شبكة ذي قار
عـاجـل










ــ العصر الاميركي ، بعد الحرب الباردة، صهيوني .. محمد حسنين هيكل

ــ الارهاب الاسلامي .. من اولويات السياسة الاميركية .. ريتشارد نيكسون

ــ عالم احادي القطب .. فرصة لامريكا لفرض هيمنتها على العالم .. هنري كيسنجر

 ــ المدّ الاسلامي سيحوّل المنطقة العربية الى بؤرة اضطرابات .. زبيينغوبريجنسكي .

ــ العرب والمسلمين هم من يشكّل مصدر الارهاب الذي يهدد العالم .. هينتغتون صاموئيل

ــ اننا مع بقاء القطبين وبروزاقطاب اخرى تمنع الاستبداد والطغيان .. احمد ميشيل عفلق

بعد الحرب العالمية الثانية وبوجود قطببين دوليين، الولايات المتحدة والمعسكر الرأسمالي،الاتحاد السوفيتي والمعسكرالاشتراكي، في هذه المرحلة التي عرفت بـ ( الحرب الباردة ) كانت سياسة الولايات المتحدة ترتكز على" .. احتواء الاتحاد السوفيتي الى جانب ثابتين اساسيين هما .. ضمان أمن وبقاء وتفوق اسرائيل، وحماية المصالح الاميركية"وقد دخلت الولايات المتحدة حروباَ من اجل ذلك لعل ابرزها حروب .. فيتنام ولاوس وكمبوديا وكوريا الشمالية، تكبدت فيهاخسائر جسيمة ، مئات الالاف من القتلى اضافة الى الجرحى والمفقودين، وبعد انتها ء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي عام 1989 ،ووسط ذهول العالم ،اعلنت الولايات المتحدة عن انبثاق نظام عالمي جديد بزعامتها ( عولمة ) واطلق على المرحلة الجديدة ( التفوق الاميركي وزعامة النظام العالمي الجديد ) وسمي العصر بـ ( العصر الاميركي ) او ( العصر الصهيوني ) على حد وصف الكاتب العربي ( محمد حسنين هيكل ) لانه " .. عصر التحالف الاميركي ـ الصهيوني ـ المسيحي ـ اليهودي، وعصر التقارب الاوربي ـ الاميركي ، الروسي ، الغربي"وقد سيطّرت الزعامة والتفرد بالعالم والهيمنة على اهتمام وتفكير اغلب وابرز صنّاع القرار والسياسيين الاميركان،ومن ابرز دعاة التحرك الاميركي السريع لبسط الهيمنة الاميركية المطلقة على العالم الرئيس الاسبق ( ريتشارد نيكسون ) اذ يصف انفراد الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة على الساحة الدولية في كتابه ( الفرصة التأريخية السانحة او نصر بلا حرب ) بـ " .. انها فرصة تأريخية على اميركا ان تستغلها لتبسط هيمنتها على العالم " ومع اشارته الى الاسلام ودور العرب الحضاريوفضلهم على الغرب بقوله " الاسلام لم يكن مجرد دين بل هو اساس لحضارة كبرى ،كانت في اوجها، عندما

كانت اوربا ترتع في غياهب العصور الوسطى!" الاّ انه حذر من ( اتحاد مصالح العرب! ) ووضع ( الارهاب الاسلامي ) في مقدمة الاولويات في السياسة الاميركية!! وحفل الخطاب السياسي في هذه المرحلة برؤى ونظريات لم تخرج عن الدعوة المحمومة للتسيّد الاميركي للعالم بكل الوسائل المتاحة ومنها استخدام القوة بثوب استعماري فضفاض ! فضلاَ عما تحمله من "مفهوم عنصري بغيض" وكان الرئيس ( جورج بوش الابن ) ومجموعته من اكثر المتعصبين حتى انه وصف حربه بانها "حرب صليبية!" ولعل ابرز النظريات التي راجت وقتذاك ( نظرية التدخل الديمقراطي ) ومنظّرها ( فرانسيس فوكوياما ) في كتابه ( نهاية التأريخ ) معتبرا ان ما حصل ليس نهاية للحرب الباردة وانما نهاية للتأريخ وتقوم نظريته على " نمو الديمقراطية وانتشارها ومعها ينتهي صراع السادة والعبيد ، وان المستقبل سيكون للرأسمالية او الاشتراكية الديمقراطية" مع الدعوة الى ضرورة الردع الدائم، واطلق عليها ( انطوني ليك ) السفير والستراتيجي الاميركي ورئيس البنك الدولي مرحلة ( التوسع الديمقراطي ) وخلاصتها " استبدال مبدأ الاحتواء بمبدأ التوسع الديمقراطي للهيمنة على دول اوربا الشرقية والشرق الاوسط!" و ( نظرية موازين القوى ) وصاحبها ( هنري كيسنجر ) وزير الخارجية المخضرم ومستشار الامن القومي الاميركي الذي اعتبر ان " .. تكًون عالم احادي الجانب ،الذي لاغنى عنه للاستقرار الدولي وكمصدر للديمقراطيات والضامن لها بالقوة العسكرية تحت مسميات حفظ السلام وردع العدوان،سيفتح المجال امام اميركا للتحرك نحو فرض هيمنتها على العالم اجمع " وتحّذّر النظرية من قيام تحالفات مضادة للزعامة الاميركية ،ويرى كيسنجر في كتابه ( النظام العالمي ) " .. ان عالم مابعد الحرب الباردة سيكون عالم فوضى وعدم استقرار متوقعاَ ظهور قوى جديدة لتحل محل الدول المنهارة" واصفاَ الوضع بعد احداث 11/سبتمبر /ايلول 2001 بقوله " .. ان لم تستطع سماع طبول الحرب فانت اصم !" ونظرية ( قلب روسيا ) ويرى فيها المنظر الاميركي ( زبينغو بريجنسكي ) ان من يسيطر على قلب روسيا يسيطر على المعمورة معتبراَ "ان الشرق الاوسط هو احدى البوابات الى روسيا الوسطى ووصولها يتحقق من خلال الحليفين التركي والايراني" مستبعداَ العرب اذ يرى " .. ان المد الاسلامي سيحّول المنطقة العربية الى بؤرة اضطرابات"! ونظرية ( صراع الحضارات ) وفيها يرى ( صاموئيل هينتغون ) " .. ان العرب والمسلمين ،المتخلفين الحاقدين ،هم من يشّكل مصدر الارهاب الخطر الذي يهدد العالم والذي يجب ان يحارب!"وتخلص نظريته الى ان "منطق القوة هو الاساس في دفع العالم على الاستسلام". وما تقدم اوصل الى نظرية ( الحرب على الارهاب ) والتي تبناها ( كولن باول ) وزير خارجية جورج بوش الاب ،معتبراَ " .. ان اميركا هي الوصية على العالم والمهيمنة على مقدراته" اذن المرحلة ، حسب المفهوم الاميركي ،هي مرحلة الزعامة الاميركية للنظام العالمي الجديد ،والحقبة الجديدة حملت عناوين ( الفوضى المتوحشة وشريعة الغاب وسلطة الاقوى وعولمة الخيار العسكري ) .

وبعد ( 25 ) عاماَ على الانفراد الاميركي على الساحة الدولية .. يطرح السؤال التالي والذي طرح اكثر من مرة ومنذ الانهيار السوفيتي 1989 ،وافتتاح عصر الزعامة الاميركية بغزو الصومال والعدوان الثلاثيني على العراق عام 1991 والتساؤل: كيف غدا الوضع العالمي "افضل ام اسوأ"في ظل انفراد الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدةعلى الساحة الدولية؟! وما هو الافضل انفراد قطب واحد ام وجود اقطاب موازية اخرى؟ في الوقت الذي كان فيه العالم غارقاَ في ذهوله من وقع صدمة الانهيار المفاجيء للقطب العالمي الثاني الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي ، فان الاميركان كانوا منتشين لنصر مجاني قدمه عام 1989 ( ميخائيل غورباتشوف ) الرئيس السوفيتي، فازدودا غلواءاَ وغروراَ وغطرسة وشعوراَ بالقوة والطغيان وبانهم الافضل والاقوى وعلى العالم ان يخضع لسلطتهم واطاعة النظام العالمي الجديد الذي يدعًون انه عالم الديمقراطيات واقتصاد السوق الحر،ولتحقيق هذا الهدف، وعلى الطريقة الاميركية، لابد من خلق عدو يتناسب والمرحلة فكان ( الارهاب ) والحرب عليه،وكانت الزعامة الاميركية قد خططت وحددت المناطق المستهدفة وهي ( أ ) جنوب اسيا وبالتحديد افغانستان وباكستان ( ب ) الشرق الاوسط وبالتحديد العراق واليمن والسعودية ( ج ) جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وبالتحديد الشيشان وجورجيا وازبكستان ( د ) افريقيا وبالتحديد ، الصومال وجيبوتي واثيوبيا وارتيريا وكينيا والسودان، وقد افتتحت الولايات المتحدة عصرها وزعامتها بشن الحروب على الدول والشعوب المسالمة الصغيرة ذات المواقع الهامة وثروات الطاقة بهدف السيطرة على منابع النفط والغاز وبحجة تأمين منافذ عبورها الى العالم الغربي الصناعي ، وكانت البداية ، وتحت يافطة الارهاب عبرت الاطلسي بجنودها وانتشرت اساطيلها وحامت الطائرات في ابشع حروب في التأريخ وكانت البداية ( 1 ) غزو الصومال عام 1991 .. التي ما تزال الى اليوم في فوضى وحرب اهلية قسمّت البلاد ودمرّت كل شيء ، وقد كلفتها هذه الحرب ثمناَ باهضاَ اذ تم سحل جثث الجنود الاميركان في شوارع مقاديشو وادت الى انسحاب الاميركان مهزومين عام 1994. ( 2 ) العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991 .. بحجة حيازة العراق ( اسلحة الدمار الشامل ) التي ثبت ،وباعترافهم، بطلانها جمعّت معها 33 دولة لتشن من الجو، مع فرض حصار جائر استمر لاكثر من 13 عاماَ، ابشع عدوان ألقيت فيه اكثر من 110 ألف طن من القذائف والقنابل واستخدمت قذائف ملوثة باليورانيوم المحرّمة وحصدت ارواح اكثر من 200 ألف بريء وامثالهم من الجرحى والمشردين . ( 3 ) غزو افغانستان عام 2000 .. بحجة تواطؤ طالبان مع اسامة بن لادن والقاعدة ( .القاعدة وبن لادن وطالبان كلاهما من صنيعة المخابرات الاميركية، القاعدة لمحاربة الجيش السوفيتي الغازي 1979 ، 1989 وطالبان بديلاَ اميركياَعن احزاب التحالف الاسلاموي السباعي العتيقة المتناحرة ) تم غزو افغانستان ،والهدف الحقيقي هو" .. ان غزو افغانستان سيمّكن الامريكان من السيطرة على الطرف الشرقي من قوس النفط العظيم واكمال المخطط تتم بالسيطرة على الطرف الغربي من هذا القوس ويتحقق باحتلال العراق وهذا ما حصل في ابريل / نيسان 2003 " وقد اجبرت طالبان القوات الاميركية الغازية على الانسحاب اواخر 2014 ( 4 ) غزو العراق 2003 .. وجاء دور العراق والذي يشكل احتلاله لدى بوش الابن الاساس في استراتيجية ( الحرب على الارهاب ) بل هو الصراع الاكبر،وهي حربه العنصرية والصليبية والتي تعكس حقده الشخصي وشوفينيته ،واطماع واحقاد الولايات المتحدة واسرائيل يضاف لهما فيما بعد ايران في العراق، وقد وصفها ( جون.ك. وايلي ) بحرب " التواطؤ ضد بابل " ،ليدّمرويحتل ويستباح وبمشاركة ملالي طهران وتسليطهم ،بحقدهم وعدوانيتهم على العراقيين بشكل خاص والعرب والاسلام بشكل عام من خلال ( الحرس الثوري وفيلق قدس سليماني ) والاتباع في سلطة بغداد والميليشيات المرتبطة بها ،

وقد قتل وهجًر وشرًد الملايين ،ومازال الفم الامريكي الفاغر والطامع بنفط العراق والخليج العربي ورغم اجبارهم تحت ضربات المقاومة العراقية الباسلة على الانسحاب في ديسمبر/ كانون اول 2011 .. الاً ان بعض قواتهم مازالت موجودة ،وفي حملة جديدة في ( الحرب على الارهاب ) تؤكد ان" .. احتلال بغداد البلد الاغنى بنفطه وخيراته وموقعه واسهامه لاثرائه الثقافة العربية والاسلامية والاكثر تأثيراَ في المحيط الحضاري الانساني الاوسع " هو الهدف الذي يؤكد النهج الاميركي الاستعماري الجديد للسيطرة على مصادر النفط والغاز ومنافذ توريدها ، والاسهام في تحقيق مخططات الهيمنة الاميركية على الشرق الاوسط باعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة .. فهل بعد ذلك نحتاج الى جواب ونفتش عن مواطن الافضلية في الزعامة الاميركية التي اعادتنا الى شريعة الغاب ! .. انهار الدم لم تتوقف منذ عام1991 وحتى اليوم، والامن والاستقرار مفقودان والفوضى سائدة وتفكك البلدان والتشرد والهجرة ونهب خيراتها وظاهرة الارهاب الذي صنعته الـ ( سي اي أي ) في اتساع يتناسب ومخططاتهم ازاء المناطق التي يطمعون بخيراتها وفي المقدمة المنطقة العربية والعراق .

( 5 ) غزو يوغسلافيا 1999 .. وقد سبق احتلال العراق ، قيادة اميركا لعدوان الناتو على يوغسلافيا ،على مرحلتين .. الاولى عام 1991 عندما اعملت فيها معاول التفتيت والتقسيم لتصبح عدة دويلات وفق نظرية ( التوسع الديمقراطي ) التي اعقبت انتهاء الاتحاد السوفيتي ومجموعة الدول الشيوعية في تدخلات اميركية وتآمر غربي واضح على العديد من دول اوربا الشرقية والشرق الاوسط كبداية لعصر الهيمنة الاميركية! والثانية .. عدوان مسلح في اذار/مايس 1999 .. ازهق الارواح و دمّرالعديد من المباني و البنى التحية اذ مازالت هياكل الجسور على نهر الدانوب تعيق الملاحة الدولية مع الجوار الاوربي ،وفي تدّخل اميركي ـ غربي مفضوح باسم الديمقراطية اطيح في اكتوبر/تشرين اول 2000 بنظام الرئيس ( سلوبودان ميلوسوفتيش ) واحيل وعدد من رفاقه ليسجن ويحاكم في محكمة العدل الدولية في لاهاي، في سابقة خطيرة، وقد توفي هناك لاسباب غير معروفة لحد الان! ( 6 ) التدخل الاميركي بتفعيل سياسة الفوضى المتوحشة .. وذلك بخلق النزاعات وتأجيج الصراع وبؤر التوتر في العديد من الدول ، في ( الشيشان وجورجيا واخيرا اوكرانيا وحرب وانفصال كوسوفو، وافريقيا في رواندا وبروندي،وفي بنما وهاييتي وجنوب شرق اسيا والسودان ودول الربيع العربي! والاراضي الفلسطينية ) والدور الاميركي في دعم الكيان الصهيوني ومنذ اغتصابه فلسطين واخرها في الهجوم الاخير على غزة التي راح ضحيتها الالاف ، فضلاَ عن التدمير الشامل .. وهوواحد من مئات الادلة على سمات العصر الاميركي وزعامة النظام العالمي.

فانفرادة القوة الاميركية على الساحة الدولية هي كارثة ومأساة للانسانية ، والمرحوم الاستاذ ( احمد ميشيل عفلق ) مؤسس حزب البعث العربي الاشتراكي اشار وتوقع ما سيحصل في حالة انفرد قوة باغية وحيدة على المعمورة عند اجابته على سؤال وجّه اليه عام1951 .. ايهما يفضل البعث .. انهيار المعسكر الرأسمالي ام المعسكرالشيوعي ؟ فكان جوابه بما معناه ،والذي اغضب الاصدقاء الشيوعيين وقتها وعرّض الحزب لحملة اتهامات ظالمة " .. اننا مع بقاء القطبين ومع بروزاقطاب دولية اخرى كالصين والهند ومجموعة عدم الانحياز والنمور الاسيوية والعرب ،لتمنع الانفراد والاستبداد والاستقواء على الغير. ان الولايات المتحدة لن تغيّر نهجها العدواني وسياستها التوسعية اذا لم تبرز قوى دولية اخرى تردعها، مع هذه السياسة التي تكلّفها الكثير ستسهم الى جانب عوامل اخرى سنأتي عليها في مقال اخر،في انحسارها وانهيارها وهزيمتها كما زالت سابقاتها من امبراطوريات الشر والطغيان على مدى التأريخ .






السبت ١١ ربيع الثاني ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / كانون الثاني / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. مأمون السعدون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة