شبكة ذي قار
عـاجـل










ربما من الممكن أن يرضى الإنسان بأدنى مقومات العيش، وربما يقبل بالعيش في بلد يغيب فيه الأمن والكثير من الخدمات، بالإضافة إلى الاستقرار، كما يحدث في العراق اليوم، وربما يتنازل عن العديد من أساسيات الحياة، ولكن من المستحيل أن يتنازل عن المياه فهي سر الحياة وعصبها، فالماء يدخل في كل مفصل من مفاصل حياة الانسان، سواء بشكل مباشر او غير مباشر، ابتداءً من الشرب والاكل والنظافة الشخصية والعامة، ووصولا الى الزراعة والسقي وتربية الحيوانات والصناعة، وحتى توليد الطاقة، وبالتالي فإنّ الماء هو مصدر عيش الانسان وديمومته، وهنا يجب ان نذكر ان وكالات الامم المتحدة المعنية بالزارعة والغذاء والمياه وكذلك المعنية بحياة الانسان وصحته، حذرت غير مرة بأنّ الحروب القادمة على وجه البسيطة ستكون حروب مياه، حيث ستتقاتل الدول فيما بينها على تقاسم حصص المياه فيما بينها، وعلى هذا ستنشأ الحروب المستقبلية، والسبب هو تناقص كميات المياه على كوكب الارض والاحتباس الحراري والتلوث الصناعي الذي ساد الغلاف الداخلي للكرة الارضية والذي ادى الى تزايد نسب تبخر مياه المحيطات، والذي أثّر بدوره على الأمطار من حيث كميتها وقلة تساقطها، وأثّر أيضًا على الأنهار ومجاريها، وانعكس تاليًا على كل شيء، كما أسلفنا، وعلى هذا الاساس بدأت الدول والحكومات في كل العالم تخطط لتخزين اكبر كميات من المياه بطريقة لا تؤثر على الاستهلاك اليومي من جهة، وبما يضمن استمرارية التجهيز خلال الأزمات المتوقعة، وبما يغطي أيّة حاجات أخرى، سواء زراعية او صناعية او خدمية في المستقبل،!ولكننا نتحدث عن حكومات تخطط وتقلق على مستقبل بلادها وشعوبها وليس حكومة لصوص وقطاع طرق !

العراق بلد النهرين، حتى ان حضارة العراق تُعرف بما بين النهرين، لاستمرار تدفق مياه دجلة والفرات، ونمو الحضارات وازدهاراها بين رافديه، وللأسف نقول أنّ هذين الرافدين لم ينضب ماءهما ابدا على مر التاريخ، ولم نسمع او نقرأ عن هذه ( المصيبة ) من قبل، على الرغم من مرور العراق على مر تاريخه بالعديد من الكوارث، لأنّ حجم هذه الكارثة يختلف لعدة اسباب اهمها :

1. الزراعة في العراق تعتمد على الإرواء، وبالتالي فإنّ انخفاض مستوى نهر دجلة سيخرج مئات الاراضي الزراعية عن الخدمة، وبالتالي يستعاض عن الانتاج المحلي بمنتجات مستوردة ( وهذا هو المطلوب ! ).
2. هجرة المزارع تعني تخلخل المجتمع وتغيير ديموغرافي وسكاني يؤثر بالمستقبل المتوسط والبعيد على التركيبة السكانية سواء للريف او المدينة.
3. انهيار خزين الثروة السمكية والتي تعتبر مصدرا غذائيا مهما للعراقيين بشكل عام من شماله الى جنوبه.
4. اقتصاد العراق ريعي ويعتمد على مدخلات بيع النفط بشكل عام، إلّا أنّ الزراعة هي اقتصاد المحافظات الزراعية، وخاصة الفرات الاوسط والجنوب، وفي حال توقف الزراعة فيها فإنّها ستفتقر لأنّ حكومة المافيات لا توفر فرص عمل ولا منتجات مدعومة ولا خدمات مجانية ومدخلات النفط تذهب لحساب المافيات وجيوبهم.
5. انخفاض المنسوب المائي او نضوب مياه الانهار هو نذير بقدوم امراض عديدة خطيرة.
6. توقف تربية العديد من الحيوانات المدجنة والتي تعيش قرب الانهار.
7. مياه الشرب ستتأثر بشكل كبير.

ما هي الاسباب ....

بعد نيسان 2003 وكما اسلفنا سابقا في مقالات عديدة، اصرت الحكومات المتعاقبة على احداث العديد من التغيرات الهدامة على هيكلية كل القطاعات الحيوية في الدولة العراقية، حيث انه لغاية نيسان 2003 كانت السدود العراقية الرئيسية ممتلئة وعند الحد الطبيعي لها كما إنّ كل الأنهار الثانوية المغذية للرافدين الرئيسيين، كانت تعمل بكل طاقتها، بالإضافة الى ان الاتفاقيات المائية مع دول المنبع كانت تحترم من قبل جميع الاطراف، نرغب بأن ننوه بأن حاجة العراق من الماء تبلغ ثمانية عشر مليون متر مكعب، وكانت تلك الحاجة مغطاة من قبل دول المنبع وبفضل السدود العراقية الرئيسية وطاقتها التخزينية، كما ان القيادة العراقية كانت لا تسمح ابدا لدول المنبع ببناء سدود تؤثر على الحصص المائية للعراق.

اما خزين العراق اليوم من المياه هو تسعة مليون متر مكعب حسب تصريح وزارة الموارد المائية ( الحالية ) والتي تعني نصف حاجة العراق، حيث انه وبعد نيسان 2003 وبفضل سياسات تخريبية متعمدة تم الاتفاق مع احدى دول المنبع ( للانهار الثانوية ) بإيقاف الضخ، وهذه اول كارثة حيث ارتفعت نسبة ملوحة الاراضي الزراعية والزحف الملحي نحو الاراضي المستصلحة او الصالحة للزراعة، تزامنا مع هذا الحدث قامت حكومة المافيات بتحويل مياه نهر دجلة الى الاهوار لزيادة منسوبها، معتقدة انها بهذا العمل تعيد الحق لاصحابة ( لأنّهم كانوا يتهمون ) القيادة العراقية قبل 2003 بتجفيف الاهوار، هذا الفعل ادى الى انخفاض مستوى التخرين في السدود الى اقل من النصف، جاء هذا الامر مع بناء دولة منبع دجلة والفرات اكثر من خمسة عشر سدا وتقليل حصة العراق اليومية من الاطلاقات المائية من ثلاثمائة وخمسون متر مكعب الى النصف.

النتيجة .....

بالطبع بعد كل هذه التخطيط السيء، وبالتأكيد المتعمد !, تظهر لنا صور نهر دجلة وهو يتحول الى ملاعب شعبية لكرة القدم وبرك ماء ضحلة، وساحات جرداء، وكل هذا ولم يدخل فصل الصيف بعد على العراق الذي يعتبر طقسه خليجيا حارا وجاف، وفيه نسبة من التصحر ليست بالهينة.

من المؤكد ان حكومة المافيات هي اللاعب الرئيسي والمسبب الرئيسي، فالتلاعب بالحصص المائية والتهاون مع دول المنبع والسكوت على قطع مياه الانهار الثانوية هي ليست ظروفا طبيعية لا يد للانسان بها ) فنحن نتحدث عن ( تهاون بين ) بل تآمر واضح على حياة المواطن العراقي وعلى العراق، وكما ذكرنا سابقا وبعدة مناسبات "من يحكمون العراق اليوم لن يتركوه الا ارضا خربة تنعق الغربان على ظلال حطامه".

يتبـــــــــع ..

لجنة الثقافة والإعلام
هيئة طلبة وشباب العراق / تنظيمات الخارج





الخميس ٢٦ رجــب ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / نيســان / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحفاد حمورابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة