شبكة ذي قار
عـاجـل










ردّ الرئيس شكري صادر التحية للسلطة السياسية بكل أطرافها بأحسن منها.فهو اختار بملء إرادته منفرداً إنهاء خدماته في سلك السلطة القضائية،وهي التي تشكل الضلع الثالث في هرمية بناء الدولة بما هي هيئة اعتبارية .

فالقاضي صادر الذي شغل أعلى موقع في سلطة القضاء الإداري وقارب ملفات ساخنة،لم يرد أن يسجل على نفسه،الرضوخ لتطاول السلطة السياسية على السلطة القضائية.وهي سلطة مستقلة، تصدر احكامها بإسم الشعب اللبناني الذي هو مصدر السلطات والسيد الأعلى الذي لا تسود عليه أية سلطة أمر واقع مهما بلغت نفوذها ونفاذها إلى المفاصل السلطوية .

وبالتالي فإن لا سلطة توجه عمل السلطة القضائية إلا أحكام الدستور والقانون،ولا سلطة تملي املاءاتها على القاضي إلا سلطة الضمير. وسلطة الضمير هذه تفرض هيبتها المعنوية على القضاة المتذاكرين،وقوتها الردعية أقوى من أي سلطة مادية مرئية .

والقاضي النزيه يختلي مع ملفاته بعيداً عن تأثيرات السلطة السياسية بكافة أطيافها،يقارب الحقوق في ضوء معطى الملفات وليس في ضوء معطى نفوذ أصحاب هذه الملفات.لأنه لو كان القوي بنفوذه يفرض نفسه على ملفات التقاضي،لما كان هناك من حاجة لقضاء يحكم بالعدل ويعطي الحق لصاحبه.والقاضي صادر كان من هذه الطينة التي لم تحاب ولم تفتح الأبواب لأصحاب النفوذ للتأثير في قرارات الفصل في المنازعات .

ولأنه كذلك،لم يكن يريح أصحاب النفوذ الذين يتداولون السلطة وهم من طينة واحدة وإن اختلفت تلاوينهم السياسية.

وأن يتخذ قرار نقله من رأس الهرم في القضاء الإداري إلى رئاسةغرفة تمييزية في القضاء العدلي،فهذا فضلاً عن كونه مشوب بعيب إداري،وبالإمكان الطعن به،فهذا الاجماع في مجلس الوزراء، وإن شكّل إساءة معنوية لقاضِ نزيه،إلا أنه كان اشهاداً بأن هذا الاجماع بين قوى متنافرة سياسية،على اتخاذ مثل هذا القرار،إنما يثبت بأن السلطة التنفيذية بكافة أطرافها لا تريد قضاء مستقلاً ولا قضاء نزيهاَ،ولا قضاة نزيهين،لأنها سلطة محاصصة،وسلطة تعمل على ضرب مقومات الدولة التي تحكمها قواعد أحكام الدستور والقانون .

إن فرض الوصاية السياسية على السلطة القضائية وترهيب القضاة بتسليط سيف المناقلات عليهم هو في بعده الدستوري خرق لمبدأ دستوري عام،وهو في بعده العملاني،استمرار النهج التحجيم والالغاء الواقعي لدور الهيئات الرقابية وذلك لأجل استمرار النهب في المال العام وتمرير الصفقات المشبوهة،والعمل بنظام المحاصصة الذي يغني الغني ويفقر الفقير،وما التشريعات الأخيرة حول الإيجارات والضرائب إلا المكشوف من المستور،حيث يراد للنهب والسرقة والهدر إن يشرّع بقانون.

وعليه فإن القرار الذي اتخذته السلطة التنفيذية،وإن كان ينطوي على موقف كيدي من القاضي صادر،فهذه السلطة التي لم يرحها سلوك الرئيس صادر في تعاطيه مع كثير من الملفات،تريد من خلال هذا القرار أن توجه رسالة ترهيب لكل الجسم القضائي، بإفهام من لم يفهم بعد بأن بلداً بات يفتقر للقرار السيادي الوطني لم يعد هناك مجال للكلام عن سلطة قضائية مستقلة، لإن الاحتواء السياسي السلطوي الذي ابتلع الهيئات النقابية وطوعها لمصلحة حيتان المال والسياسة يجب أن يستكمل بالاحتواء السياسي للسلطة القضائية .

ونحن معشر المحامين وعلى الأقل بإسمنا الشخصي نتضامن مع كل قرار تتخذه السلطة القضائية لتأكيد استقلالية قرارها ،وحسناً فعل الرئيس صادر بأن اتخذ القرار الذي يحفظ الكرامة الانسانية وحصانة الموقع،وهو بطبيعة الحال لن يجوع لأنه كان مشبعاً بمنظومة قيمية وسيبقى ولو حصل فسيبقى يعيش بكرامته وإرث نظافة كفه .

"مبروك" للسلطة السياسية اجماعها!! ومبروك للرئيس صادر وفقة عزه
وهو عمل بمبدأ "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها"





الاربعاء ١٦ ذو القعــدة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / أب / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة