شبكة ذي قار
عـاجـل










أراد الطاغية نوري المالكي أن يموه بحربه ضد "داعش" وعناصر تنظيم القاعدة، أن ينهي الإعتصامات السلمية الجارية منذ سنة في محافظة الأنبار. وكذلك ليصفي حساباته مع خصومه السياسيين الداعمين لتلك الإعتصامات. وبعد أسبوع من مهلته المحددة لهم، ومع إطلالة السنة الميلادية الجديدة 2014، شنت قواته الطائفية المتمثلة في "قوات سوات" والشرطة الإتحادية هجومها الوحشي على محافظة الأنبار. فحدث ما لم يتوقعه الطاغية وكلابه المسعورة، وقلبت حساباته رأساً على عقب. ويمكن توضيح ذلك وفقاً للنقاط التالية :


أولاً: أثبت ثوار العشائر وفصائل المقاومة المسلحة بسهولة تصديهم لقوات المالكي من جهة. وتكبيدها الخسائر بالأرواح والمعدات من جهة أخرى. ولم يمضي أسبوعاً واحداً حتى أعلنت أميركا وإيران دعمهما للمالكي بحجة مكافحة الأرهاب. مما يجسد حجم الضرر الذي لحق بقوات المالكي.


ثانياً: برهن ثوار العشائر وفصائل المقاومة المسلحة على قدراتهم الهجومية بالإنقضاض ليس فقط على الثكنات والمراكز العسكرية ونصب الكمائن القاتلة، بل الإستيلاء على المعسكرات المحصنة أيضاً، ومنها "معسكر المزرعة" في الفلوجة. حيث أستولوا على العتاد والذخائر والأسلحة والآليات والدروع.


ثالثاً: وفقاً للخبرة القتالية فقد تم تأسيس "المجالس العسكرية للثوار" في الرمادي والفلوجة، لكي تحافظ على الشأن المحلي إدارةً وخدمةً للمواطنين، سواء بإعادة الشرطة المحلية أو الحفاظ على الدوائر الحكومية. وكذلك تمنع حدوث أية إختراقات مضادة.


رابعاً: رغم نجاح الثوار بالسيطرة على الثنكات والمعسكرات، لكنهم لم يحتفظوا بها، بقدر ما يغنموا منها السلاح والعتاد والعجلات. مما يعني وجود تنسيقاً قوياً بينهم وبين قادة فصائل المقاومة الذين يتمتعون بخبرة ظليعة في حرب العصابات ضد القوات العسكرية النظامية. فما بالك بقوات الدمج الميليشية التي لا تفقه شيئاً عن العلوم العسكرية ولا تخبر أمراً عن ميادين الحروب والمعارك.


خامساً: أستسلام الكثير من قوات الجيش والشرطة إلى شيوخ العشائر في الأنبار، وتسليم أسلحتهم وآلياتهم، رفضاً لقتال أخوانهم وأبناء عمومتهم في الرمادي والفلوجة. وساعد هذا الإتجاه عندما وفرت "المجالس العسكرية للثوار" الحماية اللازمة لهؤلاء العسكريين، وتأمين وصولهم إلى مناطقهم وذويهم.


سادساً: مطالبة شيوخ عشائر محافظات واسط وميسان وذي قار بأن لا يزج المالكي بأبنائهم في ما أسموها "قتنة الأنبار". فأماكن الإرهاب ومعسكراته توجد في الصحراء وليس في المُدن التي لم يستجيب لمطالبها الحقوقية والدستورية المشروعة.


أن النقاط اللآنفة الذكر وغيرها، تعني أن المالكي عندما أرتكب هذا الخطأ الفاحش بحق الوطن وشعبه، فقد حدثت معه لحظة تاريخية مؤاتية يتوجب على ثوار العشائر أن تتلاقف هذه اللحظة وتعمل على تفعيلها مع قادة فصائل المقاومة لتشكيل قيادة وطنية تحررية. بمعنى على قادة ثوار العشائر أن لا ينظروا لحلولٍ مناطقية أو أقليمية، وأن لا يقبلوا بأية مساومة جزئية أو مرحلية، بل العمل مع قادة المقاومة بجعل مناطقهم المحررة هي ركائز لمنلطقات التحرير نحو ربوع الوطن بأجمعه. لا سيما وأن المحافظات الست المنتفضة تجري فيها المجابهات القتالية ضد قوات المالكي منذ بداية الهجوم على محافظة الأنبار.


أن اللحظة التاريخية التي يعيشها الآن ثوار العشائر ومعهم فصائل المقاومة المسلحة بالتصدي لقوات المالكي الطائفية، وما صرحت به أميركا وإيران بدعم المالكي بغية إفلات هذه اللحظة التاريخية من أيدي الثوار والمقاومين. بيد أن مقومات الإمساك بهذه اللحظة المؤاتية تشمل أيضاً ما يعانيه الشعب العراقي من أستياء وتذمر تجاه العملية السياسية برمتها، والأزمات التي يفتعلها نوري المالكي ويدفع بها عنوة نحو صراع طائفي لتمزيق النسيج الإجتماعي وفق ما تروم إليه إيران وأمريكا وأسرائيل. إذ لم يكفيه تقديمه النزعة الطائفية على الهوية الوطنية، قال قبل "فتنة الأنبار" بأن أحفاد الحسين سوف يقاتلون أحفاد يزيد. وكأن ثورة الحسين كانت في غرب العراق، وأن عشائرها هم مَنْ خذلوه! بل أن ثوار عشائر الأنبار هم الأمتداد العربي الطبيعي لثورة الحسين ضد الظلم والجور والطغيان. وسيكتب التاريخ هذه اللحظة التي ندعوا بها الله تعالى أن ينصر الحق ويزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.
 

 

 





الثلاثاء٦ ربيع الاول ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / كانون الثاني / ٢٠١٤م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة