شبكة ذي قار
عـاجـل










في خطوة جديدة تعبّر عن مدى إفلاس أركان العمليّة الجاسوسيّة القذرة المتهاوية في العراق، وتكشف عن منتهى التّخبّط والارتباك الذي يعانيه العملاء المزدوجون للاحتلالين الأمريكيّ والفارسيّ الإيرانيّ البغيض، وبعد سلسلة الهرطقات والسّخافات التي ميّزت أداء تلك الأقوام الوافدة إلى أرض الرّافدين في غفلة من التّاريخ، أقدمت مجاميع الغدر والخيانة والارتزاق على تمرير قانون مضحك مقزّز في آن، حيث أقرّ مجلس دوابّ ما تعرف بالمنطقة الخضراء قانونا سمّي بــ" حظر البعث ".

يأتي حظر البعث هذا، بعد كلّ ما تعرّض له حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ من حملات ممنهجة اتّسمت بالعنصريّة والسّاديّة بعد أن خصّه الاحتلال الأمريكيّ بقانون " اجتثاث البعث " الذي استصدره المجرم بول بريمر غداة اجتياح قوّات الاحتلال الأمريكيّ بغداد من الكونغرس الأمريكيّ في سابقة لا نظير لها في التّاريخ البشريّ كلّه.

رغم كلّ استتباعات قانون الاجتثاث سيّئ الصّيت والسّمعة وما سبقه وما لحقه من حملات شيطنة وتشويه وافتراءات وتبشيع، لم يفلح دهاقنة الأمريكان في تتويج مراميهم ليظلّ البعث عنوانا فريدا متساميا لا ينفصل اسمه وتاريخه ورجالاته وقادته عن ملاحم الشّرف والبطولة والفداء ونظافة اليد وصدقيّة الرّؤية والطّرح والمنهاج.

وكدأب العملاء وبيادق الاستعمار ونعال الاحتلال دوما، سعت الحكومات العميلة المنصّبة المتعاقبة على العراق بعد الغزو الأمريكيّ وحرصت على المضيّ قدما في سياسة الأمريكان فكان البعث تلك الشّمّاعة التي غطّت بها دوما عجزها وفشلها المدوّي في التّعاطي مع الشّأن العامّ في العراق حيث اصطدم مشروع الاحتلال بالرّفض الشّعبيّ الهائل رغم كلّ ما أنفقته الجهات المجرمة من أموال طائلة لشراء الذّمم حينا واستلاب العقول أحيانا والتّدليس والتّلفيق أحايين أخرى.

ها هي إذن، حكومة الصّغير حيدر العبادي تسعى جاهدة هي الأخرى للتّعمية عمّا ارتكبته من سلسة جرائم مدوّية مفزعة بحقّ العراق شعبا وتاريخا وحضارات، وتتوّج تلك الخطوات السّابقة بقانون مضحك هزيل لا شرعيّة ولا مشروعيّة له إلاّ إذا كان القصد منه حصرا مزيد أداء طقوس الولاء وتأكيد الطّاعة لأسيادهم الفرس، لتتفتّق قريحتهم عن حظر البعث.

لقد دأب خصيان حكومة الخزي والعار والجريمة والإرهاب وقِردة البرلمان على اتّهام البعث والبعثيّين بالضّلوع وراء كلّ شاردة وواردة تتعلّق بالعراق، وراهنوا كثيرا على ذلك بغية تحصيل مبرّر مقنع يطيل في عمرهم الافتراضيّ لدى عموم جماهير الشعب العراقيّ الذي لطالما عبّر عن رفضه لطغمة الجواسيس والقتلة الطّائفييّن وعٌصْبة الإرهابيّين المأجورين في كلّ مدن العراق وقراه الثّائرة ناهيك عن المقاومة العراقيّة الباسلة التي تسطّر ملاحم مبهرة بقيادة حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ وبإشراف الرّفيق القائد شيخ المجاهدين عزّة إبراهيم الأمين العامّ للحزب، وتطارد الأعداء ونغولهم وبيادقهم متنفّلة بالتفاف شعبيّ كبير، كما عانى هؤلاء الأمرّين بفعل ما جرفهم من تناقض رهيب تمثّل في تسويقهم لانتهاء البعث من جهة وإرجاع كلّ إخفاقاتهم المدوّية للبعث ورجاله.

لن نغوص كثيرا في قراءة القانون وتبعاته سياسيّا ولا قانونيّا لاعتبارات عديدة أهمّها أنّنا لا نعترف أصلا بكلّ ما نتج عن الغزو الأمريكيّ للعراق وبالتّالي فإنّنا لا ندعو إلاّ لضرب الاحتلال ومصالحه ضربا مباشرا ومتنوّعا سواء كان ذلك بالكفاح المسلّح أو الكفاح السّلميّ حسب السّوح والميادين والظّروف، أو سياسيّا أو إعلاميّا أو فكريّا، ولكن سنحاول الولوج لدوافع هذه الشّرذمة الضّالّة الفاقدة لكلّ مقوّمات الرّجولة لمثل هذا الإجراء الهابط المبتذل من حيث مدلولاته وظرفيّته.

إنّه لا يخفى على أحد ما انتهت إليه كلّ المشاريع التي كلّف بها أراذل المنطقة الخضراء بتنفيذها من انسداد الأفق وانعدام أيّة إمكانيّة لحلحلتها ولو قيد أنملة، ولن يسجلّ لهم أيّ إنجاز يذكر إلاّ إذا كان القتل على الهويّة والإرهاب اليوميّ والإجرام الذي لا تهدأ ماكيناته أمورا يمكن تصنيفها على أنّها كذلك.

ولا يختلف عاقلان حول السّمعة السّيئة التي تعرّف هؤلاء الأفّاقين والقراصنة لدى العراقيّين وعموم العرب وأحرار العالم، حيث سقطت كلّ أقنعتهم البائسة القبيحة وثقلت موازين خطاياهم وجرائمهم وبلغت حدّا لم يعد من الممكن التّغاضي عنه أو السّكوت عليه.

وعليه، فإنّ هذه الحركة الاستعراضيّة التي سّماها حزب الدّعوة الإيرانيّ ومن تمسّح بعباءة مديريه من طهران، قانونا، لا تفسير لها إلاّ على أنّها من قبيل ذرّ الرّماد في عيون العراقيّين والمتابعين في شتّى أصقاع الدّنيا خصوصا بعد سلسة فضاعات الإبادة العرقيّة التي تسطّرها ميليشيّات الحقد الطّائفيّ الإرهابيّ المدفوعة من إيران وهي التي تحتلّ العراق بالوكالة عن الأمريكان، وهي أيضا عزم على استعادة بعض شعبيّة وترميم لمعنويّات ميليشيّاتهم المتناحرة وصرف أنظار العالم عن نوازع التّصدّع والتّقاتل التي تطبخ على نار هادئة بين الأحزاب الإيرانيّة المتنفّذة في العراق.

هذا، ويبقى من أهمّ دوافع عصابة العبادي الصّغير ومن معه لسنّ هذا القانون المهزلة ثلاثة عناوين كبرى :

1- العمل على تأجيل الصّراعات والتّصدّع في الأحزاب المكوّنة لمنظومة الحكم في العراق واستعادة تماسكها بتوحّدها ضدّ تهديد جدّي وخطير، وليس أفضل من البعث عدوّا لهذه المجاميع المجرمة.

2- تخفيف الأعباء عن الاحتلال الفارسيّ ومنحه بعض الوقت للملمة أنفاسه ومعاودة ترتيب أوراقه خصوصا بعد تراجع كبير ملحوظ في أجندته السّاعية لتمزيق الوطن العربيّ.

3- تفويت الفرصة عن العراق والعراقيّين للاستفادة من تقرير تشيلكوت الذي جرّم الاحتلال وعرّى الأكاذيب التي استند عليها الغزاة وفتح الباب على مصراعيه للعراقيّين للمطالبة بمحاسبة كلّ من أجرم بحقّ العراق وشعبه ومقاضاتهم.

- يتبـــــــــــــــــــع -





الاثنين ٢٧ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أب / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة