شبكة ذي قار
عـاجـل










المتتبع للحالة العراقية منذ الاحتلال الأسود في 9 / 4 / 2003 ، وللوقت الحاضر ، لابد ان يفهم طبيعة اللعبة التي جاء بها الأمريكان وحليفهم القوي في العراق والمنطقة " إيران " فامريكا عندما غزت العراق واحتلته كانت تبغي الى اهداف لا يمكن ان تغيب عن عقل السياسي والمهتم بشؤون المنطقة ، اولها الاطاحة بنظام قومي قوي وقف حائلا دون ولوج الأمريكان إلى تحقيق مشروعهم الظلامي في منطقة الشرق الأوسط ، ومن ثم تحقيق امن إسرائيل واقامة مشروعها " دولتك يا اسرائيل من الفرات إلى النيل " والاستيلاء على ثروات المنطقة واولها النفط ، ويرسموا لدول المنطقة حدود جغرافية جديدة تتماشى مع مصالحهم وتكون قاعدة لمشروعهم ، وهذا ما حصل ويحصل الان عندما أطلقوا ما يسمى بالربيع العربي لإعادة هيكلة تلك الدول ، فالامريكان وعلى الرغم من خسارتهم الكبيرة في العراق وما تكبدوه على يد المقاومة الوطنية العراقية الا انهم ما زالوا مصممين وسادرين في غيهم وهم يواصلون جهودهم كي يرتبوا الحال لمصلحتهم في العراق وفي المنطقة وللمدى البعيد ، ولو اقتضى الامر اجراء التفاهمات مع ايران وهذا ما حصل ، وسيحصل في الايام القادمة ، ففي العراق وبالرغم من معرفتهم الدقيقة بحجم التضحيات التي يدفعها العراقيون جراء حالة التردي والضعف للحكومات التي نصبوها وايغالهم في سرقة المال العام واستقواءهم بالميليشيات المسلحة المرتبطة بايران تمويلا واشرافا ، الا انهم لا يريدون لهذا الواقع ان يتغير ، لان مشروعهم لم يكتمل ، وان التصريحات الاعلامية aaالتي يتحدث البعض عنها سواء من الامريكان انفسهم او ممن يرتبط بهم من ان امريكا تريد ان تقلم اظافر ايران وتقضي على نفوذها في العراق بات وهما وامرا كاذبا وهي اقوال هراء بعيدة عما يحصل في دهاليز السياسة وأبوابها المغلقة ، فاوباما قدم لايران خدمة كبيرة عندما اتفق معها ومن خلال الدول 5 + 1 حول برنامجها النووي فحصلت بموجب ذلك الاتفاق على مئات المليارات من الدولارات فاعطاها قوة وزخم في تحقيق اهدافها المعلقة وانتظارها هذه الفرصة ، فوسعت نفوذها في المنطقة واحكمت طوقها على العملية السياسية في العراق ، وارغمت امريكا على تقاسم النفوذ معها في هذا البلد الضحية ، ويظهر ان الصفقة الامريكية الايرانية بشان احتلال العراق كانت صحيحة وقد صرح بذلك بعض المسؤولين الإيرانيين أنفسهم بعد الاحتلال مباشرة ، ولهذا فمن يعتقد ان الامريكيين جادين في خلاص وانقاذ العراق من سيطرة ايران فهو على وهم كبير ، فامريكا تبحث عن مصالحها وان ايران لا تتقاطع وتلك المصالح الا بالاعلام الكاذب ، وان تبادل الادوار الذي يحفظ للطرفين مصالحهما يمشي على قدم وساق سواء في اطار الاتفاقات الضمنية او السرية ، والا بماذا نفسر معرفة امريكا وعلى وجه الدقة ان ايران هي التي تقرر شكل الحكومة في العراق ، وان ايران تزور الانتخابات في هذا البلد ، وان إيران هي التي تفرض شكل وطبيعة الكتلة الاكبر التي تنبثق منها الحكومة ، وان ايران تقيم علاقات عالية المستوى مع بغداد وترسل قواتها وخبراءها تحت لافتة مكافحة الارهاب ، وان ايران هي الداعمة لكل التشكيلات الميليشياوية المسلحة وورقتها في الضغط على امريكا ، وان ايران تستولي على عدد كبير من حقول النفط العراقية ، وان ايران لها اكثر من سبعة منافذ حدودية فاعلة في تسويق بضاعتها الى العراق ، وان ايران اغرقت العراق بالمخدرات ؟ وان ايران قطعت المياه عن العراق ، وان ايران تمددت على حساب حدود العراق الجغرافية ، وان ايران هي المسؤولة عن التفحيرات التي تقتل الابرياء العراقيين ، لكن أمريكا لا تحرك ساكنا الا بالتصريحات غير المقترنة بالأفعال ، واستمر هذا النمط الأمريكي في التصرف في عهد ترامب أيضا الذي صرخ وهدد وقرر إلغاء الاتفاق النووي من الجانب الأمريكي و الذي كانت فيه دول أوربا وروسيا طرفا ايضا ولا يخص العراق بشيء ، وبقي العراق اسيرا لامريكا وايران وسياستهما التي ترسم على اساس مصالحهما ومدى استجابة إيران لتلك المصالح ، فالجانب الإيراني حاول ومازال جاهدا في تثبيت نفوذه وفرض سيطرته وغرس مخالبه في العراق ويرجع هذا لأسباب عديدة فلايران مشروع قومي يرتبط بامبراطورية الاخمينيين والاكاسرة والصفويين وان احياءه على يد حكام إيران الجدد وتحت غطاء ديني طائفي أصبح أمرا لابد منه لإعادة ذلك المجد الذي خسره الفرس في معركة القادسية الاولى على يد القائد العربي المسلم الصحابي سعد بن ابي وقاص ، وان هذه الخسارة كانت عقدتهم لان كل الحكومات التي توالت على عرش إيران بغض النظر عن عقائدها وارتباطاتها لكن الجميع كان يتطلع الى اعادة هذا المجد المهزوم والضائع ، ولم يجدوا أفضل من تلبسهم بالإسلام واعتناق عقيدة لاتمت اليه الا انها تمجد بال البيت زورا وبهتانا كي تكون طريقهم للوصول الى اهدافهم القديمة الجديدة ، فكان الفكر الصفوي الطائفي الذي أوقد شرارته نظام طهران منذ العام 1979 ، وما العدوان الإيراني على العراق في 4 / 9 /1980 الا بدايته ، وما قبل 9 / 4 / 2003 تلاقت اهداف ورغبات امريكا وايران للقضاء على النظام الوطني في العراق ، فكانت ايران طرفا بذلك الاحتلال واكملت صفحتها الثانية عندما اوعزت لعملائها بالدخول الى العملية السياسية ، وكانت من الدول الاولى التي اعترفت بحكومة الاحتلال وزار رئيسها أحمد نجادي العراق مباركا تشكيل الحكومة ومقدما الدعم لها ، فكيف لدولة تدعي معارضتها وعدائها للامريكان وتكون داعمة وراعية لحكومة نصبها الامريكي المحتل ؟ فايران تبحث عن مصالحها في العراق وتستخدمه كورقة في تحقيق تلك المصالح ناهيك من الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها هذا البلد ، واستخدام هذه الامكانيات في تطوير ايران وبناء قدراتها كدولة ذات وزن وتأثير في منطقة الشرق الأوسط ولاعبا مهما في المنطقة ، وان إيران تعتقد أن لا نجاح لمشروعها الطائفي الا من بوابة العراق لاعتقادهم ان المسلمين الشيعة فيه سيكونون ادواتهم في الوصول إلى هذا المشروع ، معولين على عملاءهم الذين جاءت بهم امريكا الى دفة الحكم واصبحوا من اصحاب المال والنفوذ والقادرين على تقديم الخدمات لاسيادهم بسخاء ، من كل هذا الحديث وجوانبه فان على ابناء شعبنا ان يفهموا اللعبة الامريكية الإيرانية وان يتصدوا لها وان لا ينخدعوا باساليب التضليل التي تمارس عليهم والعمل على تجهيلهم وتفويت الفرصة على أولئك الطامعين بالعراق وبجميع أقطار الامة من ان يصلوا إلى أهدافهم الخبيثة .




الجمعة ١ شــوال ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / حـزيران / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ابو مجاهد السلمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة