شبكة ذي قار
عـاجـل










لماذا بحروف صدام يكتب تاريخنا الجديد ، بحسب ( العنوان ) إذا عدنا إلى خطابات ، وتصريحات الشهيد ، صدام حسين المجيد ، سنجد فيها الكثير من التحذيرات التي أطلقها على مسامع الشعوب العربية وقياداتها السياسية والعسكرية معاً من خطر يحيط بالوطن العربي ، إذا ما تم إسقاط البوابة الشرقية للأمّة ، العراق ، وأشار في الكثير منها إلى الأوضاع التي سيصل فيه الوطن العربي إلى حالة من التمزق نتيجة للأطماع الفارسية والمخططات الغربية التي يستهدفون من خلالها الأمه العربية ، وتاريخها ، ولغتها ، وثقافتها .

وها نحن نعيش الحالة التي حذر منها ذلك الشهيد العظيم ، لكنهم أصرّوا على بيع كل شئ فقط مقابل إسقاط صدام حسين ، وإعدامه ، فتم إعدامهم ، ولم يعدم صدام ، ولكن شبه لهم !! .

من هو صدام حسين .. الذي تصادف ذكرى رحيله الثانية عشر في ٢٠١٨/١٢/٣٠ ؟ .

في أرض الرافدين ، وفي زمن كانت تحكمها عائلة ملكية ، تعتليها وصايا بريطانية ، ولد صدام في ١٩٣٧/٤/٢٨ في قرية العوجة ، وهي قرية فقيرة معزولة من ذاكرة النظام الملكي ، ولهذا كانت محرومة من كل الخدمات الأساسية ، والبنى التحتية ،كل نشاطها زراعي ، فيما تتغيب عنها الكهرباء ،ومشروع المياه ، والشوارع ، والمدرسة !!!

، بهذا الواقع المظلم ولد صدام ، وقبل ولادته بخمسة أشهر غادر والده الحياة ، لتشكل تلك اللوحة القاتمة والمؤلمة ، أول خطوات صدام في رحلة حياة محاطة بكل حروف المعانات والحرمان .

كانت السنوات تمضي وهناك من يحثه على أن يكون مزارعاً ، فيما الطفل كان يلتقي ابن خاله ، الرفيق الشهيد عدنان خير الله ، رحمة الله تعالى عليه ، والذي يخبره عن المدرسة وروعة التعليم ، مما جعله يتحفز للدراسة ، ولم يكن من أحد يمكن مساعدته للانتقال من العوجة إلى مدينة تكريت ، وهي المدينة التي يتوفر بها مدرسة إبتدائية ، ولا يتوفر بها الجانب الأمني نتيجة لقطاع الطرق فيها ، ليشكل خاله نافذة الأمل للفتى صدام ، والذي اصطحبه معه ليضع صدام أول خطواته مع مسيرة القلم والكتاب لينهي مرحلة الابتدائية في تكريت ، وينتقل مع ابن خاله إلى بغداد في عام ١٩٥٥ ليكمل دراسته الثانوية في مدرسة الكرخ في بغداد .

خلال تلك الفترة ،كان صدام المجيد ، يتشرب قيم الوطنية والقومية ، المعادية للقوى الاستعمارية ، والأنظمة الملكية العميلة ، من خاله خير الله طلفاح ، رحمة الله تعالى عليه ، وتأثيراتها على مستقبل الأمة العربية ، لتشكل تلك الفترة ، المرحلة الأساسية للنضوج الفكري ، وتنمية لمداركه بالجوانب السياسية والثقافية والاجتماعية ولتكون البوابة التي ولج من خلالها صدام حسين إلى معترك العمل السياسي من خلال انضمامه إلى صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي في عام ١٩٥٦م ، أي في التاسعة عشر من عمره ، كانت أفكار البعث وأدبياته وكتابات قياداته من أمثال مؤسس الحزب ميشل عفلق ، رحمة الله تعالى عليه ، تمثل منارة يهتدي من خلالها صدام إلى طريق أختار المضي فيه نحو المستقبل .

كان صدام حسين قد أكمل دراسته الثانوية ، وكان العراق حينها يعيش مرحلة من الصراعات والانقلابات ، الناتجة عن إفرازات تلك التناقضات الفكرية بين أوساط القيادات السياسية والعسكرية مع ما تشهده العديد من الدول العربية من تحولات ثورية فيها ، في صراعها مع القوى الاستعمارية والأنظمة الرجعية الموالية لها .

في تلك الأثناء من عام ١٩٥٨ كان صدام حسين في قلب المعركة السياسية حينما أودعته السلطة في أحد معتقلاتها لفترة ٦ أشهر ، وبعد خروجه من المعتقل في عام ١٩٥٩ وجد نفسه أمام تكليف رسمي من الحزب مع رفاق آخرين له باغتيال عبد الكريم قاسم ، رئيس الوزراء العراقي آنذاك ، كرد فعل من الحزب على أحكام بالإعدام أصدرها قاسم بحق عدداً من ضباط الجيش المعارضين لحكمه .

وفي ١٩٥٩/١٠/ ٧ ، أعترضت المجموعة موكب الزعيم قاسم في شارع الرشيد ، مطلقة النار عليه ، إلا أن محاولتها ما كانت لتحقق إلا بإصابات طفيفة لعبد الكريم قاسم ، وأصيب صدام بطلقة نارية في القدم أثناء تنفيذ المحاولة ، وتمكن بعدها من اللجوء إلى مدينة تكريت ، مدركاً سلفاً أن القبض عليه سيوقعه بين أيادي جهاز أمني ، لا يرحم .

كانت محاولة اغتيال قاسم هي البداية الحقيقة لصدام ، التي جعلت من اسمه لامعاً يتردد في ألسنة قيادة الحزب وقواعده ، ولكونه قد أصبح هدفاً رئيسي للجهاز الأمني في العراق ، لم يكن لديه من خيار آخر غير البحث عن ممر أمن يقوده إلى ما خلف حدود العراق ، كانت سوريا هي محطته الأولى ، ومنها إلى مصر في ١٩٦٠/٢/٢١ ، وفي ديسمبر من نفس العام ، أصدرت المحكمة العسكرية العليا الخاصة ،حكمها بالاعدام عليه والمجموعة المنفذة لمحاولة الاغتيال .

في عام ١٩٦١ التحق صدام بكلية الحقوق ، بجامعة القاهرة لاستكمال دراسته الجامعية ، إلا أن أحداث العراق في الثامن من شباط ١٩٦٣ التي تمكن من خلالها حزب البعث بالقيام بحركة انقلابية على عبد الكريم قاسم وتنصيب عبد السلام عارف رئيساً للجمهورية ، دفعت بصدام حسين إلى قطع دراسته والعودة إلى بغداد ، إلا أن تلك العلاقة بين الحزب والرئيس لم تدوم طويلاً ، مما دفع بالرئيس للقيام بحركة إنقلابية في ١٩٦٣/١١/١٨ ضد قادة الحزب وقام بملاحقتهم والزج بهم في السجون وكان صدام حسين منم ، إلا أن صدام تمكن من مغادرة السجن بترتيب من رفاقه ليدفع به حزب البعث إلى دائرة الواجهة بتعينه مشرفاً على التنظيم العسكري للحزب ، ليعتكف في الاعداد لعمل عسكري يغير النظام القائم .

كان صدام يكتسب كل يوم زخماً جديداً بين رفاقه ، لما يتمتع به من كرازما قيادية ، مما جعلت من علاقاته بمؤسس الحزب ميشل عفلق تتوطد وتؤسس لثقة قوية بينهما جعل من زيارة له إلى دمشق في عام ١٩٦٣ ومقابلته لعفلق منطلق لتعزيز ثقته لدى القيادة التي اختارته عضواً في القيادة القومية للحزب ، وهو ما يفتح بوابة انطلاقته نحو أهم المراكز القيادية القطرية والقومية معاً، فيما كانت بغداد ترصد تحركات البعث للقيام بحركة إنقلابية ، كان صدام قد عاد من سوريا حينما كانت أجهزة أمن الرئيس عارف تستعد للقبض عليه على خلفية ما يتم الاعداد له في ١٩٦٤/١٠/١٤ تمكن الأمن من القبض عليه وإيداعه زنزانة إنفرادية في مديرية أمن بغداد .

كانت قيادة الحزب في القطرين السوري والعراقي تتابعان باهتمام بالغ صمود الرفيق صدام حسين ومواجهاته لكافة التحديات التي تعترض مساره نحو الانتصار لقناعاته الفكرية والقومية التي يؤمن بها ، مما دفع بقيادة حزب البعث عام ١٩٦٦ لانتخابه عضواً في القيادة القطرية لحزب البعث في العراق ، فيما كان الرجل لا يزال خلف القضبان في بغداد ، ولكونه صدام المجيد ، نجح في تدبير عملية إخراجه من السجن بمساعدة بعض من رفاقه وهو في طريقه إلى أحد جلسات محاكمته ، لينطلق صدام حسين نحو غايته المتمثلة بإيصال الحزب إلى السلطة .

في تموز - يوليو من عام ١٩٦٨ كان البعث قد أعد العدة وأعلن ساعة الصفر بثورة كان على رأس حربتها ، وقائد مجموعة اقتحام القصر الجمهوري صدام حسين ، لتعلن بغداد مجلساً لقيادة الثورة يرأسها الرفيق أحمد حسن البكر ، رحمة الله تعالى عليه ، فيما تم تعيين صدام المجيد نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة .

خلال توليه لهذا المنصب ، عمل الرفيق صدام حسين على محورين أساسيين :

الأول ، استعادة الثروة الوطنية إلى السيادة العراقية ، من خلال تأميم النفط العراقي عام ١٩٧٢ .المحور الثاني ، القضاء على الجهل من خلال مشروعه الأكبر على مستوى العراق لتعليم القراءة والكتابة ، في حملة واسعة لمحو الأمية .

وأصبح العراق لاحقاً من فترة حكمه الدولة الخالية من الأمية .

في ١٩٧٥/٣/٦ قام صدام بتوقيع اتفاقية مع شاه إيران بصفته نائباً لرئيس الجمهورية ، تقضي بترسيم الحدود ، وتقاسم شط العرب بين البلدين مناصفة .

في ١٩٧٩/٧/١٦ قدم الرئيس أحمد حسن البكر إستقالته بسبب ظروفه الصحية ليتم انتخاب صدام حسين رئيساً لجمهورية العراق ، ليدخل العراق بعد شهور قليلة أي في عام ١٩٨٠م حربه الدفاعية الضروس ضد الأطماع الفارسية الخمينية .

لقد استوحى العرب عموماً والعراقييون خاصة ملاحم القادسية في التصدي للعدوان الفارسي ، فكانت تمثل القادسية الثانية لهم ، فجعلوا مسمى صدام ملازماً في ذكرها ليكون مسماها قادسية صدام المجيدة .

من المؤسف أن الكثير من حكام العرب لم يدركوا مستوى التضحيات الكبيرة التي قدمها العراق من أجل حماية الأمة ، ولم يكن ليدرك العرب ما تمثله البوابة الشرقية للوطن العربي إلا بعد احتلال العراق ، وبعد أن أصبح العراق بوابة تعانق من خلالها إيران الفارسية عواصم الدول العربية ، احتلالاً .

المهيب صدام المجيد ، إنسان رفيع بمبادئه وقيمه ، صادقاً في انتمائه لوطنه الكبير ولأمته ،كان قومياً عربياً بقوله وفعله ، ولست هنا بحاجة إلى من يسرد لي الحكاية عن زمن مجده ، لأني كنت يوماً ما في عراق صدام حسين وما شعرت يوماً فيها إلا أني أنتمي إلى أمة توحدني على معاني القومية العربية ، لغة ، وثقافة ولسان وتأريخ مجيد ، ذلك أني كنت في أرض العراق الذي كان يجلس على منصة قوميتها ذلك الشامخ ،حضوراً في القلب والوجدان ، أحسست بذلك حين لامست قدمي بوابة العراق من نافذ الجو ، وحينا قادتني أقدامي إلى موظف المطار ليمنحني تأشيرة الدخول إلى ما بعد بوابة مطار صدام الدولي ، في حالة كانت على ما كنا نراه على العادة في المطارات العربية والموانئ والمنافذ البرية ، يقف المواطن العربي الزائر إلى دولة عربية تحت لوحة صغيرة مكتوب عليها ( الأجانب ) واللوحة الآخرى ( المواطن ) وكما هو حالنا كزائرين توقفت تحت تلك اللوحة التي توحي أني من جنس مغاير ، لكني وجدت رجل أمن ينتصب أمامي وكان يجلس في الزاوية الأخرى ، قبل أن يقراء تقاسيم ملامحي العربية البائسة ليطلب مني جواز سفري ، وحينما تعرف على وثيقتي شدني من يدي ، قائلاً : أنت في العراق ، أرض كل عربي ، موقعك تحت لوحة الانتماء الجامع لنا ، ياالله ، كم سنكون جاحدين إذا تناسينا مرحلة أمة عربية واحدة .. ذات رسالة خالدة ، كنا نعيش أصدق معانيها في دولة اسمها العراق وفي زمن لا أظن أن هناك عروبة يمكن أن تأتي لتماثل عروبة المهيب الركن صدام حسين المجيد ورجال البعث الغيارى وقائدنا المجاهد عزّة إبراهيم ، حفظه الله ورعاه .

رحم الله الشهيد الحي ، صدام حسين المجيد .





الثلاثاء ٢٤ ربيع الثاني ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / كانون الثاني / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الرحمن الجعفري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة