شبكة ذي قار
عـاجـل










وانطلقت المظاهرات، لكن هل ستستمر إلى أن تقتلع جذور الفساد والعمالة من أرض العراق، أم إنّها مجرد تظاهرات مؤقتةً تتلاشى كما حصل مُسبقاً!!

توقيت انطلاق التظاهرات وما حملته من شعارات هذه المرة له دلالات خطيرة يجب الوقوف عندها وعدم المرور عليها مرور الكرام.. فالمظاهرات جاءت متزامنةً مع ذكرى ثورة العشرين الخالدة، تلك الثورة التي يحتفل بها جميع العراقيين على اختلاف مشاربهم، كما إن الشعارات التي هتف بها المتظاهرون، لمن يتمعن في فحواها، لم تكن من أجل الكهرباء فقط، بل كانت ثورةً من أجل عروبة النجف الذي سيطرت عليه حوزة أغلب عمائمها ليست عربية.. ناهيك عن السيطرة الإيرانية على المدينة وانتشار أجهزة استخباراتها لقمع أي معارضة عراقية لسياسة إيران في العراق!!

النجف عريقٌ في عروبته، يحتضن في ثراه جسد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه الشريف، ابن عم رسول الله وصهره، لذلك يدرك النجفيون قبل غيرهم بأن اعتزازهم بعروبتهم نابع من اعتزازهم وحبّهم وتقديرهم لآل بيت الرسول الأطهار، لأنه صلى الله عليه وسلم وآله عربٌ أقحاح، وبأن لغة القرآن عربية وليست فارسية !!

كلّ ما سبق يجعل من أهل النجف خاصة، وباقي محافظات جنوبنا الغالي عامة، يثورون غيرةً وحميّةً من أجل عروبتهم التي استباحتها إيران بعملائها وأجهزة استخباراتها، وينتفضون ضد الاستفزاز الرخيص الذي يقوم به أتباع طهران لمشاعر أهلنا في الجنوب عندما يقومون بتعليق صور الخميني والخامنئي في الشوارع والساحات .. تلك الأفعال هي استهتار بكرامة آلاف العوائل الجنوبية العريقة التي قدّمت أبناءها شهداءً في حرب الثمان سنوات من أجل الحفاظ على سيادة العراق واستقلاله من الأطماع الفارسية .. لقد ثار العراقيون وانتفضوا ليس من أجل الإصلاح فقط هذه المرة، بل تمرّداً على كلّ ما هو دخيل من عادات وتقاليد لم تكن موجودة في المجتمع العراقي قبل الاحتلال.. فالفساد في المؤسسات، الرشاوى وسرقة المال العام، التزوير في الشهادات العلمية، البطالة وانتشار ظاهرة الأطفال المتسولين، الدعارة والمخدرات، استفحال الجهل وارتفاع أعداد الأميّة بعدما كان العراق خالٍ منها تماماً، وصولاً إلى سيطرة غير العراقيين على خيرات البلاد والتحكم بمصيره.. كل ذلك دفع العراقيين إلى الثورة هذه المرة بعد كبت طويل!!

شعب العراق صبر طويلاً على أمل أن يصطلح الحال يوماً، لكنه عندما بات يقارن بين الأمس واليوم، صار يرى بوضوح بأن الأمس كان أفضل في كل شيء، فعلى سبيل المثال كانت جميع عوائل المسؤولين قبل 2003 تسكن العراق وفي مناطق سكنية عامة وليست خاصة، وكان أبناء الوزراء والمسؤولين يرتادون المدارس والجامعات العراقية مع باقي أبناء الشعب دونما تمييز.. أما الآن فلا يوجد مسؤول واحد في الدولة لا يمتلك جنسيتين، وعائلته تقيم خارج البلد بأموال العراقيين!! أمّا لو تكلمنا عن موضوع الكهرباء الذي كان شرارة هذه الثورة المباركة، فإنّ العراق في التسعينيات وعلى الرغم من قيام قوات العدوان الثلاثيني وقتها بتدمير جميع محطات الطاقة الكهربائية ثم الحصار الاقتصادي الذي منعه من استيراد أي شيء، قام بتوفير الطاقة الكهربائية للمواطنين أفضل مما متوفّر لديهم الآن.. مع أن الاستيراد الآن متاح للعراق حيث لا حصار اقتصادي ولا عدوان عالمي عليه، وهناك تصدير يومي للنفط بملايين الدولارات!! فهل فهم القابعون في المنطقة الخضراء رسالة المتظاهرين عندما قاموا برجم مجسّم لممثل السيستاني وهم يرددون تلبية الحج وكأنهم يرجمون الشيطان؟ وهل علم العالم معنى أن يهتف المتظاهرون : ( يا صدام رد لينه حتى لطم ملينه )!!
 





الجمعة ١٣ شــوال ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / تمــوز / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد الرشيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة