شبكة ذي قار
عـاجـل










في مؤتمر ما يسمى "دعم القوات الأمنية في حربها ضد الإرهاب" الذي أنعقد في مبنى وزارة الداخلية العراقية يوم الأثنين الموافق 20-1-2014. تكلم الوكيل الأقدم للوزارة عدنان هادي الأسدي عن: سيطرة القوات الأمنية على غالبية محافظة الأنبار، مشيراً إلى: أن "هذه الأحداث التي تجري بتخطيط خارجي لتدمير الساحة العراقية والبنى التحتية، فبدل أن تصرف هذه الأموال على البناء والتعمير تصرف على تصليح ما خرب هنا وهناك. وأن هذه المخططات ترمي لإعاقة عملية البناء، لأن الجميع يعلم أن العراق إن نهض فإنه سينهض عملاقاً يأخذ دوره في المنطقة".


وأوضح قائلاً: أن "هذه المؤامرة التي تريد التأثير على أذهان الشباب لها الكلمة التي لها رصاصة في صدر العدو، وبيت الشعر الذي هو عبارة عن قذيفة بوجه من يريد تخريب الوطن، والمقال الهادف لبناء الوطن وردم الهوة التي يردها المأجورون". وأضاف أن "الإرهاب أراد للأنبار والفلوجة أن تكون نواة لدولة داعش وجمع السلاح فيها لأجل إقامة الإمارة وتمتد لإسقاط النظام وإسقاط بغداد، فالهدف ليس إسقاط الفلوجة أو مدينة من مدن المنطقة الغربية، وإنما تهدف لإسقاط العملية السياسية". وأكد أن "أغلب محافظة الأنبار عادت إلى الدولة، والحياة فيها طبيعية".


وفي ذات اليوم تحدث عدناد الأسدي خلال مؤتمر عشائري في بغداد، مؤكداً على أن "الإرهابيين تمكنوا من جمع أسلحة متطورة خلال الفترة الماضية في مدينة الفلوجة وهي تكفي لإسقاط بغداد والعملية السياسية". وذكر أن "هناك مخططات لإسقاط العملية السياسية بدعم وتمويل من حهات خارجية". وأشار إلى أن "القوات الأمنية قاتلت ببسالة في الأنبار وهي متواصلة من أجل دحر الإرهاب، ولكن اليوم العراق بحاجة إلى دعم الجميع لعبور المرحلة".


لقد سقط الأسدي في شرنقة تناقض فاضح تنم عن مدى أرباكه وتخبطه، بحيث يعكس إعترافاً ضمنياً جراء ذلك التناقض. وإلا كيف نفهم "سيطرت القوات الأمنية على غالبية الأنبار". بينما كافة الهجومات التي شنتها قوات المالكي الطائفية قد منيت بخسائر متلاحقة بالأرواح والمعدات، وإندحرت متقهقرة كون بنيتها ميليشية مغلقة على أفكار ومفاهيم بعيدة كل البُعد، ومضادة كل التضاد إلى العقيدة العسكرية الوطنية. فمن أصدق إلى العين والعقل والمنطق، الوقائع الميدانية وحقائقها الجارية منذ ثلاثة أسابيع، أم أقوال الأسدي اللفظية داخل حدود القاعة، وآذان السامين. وتأكيده على أن "أغلب محافظة الأنبار عادت إلى الدولة، والحياة فيها طبيعية". والإمام علي كرم الله وجهه يقول: "بين العين والأذن أربعة أصابع، كذب الأذن وصدق العين".


ثم عم ماذا يتحدث عدنان الأسدي: إن "هذه الأحداث التي تجري بتخطيط خارجي لتدمير الساحة العراقية والبنى التحتية". وسنوات حال الواقع تثبت كلياً أن إيران هي رأس البلاء الحاصل في العراق منذ توافقها وتعاونها مع المحتل الأمريكي في عام 2003، ولغاية بسط سيطرتها على المشهد السياسي العراقي في نهاية 2011. تلك السيطرة الإيرانية ما كانت لتتمادى وتستفحل دون موافقة المحتل الأمريكي الذي كسرت شوكته المقاومة العراقية البطلة، وأجبرته على الهروب بحجة الإنسحاب الرسمي المزعوم.


أما إشار الأسدي إلى "البُنى التحتية". فمن العار عليه أن يذكرها، فهو ورئيسه نوري المالكي وبقية الجوقة الحاكمة من "حزب الدعوة" وغيره، هم من دمروا البلد إقتصادياً. فأين ذهبت أكثر من 700 مليار دولار لميزانيات السنوات العشرة المنصرمة، والعراق أرضاً وشعباً في فقر وعوز وحاجة، وتأخر متواصل في كافة المجالات والميادين: خدمياً، صحياً، علمياً، تربوياً، زراعياً، صناعياً الخ.


أما كلامه أن "تُصرف هذه الأموال" على إعمار محافظة الأنبار. ففيه تسويف واضح ومغالطة متعمدة. وإلا أين ذهبت تلك الأموال المخصصة سابقاً للمحافظة؟ ولماذا لم تتم محاسبة مسؤولاً واحداً عن الفساد المالي والإداري؟ والسؤال الأخير صار أمراً تقليدياً ومألوفاً يشمل جميع الذين شاركوا بالسلطة وأغلب المنتمين للعملية السياسية، وزير التجارة عبد الفلاح السوداني من حزب الدعوة، نموذجاً.


ولعل من الغريب حقاً أن يتحدث عدنان الأسدي عن أن "الجميع يعلم أن العراق إن نهض فإنه سينهض عملاقاً يأخذ دوره في المنطقة". وكأن حزبه "حزب الدعوة" الحاكم منذ ثمان سنوات قد حقق للعراق نهضة مميزة تعيد إليه عملقته في المنطقة. يبدو أن الأسدي متأراً بالدعاية النازية: "أكذب أكذب حتى يصدقك الآخرين". وأن صيحات وهتافات العراقيين "كذاب كذاب نوري المالكي" تعكس حقيقة هذا الأمر. وهنا لا نود سرد ما يتعلق بهذا الحزب الطائفي الموالي للنهج الصفوي، فإن جرائم "حزب الدعوة" بحق العراق وشعبه، صارت جلية عند القاصي والداني داخل العراق خصوصاً، وخارجه عموماً.


بل الأغرب في قول الأسدي عن "الكلمة" التي يشبهها بالرصاصة، وعن "بيت الشعر" الذي يشبهه بالقذيفة، ومدى تأثيرها "على أذهان الشباب" في تخريب الوطن. ولا ندري لماذا لا يشمل بعبارته هذه، ما قاله نوري المالكي عن جيش أحفاد الحسين في مقاتلة جيش أحفاد يزيد، عند شحنه الطائفي ضد محافظة الأنبار. أو قول المالكي بحق المعتصمين المسالمين، "بيننا وبينهم بحور من الدم". ولا نريد أن نطيل ونستطيل عن أقوال المالكي الطائفية. فقد نطقها صراحة أوآخر عام 2012، وقالها في مقابلته مع صحيفة الغارديان البريطانية: "أنني شيعي أولاً، وعراقي ثانياً، وعربي ثالثاً، وعضو في حزب الدعوة رابعاً". فالذي يقدم الأولوية المذهبية على الهوية الوطنية، ثم يؤخر عروبته إلى الدرجة الثالثة، لكي يلتقي مع الفكر الصفوي الإيراني، سوف يأخذ مكانه الطبيعي في التاريخ، كما أخذها "أبو رغال".


أما الكلام: أن "الإرهابيين تمكنوا من جمع أسلحة متطورة خلال الفترة الماضية في مدينة الفلوجة وهي تكفي لإسقاط بغداد والعملية السياسية". فيعلم الجميع أن الثورة المسلحة ضد قوات المالكي الطائفية، هي ثورة العشائر التي طفح كيلها، وعيل صبرها تجاه ممارسات سليبية حادة على مدى ثمان سنوات من الظلم والحيف والجور بحق الملايين من أبناء المحافظات الست المضطهدة؛ عبر سياسة مدروسة، ومنهجية مخططة، وإعداد مسبق، وتنفيذ مستمر يؤديه نوري المالكي لتطبيق المشروع الأمريكي الصفوي الصهيوني في تمزيق النسيج الإجتماعي العراقي طائفياً ومناطقياً لكي يتم تقسيم البلاد والعباد، وينتهي عراق التاريخ والحضارة. لكنهم خسؤا وخابوا عندما تظافرت عشائر الوسط والجنوب من محافظات: كربلاء، المثنى، واسط، ذي قار، البصرة؛ وأعلنت مجالسها العسكرية المساندة لثوار عشائر الأنبار.


وأن قول عدنان الأسدي عن "جمع أسلحة متطورة" تكفي لإسقاط بغداد والعملية السياسية. فإنه أعتراف صريح بهزالة وركاكة القوات المليونية عند المالكي من جهة. وإعتراف ضمني بقوة ومقدرة ثوار العشائر ومعهم فصائل المقاومة من جهة أخرى. وأن الخوف من السقوط الذي يورق شخوص الإحتلال. لأنهم يعلمون تمام العِلم أن محاسبة الشعب لهم ستكون عسيرة ومريرة. ناهيك عن ملاحقة لعنة التاريخ عليهم أبد الدهر.

 

 





الاثنين ١٩ ربيع الاول ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / كانون الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة