شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على مولانا رسول الله..
أيها الرفاق والرفيقات .. أيها الإخوة والأخوات.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إن هذا التخليد كان من المفروض والتقليدي أن يجري في أجواء الفرح والأهازيج والغناء.. ولكن الذكرى تأتي في سياق واقع وطني وإقليمي وقومي ودولي أقل ما يوصف به أنه بائس على أكثر من وجه وصعيد. إن شباب بلدنا ما زال يواجه التقاليد البالية والتنميطات الرجعية والعقليات المسكونة بالتخلف والتعفن التي تأسست عليها "منظومتنا" الحزبية وخربت حياتنا السياسية ؛وهذا ما يستوجب من الشباب أن يؤسس قواعد للعمل السياسي والحزبي على نحو يثور الجماهير ضد واقعها ، عبر تربية هذه الجماهير بالتحسيس ورفع منسوب وعيها ، ومحاصرة نخب الفساد وكهوف الظلامية ، بتغيير أهداف العمل السياسي من الغاية الانتخابية، التي ثبت عقمها، إلى الغاية التنويرية والانحياز للشعب لا للأنظمة، حتى ننتشل الحياة السياسية والحياة اليومية للجماهير من البؤس النفسي واللاهدف، وأن تكون أداتنا في ذلك استخدام لغة الجماهير أي لغة المعاناة ، لا لغة النخبة . إنه يجب أن يرتقي الشباب ليكون:

_ التعبير الصحيح عن حاجات الضعفاء، المهمشين، المغيبين، المستعبدين اجتماعيا وسياسيا، وكل الشرائح الاجتماعية المقهورة. وأقول إنه يجب أن يستمر نضالنا للقضاء على العبودية ومخلفاتها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والتعليمية والسياسية. وأقول إن فيه استعبادا سياسيا تمارسه الزعامات التقليدية ومختلسو المال العام ورجالات الأنظمة الحاكمة على الفقراء والمحتاجين من كل الشرائح الاجتماعية؛ لأن هذه القوى تمارس الابتزاز السياسي بصورة بشعة، مستغلة حاجة المواطنين وعوزهم. فيجب أن يكسر الشباب حلقات التقهقر من قبيل الانتماءات الفرعية السلبية ، مثل القبلية، الجهوية، الإثنية، الشرائحية الاجتماعية التصادمية . يجب أن يرفض الشباب الرضوخ للواقع الفاسد ويشمر لرفع تحديات رهانات الصعود. يجب أن يرفع شعار: لنا الغد.. ولشعبنا المستقبل. فليرتق الشباب ، في نضاله، عن روح التشكي والتوجع وأن ينهض من الخمول السياسي وخيبة الأمل. يجب أن يرفع شبابنا أيضا شعار : نصنع مستقبلنا بأيدينا. وأن يختط طرقا مبتكرة في التفكير بوسائل نضاله لحل مشاكله للتحرر من سياسة الخواء والجمود ونزعة الاستهلاكية والعدمية الهدامة التي تعمل من أجلها الأنظمة السياسية ونخبها الفاسدة ، وكذلك النخب الليبرالية المفلسة. فاربطوا، أيها الشباب ، حزبنا ، في نضاله، بالجماهير البسيطة لتتصاعد فاعليته ؛ وابحثوا عن العناصر المنتجة فيه، المبدعة في المجتمع ؛ واجعلوا حزبنا في خدمة الناس ـ تكسبون ولاء الجماهير ؛ لأن التعبير الصادق عن حاجات الناس لا يتأتى إلا من خلال مشتركات وقناعات موحدة، وهو ما فشلت فيه أحزاب الأنظمة الحاكمة ونخبها المستقيلة من النضال لصالح المنافع الخاصة .

أيها الرفاق والرفيقات .. أيها الإخوة والأخوات.
إن العالم يدخل في حقبة صراع تاريخي غير مسبوق.. إنه في منعطف خطير. وهناك توجه عالمي نحو التصادم والفوضى تغذيه دوائر مرتبطة بقوى عالمية لدفع المجتمعات إلى الصراع، وفي مقدمة ضحايا هذا الصراع الشعب العربي والشعوب الإفريقية وبعض شعوب آسيا، التي تشكل ساحة هذا الصراع . فسجلوا حضوركم اليقظ والفاعل على ساحة التاريخ والأحداث، وتهيئوا لتكونوا السلاح الأكثر قوة ومضاء باتجاه التعبير عن مرحلة الصراع التاريخي الذي تخوضه أمتنا، عبر:

_ أفكارها ، مضامينها الثقافية والحضارية ، شعارات طليعتها الكفاحية و الجهادية ، وأطروحاتها وعمقها القومي والديني والإنساني الشامل؛

_ لا تقبلوا أن تتجردوا من الاهتمام بالقضايا الكبرى لأمتكم. وتزودوا بالقوت الفكري والروحي ، واستعينوا بالخط الصريح لهذا الفكر، وكونوا الصوت الأعلى في الدفاع عن حقوق شعبكم وأمتكم، وخصوصا الضعفاء ، ومن قص الظلم ألسنتهم وقيد الفقر أيديهم وأعاق المرض إرادتهم...

أيها الرفاق والرفيقات.. أيها الإخوة والأخوات.
إن العالم يتخبط في طريق مسدود وهو يكف عن استخدام اللغة المفهومة للعقلاء وأصحاب المنطق، من كل الأمم والحضارات. فاستجمعوا عناصر القوة والتكامل ، وادمجوا الوجدان والفكر لتفجروا في داخلكم إيقاعا نفسيا ، إنسانيا جياشا للدفاع عن وجودكم ومستقبل شعبكم وأمتكم ، وليدفعكم هذا الإيقاع بقوة إلى إحياء الأمل في البائسين والمحبطين والقانطين من رحمة الله وفضله. فارتبطوا بتأدية الواجب الوطني والقومي والديني والإنساني ، دون غلو ولا تطرف في أي من هذه الأبعاد. أي أسسوا لمقاومة وطنية وقومية ودينية وإنسانية مرتكزة على الوعي والنضال المحصنين بحب موريتانيا بكل مكوناتها القومية وفئاتها الاجتماعية ، وبحب الأمة العربية وحب الإنسانية.. حب مقرون بالتضحية والإرادة والشجاعة. وأخيرا، أختم بالقول إن موجة الإلحاد من جهة والمذهبية الصفوية الإيرانية من جهة أخرى ،التي تطل من حين وآخر بين أبناء شبابنا، فضلا عن استنكارها ومقتها من لدنا ونضالنا ضدها، إنما تعود لتحريض ودفع وإغراء من دوائر دولية حاضرة على ساحة بلادنا، في مقدمتها دوائر أمريكية وصهيونية ،وتشترك معها في فعل السوء والتشجيع على المنكر إيران التي تتمدد وتتغلغل بين فئات الشعب الموريتاني بغرض تفجيره ، بزرع المذهبية والطائفية وشتى أشكال وأساليب التخريب الاجتماعي والنفسي والاقتصادي والثقافي .كما أن توظيف الإسلام لأغراض السياسة مثل التعبئة الانتخابية واستغلال العاطفة الدينية للشباب لكسبهم في الصراعات الحزبية وضد بعض الأنظمة الحاكمة، وتوظيفه أيضا لحماية أنظمة أخرى بفتاوى مغرضة ومتلونة، تحت الطلب، قد شوه صورة الإسلام وحوله في أعين المضطهدين اجتماعيا إلى مجرد إيديولوجيا وظيفية للمصالح. غير أن إيران هي أكبر خطر يتهدد هذه البلاد، وهي أعظم بلوى أصابت الإسلام، منذ حلت ولاية الفقيه في السلطة على الشعوب الإيرانية..

إن الأسلوب الناجع في مواجهة موجات التخريب الاجتماعي والديني ليس التحريض على مظاهرات فوضوية ضد فرد تافه وحقير ، هي أشبه بفقعات صابون، ظاهرها الحمية لرسول الله (ص) و هدفها الحقيقي هو التغطية على الواقع البائس للشعب الموريتاني . ويدخل في هذه الأساليب التضليلية للشعب الحديث المفتعل عن المقاومة الوطنية الآن ضد فرنسا ، عندما ساءت علاقات النظام مع فرنسا؛ وكذلك حديثهم عن قرب فتح ما يسمى بتسوية " المداخلات" في القطع الأرضية الممنوحة من الدولة للمواطنين لإشغالهم عن التفكير في بؤسهم بافتعال صراعات بينهم على القطع. إن الأسلوب الفعال يكمن في مصارحة ومواجهة تلك الدوائر التي تربي وتمول وتنظم وتحرض وتحمي مثل هؤلاء الحقراء والتافهين الذين يسيئون إلى أفضل مخلوق، والذين يسبون صحبه وزوجاته الطاهرات. هذه الدوائر هي المخابرات الأمريكية والصهيونية والإيرانية والشبكات المرتبطة بدولها. كما أنه ينبغي على التيارات السياسية أن تكف عن توظيف الدين كبضاعة مزجاة من أجل مصالح الأحزاب والجماعات...

والسلام عليكم ..





الجمعة ٢٥ صفر ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / تشرين الثاني / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة