شبكة ذي قار
عـاجـل










او تعلمون ما هي الموصل , انها الأرض التي توصل الدنيا بالدنيا , ارض لم يُعرف فجرها , مع ان البشر قد استوطنوها منذ ما قبل ستة الاف قبل الميلاد , كما اشار ما عُرف من تاريخ البشر , انها ارض عشتار , وأرض سنحاريب وأجداده , نينوس , واشور , انها الأرض ما بين الدنيا والدنيا , والحضارة الى الحضارة , والتي اوصلت التاريخ بالتاريخ .

مر عليها من الدمار ما عرفه البشر , وما لم يكتبه التاريخ , وذهب في صدور من رحلوا من البشر والأجداد , دخلها زناة واندحروا , وحل عليها قتلة وابيدوا , ومر من الزناة منهم من ذكرهم التاريخ في سياق من دحروهم من الابطال , ومنهم من اندثروا وسحقتهم ارض الوصل التي لم تقبل غير الطهارة لترابها ولأهلها السمو والشموخ والكرم , الموصل ونينوى اسمان مترادفان لمدينة واحدة أثرت في مسار التاريخ بشكل لا يقبل النقاش أو التأليف , وان الموصل المنطقة قد اخذت اسمها من عراقة المدينة وبعدها التاريخي .

انا لن اكتب عن تاريخ الموصل , فكيف استطيع ان اكتب عن ارض هي التاريخ , ولن اتحدث عن الحضارة , فان كان من حضارة في الارض , فقد مرت من نينوى ارض الحضارة , ولن اقول شيئا عن من مروا من زناة ومجرمين من ارض قد لفظهم الثرى فيها قبل ان يلفظهم التاريخ , لكني سأكتفي بأن ابوح ببعض مما في جوارحي عن أم الربيعين , قيثارة الزمن ، واحة اللؤلؤ المنثور ووردة القلب , الغجرية الشقراء التي تلبس بساقها أحلى الخلاخل ، اسوارها قمم ، وأحجارها تاريخ ورقم ، درة المدن التي ضم جسدها في ثناياه اضلع البشر , ونحيبك ايتها البهية أسمعه يتكسر تحت الحطام , وجسدك الندي وقد عفرته شرور المعتدي وقهر البغاة والزناة والمجرمين , ايتها الحدباء الجرح المختزن في عمق التاريخ , يا ام الرماح التي طالما اثخنتها الجراح , يا ميزان الارض وتوازن الزمن , ماذا فعلوا ويفعل بك زناة الأرض وحثالة البشر , لست قلقا على مصيرك وانت الأرض التي لفظت من جوفها كل الزناة , وتطهرت وتطيبت بعد كل معترك ، لكني قلق على الانسانية , فكيف يبقى العنوان وقد حل بك كل هذا الدمار , كيف تكون الانسانية , وقد باتت ارضك اكوام من البشر والحجر ، كيف يكون الجمال وقد شوهوا بهاءك وحسنك الفتان , وكيف يكون الاباء وقد امعنوا فيك البلاء طعنا ورجما , والطهارة كيف تبقى في الدنيا وقد اغتصبوا عذرية مجدك وتاريخك والحضارة .

نينوى أرض البطولات والأمجاد والفخر ، ماذا فعلت بك قبائل الظلام , وغربان الكفر ، حشود النحس وحلف الشيطان , نينوى انهضي من جديد , كما نهضت من قبل ، فأنت الفارس والفرس ، وأنت القائد المغوار , وأنت الدار التي يلوذ اليها البشر ، فبلا نينوى كيف تكون حياة وكيف يحيا بشر





الاربعاء ١٨ شــوال ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تمــوز / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المهندس صهيب الصرايرة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة