شبكة ذي قار
عـاجـل










حاولوا الوصول إلى المُحَرَّم في الوطن. ففَشلوا، فبدأوا يحفرون الأرضَ ويَدُقُّون اِسْفين الفتنة ليقيموا عليها مستوطناتِهم الخبيثة.

مثلما زَحَفوا من أفغانستان إلى بغداد فَلَوَّثوا ميادينها الجميلة، وملؤوها بالنفايات، مثلما حولوا مياه الفرات إلى حمام يغتسلون بمياهه، ويغسلون ثيابهم فيلوثوه بقذارتهم مثلما حَدثَ في بلاد الرافدين من قتلٍ للتاريخ وتصفية لحساباتٍ ضيقةٍ، يحدث في الشام!

يبتلي اللهُ الوطن العربي بفئةٍ من السياسيين الحاقدين على العروبةِ متمجسين متصهينين يحملون مشاريعهم الخبيثة في جيوبهم ويلقون قشور الموز تحت أرجل البسطاء.

أيتها العروبة الجميلة بكل لغات البشر، إنهم يحاولون تدنيس ألقك وكبرياءك المرتفع حتى السماء، بحثالة تدعي خوفها على الوطن كما تدعي الإسلام والعروبة، إنهم فئة ضالة تستغلها طغمة حاقدة في أرض فارس لتزيد من اشتعال النار التي يُطْبخ عليها إنهاك الأمة العربية وإنهائها.

إنهم يُمثلون -كأَسيادهم -العَدَمَ.. العدم الثقافي والجمالي والقومي وحتى العدم التاريخي، إن لغة الحوار تُضايقهم، لأنهم لا يستطيعون فهمها، وعبارة الوَحْدةِ تزعجهم لأنهم لا يستطيعون تركيبها، وهم مقتنعون أن كل العصور قبلهم هي عصور وصاية وأن عصرهم فقط هو عصر الاستقلال والإسلام.

يقصفون العراقَ لأن ثقافةَ التنوعِ لا تناسبُهم، وينهالون بصواريخهم وحممِ نيرانِهم على الشام لأن ثقافة الوحدة التي ترسخت منذ عقود لا يستطيعون التأقلم معها، ينهالون ضرباً على كل ما يجدونه مخالفاً لمعتقدهم الفارسي الذي يستمد همجيته من ثقافة إنهاك الآخر وتلاشيه، يفجرون المساجد على مرتاديها لأن إسلام العروبةِ الذي حدثنا عنه رسول الرحمة لا يناسب إسلام تطرفهم ولا إسلامهم الخاص، وأن حضارة وثقافة الأمة العربية لا تناسبهم أيضاً، ولأن امتداد الأرض يجعلهم عاجزين عن المسير.

يحاولون إحراق الوطن، لأنهم ما اعتادوا إلا حياة الحواري والأزقة المظلمة الضيقة..
إن مخططهم أيتها العروبة هو قتلُ الجمالِ فيك، وإرغامك على تبعية الذي يستبيح الأرض والسماء والبحر..

أشعلوا حرب استنزاف تستهدف كل نبيل وجميل فيك، وتستهدف اجهاض كل التنوع الفكري والثقافي وحتى السياسي الذي ما زالَ واقفاً يطرح ظله ويطرح الثمر..
إنهم مجموعة من المرتزقة يجولون في سمائك بأسلحة خبيثة ويطلقون صواريخهم إرضاء لشهوة القتل.

أنا لا أدافع عنك أيها الأمة الراسخة في التاريخ..- لأن التاريخ يسطرُ في جنباته أن مغول وتتار العصر الحديث لن يستطيعوا مهما حاولوا أن يغيروا بهاءَك ويدنسوا قُدسيتك وأن يفضوا عذريتك.

سفكوا دماءَ الأبرياءِ وشردوا البشرَ وحطموا الحجرَ، لأنهم لا يريدون أن يروا الأشياء الجميلة والمرتفعة التي لا تتأثر أبداً بإطلاق الرصاص عليها، فأنتِ منيعة تاريخياً وزمنياً، ما يجعل اسقاطك هو الجريمة المستحيلة.

إن ما يحدث ليس بريئاً، ولا حواراً حضارياً يدور على طاولة، لكنه هجمة لئيمة على تاريخ ناصع بكل أصوله وجذوره.

من المؤسف أن يصبح بعض أبناءك أيتها الأمة _وأنت مرتع الشمس والمحبة _ مأوىً لهؤلاء، ومركزاً لعصابة تتحرك بغريزة العدوان، وتتحول إلى ديك منفوش الريش بعد أن كانت دجاجاً ذليلاً.

إنهم يكرهون الشمس والينابيع وسنابل القمح وموج البحر والأمطار، ويعيشون على أنقاض العالم وخرائبه ولعل أخطر ما فيهم أنهم يرفعون راية السيادة والاستقلال والإسلام.
إن اغتيال التاريخ ليس سيادةً، والعدوانَ على البشر والحجر و تحطيم البنى التحتية ونبش قبور الموتى ليس ديمقراطيةً، وقتل الأبرياء والتشهير بالحياة العامة والخاصة للبشر ليس إسلاماً.

أيتها الأمة :
لن يستطيع كلُّ طغاةِ العالمِ أن يغيروا ألقَ التاريخ وعبقَ العروبة ولا امتداد الأرض. ولا عزاء لنا بمن سقط فوق ثراك من الأبرياء، لأنها تضحيات لازمتك مُذْ وجدتَ، فَقَدَرُك أنْ تكبري فوقَ الجراح ولكن بعد أن تنفضي عنكِ غُبار المعركة لتعيدي ألقَ الشواطئ وصفاء السماء وخضرة الأرض.
 





الجمعة ١١ ذو القعــدة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / أب / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ناصر عبد المجيد الحريري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة