في اعتماد الحل الأمني كأسلوب لمعالجة أزمة سياسية بنيوية وبعدما باتت قوى المعارضة مخترقة من قبل قوى لها ارتباطات مشبوهة، وتمارس بما يتماهى وأساليب النظام في الانتهكات الخطيرة لحقوق الإنسان.


إننا وفي هذه المناسبة، و أمام تفاقم الأوضاع في سوريا، والتدمير الهائل الذي طال مرافق الحياة، والنزوح الإنساني الذي وصل مستوى الكارثة الإنسانية الكبرى، ومعه وصلت سوريا إلى مستوى خطير من الانكشاف السياسي بعد تدويل الصراع فيها، وبعدالانكشاف الوطني، بسقوط عوامل المنعة الوطنية لديها الواحد تلو الآخر، وأخرها، تجريدها من السلاح الكيماوي بقرار سياسي، وهو الذي كان يعتبر من عناصر الردع الاستراتيجي في معادلة توازن القوة مع العدو الصهيوني،


نقول بأن الحل الانتقالي، الذي يضع حداً لهذا الصراع الدامي، ويفتح الطريق أمام إعادة هيكلة للحياة السياسية لانتاج نظام جديد، تحفظ في ظله المقومات الوطنية وخاصة وحدة الأرض والشعب والمؤسسات، ويوفر لشعب سوريا ديموقراطية سياسية على قاعدة المساواة في المواطنة، هو الأساس في صياغة العهد السياسي الجديد. وعندها تعود سوريا المتحررة لتشكل مع مصر العروبة، مصر تراث عبد الناصر، ومع عراق المقاومة بقيادة حزب البعث، عراق صدام حسين، عراق دحر الاحتلال الأميركي، ومقاومة الاحتلال الإيراني بكل مواقعه وإفرازاته، الضلع الثالث في الهرم العربي، والذي بدونه لا يمكن للقضية القومية أن تستقيم، ولا يمكن للقضية الفلسطينية أن تستعيد وهجها النضالي كمحفز نضالي لجماهير الأمة، وكأمل مرتجى لجماهير فلسطين في استعادة حقوقها المغتصبة وتحرير أرضها من البحر إلى النهر. غير مراهنة على مفاوضات في السر او العلن ،والتي لن تنتج في أحسن الأحوال سوى ترتيبات أمنية وسياسية تخدم مصالح العدو الصهيوني بالنظر لميزان القوى السائد حالياً والذي في ظله تجري المفاوضات بين العدو والسلطة الفلسطينية.


أيها الرفاق والرفيقات
أيها الأخوة والاخوات

إننا وفي هذه المناسبة، مناسبة إحياء ذكرى فقيدنا الكبير الرفيق ظافر المقدم، نقول للداني والقاصي، أن أبا محمد الذي فارقنا جسداً، ويستمر رمزاً، كان شديد الثقة بأن الأمة التي أنجبت قادة كباراً من أمثال عبد الناصر وصدام حسين، وياسر عرفات، وكلهم شهداء للقضية القومية، والتي أنجبت مناضلين ارتقوا بنضالهم إلى مستوى الشهادة من أمثال معروف سعد وأبي معروف وموسى شعيب "وابو علي حلاوي" وغيرهم وغيرهم، هي امة ولادة، وأن أبناءها لن يبخلوا عليها بتضحياتهم لأجل أن تنبعث مجدداً وتستعيد دورها الرسالي في بناء الإنسان العربي الجديد المتحرر من كل أشكال الاستلاب الاجتماعي والوطني والقومي.


هؤلاء المناضلون الذي أرتقوا في نضالهم حتى مستوى الشهادة، يرفضون أن تبقى الحياة السياسية في مجتمعاتهم تدار عبر المنظومات الأمنية والتي بتحالفها مع الطغم المالية تحكمت برقاب العباد والبلاد حيث عم الفساد والإفساد، ومعه أنهار نظام القيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية.


وإذا كان من مثال صارخ لانهيار نظام القيم وضوابطه العامة فهو الذي نعيشه اليوم في لبنان، حيث تتحكم قوى سياسية مشدودة الى محوريات طائفية بإدارة الشأن العام، وتعمل على تطويع العام لمصلحة الخاص، لا بل السير بالغاء العام الوطني لمصلحة الخاص الفئوي، سواء كان بالسياسية أو بالأمن، أو حتى بسلة الحاجات المعيشية الأولية.


وإذا كان الذين يتناوبون السلطة، يلقون تبعة المسؤولية كل على الآخر، فلهؤلاء نقول، أنكم كلكم مسؤولون عما آلت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية من تردٍ. فأنتم لستم معارضة تارة ولا موالاة تارة أخرى ،بل كلكم موالاة لمصالحكم الشخصية ومشاريعكم الفئوية ولو لم تكونوا كذلك، لما تراكمت هذه السلبيات حتى أصبحت هي الأساس في إدارة الشأن العام.


من هنا، نقول للذين يراهنون على إمكان الإصلاح السياسي في ظل حكم هذه الطبقة السياسية، التي تتغذى بالمحفزات الطائفية والمذهبية، وتسترسل في نهب خيرات هذا البلد، ووضع اليد على مرافقه العامة، بأن لا مجال للإصلاح السياسي في ظل هيمنة هذه المنظومات السياسية الامنية التي تدير البلد من مواقع السلطة تارة ومن خارجها تارة أخرى، طالما بقيت الطائفية السياسية هي الناظم العام للحياة السياسية اللبنانية.


وعلى هذا الأساس، فإن أي إصلاح يجب أن يبدا من إزالة العلة كي يصح المعلول. وإذا كانت العلة بالأساس الطائفي للنظام فالحل أو المدخل للحل هو بالغاء الطائفية السياسية، وان اتفاق الطائف قد حدد آلية لذلك، فلماذا لا يتم وضع خارطة طريق تنفيذية لذلك؟


إن الجواب واضح، ان الطائفيين والمذهبيين في ممارساتهم السياسية لا يمكنهم أن يُقدموا على الغاء ذاتهم، وبالتالي فإن المشروع الوطني القائم على أساس الغاء الطائفية السياسية هو السبيل للخروج من عنق الزجاجة، وهو السبيل الذي يعيد للشأن العام اعتباره، ومعه تتحقق المساواة في المواطنة، ويشعر اللبنانيون أنهم يتظللون بخيمة وطنية واحدة، وليس بخيمة الطوائف والمذاهب.


ولهذا، فإن المطلوب من قوى التغيير الوطني الديموقراطي أن تعمل على تطوير أوضاعها التنظيمية، والارتقاء بصيغ عملها إلى المستوى الذي يؤهلها لأن تكون واحدة من قوى الاستقطاب الشعبي، وبما يجعل منها رقيباً وحسيباً سياسياً وشعبياً على الأداء السلطوي من جهة وشريكاً في الاصلاح السياسي من جهة ثانية ، وأن حزبنا، على استعداد وجهوزية للانخراط في ورشة إعادة الاستنهاض الوطني، وهذه واحدة من الأماني التي عمل لتحقيقها ورؤيتها إنجازاً متحققاً رفيقنا ظافر.


وحتى لا تندفع الاوضاع الى الاسوأ ، نظراً لارتدادات الزلزال السوري على لبنان، وبقاء حالة التفلت الامني قائمة،من تفجيرات وخطف لاسباب سياسية تارة ومادية تارة اخرى، وجولات عنف كالتي يستبطنها الوضع في طرابلس، وحتى لا يتمدد الفراغ السرطاني الى كل المواقع التي تدير المرافق العامة، سواء كانت تنفيذية او تشريعية ام امنية، فإن الخروج من دوامة المراوحة القاتلة، هو رسوخ القناعة عند الجميع الذين يتناوبون على السلطة،بأن احداً لا يستطيع الغاء الاخر ، وان الضمانة للجميع لا توفرها المشاريع الفئوية ، امنية كانت ام سياسية،بل الدخول في مشروع الدولة، وكخطوة ملحة تداركاً لفراغ شامل يجب تسهيل تشكيل حكومة وفق الاليات الدستورية بعيداً عن حسابات الاستئثار والتعطيل المتبادل والتلطي وراء استحضار البدع الدستورية.


ان اعلان بعبدا يشكل أرضية صالحة لاعلان حكومي، ليس لانه دوّر الزوايا حول القضايا الخلافية الاساسية وحسب، بل أيضاً لان جميع اطراف المداورة على السلطة في ظل معطى الواضع الراهن قد وافقوا عليه .


اننا في هذه المناسبة ، مناسبة احياء ذكرى اربعين رفيقنا المناضل ظافر المقدم الذي رحل قبل ان تتكحل عيناه برؤية المشروع الوطني اللبناني يشق طريقه ليشكل خارطة للاصلاح السياسي في بنية النظام اللبناني، وقبل ان تستكمل مسيرة تحرير العراق من الاحتلال الاميركي وفك الحصار السياسي والاعلامي عن مقاومته لاعادة بنائه على الاسسس الوطنية والديمقراطية وانجاز اسقاط شخوصات وافرازات الاحتلال الايراني من الباطن، وقبل ان تدخل سوريا رحاب الحل السياسي الذي يحمي مقوماتها الوطنية على قاعدة ديمقراطية الحياة السياسية فيها، واسقاط كل النظم السياسية التي تديرها المنظومات الامنية وفي سائر الاقطار العربية نقول له ،


ولكل الذين ساروا طريقه بأن الامة العربية ستكون على موعد مع مستقبل واعد، تكون للجماهير التي انتفضت على وقع حراك الشعب يريد اسقاط النظام،الكلمة الفصل، في تقرير مصيرها وتحديد خياراتها السياسية ، في اقامة دولة المواطنة المدنية ، وحماية خياراتها الوطنية والقومية، وأولها مقاومة كل اشكال الاستلاب الاجتماعي واحتضان الفعل المقاوم للاحتلال لتحرير كل أرض عربية محتلة وفي الطليعة أرض فلسطين


تحية لكم جميعاً وتحية لصاحب الذكرى، وتحية لكل الشهداء الذين سقطوا وهم يقاومون الاحتلال في فلسطين والعراق ولبنان والظلم والفاسد والقمع والعبودية،


و ثقتنا أن عهداً جديداً لا بد أن ينبثق وأن فجراً جديداً لا بد أن يبزغ، وان أمة عربية أخذت على عاتقها حمل لواء الرسالة الخالدة، هي أمة حية قدرها ان تبعث مجدداً على صدح بلاد العرب أوطاني.

 


صيدا في  ٢٧ / ١٠ / ٢٠١٣
 

 

 





الاحد ٢٢ ذو الحجــة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تشرين الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة