شبكة ذي قار
عـاجـل










تعتبر جائزة نوبل للسلام أعلى جائزة “أخلاقية بالمعاير الغربية” منذ عدة عقود. ونظرة سريعة على الشخصيات التي حصلت على هذه الجائزة منذ البداية سنجد ان غالبية الشخصيات هم من الأنكلو-ساكسون ، جلهم من الجنس الأبيض وكثير بينهم من الساسة وعدة روؤساء للولايات المتحدة .ويندر وجود اجناس اخرى في هذه القائمة من غير هذا العالم الا اذا كان “المحظوظ او المحظوظة” بوقا ودعاية ممن يمجد بالموديل الغربي الأستعماري المهيمن او منشقا ومعارضا للحكم في بلاده.فمثلا منحت جائزة نوبل للسلام لأول مرة لشخصية سوداء عام 1950 هو رالف جونسون بونش ، دبلوماسي عمل في الخارجية الأمريكية ، حل محل الكونت برنادوت الذي اغتالته العصابات الصهيونية الأرهابية في فلسطين ، وذلك لأتمام وقف أطلاق النار عام 1949.وبعده لم يحصل الا سبع شخصيات سوداء على هذه الجائزة هم احد زعماء جبهة تحرير جمهورية افريقيا الجنوبية ، منظمة الزعيم مانديلا الذي حصل بدوره عليها عام 1990 وقبله الناشط التاريخي لحركة الحقوق المدنية للسود في امريكا مارتن لوثر كنج والأب توتو تيسموند وبعده الرئيس اوباما الذي حصل عليها عام 2009 وقال كلمة مشهورة عن منحه هذه الجائزة وهي : انا لم افعل شيء لحصولي عليها ! والحقيقة ان اوباما ربما اراد ان يقول انه لم يقم بشيء يستحق جائزة نوبل للسلام وهذا صحيح ، فهو كرئيس للولايات المتحدة تم في عهدة قتل أكبر عدد من العراقيين والأفغان وتم تشريع اكثر القوانيين وحشية لقتل المدنيين والمقاومين للغزو الأمريكي لكن بالنسبة للشخصية المؤثرة والداعمة للسياسة الأمريكية في لجنة نوبل “غير لينتشتاد”، رئيس معهد الجائزة،  فهي سبب وجيه وقوي للمضي بها وتتويج رئيس الولايات المتحدة الجديد والأسود لينفذ صفحاتها التالية التي بدت أسوأ من سلفه جورج بوش، وهو ما يتناقض تماما مع أهداف الجائزة ووصية صاحبها الفريد نوبل بتقليل الجيوش الدائمية والمساهمة بتقريب الشعوب ونشر السلام .

لكن مع آتون الحرب الباردة بين الأتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة ومن بعدها حرب فيتنام ، بدأت الولايات المتحدة تستخدمها كأداة دعائية لها ضد الأتحاد السوفيتي والمعسكر الأشتراكي وأداة معنوية قوية لردع مناهضيها والمعادين لسياساتها واضفاء شرعية على جرائمها. فقد منح هنري كيسنجر نوبل للسلام عام 1973بعد اتفاقات باريس حول وقف القتال في فيتنام. وفي مذكراته يذكر هنري كيسنجر انه قد تعجب لمنحه هذه الجائزة فهو من نصح بتصعيد الحرب في فيتنام . أما في العام 1975 فقد تم منح نوبل الى العالم السوفيتي المعارض اندريه زاخاروف ، وقد رافق منح الجائزة لزخاروف حمله اعلامية غربية لا مثيل لها لرفع هذا المعارض الى مصاف الأبطال الأسطوريين لمواجهة تدهور صورة الولايات المتحدة في العالم أجمع بسبب الحرب الفيتنامية وهزيمتها التاريخية فيها. وفي عام 1978 منحت نوبل للرئيس المصري انور السادات مع شمعون بيريز واسحق رابين لتوقيعهم على معاهدة كامب ديفيد برعاية امريكية. أما في نهاية السبعينات فقد برز اسم النقابي العمالي ليش فاليسا في بولونيا الذي تم دعمه بشكل هائل من قبل الكنيسة الكاثوليكية والبابا البولوني جان بول ولكن ايضا من قبل الموؤسسات الغربية الأعلامية والعسكرية الأطلسية فهذه الفرصة لا تفوت لشن الحرب على المنافس السوفيتي ومعسكره وتهويل اخطائه ومسانده المنشقين عليه ودعمهم بكافة الوسائل والطرق . فمنح فاليسا الذي ساهمت نقابته الواسعة الأنتشار في أسقاط حكم الرئيس جارسولسكي جائزة السلام هذه عام 1983.

منذ التسعينات التي شهد عقدها أنهيار الأتحاد السوفيتي وتفكك دول حلف وارشو وانفصال بعض الجمهوريات عن الأتحاد السوفيتي ، عينت شخصية سويديه امريكية الهوى واطلسية بشخص “غير لينتشتاد” لرئاسة معهد نوبل ولهذا الموظف الرفيع ارتباطات بمعاهد الدراسات الأستراتيجية التابعة للخارجية الأمريكية ، درس في الولايات المتحدة وعاد للعمل في رئاسة اللجنة وما يزال يعمل منذ ذلك الحين ويؤثر فيها رغم عدم سماح النظام الداخلي ببعض الممارسات، يليه منذ عدة سنوات تورجان جاكلند رئيسا للجنة، وهو  سياسي نرويجي من اليسار ومن المدافعين عن الأتحاد الأوربي بتبعيته للولايات المتحدة وعضويه اربعة نساء من احزاب البرلمان النرويجي. واول جائزة بعد توليه رئاسة المعهد منحت عام 1990 للرئيس غورباتشوف صاحب البيرسترويكا التي هدمت بالكامل صرح البلد السوفياتي ومعسكره الذي بقي لمدة أكثر من سبعين عاما حائطا قويا وصلبا أمام رغبة الهيمنة الرأسماليه للولايات المتحدة على العالم .أما البريمانية “آن سان صو” الناشطة “السلمية” من اجل حقوق الأنسان المدعومة من معاهد الخارجية الأمريكية من اجل الديمقراطية والمناوئة للسلطة العسكرية الحاكمة في بلادها والتي قضت سنوات في الأقامة الجبرية بسبب نشاطها، فقد حصلت على نوبل عام 1991. وهي اليوم تتغاضى عن ابادة المسلمين الروهينغا في برمانيا وترفض القيام باي اجراء  لمنع عمليات القتل الجماعي والحرق لمكون من شعبها.

.بداية الألفية الثالثة نال كوفي عنان سابع سكرتير للأمم المتحدة الجائزة عام 2001 للخدمات التي أداها في الفترة من عام 1997 – 2006  وخاصة  لدور الأمم المتحدة ودوره في قرارات الحصار على العراق وغزوه وتشريع الغزو وليس منع ابادة اطفال العراق ومنع تشريع حرب بحجج ظهرت منذ التسعينات كذبها .ولعل حصول البرادعي على نوبل عام 2005 لا يختلف عن حصول الأمين العام للأمم المتحدة عنان لها فقد خدم البرادعي في هيئة الطاقة الذرية الأدارة الأمريكية ونفذ كل طلبات الولايات المتحدة بخصوص العراق حول وجود اسلحة الدمار الشامل.وفي عز أزمة اليورو عام 2012 منح الأتحاد الأوربي هذه الجائزة لدعم ومنع توقف أنهيار اليورو ومعه أنهيار الأتحاد الأوربي الذي تأسس أصلا برغبة امريكية بعد الحرب وما يزال أكبر مجال لنفوذها الأقتصادي في اوربا.وفي اسباب منح نوبل للأتحاد هو مساهمته في تعزيز السلام والديمقراطية وحقوق الأنسان- علما ان بعض دول الأتحاد هي من قتلت الرئيس القذافي ووضعت يدها على ليبيا كما تضعه على افريقيا؟ وهي اسباب يراد بها أرهاب الأوربيين الذين لم يعودوا يتقبلون هذا البرلمان الرأسمالي المنتقص لسيادة بلدانهم والمعرقل لأقتصادياتهم وبضمنهم بعض روؤساء الدول الذين يلوذون بالصمت امام عصى الولايات المتحدة.  ولعل اشرس المدافعين  عن الهيمنة والأستعمار الأمريكي والغربي لبعض البلدان ممن حصل على نوبل في السنوات الأخيرة هو الناشط الصيني “ليو شاوبو” المشهور بالتظاهرات التي قادها في ميدان تنينمن والتي تلقفها الغرب وخاصة الولايات المتحدة لشن حرب اعلامية ضد الصين ونظامها الأشتراكي. عمل ليو شاوبو استاذ جامعي في عاصمة نوبل التي حصل عليها عام 2010 وله محاضرات ومقالات تطالب بأستعمار الصين لقرون وتعتبر النموذذج الغربي هو النموذج الأنساني الوحيد للحياة وما عداه هو غير انساني.ليس هذا فحسب بل انه كان من اشد المدافعين عن غزو العراق وتغيير النظام فيه وقتل الرئيس الراحل صدام حسين حيث قال ان الرئيس بوش على صواب وسيكون العراق حرا وديمقراطيا ومستقرا وان حروب الولايات المتحدة والعالم الأنكلو ساكسوني هي افضل حروب العالم المتقدم وهي حروب اخلاقية.  اما نادية مراد التي قالت انها ايزيديه ولم تقل عراقية ، منحت نوبل لهذا العام ، فهي وبعدة مناسبات واماكن سواء في الأتحاد الأوربي وهي تحصل على جائزة زخاروف او في المقابلات التلفزيونية العربية والدولية، رددت عبارات الناشط الصيني نفسها بكلمات مختلفة . وأعادت ايضا نفس خطاب وجمل بعض من تستخدمهم مؤوسسات اللوبي الصهيوني في فرنسا مثل الأمام شلغومي المنصب من قبل مجلس الموؤسسات اليهودية وليس من موؤسسة اسلامية شيخا واماما على الجالية المسلمة في باريس لدق أسفين الفتنة بين ابناء الجالية الواحدة. واعتبرت ان الغرب هو الأنسانية ورمز لها وقالت يجب ان تكون اوربا نموذجا للعالم ونموذجا للتعايش. نددت بداعش ولها الحق وهي مثل كل من ذاق العيش بوجود هذا التنظيم الذي سمح  بدخوله رئيس الوزراء السابق نوري المالكي فهو من أعطى امر الأنسحاب للجيش لأستباحة الموصل .ومسوؤليته هذه مثبته مع 39 شخصا وفق تقرير برلماني لم يوجه لليوم اي أتهام لهم؟ لكن نادية مراد لم تتكلم فقط عن داعش وما قامت به في قريتها بل تكلمت عن “الأهم” والرسالة التي كلفت بنشرها هي خطابها حول الأسلام وربطه بالأرهاب والتطرف وقالت انها تعمل مع المجتمع الأسلامي حول العالم “ليغيروا بعض التعاليم-كما تطالب اسرائيل ولوبياتها الاوربية- ويجعلوا الجوامع اماكن للرحمة والحب والسلام” وشبهت في كل مرة قضية الأيزيدييين بهولوكست اليهود – فهل تعرف هذه القرويه الصغيرة من شمال العراق حقا ماذا حصل لليهود في هذه الحرب ام ما تقوله هو مجرد تلقين ؟  بل انها لم تنبس بكلمة عن بلدها العراق ولا عن تدمير الموصل وما يحصل جراء الأحتلال لكنها تقارن بالهولوكست وضع“نصف مليون “ايزيدي في العراق امام الأتحاد الأوربي ، مطالبة الحكومة العراقية بألقاء القبض على-داعش- ومحاسبتهم على شاكلة محاكم نورمبرغ -كما طالبت باقامة منطقة حماية دولية،  والا أستقبال الأيزيديين في اوربا بشكل جماعي على شاكله اليهود.





الاربعاء ٧ صفر ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الاول / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة