شبكة ذي قار
عـاجـل










يا بناء شعبنا العراقي الصابر المكابر
منذ السنوات الأولى التي سبقت خطوات الإعداد والتحضير للغزو والاحتلال الأمريكي للعراق وتنفيذه عمليا في ربيع 2003 سعت القوى الرجعية في العراق، بكل فصائلها وتنظيماتها وقواها السياسية، إلى إذكاء أجواء الحقد والضغينة والتقسيم المتعمد لأبناء العراق، واعدت مسبقا قوائم ضحاياها، بالتعاون والتنسيق مع أجهزة ومخابرات أعداء العراق، فتضمنت قوائمهم صفوة من أبناء العراق الغيارى على وطنهم شملهم الإقصاء والتهميش والاجتثاث والعزل السياسي والاجتماعي، وحتى التصفية الجسدية والاغتيالات والمطاردة، والزج بهم في المعتقلات والسجون .

وقد تم تأجيج الأحقاد الطائفية والاثنية داخل المجتمع العراقي الواحد، بروح ثأرية حاقدة سوداء، كانت موازية ومترافقة مع خطوات تكريس سلطة الاحتلال والشروع في تفكيك أركان الدولة العراقية ومؤسساتها السيادية والإدارية، فجرى العمل على إفراغها تماما من جميع كوادرها العلمية والأكاديمية والسياسية والعسكرية والأمنية، وإحلال الدهماء والغوغاء والجهلة والأميين في وظائف وسلطة الدولة، تمهيدا لخلق حالة الفوضى واللا دولة واللا قانون، حيث وضع العراق في أجواء وتطبيقات شرائع الغاب في استهداف الوطنيين العراقيين المناهضين للغزو والاحتلال وللدستور والعملية السياسية المقيتة.

وبدلا من إقرار قوانين العدالة الانتقالية والمحاسبة العادلة لكل مواطن عراقي، في ظل ما يسمى نفاقا وبهتانا بالديمقراطية التي فرضتها إدارة وأجهزة الاحتلال الامريكي، تجلت في أسوء تطبيقاتها اللا دستورية واللا قانونية، وفي غياب كلي لإرادة الشعب العراقي واستبعاد ممثليه الحقيقيين، لجأت السلطات الحاكمة وقواها السياسية العميلة ،من خدام الاحتلال وتوابعه، والتي ظهرت مؤتلفة ومتعاونة ومتوافقة في صيغ عدة من التحالفات، ضمن ما يسمى بالمحاصصة السياسية فاندفعت جميعها إلى فرض تطبيقات وقرارات هي أسوء ما في التاريخ السياسي والاجتماعي في العالم، منذ عهود محاكم التفتيش وحملات المكارثية وممارسات النازية والفاشية وسياسات مكافحة الشيوعية بإعلان وتشكيل ما يسمى بهيئة النزاهة والعدالة، وبتشريع قانون اجتثاث البعث، السيئ الصيت، والبحث عن كل ما له صلة من تشريعات ظالمة ومجحفة، تجلت في تفعيل إجراءات الانتقام والعزل السياسي، مرورا بحملات الاعتقال والاغتيالات والمطاردات والحرمان من العمل، ووصلت إلى مرحلة الاستيلاء المنظم على قوت الناس وسلب أموالهم وملكياتهم الخاصة، ومصادرة بيوتهم ومساكنهم ومصادر رزقهم وقطع رواتبهم التي يستحقونها كمواطنين خدموا الدولة العراقية لعقود طويلة، وهم على مشارب سياسية عدة ، غالبيتهم عملوا بتفان وإخلاص، كل في مجال وظيفته واختصاصه، في الدولة الوطنية التي أسقطها وفككها الاحتلال البغيض.

ورغم مرور 15 عاما على هذا الاحتلال البغيض، فان القوى المتمسكة بزمام السلطة وأدواتها التشريعية والتنفيذية لم تتعلم الدرس بعد، وغالت في جرائمها وفسادها واستمرت في هذا المسار الانتقامي الحاقد الذي لن يفضي إلا إلى المزيد من إراقة الدماء والفرقة وتقسيم المجتمع، وخلق التوترات الاجتماعية، ويستبعد أية فرصة للتغيير ويمنع والى الأبد إمكانيات تحقيق لما روج له من مشاريع للمصالحة الوطنية، وإيقاف الفساد.

وللأسف فان كل هذه العوامل التي نكبت العراق ودمرته في خراب شامل، باتت تتجدد وتتكرر في مواعيد الحملات الانتخابية، أين تثار بأشكال وصيغ باتت مقرفة، وهي تستفز عموم أبناء العراق من دون استثناء، وخصوصا بعد إصدار قوائم الحجز والمصادرة لحقوق وأموال وبيوت وممتلكات الآلاف من المواطنين العراقيين، وهم نخبة من كوادر البلاد وصفوتها، من الذين لا ذنب لهم سوى التمسك بشرفهم الوظيفي والاجتماعي والسياسي، وبرفض الأحرار من غالبيتهم تلك العملية السياسية الممقوتة شرعيا وأخلاقيا التي سلطها الغزو والاحتلال .
ولم يشفع لواضعي قوائم الاجتثاث ، حتى شمول أؤلئك الأشخاص، الذين ارتضوا الخدمة في أسلاك النظام السياسي ألاحتلالي بعد 2003، ومن هم من قضى نحبه، ومنهم من توفاهم الله منذ فترات طويلة، وما تلك القوائم، بمحصلتها العامة، إلا تعبير عن سجل للعار المخزي لكل من وضعوها، وساهموا في إعدادها، ومن سعوا إلى تمرير قوانينها وتطبيقها، مهما كانت عناوينهم وطوائفهم وكتلهم السياسية.

انه من الغرابة بمكان اليوم، أن يتصدر مشهد الاستنكار والاحتجاج وسكب دموع التماسيح على حقوق الضحايا هم أنفسهم من سعوا، منذ الخامس عشر من نيسان الماضي، لإعادة تفعيل قرارات ما يسمى بهيئة النزاهة والعدالة، ولغاية في نفس يعقوب، هم أنفسهم حيتان العملية السياسية، سنة وشيعة، فهم الذين شرعوا وصوتوا ومرروا تلك التشريعات، منذ إعدادها كمخطوطات في دهاليز المخابرات الأمريكية والإيرانية، ، حتى وصل الأمر بأن افتخر البعض منهم بإعدادها، وعمل على استصدارها، حتى لحظة المصادقة عليها بتواقيع وبجلسات الكواليس المظلمة، وبتمرير وموافقة أمثال سليم الجبوري وأسامة النجيفي وقبلهما محمود المشهداني وصالح وحامد المطلك وبقية الزمر المطبلة اليوم: أمثال ظافر العاني وحيدر الملا وأحمد المساري ومحمد تميم وأمثالهم كثيرون، ممن يدعون في حماس الدفاع عن حقوق أهلهم من "العرب السنة" نراهم في مساجلات وحوارات ومنادب، قل نظيرها من الرياء والنفاق السياسي والاجتماعي، ويقابلهم من الجهة الأخرى نواب كتل ما يسمى الائتلافات الشيعية، بشتى عناوينهم وهم يتباكون ويبررون مثل هذا الانتقام بشفاعة ما تسمى حقوق تلك المظلوميات الكاذبة التي يتاجرون بها طائفيا ومذهبيا.

وما هي في الحقيقة إلا حملة انتخابية بائسة ورخيصة، تجري على جانبي خنادق أطراف المحاصصة الطائفية، كل منهم يسعى إلى تأجيج جملة من الأحقاد والتمترس الطائفي البغيض، وبالمتاجرة بالحقوق والبكاء الكاذب على حقوق الأرامل والأيتام وحقوق ضحايا الاجتثاث وقوانين الاحتجاز، وهم يعرفون تمام المعرفة: إن المصادرة تصب في مصلحة الفاسدين والمتطلعين إلى الاستيلاء على المزيد من أموال وممتلكات وبيوت غيرهم ، من دون تشريع عادل ومنصف.

ترى حركة اليسار التقدمي في العراق: إن كل ما يجري في بلادنا من استهداف منظم للتنكيل والإذلال المقصود للشخصيات وللقوى الوطنية الرافضة للاحتلال، وما يجري من مظالم تستهدف كوادر الدولة العراقية وبناتها، هي حالة مرفوضة ومدانة ومستهجنة، وتستدعي مواجهتها ومقاومتها بكل السبل القانونية والسياسية، والعمل على فضحها، وكشف أدوار وجرائم حيتان العملية السياسية من خدام الاحتلال، ولا بد من التضامن المطلق مع كافة العراقيين الذين تستهدفهم مظالم هذه الحملة الاجرامية، بأرزاقهم ووظائفهم، وقوت عيالهم ، منذ أن حكم المجرم بول بريمر وإدارته الاحتلالية، سلطة الاحتلال المؤقتة، وما ورثه من بعد رحيله لخدام الاحتلال من سلطات وامتيازات ودعم أمريكي مستمر حتى هذه اللحظة.

إنها لطخة عار في جبين الإدارة الأمريكية وحليفها النظام الفارسي في إيران، يتجلى ذلك في سكوتها وتواطئها ودعمها الخفي والعلني لما يسمى "اجتثاث البعث"، وغيرها من التشريعات الظالمة التي تضطهد أبناء العراق قاطبة .

تدعو حركة اليسار التقدمي في العراق كافة قوى شعبنا الوطنية مرة تلو المرة إلى التوحد ونبذ الفرقة والتشتت والانقسام والاستعداد الحازم بوحدة وطنية من اجل تحرير شعبنا والخلاص من هذه الطغمة الفاسدة والعمل معا من أجل إلغاء كافة قوانينها الجائرة ، ووقف عبثها السياسي والاجتماعي المتمثل في استبدادها واستهتارها بحقوق شعبنا.

ا.د. عبد الكاظم العبودي
الأمين العام لحركة اليسار التقدمي في العراق
٨ آذار / مارس ٢٠١٨
بتفويض من الأمانة العامة لحركة اليسار التقدمي في العراق





الجمعة ٢٢ جمادي الثانية ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / أذار / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة