شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما تنهار المؤسسه الوطنيه بسبب احتلال اجنبي, وتُغيب الحركات الوطنيه قسرا, ينخفظ التمثيل المؤسساتي الى مستوى "الهويات الاهليه" سواء كانت مناطقيه, دينيه, او عشائريه, وقد تضطر تلك المؤسسات للعب دور اكبر بكثير من حجمها الهوياتي او التمثيلي.


ان الظروف القاهره للحركات الوطنيه في بلد يعش تحت نير الاحتلال, تفرض على الحركات الوطنيه العمل في ظروف شبه مستحيله وهي مستهدفه من قبل الاحتلال والمتعاونين معه.


الا ان قواى احتلال لا تستطيع ان تفرض السيطره المطلقه على بلد محتل لاسباب مختلفه, جغرافية كانت ,معنويه, او تقديريه. وتلك الظروف توفر الفرصه للوطنين بان يمارسوا واجبهم المقاوم, وان امثلة ذلك في تاريخ المقاومه الشعبيه في العالم كثيره. واينما تسنح هذه الفرصه في اي جزء من اجزاء البلاد, يتحول ذلك الجزء الى قبلة للوطنيين من مختلف انحاء البلاد, وقد تاخذ اي مؤسسه اهليه في ذلك الجزء فرصة لعب دورا وطنيا, وهو عمل خارج تخصص تلك الهيئات من الناحيه التقنيه, لكن الظروف الاستثنائيه تستحضر في ضمائر الناس الواجب الوطني المقدس. وهو حال استثنائي وطارئ.


ان طبيعة المؤسسات الاهليه المنخفظه في التمثيل الوطني, واتصالها المباشر بالقاعده الشعبيه, تعطي تلك المؤسسات نوع من الحصانه, وتكون في حال يُعتبر خارج سلطة الاحتلال, وعلى هذا تتوفر الفرصه لتلك الجهات الاهليه لأن تلعب دورا وطنيا اكبر بكثير من مستوى التمثيل الشعبي الذي تتمتع به, وباشكال مختلفه كتمثيل الحركات الوطنيه وتبني مشروع التحرير الوطني المنضبط بتمثيل الهويه الوطنيه فكرا وتطبيقا وذوقا وتوجها.


وعلى هذا, لا يمكن ان تُنسب الحركات الوطنيه الى اوصاف طائفيه او مناطقيه طالما ان المشروع والتنفيذ والاهداف والتاريخ منسجم مع الهويه الوطنيه الجامعه, وان النظر الى الهوية العرقيه او الطائفيه للمناطق التي تنشط فيها حركات المقاومه وان تنسب المقاومه الوطنيه لها هي نظره طائفيه لا تعبر عن حقيقة المشروع الوطني, لان جميع مناطق ومدن العراق لها طابع عرقي او طائفي.


كما ان ليس جميع الهيئات الاهليه اخذت بتلك الفرصه السانحه لتلعب دورا وطنيا مشرفا, وامثلة هذا كثيره, فنرى ان بعض زعماء العشائر, او عوائل مدنيه متنفذه, هيئات دينيه, او شخصيات دينيه واجتماعيه, قد اختاروا ان يكونوا جزءا من منظومة الاحتلال السياسيه, تحد ذرائع وتبريرات عده, مدفوعين بدوافع ذاتيه لتحقيق مكاسب ماليه او سلطويه.


وبحسب طبيعة النظام الذي انشاءه الاحتلال, "النظام الطائفي," والمشاركه الايرانيه المباشره, لعبت المرجعيه الدينيه دورا مهما في اعطاء الشرعيه "الدينيه" والتبريرات السياسيه لمشاريع الاحتلال, والحكومات المنبثقه من مشروع الاحتلال التي لم يُعرف عنها الا الفساد وحولت العراق الى دولة غير محترمه, مستغلة العاطفه الدينيه والتبعيه العمياء للسذج والمغفلين.


وفي حالات اخرى, لعبت هيئات اخرى دور مشرف في تمثيل الحركه الوطنيه على مختلف اصولها وتوجهاتها, لتكون صوتا وممثلا حقيقيا للصوت الوطني المقاوم. وهي ايضا من مستويات واصول عده, كمؤسسات دينيه, او اجتماعيه مدنيه او عشائريه, وشخصيات وطنيه واكاديميه, يدفعهم جميعا الواجب الوطني المقدس, والمسؤوليه الاخلاقيه, وبعيدا عن مشروع الاحتلال الطائفي.


وفي كلا الحالين, لعبت تلك الجهات الاهليه دورا اكبر من حجمها وخارج تخصصها, فالوطن والهويه الوطنيه اكبر من المرجعيات الطائفيه المشاركه في العمليه السياسيه للاحتلال, وهي اكبر من الهيئات التي اختارت ان تلتزم الصف الوطني الرافض للاحتلال.


لا يمكن للطائفيه ان تكون وطنيه, ولايمكن لمؤسسات التي هي في صلب العمليه السياسيه الطائفيه ان تكون وطنيه, وانما هي تستغل عواطف من نوع خاص لتحقيق مارب سياسيه خدمة لمصالح شخصيه.


واذا ما اردنا ان نعرف ما ان جهة اهليه قد تبنت دورا وطنيا, علينا ان نقيس التوجه والتاريخ والاهداف بمقياس الوطنيه وضوابطها.


وان الحركه الوطنيه لايمكن ان تكون طائفيه بالرغم من كل المحاولات لاضفاء اوصاف فرعيه عليها.


الوطنيه والعماله لا ينتميان الى دين او عشيره , بل هي مواقف شخصيه مبدئيه يقرر اصحابها الاخذ بالمسؤوليه بامانه واخلاص تجاه الهويه الوطنيه والتاريخ.


كانت ومازالت الهويه "الوطنيه الجامعه" مُستهدفه من قبل قوى الاحتلال , قبل الاحتلال , وبعده , والى يومنا هذا , وذلك من خلال دعم او انشاء احزاب طائفيه وعرقيه, التي ليس لها مشروع وطني , وانما قائمه على التفرقه والسعي لكسب الامتيازات الخاصه لقادة تلك الاحزاب , والمبنيه على قاعده من السذج والمنتفعين. ونرى محاولات لاستنساخ ما حصل ويحصل في العراق في جميع اقطار وطننا العربي.






الاربعاء ٢٥ صفر ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / كانون الاول / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. مروان عقراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة