شبكة ذي قار
عـاجـل










تزوير الأنتخابات العراقية هو فضيحة مدوية للعملية السياسية ولأحزابها وساستها الذين يتشدقون منذ الغزو بالديمقراطية وبعراق جديد.واذا كان التزوير حاضرا على الدوام منذ اول انتخابات جرت عام 2005 فأن الأنتخابات الأخيره التي جرت في أيار الماضي قد قصمت ظهر أحزاب العملية السياسية ونشرت غسيلها امام القاصي والداني ليس فقط عندما فضح بعض أعضائها ما جرى من بيع أصوات مراكز أنتخابية كاملة لبعض الأحزاب وتزوير أصوات الخارج وشرائها وبيع اصوات من قبل موظفي المفوضية المستقلة جدا للأنتخابات بل برفض الشعب العراقي المشاركة ومقاطعة هذه الانتخابات والتجديد لمن جربهم خلال خمسة عشر عاما.

فقد لاقت نتائج انتخابات 2005 احتجاجات واسعة من العراقيين ومن القوائم الأخرى الذين اعتبروا أن التزوير هو سبب فوز الأحزاب “الشيعية”، وطالبت الأحزاب “السنية” وغيرها باعادة الأنتخابات كما يحصل اليوم ، مما أدى الى تأخر أعلان النتائج وقيام وفد من الخبراء الدوليين بزيارة العراق.ورغم وجود الأدلة على التزوير والتحقق من الخروقات الكبيرة في العملية الأنتخابية الا ان هوؤلاء المراقبيين قد “ قرروا” ان الأنتخابات قد أتسمت بالشفافية ولا غبار عليها. في عام 2010 فازت قائمة أياد علاوي ب91 مقعدا ودولة القانون ب 89 مقعدا . وكان من المفترض ان تشكل القائمة الفائزة الحكومة بعد مصادقة البرلمان على النتائج ، لكن سرعان ما تم الألتفاف على هذا الفوز باختراع قصة الكتلة الأكبر من قبل ما يسمى بالبيت الشيعي للسطو على رئاسة الوزراء فأستعانوا بالمحمكة الدستورية ورئيسها الخدوم مدحت المحمود لتفسير معنى “الكتلة” التي لا وجود لها اصلا في الدستور لتبرير سطو الأحزاب الدينية الشيعية على فوز قائمة اياد علاوي. ليس ذلك فحسب بل انه لم يعد خافيا ان تعيين نوري المالكي رئيسا للوزراء بعد هذه الأنتخابات قد تم بالتوافق بين الولايات المتحدة وايران.

أما أنتخابات 2014 فهي الأخرى نسخة معادة مما حصل مع اياد علاوي فقد فاز فيها نوري المالكي لكن الولايات المتحدة منعت عودته وعينت بدله حيدر العبادي. في الأنتخابات الأخيرة حصل ما لا يمكن تخيل حصوله في اي دولة من دول العالم مهما كان الفساد يعيث فيها! فالتزوير يمكن ان يحصل في المراتب الدنيا ويحصل في مناطق معزولة لأخفاء فعل التزوير، ان يقوم به موظف كبير او حتى وزير لكن ان يكون رئيس الحكومة مزور وان تكون الدولة باحزابها وموؤسساتها كلها منغمسة بعملية التزوير والبيع والشراء لمراكز الأنتخابات والأصوات فهي سابقة تحسب لهذه الحكومة ؟ تضم مفوضية الأنتخابات المستقلة تسعة أشخاص يشرفون على عدد من المراكز بين 20-50 الف مركز ولا يكون مستغربا وربما يكون امرا عاديا ان يحصل تزوير في عدد بسيط من المراكز النائية وغير المهمة ومثل هذه الخروقات تحدث في اكبر الديمقراطيات وأعرقها لكن ان يحدث التزوير على مستوى المفوضية “ المستقلة”للأنتخابات نفسها كما حدث في العراق وبالشكل الذي تم توثيقه مباشرة على الهواء من قبل نواب العملية السياسية انفسهم فهاذا ما لم يشهده اي بلد في العالم .أن تشكيلة الهيئة المستقلة للأنتخابات تعتمد المحاصصة الطائفية وعندما تزور الهيئة فأن كل عضو فيها يقوم بالتزوير يرجع الى حزبه اي ان كل ذلك يتم بموافقة احزاب السلطة وان التزوير قد تم في أعلى مركز فيها وليس فقط في المراكز الدنيا ، تم التزوير هذه المرة علنا في المفوضية وفي كل من السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية.ان تزوير المفوضية يعني ممارسة كل احزاب السلطة للتزوير وتم الأشراف على هذه العملية من قبل الدولة نفسها وبمباركتها وموافقتها التامة.فيما مضى، تم التستر بشكل كامل على التزوير وأسدل عليه الستار لأسباب ولم تصل فضائحه الى الدرجة التي وصلت له هذه الأنتخابات الأخيرة التي أجبرت الحكومة على أتخاذ اجراءات لأمتصاص النقمة واستعادة شيء من المصداقية من قبل ألغاء البرلمان لأنتخابات الخارج واعادة العد والفرز يدويا وتجميد عمل المفوضية العليا للأنتخابات لأنفضاح مشاركتها الواسعة والخطيرة في هذا التزوير.

لكن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة ما هي الا محاولة لأقناع الناس بانها لم تتوانى عن أتخاذ ما يلزم ضد التزوير وأعادة الحقوق لأصحابه كما حدث مع النائبة حنان الفتلاوي التي تمت أعادتها الى قائمة الفائزين بالأنتخابات بعد ان كانت نتيجتها صفرا من الأصوات، وهي ايضا مخرجا للفضيحة المدوية للتزوير في اعلى المستويات وحلا لتفادي غضب الشارع وربما هجومه على المراكز الأنتخابية.

لكن هل ان كل ما حدث جرى بالصدفة؟ الجواب كلا . فالمخطط الأمريكي الموضوع للعملية السياسية في العراق فصل تفصيلا ليكون بهذا الشكل لا غير.وما أنتخابات 2018 الا استمرارا لسابقاتها اي انتخابات حسب الطلب الأمريكي – الأيراني ، تتشكل بعدها حكومة من ذات الوجوه وذات الأرتباطات من الكتل الكبيرة التي تتحكم بالعملية السياسية.وليس من قائمة سائرون ولا المدنيون ،وسيبعد هوؤلاء بغطاء من المحكمة الدستورية التي أقرت العد والفرز واعتبار ألغاء اصوات الخارج والنازحين قرارا غير دستوري. وقد فهم مقتدى الصدر الرسائل التي وجهتها له ايران عندما حرقت مخازن نتائج الأنتخابات واحرقت حيا كاملا من مدينة الصدر كما فهم رسالة الولايات المتحدة عبر المحكمة الدستورية التي ستضع الأسماء التي تريدها وليس قائمة سائرون الفائزة. ولعل رسالة النصائح التي وجهها الصدر بعد صدور قرار المحكمة الدستورية تشي عن خنوعه وخضوعه وطلبه من أتباعه الألتزام بالقانون واخافهم بمراعاة الخطر المحدق بالعراق وبالفراغ الدستوري أن تصرفوا بشكل غير مرضي.

أما من راهن على أبعاد شخصيات الفساد من الكتل الرئيسية فهو سيخسر رهانه هذا لأن هوؤلاء هم المتحكمون بالعملية السياسية .وما تحالف سائرون مع عمار الحكيم الا مثالا صارخا لكذبة “حكومة لمحاربة الفساد” “ وحكومة تغيير” عابرة للطائفية نادى بها حيدر العبادي . اذ نسي غسيل فساد الحكيم المنشور في كل مكان لمجرد توافقه مع سائرون بينما تم أبعاد وزير الدفاع السابق خالد العبيدي بتهمة الفساد وفشلت محاولة أبعاد سليم الجبوري رئيس البرلمان حال ذهابه الى ايران .كذلك حال مسعود البرزاني مع سائرون واياد علاوي.

ويصور مقتدى الصدر بطلا لمحاربة الفساد بينما هو يمارس خطابا مزدوجا فتارة يدعي بأن ليس لديه نائب في “البرلمان القادم” لكنه يؤيد سائرون ويفرضه على الشعب عبر المترشحيين الشيوعيين. يدعي محاربة الفساد ورموزه هو ووزرائه في قلب العملية السياسية .والأدهى انه حينما فازت قائمة سائرون أرسل رسالة مفادها “انك لن تتمكن من ان تعطي ما لم يعطيه الأخرون سابقا” ، الآ ينطبق عليه هو ايضا شعار “باسم الدين قشمرونا الحرامية” وليصبح كلامه عن الأصلاح ومحاربة الفساد مجرد ضحكا على العراقيين ودعما كاملا لنظام العملية السياسية الفاسد واحزابها وما قامت به خلال 15 عاما من تدمير للعراق.

لقد ظهر بشكل واضح للشعب العراقي ان كل هذه الكتل السياسية مستعدة للتعاون مع الشيطان الكبير والصغير للحصول على مقاعد برلمانية والفوز برئاسة الوزارة . فهل ان تبني شعار محاربة الفساد سيمسح ما قبله ويمسح تاريخ وماضي سجلاتهم ؟ كيف سيحارب هوؤلاء الفساد وهم فاسدون ؟ لقد أدرك 80 % من الشعب العراقي الذي قاطع الأنتخابات أكثر من اي وقت مضى أدراكا تاما ان الأنتخابات هي لأعادة تسويق نفس الوجوه الفاسدة والمرتهنة بالقرا ر الأمريكي- الأيراني وان تشكيلة الحكومة لا علاقه لها باي انتخابات حتى لو كانت غير مزورة وان اي قادم جديد للعملية السياسية وبرلمانها وحكومتها هو أداة مثل غيره عليه ان يطأطأ الرأس قبل دخوله اليها.





الاحد ١٧ شــوال ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تمــوز / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة